صفعات بالجملة .. لخدود المواطنين الاعزاء
كانت كل تصريحات المسؤولين ، تبشرنا بان الدولة الجديدة ستحمل المواطن على اكتافها الرحبة القوية ، ولكن عزيزتنا تركتنا نتعثر في مطبات الطريق الذي تركه لنا الصداميون مظلما وتكتنفه العوائق والاشواك ، ونخوض حربنا الخاصة مع الأيام دون إسناد لقوتنا المنهكة .تقبلنا الأمر كمواطنين صالحين ورفعنا اكفنا بالدعاء الى الله أن يوفق دولتنا ويمنحها القوة و(المتانة) حتى تفي بوعدها وتحملنا عبر طريق التقدم والرفاه .
ولكن الدولة المأمولة خيبت رجائنا و بدلا من حمل المواطن .. وبدلا من تركه يسير بإمكاناته الذاتية على الأقل .. أخذت تكيل له الصفعات وربما الركلات رغم أنها تعلم جيدا انه بالكاد يتمكن من السير في دروب حياته الصعبة.
فأول تلك الصفعات ، تخفيضات الحصة التموينية التي أصبحت لا تغني ولا تسمن من جوع .
ثم اتبعتها بتجميد كافة الأنشطة التي كان يقوم بها القطاع العام - ربما انسجاما مع التوجه العام للدولة الجديدة - وهو توجه ليبرالي يؤمن بحرية اقتصاد السوق والنشاط الفردي .
فقد توقفت او حجمت، الاسواق المركزية والشركة التجارية العراقية وحوانيت الجيش والنقل العام – بالسيارات والقطارات – وكلها كانت تقدم خدمات كبيرة للمواطن.
ولا ننسى صفعة رفع اسعار الوقود الى حد لم نكن نتصوره حتى في كوابيس أحلامنا فقد قفز سعر ليتر البنزين من عشرون دينارا فقط الى أربعمائة وخمسون دينارا ، بدون (البقشيش) علما ان هذا (البقشيش) أصبح رسميا ومدعوما من أعلى سلطه تشريعية في المحافظة !! حيث ان محطات الوقود تلصق على واجهات مكائن التجهيز( كتابا رسميا) يجيز زيادة خمسة دنانيرعلى سعر اللتر الواحد ، وهذا الباب الضيق ظاهرا تم توسيعه من قبل المحطات ليصبح المبلغ أكثر من ألف دينار وأحيانا ألفين لكل (تفويلة) إلا إن كنت تحمل حاسبة ومستعد لتلقي خشن الكلام من عامل المحطة . كما زيد سعر زيت الغاز(الكاز) وسعر الكيروسين (النفط الأبيض) بنفس نسبة زيادة سعر البنزين الى سعره القديم .
ومن بين هذه الصفعات التي تلقاها المواطن العادي هي أسعار الخدمات المعدودة التي لا زالت الدولة تقدمها(على مضض) كخدمات الماء والكهرباء والهاتف .. وما أدراك ما أسعار خدمة الهاتف المليونية ، التي أجبرتنا على التخلي عن هواتفنا واللجوء الى شركات الموبايل . ويظهر ان هذا هو الهدف الذي يريد بعض المتنفذين إيصالنا إليه .
هناك إجراءات قانونية وتدخلات اقتصادية من حق الدولة ان تتخذها بما ينظّم ويقنن الحياة الاقتصادية في البلد ويحمي الاقتصاد الوطني ويوفر الامن الغذائي .. ولكن هذه الإجراءات يجب ان تخضع لضوابط كثيرة بحيث لا يؤدي العلاج الى قتل المريض (فقد يقتل الدواء المستشفي به وقد يعض التاج الجبين )على قول احد أدبائنا القدماء. فحينما تريد ان تلبسني حذاءا جديدا(أجلكم الله) يجب ان لا تقطع الزيادة من أصابعي لتصبح ملائمة لذلك الحذاء .
ورغم هذا وذاك فالطامة الكبرى ان الدولة - التي أصبحت قوية بحمد الله وبهمة بعض أبناء العراق الاصلاء – بدأت تغض الطرف عمّن يحاول سلب الناس بطرق ملتوية وأحابيل شيطانية تتخذ من القانون غطاءا ومن الفاسدين في أجهزة الدولة حاميا ومعينا.
نحن نتساءل وبأسم أهلنا في ذي قار أين الأجهزة الرقابية ؟ لتضع حدا لمن يحاول استغلال حاجة الناس .. اين مراقبة الأسعار ومراقبة نوعية السلع والخدمات التي تقدم للناس من (الاطباء ، الصيدليات، الفنادق ، المطاعم ، وسائط النقل ) وغير ذلك؟؟ .
الموضوع المهم الذي دفعني للكتابة والذي اعتبره أكثر إيلاما من كل ما ذكرت هو هذا التفويض المفتوح او (الفرمان) الذي يمنح للبعض نتيجة المزايدات الحكومية لتقديم بعض الخدمات او ايجار المحلات والساحات ( والعلاوي ) التابعة للدولة ممثلة ببلدية الناصرية .
مثال لذلك علوة المواشي وعلوة المخضرات وساحات وقوف السيارات ، التي اصبح مستأجروها يفرضون ما يحلو لهم من إتاوات على أبناء المحافظة ، بحجة أنهم دفعوا مبالغ طائلة لترسو عليهم المزايدة .
فلماذا لا تفرض الدولة حدا معينا من الأسعار التي يجب ان يتقيد بها من ترسو عليه المزايدة حتى يحسب المزايد حسابه مقدما ويزايد الى الحد الذي يترك له هامشا من الربح ، وبذلك تضمن الدولة حقها والمزايد ربحه المعقول دون إرهاق المواطن وفسح المجال لاستغلاله .
وأحب ان أقف عند موضوع ساحات وقوف السيارات وقفة طويلة والفت أنظار السادة المسئولين الى هذا الموضوع المؤثر في الشارع ، فلقد لاحظنا خلال الأشهر القليلة الماضية ان مستأجري هذه الساحات قد بدئوا يرفعون أسعار الوقوف فيها بصورة مضطردة فمن 250 دينارا أصبحت 500 ثم رفعت بعد فترة قصيرة الى 1000 دينار . ولكن اصحاب المركبات فوجئوا هذه الأيام برفع سعر الوقوف (مجرد وقوف وليس مبيت) الى 1500 الف وخمسمائة دينار بالتمام والكمال ونحن غير مسئولين عما في داخل السيارة !!!! ؟ حسب ما مكتوب في الوصل الذي يسلمه لك العامل - بتشفي - ويبلغك : إننا نترك الساحة في تمام التاسعة مساءا (فلا تتأخر) .
اذا كان سعر وقوف السيارة مرتفعا الى هذه الدرجة فسوف يضطر صاحب السيارة الى ركنها في الشارع العام مما يسبب زحمة السير واختناق الشارع ، وهو أيضا تشجيع على مخالفة القانون وكما قيل اذا أردت ان تطاع فأمر بما يستطاع . ثم تعالوا – وبدون حسد – لنحسب المبالغ التي تتم جبايتها كل يوم من هذه الساحات .. فاقل ما يمكن ان تستعمل كل ساحة 500 سيارة في اليوم فلنضربها بمبلغ 1500 دينار لوقوف السيارة الواحدة فيكون المبلغ 750000 دينارلليوم ويمكن ان نضرب الرقم في عدد ايام الشهر ليصبح الناتج 22500000 دينار في الشهر علما ان الساحة تمتلئ وتفرغ عدة مرات في اليوم الواحد .
فإذا كان هذا المبلغ يذهب الى الدولة فهو استغلال رسمي للمواطن واذا كان يذهب الى المتعهد فهو إثراء غير مشروع يجب ان تنتبه له أجهزة الدولة وتوقفه فورا .
السلطة التشريعية (مجلس المحافظة) مدعوة لتقول كلمتها وفقا للصلاحيات الرقابية التي خولها لهم القانون وتدقق كافة الملفات التي تمس حياة المواطنين ، والله من وراء القصد .
كاظم شناتي