صدام حسين واحداث 11 سبتمر2001 ...؟؟
بمناسة ذكرى احداث 11 سبتمر ، يجرنا الحديث عما اذا كان لصدام حسين دور في تلك الاحداث ام لا .. لان البعض يتحدث عن التدخل الامريكي في العراق الذي ادى الى اسقاط صدام حسين كان له ما يبرره....ارتبط صدام حسين بحزب البعث عام 1957 ، وفي عام 1959 اشترك في عملية اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد ، باءت تلك العملية بالفشل الا انه اصيب صدام بطلق ناري في ساقه ، فهرب الى سوريا ومنها الى القاهرة …...
يذكر الكاتب والصحفي ( جون كولي ) في كتابه ( اتحاد ضد بابل ) بالقول .. (( بان المخابرات المصرية تذكر بان صدام حسين خلال تواجده كلاجئ وطالب في القاهرة في عام 1959 ولغاية 1961 قام بعدة زيارات للسفارة الامريكية في القاهرة .. ولقد بدأ اول دفع من قبل وكالة المخابرات المركزية الامريكية لصدام عام 1959 ، وذلك بعد اشهر من الانقلاب على الملكية في 14 تموز 1958 حين بدأ عبد االكريم قاسم يرمي بثقله على الشيوعيين ..... ويقول ..
ان جمال عبد الناصر قد تغاضى عن تلك التقارير لما كان يحمله من كراهية لعبد الكريم قاسم .... كما ان المعلومات التي كانت لديه تقول ان الامريكان مصرين على تغيير الاوضاع في العراق .... فكان القوميين العراقيين المتواجدين في لبنان على اتصال في السفارة الامريكية هناك ، وكانت هناك ماتشبه المصلحة المشتركة بين البعثيين والامريكان ، اما البعثيين المتواجدين المتخفين في الداخل فقد تولى مهمة الاتصال بهم ( وليم ليكلاند ) الملحق العسكري في السفارة الامريكية في بغداد ... ويضيف ...
كانت المخابرات الامريكية على علم بوقوع الانقلاب قبل سته اشهر من وقوعه ، كما كان الملك حسين يعلم بذلك فيذكر بحديثه مع محمد حسنيين هيكل في سبتمبر من عام 1963 فيقول اسمح لي ان اخبرك اني اعرف وعلى وجه التاكيد ان ماحدث في العراق في شباط 1963 ضد عبد الكريم قاسم كان بتاييد كامل من المخابرات المركزية الامريكية ..... )) .... انتهى الاقتباس ..
وهذا يطابق مع ماذهب اليه واكده علي صالح السعدي امين سر قيادة حزب البعث عام 1963 عندما قال اننا جئنا على الحكم بالقطار الامريكي ...وفعلا لقد اعترفت امريكا بالنظام الجديد بعد ساعات من وقوعه ..
وكان مقابل هذا التاييد والدعم ان تسلم الامريكان من العراق كما يذكرهاني الفكيكي احد ابرز البعثيين عام 1963 في مذكراته ، (( طائرة ميغ 21 ودبابة تي 54 وصاروخ سام وهي اسلحة روسية الصنع لغرض دراستها وتحليلها .. ويضيف الكاتب بان تاييد الامريكي لنظام البعث بعد انقلاب 1968 كان اكبر بكثير من تاييدها لانقلاب البعث الاول في 1963 ... ))...
اما حردان عبد الغفور التكريتي وزير الدفاع انذاك والذي تمت تصفيته من قبل المخابرات العراقية في الكويت ، يذهب في مذكراته التي ينقلها لنا عبد الله طاهر التكريتي ...فيقول (( سمعت وقرأت تفسيرات كثيرة عن اسباب انقلاب 17 تموز 1968 وانقلاب 30 تموز 1968 ولهم الحق لان مايجري وراء الكواليس ليس من النوع الذي يستطيع الجميع ان يكشفوه .. ويقول لقد اوضحت وطلبت من احمد حسن البكر ( او هيثم ) رئيس الجمهورية انقاذ العراق من استعمار الكواليس .. فيقول كان ابو هيثم يجيبني بالهجة العراقية اشبيها الكواليس ؟ موهيا اللي جابتك عالوزراة وجابتني عالرئاسة فخليها مستورة ... فيضيف القول .. لوسالت عن اسباب انقلاب 17 تموز وانقلاب 30 تموز 1968 لما ترددت في الاشارة الى ان واشنطن كجواب على السؤال الاول والى بريطانيا كجواب الى السؤال الثاني ..
ويقول عندما اعلن الرئيس السابق عبد الرحمن محمد عارف عن تعديل في اتفاقيات النفط لصالح شركة ايراب الفرنسية ،، طلب مني ابو هيثم عشية هذا الاعلان بعد ان شرح لي اهمية هذا الاعلان واثاره السلبية على علاقات كل من العراق وبريطانيا والعراق وامريكا ، وقال علينا ان نستغل هذا الوضع الجديد للقيام بعمل ما ، فجرت اتصالات كما يقول مع صدام حسين الذي كان في بيروت انذاك ، واخبرناه بضرورة اقامة حوار عاجل مع السفارة الامريكية ، واخبار عفلق بهذا الشان ، وبعد اقل من اسبوع اخبرنا صدام كما يقول حردان بان الحكومتيين ابدتا استعدادهما للتعاون الى اقصى حد بشرطين :
الاول – ان نقدم لهما تعهدا خطيا بالعمل وفق ما يرسمونه لنا .......
والثاني – ان نبرهن لهم على قوتنا في الداخل ..
ويضيف حردان التكريتي ، لذلك تقرر ان يقوم حزب البعث بتنظيم مظاهرة ضد عبد الرحمن عارف ، وفعلا خرجت مظاهرة ضخة بالتعاون مع الشيوعيين والدينيين وكان في مقدمتها ابو هيثم وصالح مهدي عماش وانا ( حردان التكريتي ) وبعض الرفاق .... وبعد ثلاثة ايام كما يقول جاءنا من السفارة الامريكية من يقول ان علينا ان نتعاون مع امر الحرس الجمهوري عبد الزاق النايف وان نسير وفق الخطة التي يرسمها لنا ... وبعد نجاح الانقلاب في 17 تموز لم تمر عليه ستة ايام اتصلت بنا السفارة البريطانية في بغداد وذكرت خطورة الاستمرار في السياسة التي اعلنها عبد الرزاق النايف في مؤتمره الصحفي الاول والاخيرة بخصوص قضايا النفط ... فابدت السفارة استعدادها لتعاون معنا في اسقاط عبد الرزاق وجماعته ، واعطاء حزب البعث سلطة مستقله للسيطرة على العراق وهكذا كان وتم ...)) .... انتهى الاقتباس ..
نكتفي بهذا الحد عن علاقة البعث وصدام حسين بالانكليز والامريكان ، رغم وجود الكثيرمن الوثائق والاثبات تثبت عمالة الحزب وقادته ، لنقول لازلام البعث ونظامه المقبور والذين يتبجحون بالوطنية ومقاومة الاحتلال عن اي احتلال يتحدثون هولاء ..اليس المحتل من جاء بكم للحكم....؟؟ وجعلكم تتحكموم برقاب شعبنا اكثر من 35 عام ..؟؟
قد يتسائل البعض ان كان الامر كذلك فكيف اذا تم ازاحت صدام حسين وحزبه عن الحكم ؟؟ نقول مما لايخفي على احد بان سياسة الدول الكبرى المهيمنه كما يسمونها في المفهوم الحديث ، والاستعمارية كما كانوا يسمونها سابقا ، بان استراتيجياتها تقوم على المصالح الانية والبعيدة المدى وفق درجة اهمتها تنفذ بصيغ تكتيكية معينه ومتباينه ، لذا يخلو القاموس السياسي في تفسير معنى العلاقات لصداقة دائمة بين الساسة ، بل نجد بان هذه العلاقة محدد باطر المصالح المتبادلة والمتغيرة وفق تضارب واستقرار تلك المصالح ، فمن الصعوبة بمكان ان نجد في السياسة صداقه دائمة ، بل هناك دائما مصالح دائمة.... فهذا هو الواقع فعلى العملاء ان يعوا حقيقة عمالتهم بان دورهم ينتهي بانتهاء المهمة الموكلة لهم تنفيذها .. فلا يمكن ان ترتقى مصلحة العميل الى مستوى مصلحة اسياده .. من هنا كانت الاشكالية التي اوقع صدام حسين نفسه بها عندما اعتقد بانه يستطيع ان يتمرد ويتجاوزالخطوط الحمراء التي رسمت له من قبلهم فعندما امتلك اسلحة كميائية وبايلوجية وغازية وسموم وصواريخ وغيرها من الاسلحة الفتاكه وتجاوزها باقترابه من السلاح النووي ، فجاءت تقاريرالاستخبارات الامريكية على تسويق فكرة امتلاك صدام حسين لاسلحة الدمار الشامل الذي يهدد امن دول المنطقة من جهة ويهدد الامن والاستقرار في العالم من جهة اخرى.. وتقربه من القاعدة واسامة بن لادن فكريا وسلوكيا في الكثير من الامور التي جعلت الكثيرون يقتعدون بان صدام مرتبط بالقاعدة فعلا.. فالحملة الايمانية التي قادها لم تكن تعبرعن كونه مؤمنا رغم انه لقب نفسه ( بعبدالله المؤمن ) بل كانت العملية لتسويق الفكر الاسلامي واحتضان المتطرفين منهم في العراق والتقرب من ايدولوجية القاعدة ، وكانت هذه البذرة التي زرعها صدام في الشارع العراقي حصدنا ثمارها ونتائجها الماسويه في السنوات الخمس الماضية هذه من جهة .. ومن جهة اخرى صنف صدام وفق المعايرالانسانية الدولية كطاغية وسفاح وجزار لشعبه مما دفع الكونكرس الامريكي في عام 1998 بزمن الرئيس كلينتون ان يقر قانون تحريرالعراق ....وبعد احداث 11 سبتمر 2001 اعتبرالعراق من دول محور الشر و صدام حسين من الماريقين والمساندين للارهاب الدولي ، ولكونه يمتلك اسلحة محرمة دولية ومنها ما استعمله ضد شعبه ، فلا يستبعد امتلاكه اسلحة الدمار الشامل ، فوجدت امريكا التي تقوم استراتيجية امنها القومي على الخطط الدفاعية في منع بروز منافسين للقوة الامريكية من جهة ومنعهم من الحاق الاذى والضرر بمصالحها القومية من جهة اخرى .. فنلاحظ رغم اختلاف رؤساء اميركا كلينتون وبوش واختلاف انتمائهم الحزبي ديمقراطي وجمهوري الا ان المصالح الوطنية والقومية الامريكية هي من المقدسات التي تنفذ من قبل اي من الحزبين في تداولهم السلطة فيما بينهما ، من هنا كانت قراءة افكار صدام حسين وتطلعاته المستقبلية دليل على انه وان لم يكن مشتركا مباشرة في احداث سبتمر فانه بدون شك قد اشترك بها بشكل او باخر، ولايستبعد من ان يكون في طورالقيام باحداث اكثرشناعة وماساة مما حدث ..فكان قرار الحرب لتحرير العراق من صدام بالنسبة لم اتخذوه ما يبرره ، ولقد اثبت الواقع بعد 2003 بان الارهاب الذي حصل بالعراق بحجة مقاومة المحتل كان يجمع بين القاعدة والبعث الصدامي والاسلام السلفي والتكفيري ، فهذا يدل بلا شك عن عمق العلاقة بين صدام والقاعدة والاسلام المتطرف ، فكانت الحرب بتحرير العراق من صدام حسين واردة وفق تلك المعطيات ... ولكن للاسف لازالت اثار صدام وسلوكه وجرائمه تمارس بشكل اكثر عنفا وانتهاكا لكرامة الانسان وحقوقه في عراقنا الجديد من قبل الوارثين له ، لذا لا زلنا بحاجة بان يحرر شعبنا مما هو عليه ، بعد ان حرر وطننا مما كان عليه ، ومهما طال الزمن فعلى الباغي تدور الدوائر .........
يعكوب ابونــــا ......................9 /9 /2008