عادل عبد المهدي .. وضريبة العدالة
في اليوم الأول الذي أعلن فيه عن سرقة البنك الحكومي لمنطقة الزوية في بغداد ،ومن خلال متابعتي للطريقة التي أديرت بها هذه ألازمة ،علمت يقينا أن هناك سعي محموم من قبل الحكومة وبعض الجهات السياسية للإيقاع بالسيد عادل عبد المهدي وإبعاده عن حلبة ألمنافسه على موقع رئاسة مجلس الوزراء ،وصار واضحا إن مسلسل التسقيط قد بدأ وعلى مستوى عال في مواقع صنع القرار في حزب ( التسقيط ) الذي نعرفه جميعا .المفاجئة لم تكن تسخير عملية السطو واستثمارها للطعن في شخصية السيد عبد المهدي ،لأنه لا يوجد أدنى شك في أن حزب ( التسقيط ) سيحاول استثمار هذه الحادثة الجنائية وإظهارها للأمة بصورة مشوهة وبطريقة رخيصة تُذكرنا بمافيات التسقيط السياسي التي ظهرت في أوربا بعد الحرب العالمية الثانية أو ربما تعيد لنا الذاكرة إلى أيام ( أبو قيس ) في الكزرخان* وكيف كان يٌستخدم المسكين من اجل تسقيط الأحزاب والشخصيات المعارضة مقابل بضع تومانات تدفع له بعد صلاة العشاء قرب حسينية عراقية في شارع جهار مردوم من مدينة قم المقدسة .
لكن المفاجئة هي أن يتصدر فريق التسقيط هذه المرة رئيس حزب المفروض انه إسلامي ولا ( يطلب النصر بالجور) * فإلى وقت قريب لم تكن أساليب هذا الحزب ( التسقيطي ) مكشوفة للعامة من الناس بالرغم من أنها مكشوفة للخاصة ممن امتهنوا السياسة وكانوا جزءا من المعارضة العراقية ضد النظام البائد وكانوا قريبين من أعضاء ذلك الحزب بحكم الجبهة التي جمعتهم جميعا ضد البعث العفلقي المجرم وان كانت طرق المعارضة متفاوتة بين المعارضة ( الفكرية ) التي امتهنها حزب التسقيط والمعارضة المسلحة التي أدارها حزب السيد عادل عبد المهدي حزب ( المعدان ) كما يحلوا لأصحاب المعارضة ( الفكرية ) تسميته .
ربما لم يكن واضحا سبب استهداف السيد عادل عبد المهدي وبهذه القسوة ،لكن الآن وبعد ظهور نتائج الانتخابات والموقع الرصين الذي ظهرت به قائمة الائتلاف الوطني العراقي والكم الكبير من القيادات السياسية التي انضوت تحت خيمة هذا الائتلاف وانحيازها الكامل إلى جانب الأمة والوضوح الذي تتعامل به هذه القائمة ومحورية موقعها بين القوائم الفائزة إضافة إلى علاقات السيد عادل عبد المهدي بالقوى السياسية الأخرى ومدى القبولية التي تميز بها السيد نائب رئيس الجمهورية لدى الإخوة في القوائم الكردية وكذلك لدى أعضاء قائمة العراقية الذين لم يخفوا انحيازهم إليه في حالة طرح اسمه في مجلس النواب كمنافس على منصب رئيس مجلس الوزراء ، كل ذلك سبّب استفزاز الفاشلين ممن امتهنوا التسقيط وبأرخص الأساليب لتحقيق طموحاتهم في الاستمرار بالاستحواذ على كراسي القيادة في عراق محطم فزادوه تحطيما وفسادا وانهيار على مدى أربعٍ من سنين البؤس والخراب .
عادل عبد المهدي المجاهد الذي قاد عمليات الجهاد من على الأرض العراقية ،يصعد جبلا وينزل واديا مع إخوانه من مجاهدي الثورة الإسلامية التي كان يقودها في كردستان العراق وهي واحدة من اذرع العمل ألجهادي للمجلس الأعلى ،فهو لم يتحصن في مكاتب الدول المجاورة ،لان ثقافة الجهاد التي يحملها تحتم عليه تصدر خطوط القتال فكيف لا يكون كذلك وهو يرى قائده السيد الحكيم عزيز العراق رض يتنقل بين جباشات * الاهوار كأي فرد من أفراد المجاهدين .
عادل عبد المهدي المفكر الذي لم تشغله البندقية عن قلم البحث والفكر فكتب " التضخم على الصعيد العالمي " و " الثوابت والمتغيرات في التأريخ الاقتصادي " و " تأملات في الاقتصادين العراقي والاقليمي " وغيرها كثير...
عادل عبد المهدي دكتور أكاديمي وطروحاته في أهم مقومات النجاح الإداري والاقتصادي وهذا بالذات ما يتطلبه المرشح من خبرة لقيادة حكومة من أهم واجباتها أعمار البلد إداريا واقتصاديا .
النجاح الوحيد الذي حققته حكومة الدكتور اياد علاوي في عام 2005 كان من جهد وعمل وزارة المالية التي كان يقودها الدكتور عادل عبد المهدي ،فقد نجح في إطفاء 80% من ديون العراق التي خلفها النظام البائد ،وهي الوزارة الوحيدة التي لم يسجل عليها أي نقطة فساد حتى في أسفل حلقاتها الإدارية بالرغم من استشراء الفساد في اغلب الوزارات الأخرى في حكومة الدكتور علاوي .
المعروف عن الدكتور عادل عبد المهدي بالدقة والشدة والصرامة في إدارة فريقه في العمل ،إلا انه يتميز بمرونته العالية في الحوارات السياسية ،وعادة ما يمثل نقطة الالتقاء للخصوم السياسيين وبه تنهار منظومة التوتر التي تصاحب كل حوارات الفرقاء السياسيين في أحلك الظروف التي مرت بها العملية السياسية في العراق .
فلا عجب إذن من كثرة صداقاته التي حتما سيستثمرها من اجل تخليص العراق من حالة الهزيمة التي يعيشها في كل مرافقه وقطاعاته بدأ من الخدمات والاقتصاد إلى الإدارة ومرورا بالوضع السياسي الذي غاب عنه روح الفريق وعادت إليه أساليب العمل الفردي ونظرية ( الحزب القائد ) البعثية وثقافة الكذب والتسقيط وهوس الزعامة والكرسي .
أقدم عذري للناخب العراقي بأني أجلت كتابة هذا المقال لكي لا يقال بأنها دعاية انتخابية فليس من شأني الترويج لأحد لكنها مسؤولية ضمير وكلمة حق يجب أن تقال ولو بعد حين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الكزرخان مركز مدينة قم يكثر بها تواجد العراقيين اللاجئين إلى إيران أيام النظام البائد .
* لا اطلب النصر بالجور : مقطع من كلام لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
* جباشات جمع جباشة وهي بلهجة أهل الاهوار كدس من القصب والبردي والطين تعمل منه الأرض الصناعية في الاهوار وأحيانا تكون متحركة عند ارتفاع منسوب الماء .
Riyadh98@gmail.com