Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

شهادة المعترف مار بطرس عزيز مطران أبرشية سلامس الكلدانية عن مذابح 1915 _ 1918

المقدمة: عرفت بلاد فارس المسيحية منذ بداياتها، ونمت وازدهرت فيها سريعاً حتى أن عاصمتها أردشير حازت الشرف لتكون كرسي مطرابوليطي في أواخر الجيل الثاني. وكانت ولاية مطرانها تمتد إلى بلاد الهند ومرو وكرمان وجزيرة سيلان، ويمتلك صلاحية سيامة وإرسال الأساقفة لهذه المراكز كلما دعت الحاجة، وذلك حتى القرن التاسع.
وقد نال مطران فارس بعض الامتيازات ونوع من الاستقلالية، حتى حاول الخروج من طاعة وسلطة جاثليق المشرق، إلا أن نفوذه أخذ في التقلص والخمول تدريجياً منذ بداية الجيل الخامس، إلى أن خضع تماماً في نهاية الجيل الخامس لسلطة جاثليق المشرق.
ويخبرنا التاريخ الكنسي أن مار يوحنا مطران فارس شارك في مجمع نيقية سنة 325 م إلى جانب مار يعقوب مطران نصيبين كممثليين لكنيسة المشرق، لعدم مقدرة الجاثليق فافا الحضور بسبب الشيخوخة. وقد وقع على قرارات المجمع المذكور تحت اسم يوحنا مطران فارس والهند.
وفي مجمع مار إسحق سنة 410 م تم تحديد وترتيب المقاطعات الكبرى في كنيسة المشرق حسب أهميتها، فاعتبرت أبرشية عيلام الأبرشية الأولى بعد الأبرشية البطريركية، وكان مركز الأبرشية في بيث لاباط وتضم ست أسقفيات هي: أ_ شوشتر. ب_ شوش. ج_ الأهواز. د_ رامهو رمزد. ه_ كرخ ليدان. و_ بيث مهرقايي. هذه المراكز كانت على الحدود الغربية لبلاد فارس، واليوم نجد قسم منها ضمن إيران الحالية.
ومع توسع حدود كنيسة المشرق نجد في بلاد فارس إلى جانب أبرشية عيلام أربع أبرشيات كبرى هي:
1 _ أبرشية حلوان مركزها حلوان وتضم أربع أسقفيات هي: أ_ الدينور. ب_ همذان. ج_ نهاوند. د_ الكرج.
2_ أبرشية فارس مركزها أردشير وتضم أحد عشر أسقفية هي: أ_ شيراز. ب_ اصطخر. ج_ سابور. د_ كرمان. ه_ دارنجر. و_ سبران. ز_ مرمديت. ح_ سوقطرا. ط_ خراسان. ي_ أصفهان. يأ_ قندهار.
3_ أبرشية بيث رازيقايي مركزها الري وتضم ثلاث أسقفيات هي: أ_ كاشان. ب_ قم. ج_ جرجان.
4_ أبرشية أذربيجان مركزها بردع وتضم ثلاث أسقفيات هي: أ_ تبريز. ب_ سلامس. ج_ أورمية.
ويذكر تقويم قديم لكنيسة المشرق وضع في الجيل الثالث عشر مراكز هذه الكنيسة في بلاد العجم كالتالي: " أ_ كوه. ب_ أورمية. ج_ طهران. د_ شيراز. ه_ خراسان. و_ قندهار. ز_ المدائن. ح_ السن. ط_ سلامس. ي_ أصفهان. يأ_ قزوين. يب_ يزدين. " ومع مرور الأعوام والسنين وبسبب عوامل عديدة تقلصت هذه المراكز وأضحى أغلبها أثر بعد عين.
1_ نبذة عن أبرشيتي أورمية وسلامس في العصور المتأخرة: تقع هاتان الأبرشيتان في مقاطعة أذربيجان الإيرانية، وكانت في سالف الزمان تعرف بـ بلاد مادي، وموقعها شمال بلاد آثور. أما فرثيا والتي تعرف بـ عراق العجم أو بلاد الجبل فموقعها في شمال خليج فارس. ويخبرنا سفر أعمال الرسل أنه في يوم العنصرة، عندما حل الروح القدس على العذراء مريم والتلاميذ في علية صهيون، كان بين الجموع الحاضرة في أورشليم فرثيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين.
جاء في معجم البلدان " أُرمية مدينة عظيمة قديمة بأذربيجان بينها وبين البحيرة نحو ثلاثة أميال أو أربعة. . . . وهي مدينة حسنة كثيرة الخيرات واسعة الفواكه والبساتين صحيحة الهواء كثيرة الماء ". وجاء في المنجد في الأعلام " رضائية أُرمية القديمة مدينة في شمال غربي إيران ".
وجاء في معجم البلدان " سلماس مشهورة بأذربيجان بينها وبين أُرمية يومان، وبينها وبين تبريز ثلاثة أيام ".
وجاء في المنجد في الأعلام " سلماس منطقة في أذربيجان شمال غربي بحيرة أُرمية، فيها قرى كان يسكنها الأرمن والآشوريين والكلدان واليهود مع أكثرية من الشيعة ".
ومن المعلوم أن أبرشيتي أورمية وسلامس قد أنظمتا إلى رئاسة كنيسة المشرق المتحدة مع روما منذ البدايات، وذلك واضح من خلال الاجتماع الذي عقد بالجزيرة العمرية في شباط 1552 لبحث موضوع استيلاء شمعون برماما على الكرسي الجاثليقي بصورة غير شرعية. وضم الأجتماع ثلاثة أساقفة هم: أسقف أربيل وأسقف سلامس وأسقف أذربيجان، وقد نتج عن هذا الاجتماع اجتمع أوسع في الموصل ضم إلى جانب الأساقفة المذكورين كهنة ووجهاء كنائس بغداد والكرخ والجزيرة وتبريز ونصيبين وآمد وحصن كيبا وماردين، وأفضى هذا الاجتماع إلى اختيار يوحنا سولاقا بلو رئيس دير الربان هرمزد جاثليقاً لكنيسة المشرق المتحدة مع كرسي روما. نستنتج من هذا الحدث دور الأبرشيات في بلاد العجم في مسيرة كنيسة المشرق.
وكان مركز الأبرشية في مقاطعة أذربيجان الإيرانية في مدينة بردع حتى العصور المتأخرة. وعندما يزور البطريرك عبديشوع الرابع مارون مدينة روما سنة 1562 م، يقدم للبابا بيوس الرابع قائمة بالمراكز الخاضعة لكرسي بابل، منها أربع أبرشيات في مملكة فارس هي: أ_ أبرشية أورمية العليا يتبعها أسقفيتين. ب_ أبرشية أورمية السفلى يتبعها ثلاث أسقفيات. ج_ أبرشية سلامس يتبعها ثلاث أسقفيات. د_ أبرشية اسبورجان يتبعها أسقف واحد.
وكان الكرسي البطريركي لكنيسة المشرق الكلدانية قد انتقل إلى سلامس سنة 1580 م، وفي سنة 1638 م نقل الكرسي إلى أورمية وبقي هناك حتى سنة 1662 م. وفي مجمع آمد المنعقد سنة 1616 م في كاتدرائية مار بثيون برئاسة الجاثليق مار إيليا السابع نجد بين الحضور مطران فارس مار إبراهيم. علماً أن أساقفة بلاد العجم ومادي قد عصوا على سلطة بطريرك بابل على عهد البطريرك سولاقا وخلفائه. وبقي كلدان بلاد فارس خاضعين للبطريركية الكلدانية أينما وجد كرسيها منذ بدء الكثلكة.
وفي بداية القرن السابع عشر حضر من بلاد فارس إلى دير مار أوجين في جبل إيزلا أساقفة شبطان والدوستاق وسلامس، وجمع من كهنة هذه الأبرشيات ووجوه الطائفة في تلك البلاد، واجتمعوا إلى البطريرك إيليا السابع وانضموا إلى سلطته. علماً أن البطريرك المذكور كان قد عقد عهد الإيمان مع الكرسي الرسولي في روما.
وكانت أحداث سنة 1724 م التي جرت في أذربيجان بحق المسيحيين قد تركت الأثر البليغ في حياة أبرشياتها، حيث ذبح الكثير من أبنائها، ونهبت أموالهم وسلبت أملاكهم، ودمرت كنائسهم وأديرتهم، وهرب عدد وافر منهم إلى نواحي الموصل، وحتى يومنا هذا يطلق على هؤلاء لقب أرمشنايي بسبب أصولهم التي تعود إلى منطقة أورمية التي هجروا منها.
وقبيل الحرب الكونية الأولى وضع الأب يوسف تفنكجي دراسة هامة عن وضع الكنسية الكلدانية آنذاك، وضمنها الأبرشيات الواقعة في بلاد فارس وهي:
1_ أبرشية أورمية: " يرأسها المطران توما أودو يعاونه 43 كاهناً، وتضم الأبرشية 21 مركزاً هي: أورمية. كولفخا. جاراقوش. قوقتافا. أرديشاي. جرلك. دزا. ديكال. آدا. سبورخات. تاقوي. برديشوك. سناقاق. ماوان. ششجيهان. تركادر. بيباري. أنهار. جمرياش. نازي. اتلاقندي. وللأبرشية 28 كنيسة و12 مدرسة بالإضافة إلى معهد إكليريكي، أما عدد مؤمنيها فيربو على 7800 نسمة."
2_ أبرشية سلامس: " يرأسها المطران بطرس عزيز يعاونه 24 كاهناً، وتضم الأبرشية 12 مركزاً هي: سلامس. خوسراوة. بلارور. كاريلان. عولا. قويسان. شهارا. خناقا. زيفاجرق. ساطورا. سرنا. كولامار. وللأبرشية 23 كنيسة و12 مدرسة، أما عدد مؤمنيها فيربو على 10460 نسمة. "
أما أحداث الحرب الكونية الأولى فقد تركت جرحاً بليغاً في جسم هاتين الأبرشيتين، حيث دمرت كنائسها وأديرتها ومدارسها، وخربت بلداتها وقراها، ونال أبنائها الكثير من الويلات بسبب الصراع الروسي والفارسي والعثماني والإنكليزي الذي جرى في المنطقة المذكورة.
وبعد استشهاد مطران أورمية مار توما أودو سنة 1918، ورحيل مطران سلامس مار بطرس عزيز إلى الموصل، بقيت هاتان الأبرشيتان بدون رعاة حتى سنة 1930 حيث ألغيت أبرشية سلامس بسبب الفراغ الكبير الذي حدث فيها، وضمت إلى أبرشية أورمية، وعين مار أسحق خودابخش مطراناً لها.
ومن الجدير بالذكر أنه كان في بلاد إيران إلى جانب الأبرشيتين المذكورتين في بداية القرن العشرين أبرشية أخرى هي أبرشية سنا " سنندج " يرأسها مطران يعاونه 3 كهنة، وللأبرشية كنيستان ومدرسة. بالإضافة إلى ثلاث نيابات بطريركية هي: 1_ النيابة البطريركية في طهران أسست سنة 1895. 2_ النيابة البطريركية في كرمنشاه أسست سنة 1905. 3_ النيابة البطريركية في الأهواز أسست سنة 1909.
وفي منتصف القرن الماضي ألغيت أبرشية سنا وضمت إلى أبرشية طهران التي أضحت رئاسة أسقفية، كذلك ألغيت النيابة البطريركية في كرمنشاه. أما النيابة البطريركية في الأهواز فقد أضحت في السبعينات من القرن الماضي أبرشية، حيث أعيدت إلى مقامها القديم والتي كانت تعرف بأبرشية بيث هوزاي.
واليوم يوجد في إيران ثلاث أبرشيات هي: 1_ أبرشية طهران يرأسها المطران رمزي كرمو. 2_ أبرشية أورمية يرأسها المطران توما ميرم. 3_ أبرشية الأهواز يرأسها المطران حنا زورا.
2_ نبذة عن حياة المطران بطرس عزيز: ولد في 6 نيسان 1866 في الموصل. ترعرع في كنف أسرة كريمة عرفت بالتقوى وحسن الأخلاق، وما أن شب حتى دخل مدرسة الآباء الدومنيكان بالموصل. وبعد أن نال قسط من العلوم وتعلم مبادي اللغات الكلدانية والعربية والفرنسية أرسل إلى روما سنة 1888 ودخل مدرسة انتشار الإيمان، وهناك نبغ في الفلسفة واللاهوت وأتقن اللغات الإيطالية واللاتينية واليونانية والعبرية، ومد باعاً طويلاً إلى الآداب الشرقية والغربية، وتفنن في الشعر اللاتيني إلى درجة أنه لقب بشاعر الجامعة. رسم كاهناً في روما في 27 تشرين الأول 1891، عاد إلى الموصل سنة 1892 فأقامه البطريرك إيليا عبو اليونان رئيساً ومدبراً لمعهد شمعون الصفا البطريركي، فأقبل على عمله الهمام بعزم وثبات، وأخذ يهذب عقول تلاميذه ويثقف قلوبهم بما تستلزمه دعوتهم الكهنوتية. وبين التدريس والإدارة كان يترجم الكتب الضرورية للدروس الكهنوتية ومن جملتها كتب المنطق والفلسفة وعلم الكتاب المقدس والتواريخ الشرقية، وبفضل جهوده أحدث في المدرسة نهضة علمية وإدارة حازمة أتت بأحسن النتائج. وبالإضافة إلى أتعابه ألقيت على عاتقه خدمة النفوس في كاتدرائية الشهيدة مسكنتا.
سنة 1897 عينه البطريرك عبديشوع خياط وكيلاً بطريركياً في حلب، فلبى الدعوة وسافر إلى مركزه الجديد، وهناك لم يذخر جهداً في الاهتمام بشؤون أبناء الرعية الروحية والزمنية، وانتظمت أحوال الرعية، وكان الناس من جميع الطوائف يحضرون إلى كنيسة الكلدان " مار بطرس وبولص " طمعاً بسماع المواعظ الثمينة التي كان يلقيها. وقد شيد بناية فخيمة في دار الكنيسة ذات ثلاث طبقات لسكنى الكهنة.
في سنة 1902 مر بحلب البطريرك عمانوئيل توما وأطلع على أعماله الباهرة فرقاه إلى درجة الخورنة. وفي هذه السنين ظهرت في حلب الشيع البروتستانتية، فوضع كتابه الشهير " ردع الوقاحات البروتستانتية " فجاء مؤلفه صدمة قوية ضد تلك التعاليم. وبعد أن قضى ثلاث عشرة سنة في حلب اختير مطراناً على كرسي سلامس في إيران، ورسم في 15 أب 1910 بوضع يد البطريرك عمانوئيل توما في كاتدرائية الشهيدة مسكنتا بالموصل.
سافر إلى خسراوة مقر كرسيه المطراني، وما أن وصل شمر عن ساعد الجد في تنظيم أحوال أبرشيته من كنائس ومدارس وأوقاف، وبجهوده أخذت تسير بخطوات ثابتة نحو النجاح والفلاح. لكن الحرب الكونية الأولى حلت على أبرشيته وأبنائه الويلات والنكبات، جعلته يترك مركزه في 21 حزيران 1918 ليتوجه مع كهنته ومن تبقى من أبناء الأبرشية إلى أورمية. وهناك عانى الكثير من المصاعب والعذابات حتى رُحل إلى وان ومنها إلى ديار بكر ثم إلى الموصل. وفي سنة 1919 عينه البطريرك عمانوئيل على النيابة البطريركية في مصر، وهناك عمل الكثير لرفع شأن الكنيسة ومؤمنيها، وبعد خدمة استمرت ثماني سنوات عين معاوناً لمطران زاخو ونوهدرا مار طيمثاوس مقدسي الطاعن بالسن سنة 1928، وبعد وفاة المطران مقدسي سنة 1929 عين مطراناً على الأبرشية، فعمل بجد ونشاط على جميع الأصعدة. فجدد بناء المطرانية وشيد الكنائس والمدارس في العديد من قرى الأبرشية المتوغلة في الجبال، وكان يفتقد المرضى ويهتم بالمعوزين والمحتاجين ويسعفهم بما يتسع له من المال. توفي في 21 كانون الثاني 1937 ودفن في كاتدرائية الشهيدة مسكنتا بالموصل. له العديد من المؤلفات نذكر منها:
1_ كتاب الفلسفة النظرية والطبيعية وعلم النفس.
2_ كتاب تقاليد النساطرة واليعاقبة في رياسة البابوات.
3_ تقويم الكنيسة النسطورية.
4_ كتاب ردع الوقاحات البروتستانتية.
5_ لاهوت نظري في أسرار الكنيسة بشهادات ملافنة الكنيسة الكلدانية والسريانية.
6_ رياسة الأحبار الأعاظم بشواهد من الملافنة الشرقيين.
7_ رسالة في وقائع أورمية وسلاماس أبان الحرب الكبرى.
3_ نص شهادة المطران بطرس عزيز: " اقتصرت أن أكتب في هذه السيرة تفاصيل المذابح الأخيرة التي حدثت في سلامس وأورمية، ولكي أذكر كافة المآسي التي جلبتها الحرب الكئيبة علينا، فأنني أحتاج إلى كتابة مجلد كامل لذكر كافة تفاصيلها، لذلك تغاضيت ذكر هروبنا المأساوي الأول في الرابع من كانون الثاني عام 1915، ولا مذبحة 56 مسيحياً من أبرشيتنا بضمنهم قسس الأبرشية، الذين لم يتمكنوا من الهرب معنا. لا أعرف العدد الحقيقي لهؤلاء الذين قتلوا في أورمية، لكنني أعرف أنه قتل أحد عشر قساً هناك. ذكرت هنا فقط ما شاهدته بنفسي، ولا يعرف المسيحيون الذين فروا عشية الاحتلال التركي لأورمية إلى بعقوبة قرب بغداد وإلى همدان، أي شيء مما حدث بعد مغادرتهم. فقد قتل جميع من تبقى من المسيحيين في أورمية، ولا نرى ضرورة التأكيد بأن كلاً من أورمية وسلامس تحولتا إلى خراب.
حينما احتل الأتراك سلامس في 21 حزيران 1918 هرب جميع مسيحيي تلك المقاطعة إلى أورمية، ولما كنت أسقفهم هربت معهم حيث امتطيت ظهر جواد ووضعت أمتعتي في العربة، لكن بعض الأكراد لحقوا بنا فقتلوا كل من خادمي وحوذي العربة واستولوا على كافة أمتعتي، وتفاجأ عدة آلاف من مسيحي أورمية بهجوم رجال إسماعيل أغا المعروف باسم سمكو، حيث تم أبادتهم على أيدي سمكو ورجاله. في سلامس أمر علي إحسان باشا بقتل أثنين من المسيحيين اللعازريين وأحدهم من كهنة أبرشيتي، كما أمر بقتل كافة الرجال والنساء والأطفال عدا النساء الشابات والفتيات اللواتي اختطفن من قبل الفرس المتنفذين، كان المدعو تيمور أغا أحد الأصدقاء المقربين لسمكو العقل المحرك لهذه الاختطافات.
بعد شهر واحد من فرارنا إلى أورمية وبالتحديد في 31 أيلول 1918 سقطت المدينة تحت الاحتلال التركي، لكن المسيحيين من الكلدوآشوريين والأرمن فروا في الليلة التي سبقت الاحتلال إلى معسكر الجيش الإنكليزي، وبقي عدد منا في المدينة ومن ضمنهم المبعوث الرسولي الأسقف سونتاغ، ورئيس أساقفة أورمية على الكلدان مار توما أودو ، كما بقيت أنا أيضاً باعتباري أسقف سلامس وعدد كبير من الكهنة، ونحو ألف شخص آخر، لجأنا جميعنا إلى مقر البعثة التي كانت في نفس الوقت مقر البعثة الفرنسية اللعازرية. كان من بين الذين التجئوا إلى مقر البعثة عدد من عوائل مسلمي أورمية رغم معاداتهم للمسيحيين، كان سبب التجائهم إلى مقرات البعثات الأجنبية الأمريكية والفرنسية هو هروبهم من القصف المدفعي للجيش الكلدوآشوري. منح المبعوث الرسولي لهؤلاء المسلمين ضيافة لائقة على أمل أن تعكس هذه الخدمات العديدة التي قدمها لهؤلاء اللاجئين ومعظمهم من المسلمين البارزين في المدينة، ردوداً طيبة تجاه المسيحيين.
من بين هؤلاء المسلمين أحد الفرس المتغطرسين الحاقدين على المسيحيين وأسمه إرشاد همايون، اعتقد أنه شغل منصب رئيس قسم الشرطة في أورمية. ففي اليوم الذي قرر فيه شركاته في الدين على ذبح المسيحيين، وحيث كانت هتافات المسلمين تعلو في الشوارع تحث بعضهم البعض على الجهاد، وصل هذا الرجل وشلته إلى مقر البعثة الفرنسية، آملا أنه في حالة نجاح المسلمين في نيتهم فأن مقر هذه البعثة سيكون من نصيبه. أما في حالة انتصار جيش المسيحيين فأنه سيكون آمناً وبعيداً عن كل خطر في هذا الدار. وفي نفس الوقت علم إرشاد همايون بكافة الأسرار وأماكن الاختباء في مقر البعثة. كان هذا الرجل خبيثاً وماكراً حيث حلف بالقرآن أنه في حالة تعرض هذا المقر إلى تهديد الأتراك، فأنه مستعد للدفاع عنه حتى لو كان ذلك بدمه، مع هذا فهو كان السبب في ذبح المسيحيين.
حينما استعد الفيلق التركي الرابع تحت قيادة صلاح الدين باشا لدخول أورمية، وصلت أولاً مجموعات " الشتاو " تحت أمرة المدعو صالح أفندي كوحدات استطلاعية، في هذه الأثناء عجل إرشاد همايون من أمره لرؤية الحاكم الفارسي لأورمية لإعطائه قوة لاقتحام أحد المنازل المكتظة بأرمن مسلحين وخطرين، وكان يعني بذلك مقر البعثة الفرنسية الذي كنا فيه كما كان هو الآخر فيه.
كنا نحن الأساقفة الثلاثة مجتمعين في غرفة المبعوث الرسولي في الطابق الأرضي من الدار، وبعد انتهائنا من مائدة الإفطار، سمعنا فجأة هياج واضطراب على الباب، فخرج المبعوث الرسولي من الغرفة لمعرفة مصدر ذلك الهياج، وفي الحال سمعنا صوت إطلاقتين. بعدها دخل اثنان من رجال إرشاد همايون إلى الغرفة لأعلامنا بمقتل المبعوث، كانا هما الرجلين اللذين أطلقا النار على المبعوث واغتالاه بأمر من سيدهما كما أكدت ذلك عدد من النساء اللواتي كن في باحة الدار وشاهدن كل ما جرى. في نفس الوقت اغتيل أيضاً على شرفة باب دار أخرى الأب دنخا اللعازري، والذي بناءاً على أوامر رئيسه أوى ولمدة ستة أشهر بعض المسلمين الذين التجئوا عنده هرباً من الأرمن. بعد لحظات ظهر إرشاد همايون، وذكرناه بالوعود التي قطعها بأن يأتي لنجدتنا في مثل هذه الظروف، لكنه بدلاً من الوفاء بوعده قام بتفتيش المقر بحثاً عن الأموال التي خبأناها والتي كانت تعود لكلدان سلامس وأرومية ومناطق أخرى والتي تركت معنا كأمانة، حينما تهيأ الوغد لمغادرة المقر ومعه الغنيمة، دخل أحد الموطنين الفرس من قرية بالار وطلب نقوده، فما كان من رئيس الأساقفة توما أودو إلا أن تدخل احتجاجاً على إرشاد همايون لسلبه أموال المواطنين. إلا أن الأخير أطلق الرصاص على الأسقف وطرحه أرضاً. وبالنسبة لي فقد أعطيته صليبي الكهنوتي وحلقتي وحقيبتي إنقاذاً لحياتي.
ثم جاء إلى المقر صالح أفندي للتأكد فيما إذا كان هناك ثوار أرمن مختبئين في الدار كما أخبره إرشاد، فتذرعنا له أن يخلص حياتنا ووعده أحد القساوسة أن يرافقه إلى منزل أحد المسلمين البارزين حيث ترك هناك جميع ممتلكاته، عليه غادرنا جميعاً مقر البعثة الفرنسية وبضمننا رئيس الأساقفة أودو الذي اعتقدنا في بادئ الأمر أنه مات لكنه نهض ورافقنا. حين وصولنا إلى منزل ذلك المسلم، دخل صالح أفندي ومعه القس إلى الدار، فيما تركنا نحن في الخارج تحت حراسة أربعة جنود أكراد الذين بدأوا بتعذيبنا في سبيل ابتزازنا من أموالنا وذلك بجر لحانا والضرب بالسوط على رؤوسنا، فقطعوا إحدى أذان الأب بول صليوا، أما بالنسبة لي فقد وعدوني أن يخلصوا حياتي لو عدت معهم إلى البعثة الفرنسية وأعطيتهم ما تركناه هناك، عليه رافقني اثنان من الحرس الكرد إلى البعثة.
عند وصولنا إلى مقر البعثة تفاجأت بمنظر رهيب! ففي الصالات والممرات وغرف المقر احتشدت جموع من الملحدين رجالاً ونساء ومسلحين بالبنادق والسيوف وهم منشغلين في قتل الرجال والنساء والأطفال بعد تعريتهم من ثيابهم، لم يقتلوهم بإطلاق الرصاص عليهم بل بذبحهم وقطعهم بالسيوف والخناجر. تمكن نفر قليل من الأشخاص الهرب والنجاة، قال أحدهم لي فيما بعد أنه رأى سكرتيري يطرح أرضاً تحت وطأة هراوة ضرب بها، ثم جردوه من ثيابه وقطعوا لحيته بعنف بحيث سلخ جلد وجهه معها، أخيراً أنهوه بضربات من قضيب حديدي على رأسه، أما الفتيات الصغيرات فقد اختطفن، بطبيعة الحال أحتفظ إرشاد همايون لنفسه بالجميلات منهن.
في وسط هذه الأحداث المرعبة وصلت إلى مقر البعثة، لم أجد شيئاً لأعطه للأكراد حيث سلب كل شيء. كاد غيضهم أن ينفجر ضدي لولا ولحسن الحظ وصل في الوقت المناسب ضابط تركي باسم زهدي بك وسألني من أكون؟ فأجبته بأني الأسقف وأنني أصلاً مواطن من الموصل وقال لي: أنني أعرف الموصل، بدأ الحديث بالعربية، ولم يتجرأ الأكراد على إساءتي وإيذائي أمام ضابط تركي.
تضرعت بالأخير أن ينقذني فطلب مني أن أتبعه، خرجنا من مقر البعثة إلى دار ذلك المسلم البارز حيث تركت زملائي عند بوابة الدار، التقينا صالح بك الذي طلب من زهدي بك بأخذنا إلى الآمر العسكري. سرنا لمدة ساعتين على أقدامنا ومن دون غطاء لرؤوسنا تعرضنا خلالها إلى ضربات بالسياط وعقب البنادق، لدفعنا اللحاق برئيسهم الممتطي جواداً في المقدمة، تعرض رئيس الأساقفة أودو المسكين إلى إرهاق شديد. لم يكن الحاكم الفارسي للمدينة أجلال الملك الذي اقتادونا إليه قد قرر مقابلتنا، وضعونا في الساحة عند أسفل الجدار نأكل فتات الخبز الذي توسلنا من أجله في الطريق. بعد ساعة أودعونا في السجن، قضينا هناك ليلة جهنمية نمنا خلالها على الأرض الجرداء. وفي اليوم التالي تم أخذنا أمام الحاكم وهناك وجدنا ثلاثة قساوسة من كهنتنا ومائة شخص آخر، أمر الحاكم بسجننا، بينما تم أخذ رئيس الأساقفة أودو إلى المستشفى الأمريكي في المدينة وهو في حالة خطرة.
استمرت المذبحة خلال فترة اعتقالنا، حيث أعطى الأتراك الفرس ثلاثة أيام وليالي للانتقام من المسيحيين، سمعنا في كل ليلة ولمدة أسبوع كامل أصوات العربات وهي تنقل الجثث إلى حفر لدفن القتلى. لم يعط لنا في السجن سوى القليل من الخبز لسد رمقنا فقط، بدأت المحاكمات ولم يجدوا أية تهمة خطيرة ضدي سوى هذه: " ادعوا أن الأب لاهوتلير في البعثة اللعازرية الفرنسية قد ذكر أنني هربت مع سكرتيري من الأتراك، عليه فأن ذلك يؤكد حقيقة هروبي من سلامس ". فرديت على هذه التهمة أنني لكوني مطران هناك إلزام أن أبقى مع أتباعي، وبما أنهم هربوا إلى أورمية، عليه اضطررت أن أتبعهم بالرغم من كوني مواطناً عثمانياً، بالإضافة إلى ذلك كان هناك سبب آخر لتحمل مشاق هذه الرحلة، وهو أن أصل إلى ممثل البابا في أورمية لاستلام النصيحة منه. حينما ذكرت اسم المبعوث البابوي الأسقف سونتاغ، سألوني عن سبب محاولة قتله ونهب مقر البعثة، سألني القاضي أكرم بك عن كافة تفاصيل هذه الحادثة.
في اليوم التالي ألقي القبض على ارشد همايون وأتباعه، وأخيراً قررت المحكمة أن ينقل جميع المسيحيين السجناء إلى سلامس وكان عددنا في حدود خمسمائة شخص. بعد ساعة من السير القسري وصلنا إلى قرية قضينا الليلة هناك في حقل قريب من مخيمات الجنود الأتراك، لم يكن لنا فراش ولا أغطية وكنا نعاني من الإرهاق والجوع. في الصباح التالي وحينما كنا على وشك تكملة رحلتنا وصل تلغرافاً من أورمية يأمر بإعادة الكهنة بما فيهم أنا إلى المدينة وذلك للإدلاء بشهادتنا بخصوص الأموال التي سرقت من مقر البعثة. مرة أخرى أودعنا السجن في أورمية ولم نسمع أخبار رفاقنا وبقية السجناء الذين اجبروا على الرحيل إلى سلامس، لكننا سمعنا بين الحين والآخر أنهم كانوا قد اجبروا على العمل في حصد محصول الحنطة، وفي أحيان أخرى سمعنا أنهم ابعدوا إلى مقاطعة وان.
بقي المطران أودو في المستشفى، ورغم تلقيه المعالجة الطبية، إلا أنه تعرض إلى معاملة سيئة من قبل الجنود الذين ضربوه في بعض الأحيان على رأسه، وعاملوه معاملة سيئة بحيث أنه حينما أعيد فيما بعد إلى السجن كان في حالة يرثى لها، لكن صحته ساءت أكثر في السجن، وأعيد ثانية إلى المستشفى حيث فارق الحياة بعد بضعة أيام.
في أحد الأيام زارنا ضابط برتبة عالية، ولما علم أنني كنت من الموصل، تحدث معي باللغة العربية وسألني عن سبب اعتقالي. لما شرحت له كل شيء، نصحني بتقديم طلب إلى مجلس الحرب لإثبات براءتي وإطلاق سراحي، كما طلب مني أن أكتب باللغة العربية بحجة عدم إجادتي التركية، وسيقوم هو بترجمته إلى التركية. علمت فيما بعد أن هذا الضابط كان عربياً من دمشق وأسمه إبراهيم أدهم بك، وأن منصبه كان رئيساً للإدارة والذاتية. حققت عريضتي هدفها المقصود وطلبت أن أرسل إلى تفليس أو تبريز ، ووعدني أن يقوم بإرسالي إلى إحدى المدنيتين أو إلى مدينة أخرى. إلا أن الأمور سارت ببطيء، لم يتحقق وعدهم لي. علمنا أخيراً أنهم كانوا سيرسلوننا إلى وان ، وفي السجن تمكنا من التعارف على ضابط مصري وأسمه أحمد بك، حيث أعطانا رسالة لتعريفنا بصديقه أدهم فضلي أفندي وهو رجل ذو نفوذ واسع في وان، كتب أحمد إلى صديقه ما يلي: " أنني أوصي بك هذا الكاهن والأشخاص المتعلمين معه، الذين قدموا خدمات جليلة للآلاف من المسلمين وإنقاذهم من الموت على أيدي الأرمن، عليه أرجو أن تعمل ما في وسعك من أجلهم ".
رفض محافظ وان حيدر بك أن يستقبلنا، حدد أن تكون إقامتنا في قرية على بعد ثلاث ساعات من المدينة حيث أحتجز هناك السجناء الأرمن. لم يكن في وسعنا البقاء ولا ليلة واحدة في وان، ولم أستطيع إيصال الرسالة إلى أدهم فضلي أفندي. كان الضابط المسؤول عن حراستنا يسألنا بالتفصيل عن أمورنا، وبالمقابل كنا نسأله أن كان يعرف أدهم فضلي أفندي فقال لنا: أعرفه حق المعرفة، ماذا تريدون منه؟ جاء جوابنا في الحال: لدينا رسالة له من أورمية. كانت بهجتنا عظيمة حينما قال ضاحكاً أنه هو نفسه أدهم فضلي، فأعطيناه الرسالة. منذ تلك اللحظة أصبحنا موضوع اهتمامه، كان هذا الضابط هو رئيس حرس السجن في القرية، وعلى الفور أمر أن تهيأ لنا أفضل غرفة، وجلب لنا الشاي وكل ما نحتاجه. كان يتحدث القليل من العربية وكان فرحاً أن يتحدث بلغة القرآن. تأثر كثيراً أن يسمع مني تلاوة بعض الآيات القرآنية التي حفظتها عن ظهر قلب. لكن هذا لم يستمر طويلاً إذ جاء أمر بنقل السجناء إلى ديار بكر بعد خمسة أيام، وكنا نحن من ضمنهم. رافقنا أدهم أفندي إلى أبعد ما يمكنه إلى بدليس ، وزودنا بكل وسائل الراحة الممكنة. أعطى لنا في القارب أفضل المقاعد، كما زودنا في ططوان بخيمة، ووضع اثنان من رجال الشرطة في خدمتنا. عمل أكثر من ذلك حيث حينما كنا بانتظار الوحوش لأخذنا إلى تبلس أختار لنا المكان اللائق لإقامتنا. في الحقيقة فأنه هيأ مستخدمين في كل مكان ذهبنا إليه للقيام بخير ما يمكن لاستقبالنا بكرم، ولم يرغب أدهم أفندي بتركنا إلى أن وثق بشخص آخر تعهد بنفسه أن يساعدنا كما فعل هو. كان هذا الشخص مسيحياً وهو الدكتور جوزيف نيما من بيروت عضو الإسعاف التركي. غادرنا تبلس ضمن قافلة الأرمن، وفي الطريق مات العديد من المساكين، وخاصة النساء والأطفال من شدة الإرهاق، كان الطريق محتشداً بجثث الموتى. حينما قضينا الليلة في أوكار الجنود قبل وصولنا إلى غرزان ، أقام الحرس الذين عينهم الحاكم لمرافقتنا بسلب القسم الأعظم من أمتعتنا والهرب. أكملنا الجزء الأخير من رحلتنا بالسير على الأقدام، علمنا حين وصولنا إلى غرزان بأخبار الهدنة. حينما وصلنا إلى ديار بكر وجدنا رئيس الأساقفة الكلدان الفاضل سليمان صباغ الذي رحب بنا كثيراً، وزودنا بالملابس والطعام وأعطى المعوقين منا كافة الاحتياجات الطبية، بالرغم من فقره الشديد فأنه أظهر سخاءً عظيماً. أخيراً نشكر جهود البطريرك الكلداني، فمن خلالها تمكنا من الوصول إلى الموصل في الثاني من شهر آذار 1919 ".
ويذكر المطران إسرائيل أودو في مذكراته: " بعد أن مكث المطران بطرس عزيز ثلاثة أشهر في آمد عند المطران سليمان صباغ، حضر إلى ماردين في بداية شباط واستقبلناه بفرح وسرور، وبقي عندنا 18 يوماً حتى غادرنا يوم الثلاثاء في 18 شباط متوجهاً إلى نصيبين ومنها إلى الموصل. "
الخاتمة: في هذه العجالة أطلعنا على تاريخ أبرشيتي أورمية وسلامس قديماً وحديثاً، ومن خلال شهادة المطران بطرس عزيز أطلعنا على جزء من المذابح البشعة المقترفة ضد المسيحيين في هاتين الأبرشيتين من قبل العثمانيين والفرس والأكراد، والتي أدت إلى فراغ كبير في هذه البلاد التي كانت غنية بمراكز تابعة لكنيسة المشرق. ومن الجدير بالذكر أن ما جرى في هاتين الأبرشيتين، طال أيضاً أبناء الشعب الكلدوأشوري الذين هجروا إلى أورمية وسلامس تحت ضغط هجمات الجيش العثماني والعشائر الكردية، بعد أن تركوا موطنهم في جبال هكاري الواقعة في إقليم وان المحاذي لبلاد فارس والقفقاس.
علماً أن شهادة المطران بطرس عزيز جاءت عند طلب الأب المعترف جوزيف نعيم الكلداني الرهاوي الأصل والمولود فيها سنة 1888، وقد جمع العديد من شهادات الذين نجوا من المذابح. وعانى بدوره الكثير من الويلات والمصاعب بدءً من قتل والده في مدينة أورفا سنة 1915 ضمن قافلة من الشهداء سيقوا إلى الذبح، وهروبه مع من تبقى من عائلته إلى حلب، ثم عودته إلى القسطنطينية لخدمة نفوس أسرى الحلفاء بناء على طلب البطريرك عمانوئيل توما، حيث تم اعتقاله سنة 1916 وسجن مدة 130 يوماً عانى خلالها أقسى أنواع العذابات والإهانات، وكان شاهد عيان للعديد من مشاهد الرعب والقتل التي جرت بحق المسيحيين، جزاء تشبثهم بإيمانهم الذي عرضهم إلى شتى أنواع الاضطهاد والأسى.
وتم إطلاق سراحه بمساعي كل من الوجيهان الكلدانيان داود بك اليوسفاني ولطيف بك طبيب ، والمبعوث الرسولي رئيس الأساقفة دولسي. Opinions