صدام والفخ الأمريكي المدمر/ كتاب في حلقات/ الحلقة الثانية
15/7/2009النظام العراقي يدعو لعقد قمة عربية في بغداد:
في خضم تصاعد الأزمة بين العراق والولايات المتحدة وإسرائيل، وتصاعد لهجة التهديدات من كلا الطرفين، جرت الدعوة من قبل النظام العراقي وبتأييد بعض الدول العربية، لعقد مؤتمر للقمة العربية في بغداد لدراسة الأوضاع العربية، والتهديدات الإسرائيلية بضرب العراق، وتدهور العلاقات العراقية الأمريكية، وقد تمت الموافقة على عقد المؤتمر، وحُدد له يوم 28 أيار 1990.
سبق عقد المؤتمر اجتماع وزراء الخارجية العرب لإعداد جدول مباحثات القمة، وفي أثناء الاجتماع حدثت خلافات حادة بين وزير الخارجية العراقية من جهة، ووزيري خارجية مصر، والسعودية من جهة أخرى، حينما قدم العراق مشروع قرار يدين الولايات المتحدة، ويتهمها بتهديد العراق، ودعمها لإسرائيل.
فقد أعترض الوزيران على ذكر الولايات المتحدة، ولم يتوصل المجتمعون إلى صيغة قرار بشأن الموضوع، وتقرر عرض الموضوع على الملوك والرؤساء للبت فيه.
وانعقد المؤتمر في موعده المقرر في بغداد، وكان جو المؤتمر كئيباً جداً، حيث بدأ صدام حسين خطابه الافتتاحي بمهاجمة الولايات المتحدة، مما سبب إحراجاً، وقلقاً كبيراً لدى العديد من الملوك والرؤساء العرب، كمصر، والسعودية، وحكام الخليج الذين يحرصون على عدم إغضاب الولايات المتحدة. ومما جاء في خطاب صدام حسين قوله:
{ إن الأمة العربية كلها مستهدفة، والعراق أول المستهدفين، فهو الآن في مواجهة مؤامرة أمريكية عسكرية، واقتصادية، وحصار تكنولوجي، وإعلامي، ويتحتم على الأمة العربية أن تتصرف على اعتبار أنها كلها حالة واحدة، لأن الأعداء يعاملونه كحالة واحدة، حتى وإن استعملوا البعض منا أحياناً ضد البعض الآخر.
نحن جميعاً على فوهة بركان، ولا يتصور أحد أن بمقدوره أن يجري بسرعة ليبتعد عن مركز الانفجار، أو مجرى الحمم }.
شعر الملوك والرؤساء العرب بضيق شديد، وتمنى معظمهم لو أنهم لم يحضروا المؤتمر، وأخذوا يعدون الدقائق لانتهائه، والعودة إلى بلادهم، فقد كان صدام حسين يتحدث إليهم والشرر تتطاير من عيونه.
وعندما طُرح مشروع قرار بدعم منظمة التحرير الفلسطينية بمبلغ 150 مليون دولار، سادت القاعة فترة من الصمت، وقد كان عدم الرضا بادياً على المجتمعين، ولما طرح الأردن طلبه بتجديد الدعم الذي كان قد أقره مؤتمر القمة السابق عام 1979، أبدى ملوك وأمراء الخليج رأيهم في أن يكون قرار المساعدات للأردن على أساس الاتصالات الثنائية، وكان ذلك يشير بوضوح إلى رغبة حكام الخليج للتهرب من أي التزام.
وكان أن ثار صدام مرة أخرى، موجهاً عتاباً مراً لهم على تقصيرهم في تقديم العون للدول الشقيقة، ولمنظمة التحرير الفلسطينية، وأشتعل جو المؤتمر، وأحس الحاضرون أن كابوساً قد سقط فوق رؤوسهم، وأرادوا إنهاء المؤتمر، ومغادرة بغداد.
وفي النهاية وقع المجتمعون على مقررات المؤتمر في 30 أيار، دون اعتراض، فقد كانت تصرفات صدام حسين قد أثارت المخاوف في نفوسهم، وكان أكثر من أغاظ صدام هو أمير الكويت، فقد شكا صدام للملك فهد من تصرفات حكومة الكويت تجاه العراق قائلاً:
{ إن الكويتيين يضاربون على الدينار العراقي لخفض سعره، ويخربون أسعار النفط، بتجاوزهم حصص الإنتاج مما يضر كثيراً جداً بمصالح العراق الاقتصادية}.
وفي محاولة لحل الخلافات بين العراق والكويت، أقترح الملك فهد عقد قمة مصغرة تضم العراق، والكويت، والسعودية، والإمارات للعمل على التوصل لحل حاسم وعادل لقضية الحصص والأسعار.
وعند مغادرة أمير الكويت، الشيخ جابر الصباح، وكان برفقته إلى المطار صدام حسين، جرى بين الاثنين حديث عن العلاقات الكويتية العراقية، ومسألة الديون البالغة 30 مليار دولار، حيث طالبه صدام حسين بالتنازل عنها.
كان رد الأمير أن الكويت لم تطالبكم بالديون، إلا أن صدام حسين رد عليه طالباً منه التنازل عن الديون بصورة رسمية:
حاول الأمير التخلص من إلحاح صدام قائلاً له:
{إن تنازل الكويت بصورة رسمية سوف يجعل الآخرين يطالبوننا بنفس الشيء، هذا بالإضافة إلى أن التنازل الرسمي عن ديوننا، سيجعل ديونكم أقل لدى صندوق النقد الدولي، ويجعل الدائنين يطالبونكم بديونهم}. وكان واضحاً أن الكويت لا تريد التنازل عن ديونها للعراق.
صدام حسين يحول سهامه نحو الكويت:
في خضم الأحداث، والتهديدات المتقابلة بين العراق من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، وتوجه أنظار العالم أجمع إلى ما يمكن أن تتمخض عنه تلك التهديدات، غيّر العراق على حين غرة اتجاه هجومه نحو الكويت، فقد أعلن في 3 أيار 1990 أن الكويت تقوم بدور كبير في تخريب أسعار النفط، حتى وصل سعر البرميل إلى أدنى مستوى له منذُ عام 1972، وبلغ 11 دولار، وإن هذا العمل يضر بمصالح العراق، الذي خرج من حرب دامت 8 سنوات، دفاعاً عن البوابة الشرقية للوطن العربي!!، وحماية أمن الخليج!!، وقد سببت الحرب للعراق أزمة اقتصادية حادة، وذكّر حكام الكويت بأن هبوط دولار واحد من أسعار النفط يسبب للعراق خسارة تتجاوز المليار دولار، وإن العراق لا يمكنه السكوت على هذه الحال.
وفي شهر تموز من عام1990، عاد صدام حسين مرة أخرى إلى علاقته مع الكويت، ومسألة التزام حكومتها بحصص الإنتاج المقررة من قبل منظمة الأوبك، والمحافظة على مستوى الأسعار، التي أخذت تنحدر شهراً بعد شهر، ولم تخفي الحكومة الكويتية، وحكومة الإمارات العربية المتحدة أنهما قد زادا من إنتاجهما تجاوزاً على الحصص المقررة، مما أثار غضب العراق.
لقد بدا من تصرفات الكويت والإمارات أن هناك أمراً يدبر في الخفاء، لا من قبل هاتين الدولتين، وإنما من جهة كبرى، وهي بالتأكيد الولايات المتحدة، التي رأت في التضييق على العراق اقتصاديا، خير سبيل لكسر شوكته، فليس من المعقول أن تتحدى دويلتان صغيرتان كالكويت والإمارات العراق المزهو بنصره على إيران، والذي يملك أقوى وأكبر جيش في الشرق الأوسط إذا لم يكن وراءهما الولايات المتحدة.
لقد وصل الأمر بوزير النفط الكويتي [على خليفة الصباح] أن تحدى العراق علناً، في مؤتمر الأوبك قائلاً بان الكويت لا تنوي الالتزام بحصتها المقررة من الإنتاج، وهي مليون وسبعة وثلاثين ألف برميل يومياً، وتصر على إنتاج مليون وثلاثمائة وخمسون ألف برميل، وكان وزير النفط الكويتي يتحدث في المؤتمر، وكأنه رئيس دولة عظمى، تملي شروطها على الآخرين، ولاشك أن الكويت ما كانت لتجرأ على هذا التصرف لولا تحريض، ودعم الولايات المتحدة.
وحاول الوزير الكويتي أن يجعل الخلاف ليس مع العراق وحده، وإنما مع السعودية كذلك للتمويه، لأنها طالبت بالالتزام بحصص الإنتاج قائلاً:
{إن الكويت والسعودية على طريق التصادم المحقق بسبب حصص الإنتاج، فنحن لا ننوي التراجع عن موقفنا}!!.
لكن كلام علي الخليفة الصباح في حقيقة الأمر لم يكن موجهاً للسعودية، وإنما بكل تأكيد موجهاً للعراق، وأنه بهذا الخلط أراد أن يُشعر العراق وكأن خلافات الكويت ليست مع العراق فحسب، وإنما مع السعودية أيضاً!!.
كاد صدام ، في تلك الأيام، أن يفقد صبره من تصرفات حكام الكويت،
فقد سبب انهيار أسعار النفط خسارة كبيرة قُدرت بـ 7 بليون دولار، في وقت هو أحوج ما يكون لهذا المبلغ الكبير، بعد حربه مع إيران.
وفي الوقت الذي كانت فيه حكومة الكويت تزيد من إنتاجها النفطي، فأنها كانت تجني الأرباح الطائلة من استثماراتها في الخارج، وتعوض فرق أسعار النفط، حيث أن نصف دخل الكويت يأتي من تلك الاستثمارات.
وهكذا أخذت الأزمة بين العراق والكويت تتصاعد حدتها يوماً بعد يوم، وكانت الولايات المتحدة تدفع حكام الكويت على عدم الاستجابة لأي من مطالب العراق، لكي تعمق الأزمة، وتوصلها إلى مرحلة الانفجار، وتدفع صدام حسين إلى عمل متهور ضد الكويت، لكي تتخذه ذريعة لتوجيه ضربة قاضية للعراق، ولتدمر ترسانته الحربية، وبنيته الاقتصادية، وتعود به إلى الوراء عشرات السنين.
صدام يوقع معاهدة عدم اعتداء مع السعودية:
نتيجة للتوتر الشديد الذي أصاب العلاقات العراقية الكويتية، بسبب عدم التزام الكويت بحصص الإنتاج، وتدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية، ورفض حكومة الكويت التنازل رسمياً عن ديونها على العراق.
فقد اختمرت في عقل صدام حسين فكرة غزو الكويت، وضمها للعراق.
كان على صدام حسين أن يهيئ الظروف للغزو، وليطمئن السعودية، وبقية دول الخليج بأنه لا يضمر لهم أي عدوان، وعلى ذلك قرر صدام أن يقوم بزيارة رسمية إلى السعودية، بدعوى التباحث مع الملك فهد حول موضوع الالتزام بحصص الإنتاج، والعمل على رفع أسعار النفط إلى ما كانت عليه سابقاً، ثم لينتقل إلى الهدف الحقيقي من زيارته، ليعرض على الملك فهد عقد معاهدة عدم اعتداء بين العراق والسعودية، ولكي يفهمه أنه لا يضمر شراً للسعودية.
فوجئ الملك فهد باقتراح صدام حسين، وسأله إن كانت المعاهدة ضرورية، فكان جواب صدام أن أطراف عديدة تحاول تخريب العلاقة بين البلدين، وخاصة بعد أن خرج العراق من حربه مع إيران منتصراً.
كان جواب الملك فهد بأنه وأن كان يرى أن علاقة الدم هي أقوى من أية معاهدة، فإنه على استعداد لعقد المعاهدة المقترحة.
كان صدام حسين في تلك الأيام يخطط لمهاجمة الكويت، أراد أن يستغل المعاهدة المقترحة مع السعودية لكي يضمن حيادها، وذلك لأن الكويت عضو في مجلس التعاون الخليجي، وبينها وبين دول المجلس معاهدة للدفاع المشترك، والسعودية أكبر دول المجلس، ولذلك أراد أن يطمئنها بأنه ليس له أي أطماع في أراضيها، كما أراد صدام حسين أن يطمئن الولايات المتحدة بصورة خاصة والغرب بوجه عام بأنه لا ينوي الاعتداء على السعودية، التي تتسم بأهمية خاصة جداً بالنسبة لهم باعتبارها أكبر مصدر للنفط في منطقة الخليج .
تصاعد التوتر بين العراق والكويت:
بدأت العلاقات بين العراق والكويت تأخذ مجرى خطيراً، فالكويت تصّر على سياستها النفطية، وزيادة إنتاجها، متخطية حصتها المقررة بموجب قرارات الأوبك والعراق يطالبها بالالتزام، والعمل على رفع الأسعار، وكانت الولايات المتحدة تعمل في الخفاء على إذكاء الصراع بين البلدين، وإيصاله نحو الذروة، لدفع صدام حسين إلى المخاطرة باجتياح الكويت.
وفي تلك الأيام انعقد مؤتمر الأوبك مرة أخرى لبحث الوضع المتأزم بين العراق والكويت، ومناقشة مسألة الأسعار، وضرورة الالتزام بحصص الإنتاج لكل دولة.
ومرة أخرى أصر الوفد الكويتي على تجاوز حصته من الإنتاج، بدفع من الولايات المتحدة، مما دفع صدام حسين إلى إرسال رسالة إلى أمير الكويت، الشيخ جابر الأحمد الصباح، يطالبه فيها باتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على مستوى معقول لأسعار النفط، والتقيد بحصص الإنتاج لكن الرسالة لم تغّير مواقف الحكومة الكويتية، والتي هي إرادة الولايات المتحدة بالطبع، مما أدى إلى تصاعد التوتر بين الطرفين.
حاولت كل من السعودية والأردن التوسط بين الطرفين، لكن المحاولة لم تثمر، بل على العكس من ذلك ظهرت أشياء جديدة أخرى على سطح الأحداث.
فقد أخذ صدام حسين يتحدث عن حمايته لأمن الخليج بحربه مع إيران طيلة 8 سنوات!!، ودفع العراق ثمناً غالياً من دماء مئات الألوف من أبنائه، وردت الكويت على دعاوى العراق بأنها قد ساعدت العراق، حيث قدمت له بعد أسابيع من بداية الحرب قرضاً بمبلغ 5 بلايين دولار، وأنها كانت تصدر لحساب العراق 125 ألف برميل من النفط يومياً للإيفاء بالتزامات العراق المالية المتعاقد عليها مع الدول الأخرى لغرض التسلح.
أما صدام حسين فقد رد على حكام الكويت قائلاً: . { إن الأموال هي أرخص تكاليف الحرب، وإن القرض هو دين علينا أن نرده، وأن العراق خسر مئات البلابين، ومئات الألوف من أرواح أبنائه دفاعاً عن الخليج}!!.
وردت حكومة الكويت بأنها هي أيضاً تعرضت لنيران الحرب، حيث جرى قصف منشآتها النفطية، وناقلاتها، واضطرت لشراء الحماية من الدول الكبرى لناقلاتها.
وجاء الرد العراقي متهماً الكويت بأنها لم توافق على إعطائه تسهيلات في جزيرتي[ بوربا، وبوبيان]، وأن الكويت لو فعلت ذلك لاستطاع العراق تحرير الفاو منذ زمن طويل.
وردت حكومة الكويت بأنها لو أعطت تلك التسهيلات للعراق، لتمسك بها، ورفض الخروج منها.
ولم يكد صدام حسين يسمع الجواب حتى بادر إلى القول بأن الجزيرتين عراقيتان، وسارع حكام الكويت إلى الرد بأن النظام العراقي بدأ يكشف عن أطماعه في الكويت.
وهكذا تصاعدت لهجة حكام البلدين إلى درجة تنذر بعواقب وخيمة، فقد اتهم العراق حكام الكويت باستغلال انشغال العراق في الحرب، للزحف داخل الأراضي العراقية، وتغير الحدود، وسرقة نفط حقل الرميلة الجنوبي، وأن الكويت باعت نفطاً من هذا الحقل ما مقداره[ 2000 مليون دولار] دون وجه حق.
وردت حكومة الكويت بأن العراق يرفض تثبيت الحدود بين البلدين، وأن له أطماع في الكويت، وأن ادعاء حكام العراق عن زحف مزعوم للحدود الكويتية تجاه العراق، وسرقة نفط حقل الرميلة الجنوبي لا أساس له من الصحة.
وفي واقع الحال كان العراق يتهرب دائماً من مسألة تثبيت الحدود بين البلدين بشتى الوسائل والأعذار، مدعياً بأن العراق منشغل في حربه مع إيران، وأن الوقت غير مناسب للبحث في هذا الموضوع.
وعندما انتهت الحرب، وعاد السلام إلى المنطقة، أرادت حكومة الكويت فتح باب الحدود من جديد، وتوجه ولي العهد الكويتي [ سعد العبد الله الصباح ] إلى بغداد، في 6 شباط 1989 لتقديم التهنئة للحكومة العراقية على انتهاء الحرب، ولفتح ملف الحدود.
وفي يوم وصوله، نشرت صحيفة القادسية الناطقة بلسان وزارة الدفاع
مقالاً حول مسألة الحدود، قبل أن يطرحها الشيخ سعد، وكانت المقالة أشبه بعاصفة إعلامية، فقد أتهم المقال حكومة الكويت بقضم أراضٍ عراقية، وأعاد إلى الأذهان أن جزيرتي بوربا وبوبيان عراقيتان.
أثار الشيخ سعد، في أول لقاء له مع السيد عدنان خير الله نائب رئيس الوزراء، ووزير الدفاع، موضوع الحملة الصحفية، التي قيل آنذاك أن صدام حسين نفسه، هو الذي أملى المقال على الصحيفة، وأشار الشيخ سعد بأنه فكر في قطع الزيارة، والعودة إلى الكويت، وكان رد الوزير العراقي، أن قطع الزيارة ليس في صالح العلاقات العراقية الكويتية.
رضخ الشيخ سعد للواقع، وعقد لقاءات مع طارق عزيز، وزير الخارجية، وعزت الدوري، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، وجرى خلال اللقاءات نقاش حول الحدود، ثم حان وقت لقاء الشيخ سعد بصدام حسين، وتحدث صدام مع الشيخ سعد، وكأنه لا يعرف شيئاً عن الموضوع، وطلب من الشيخ سعد أن يلتقي مرة أخرى بطارق عزيز، ويبحث معه الأمر، وأبلغه بأنه مخول بكل شيء، ثم التفت صدام إلى طارق عزيز قائلاً له:
{لابد وأن تحلوا هذا الموضوع، شكلوا لجنة على أعلى مستوى، ودعونا ننتهي منه}.
أقترح طارق عزيز أن تكون اللجنة بمستوى الجانب الكويتي، أي أحد نواب رئيس مجلس قيادة الثورة، بالإضافة إلى وزيرا خارجية البلدين.
وفي نهاية أيلول 1989، قام أمير الكويت بزيارة رسمية إلى بغداد، غير أنه لم يجر التطرق خلال الزيارة إلى مسألة الحدود، إلا أن أحد الوزراء المرافقين للأمير سأل رئيس الوزراء سعدون حمادي عن إمكانية عقد معاهدة عدم اعتداء بين البلدين، على غرار المعاهدة العراقية السعودية، وقد أجابه سعدون حمادي بأن الوقت غير مناسب، قبل الانتهاء من مسألة تثبيت الحدود بين البلدين.
وهكذا عاد أمير الكويت إلى بلاده دون أن يحقق شيئاً، وبعد شهرين من تلك الزيارة اشتدت الخلافات بين البلدين حول موضوع الالتزام بحصص الإنتاج وسقفه، وحول مسألة الأسعار، واتهم صدام حسين كل من الكويت والإمارات العربية بتخريب اقتصاد العراق.
وفي كانون الثاني 1990، توجه سعدون حمادي إلى الكويت، وأجرى مباحثات مع وزير الخارجية صباح الأحمد الصباح، وطلب من الحكومة الكويتية قرضاً بمقدار [10 بلايين دولار]، وقد أجابه الشيخ صباح بأن الحكومة سوف تدرس الموضوع وترد على العراق فيما بعد.
وبعد شهر تقريباً من تلك الزيارة قام الشيخ صباح الأحمد بزيارة إلى بغداد، وأجرى لقاءات مع المسؤولين العراقيين، ولمح خلال الاجتماع إلى الديون الكويتية على العراق، وأبلغهم أن الكويت لا تستطيع أن تقرض العراق أكثر من 500 مليون دولار]، تضاف إلى الديون السابقة، مما أثار غضب صدام حسين، وجعله يصمم على غزو الكويت.
حامد الحمداني
www.Hamid-Alhamdany.com