ظلم يدوم ولا أمل قريب
حكم عراقنا طيلة عقود بالحديد والنار ، قسوة لا متناهية ، قمع وحشي لا مثيل له ، استبداد جهنمي لم يسبق ان رأته البشرية ، طغيان فوق المألوف ، قتل مستمر بلا أسباب ، ترويع للإنسان ، واعتداء على كرامته ، نفي وقهر وحرمان ، سحق لإرادة الملايين ، من أبناء الشعب المغلوب على أمره ، امتهان متواصل لكرامة الإنسان ومسخ لشخصيته ، كتم للأنفاس ، إجبار على كل شيء ، يصاحبه منع لكل مرغوب ، افرز ذلك الامتهان المستمر ، مجتمعا عاجزا عن تحقيق أي شيء من الأحلام ، حتى لو كانت بسيطة ، ويمكن للفرد الطبيعي تحقيقها ، ظن اغلب الناس ان التغيير غير ممكن ، في ظل هذا الطغيان والعنت الطويل ، وان أية حركة مصيرها إلى الفشل الذر يع ، والحكم على كل نفس في تلك المدينة ، بالموت والابادة الجماعية ، فتحول الشعب الشجاع الى مجموعات خانعة أسيرة ، للخوف والرعب والإعدامات الجماعية وحفلات التعذيبحلمت الجماهير بالتغيير ، ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل ، بعد ان احكم النظام الجائر ، سلطته على الجيش وأبعده عن إمكانية التغيير ، كما استولى على كل المؤسسات المسلحة ، والتي كانت الجماهير تأمل منها خيرا ، نادت أمريكا الشعب العراقي إبان تحرير الكويت ، ان يسقط النظام وان أقوى دولة سوف تسانده ، وحين قامت التظاهرة الشعبية نقضت أمريكا وعودها ، وسمحت للسلطة الصدامية باستعمال طيرانها لسحق الانتفاضة الباسلة ، وأمريكا الحريصة على مصالحها لا تتحرك الا ان كانت تلك الحركة لخدمة المصالح الأمريكية ، أسقطت النظام في التاسع من نيسان 2003 وكان في سقوطه مفاجأة للعالم ،اذ سبق وان تبجح انه قادر على تدمير إسرائيل ، وإذا به لا يقدر ان يدافع عن نفسه ، ولم تكتفي أمريكا بإسقاط النظام ، وإنما حلت الجيش والشرطة ، لانها تريد ان تجعل الشعب العراقي وحيدا لا يدافع عنه احد ، وغير قادر على الدفاع عن نفسه ، كما فتحت الحدود العراقية أمام كل المتطرفين ، الذي يرون ان الجهاد هو في اغتيال العراقيين العزل وترويع حيوانهم ، ظل المجتمع العراقي المعروف بوحدته وتألفه ، يواجه مخاطر التشتت والتقسيم ، والانهيار التام ، وفرضت أمريكا نظام المحاصصة الطائفية والقومية ، وبقيت هذه النزاعات الطائفية والقومية والعرقية تهدد وحدة شعبنا الوطنية ، وتقضي على أحلامه ، في ولادة حياة جديدة قائمة على التقدم وتحقيق تطلعات الإنسان في حياة آمنة ، أربع سنوات مرت على سقوط النظام ، وشعبنا العراقي الذي أنهكته الممارسات الدكتاتورية يعاني اليوم من الصراعات السياسية والطائفية ، أزهقت فينا الأحلام وأصبحت أيامنا كابية ، تجتاح إنساننا العراقي في الداخل والخارج ، المخاوف ان تزهق روح أحبابه المفخخات ، وهو ذاهب لأداء الصلاة او للسوق للتبضع او للمدرسة للتعلم ، اثر الكثير من الناس ان يتركوا أبناءهم بعيدين عن المدارس ، خوفا من فقدانهم ،لان عمليات الابادة لاتفرق بين طفل وشيخ ، وبين امرأة او رضيع ، وفي ظل الخطة الأمنية التي تتناقض الأقوال بشأنها ، البعض يقول أنها ناجحة ، قد قللت من حوادث التفجير المروع التي تطال حيوات المواطنين ، هذا الوضع المتفجر ،لايمكن ان نحلم بظله بغد أفضل ، ما لم يسارع العقلاء الى اخذ الزمام بأيديهم ، لان كل تأخير من شأنه ان يعقد الوضع ، ويقضي على الوحدة الوطنية ، وبعد ان ناضل شعبنا من اجل الديمقراطية طويلا واتخذت أمريكا من هذا الشعار ، منطلقا لحربها ضد العراق ، أصبح الآن يواجه فشلا ذريعا ، الديمقراطية تلك الكلمة الجميلة ذات المعاني الرائعة ، لايمكن ان تكون سيارات مفخخة ، تقضي على معالم الحياة وتهدد المصير ، وتحول الناس الى مخلوقات بائسة ، فقدت الرغبة بالحياة بعد ان فتكت العصابات المسلحة ، بالحبيب والزوج والأب والابن ، لماذا يعيش الفرد ان كانت الحروب تقضي على أسرته ،التي تمنحه الحب والرعاية وتجعل منه شخصا يائسا وحيدا ، الديمقراطية لا تتحقق فجأة ، لايمكن لشعب عانى من ظلم أبشع دكتاتورية في التاريخ ، ان يعرف الديمقراطية وان يحافظ عليها ، كما لايمكن لإنسان عانى الأمرين ، من تنكيل النظام السابق ، ان يتصرف بديمقراطية وهو يرى العصابات المسلحة ، تأتي للقضاء على حلمه واغتيال أبنائه ، هل يمكن للديمقراطية ان تنشأ في ظل تفاقم الأحزاب الإسلامية السياسية ،والتي كل منها تجد الحكمة في طروحاتها فقط ، وان الآخرين خطاءون ، ان كانت الأحزاب المهيمنة على القرار في العراق ، تتصارع مع بعضها طائفيا وعرقيا وقوميا ، فكيف يتصرف ابن الشعب البسيط ،وهو يجد ان كل أحلامه قد باءت بالفشل ؟؟ وانه لم يحصل بعد على الكهرباء التي يحتاج ؟ او الماء العذب الذي يطمئن لعد م تلوثه بالإضافة الى انعدام الأمن ، وتكاثر المسلحين المتقاتلين في ظل البطالة واستحالة العثور على العمل ، المحقق لتطلعات الإنسان ومطامحه
أربع سنوات من المعاناة ، بسبب همجية الاحتلال وعدم قدرة الحكومة على تحقيق مطالب الشعب وان أجهزة الدولة ، ما زالت مخترقة من قبل الأعداء ، هذه المدة كافية كي ترينا ان حزب واحد ، لايمكن ان يأتي لوحده بالعلاج الناجع لكل ما يعانيه الوضع المتأزم في العراق ،÷ من مخاطر وأمراض ، القوى الوطنية التي يهمها مصلحة العراق أولا هي المدعوة اليوم ان تقوم بواجباتها الكثيرة الملقاة على عاتقها ، ان تلم الشمل وتوحد الصفوف ، وان تقضي على معالم الترحم على النظام السابق ، وان تبين للجميع ان العراق ملك لكل أبنائه ، لافرق بين عربي وكردي وتركماني ، وبين مسلم شيعي او سني ، وبين مسيحيي او صابئي الا بالتقوى ، العراق يجب ان يكون موحدا ، ولجميع أبنائه الذين ما ذاقوا طعم الراحة منذ سنين ، وكانت العقود المتوالية عجافا قد قضت على معالم الحياة الكريمة ، واغتالت منا الأحلام ، التي تمر بفكر كل البشر من جميع الأقطار ، الا نحن العراقيين ، عانينا طويلا ، وان لنا أن نجد الراحة التي نستحقها