Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

طالباني يقترح لجنة لمعالجة الأزمة في المدينة ومقتل زعيم عشيرة الكرابلة ... الخلاف على تهريب النفط «يلهب الوضع» في البصرة

29/05/2006

بغداد، البصرة - الحياة : استدعت «الأوضاع الملتهبة» في البصرة الرئيس جلال طالباني اقتراح لجنة «رفيعة المستوى» وإرسالها الى المدينة لمعالجة الأزمة التي تعصف بها، ويشترك فيها، على ما جاء في بيان الرئاسة العراقية «فئات داخلية وخارجية».

وإذا كان الوضع المتفجر مفهوماً في محافظة الأنبار، حيث ينشط المقاتلون و «المقاومة» ويلقون الدعم، وقد قتل في بغداد أمس زعيم عشيرة الكرابلة المقيمة في هذه المحافظة لـ «تعاونه مع الاميركيين»، فإن الوضع في البصرة أكثر تعقيداً. فإلى الخلافات الحزبية والشيعية - الشيعية، وارتباطها بالعلاقة مع ايران، تشير المعلومات الى «حرب» غير معلنة بين مافيا تهريب النفط الذي يصل، بحسب بعض الأوساط الى آلاف البراميل يومياً.

وأكد بيان طالباني انه يترك الاجراءات لمعالجة الوضع لـ «اللجنة التي ستزور البصرة. ونعتقد ان من يذهب (الى هناك) لا بد ان يكون مخولاً الإقالة والتعيين... وكل شيء»، مشيراً الى «عدم تشكيل الوفد حتى الآن».

وأشاد بدور المرجعية الشيعية «التي دعت الى اغلاق الحسينيات تضامناً مع أهل السنة ضد العمليات التي استهدفت أئمة المساجد».

من جهتها رأت «هيئة علماء المسلمين» ان «جهات دولية واقليمية عدة، ضالعة في أحداث البصرة الاجرامية التي يراقبها الاحتلال بعين الرضا، بل وبررها من خلال غض النظر عن عصابات الموت الأسود».

وتعاني البصرة منذ 3 سنوات من عمليات تهريب النفط التي أصبحت تهدد الاقتصاد الوطني.

وتنتشر على المنافذ الداخلية والخارجية نقاط تفتيش عدة لعل أغربها تلك التي تسمى بـ «نقاط منع التهريب»، وتضطلع بها الشرطة المحلية أو الشرطة التابعة لشركة نفط الجنوب.

وهناك نقطة على الطريق المؤدية إلى أبى الخصيب، ومثلها على الطريق المؤدية إلى الفاو والبرجسية، وغيرها من المنافذ التي يستخدمها المهربون عادة باتجاه الخليج (أم قصر، الفاو) أو شط العرب (أبو الخصيب، السيبة)، غالباً ما ترى قربها سيارة ممزقة بالرصاص، كدلالة على ملاحقة المهربين.

ويؤكد شهود ان نقاط التفتيش تلك ساهمت في زيادة التهريب بدل وقفه، فالسيارات والصهاريج تمر بسلام، وصار الشرطي إما صديقا للمهرب عبر ما تجود به يده، أو خائفاً من انتقامه اذا منعه من المرور. ولتدارك الموقف بادرت مديرية الجمارك وشرطة الحدود الى إغلاق أكثر من 70 مرسى وهمي، على الشريط المائي في شط العرب المقابل لإيران، فبدأ المهربون يلجأون إلى الضفة الإيرانية حين تطاردهم الشرطة. وكان حرس حدود ايرانيون قتلوا شرطياً العام الماضي.

وتؤكد المصادر أن أجهزة الشرطة عاجزة تماماً عن الحد من التهريب، فلم تعد أجهزة الدولة تتعامل مع مهربين عاديين، بل أصبحت القضية أكبر من ذلك بكثير، بعد ان تمكن المهربون من التغلغل داخل الأجهزة الحكومية، ولديهم سماسرة من داخل الشرطة.

ويقول الشرطي «علي» في نقطة البرجسية انه لا يلتزم أوامر الضابط المسؤول عنه بحجز السيارات المحملة بالنفط المهرب، التي تدخل عبر هذه الطريق إلى أماكن التهريب وعلى مرأى ومسمع من الجميع، لأن وقوفه في وجه المهربين يعني موته.

ولا ينفي المهربون أنفسهم تعرضهم أحيانا لـ «مضايقات» الشرطة، لكنهم يشيرون دائما إلى تسويات تتم عبر الرشاوى أو بالتهديد، وهناك اكثر من عائلة صار اسمها مرتبطاً بالعمليات، ويتحاشى الناس الحديث عنها نظراً الى نفوذها داخل المؤسسة السياسية.

كما ان هناك أحلافاً ومواثيق بين المهربين أنفسهم لمواجهة التهديد الذي ربما تعرضوا له. ويؤكد زعماء أحزاب ورؤساء حركات وتنظيمات في أحاديث جانبيه ضلوع شخصيات مهمة في تهريب النفط الخام والمصفّى، فيما يشير آخرون إلى أن تمويل بعض الحركات السياسية يتم من خلال التهريب.

ولا ينفي مدير شركة نفط الجنوب جبار اللعيبي التهريب (شبه الرسمي)، إذ يؤكد ذلك عبر ما يسمى بـ «الذرعة» (طريقة حساب كمية النفط المباع) التي يتولاها الموظف في الميناء، وهي طريقة بدائية لقياس الحجوم المحملة فيحسب للشركة رقما، بينما يزود الباخرة المستوردة رقما غيره.

وهناك مهربون كبار يجمعون النفط من مهربين صغار (باعة متجولون، أصحاب قطوعات رسمية، مالكو مراكب صغيرة، عمال في شركة النفط...) وهي عملية طويلة تبدأ بالموظف الصغير وتنتهي بالبحر.

لكن الخبير النفطي اللعيبي ينفي وجود فساد في دائرته، مشيراً إلى ارتفاع معدل إنتاج النفط الخام إلى مليون و900 ألف برميل يومياً.

ويوضح أن الشركة ليست معنية ببيع النفط وهي غير ملزمة ببيع مشتقاته، وهذا من اختصاص شركة التسويق (سومو) فإذا كان هناك تهريب «فليس من مسؤولياتنا».

ويتحدث موظفون في شركة نفط الجنوب عن 600 الف برميل يومياً هي الفرق بين المنتج النفطي الفعلي والمصدر منه، وعن ذلك يقول اللعيبي انه يعود الى عدم وجود تقنين معين لقياس النفط، بينما يلقي بعضهم باللوم على الآلية غير الدقيقة التي يتم بموجبها بيع النفط إلى المستوردين. مضيفاً أنه «في أيام العمل ببرنامج «النفط للغذاء» اعتمدنا مقاييس غير دقيقة، ومنحتنا الأمم المتحدة شهادة بصلاحية استخدامها، ولكن أصحاب العقود لا يفضلون استخدامها ويحبذون القياس بواسطة «الذرعة» وهي طريقة مقبولة ومعمول بها عالمياً».

ويوضح انه بعد سنة 2003 أصبحت الشركة مطالبة بتجديد نظام القياس «ولم نغفل هذا، ولكن الشركات تمتنع من الدخول بسبب الوضع الأمني، فلم يبق أمامنا سوى الأمم المتحدة واستطعنا إقناعها وأحيلت منظومة القياس إليها وستنجز قريباً».

يذكر ان الشرطة عثرت على انبوب للتهريب يتفرع من أنبوب التصدير الرئيسي في صحراء الفاو إلى ميناء وهمي يستخدمه المهربون على شط العرب، وظل يضخ النفط لفترة طويلة.

Opinions