Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

على تركيا التفاوض مع الرئيس البارزاني والقيادة الكردية أيضاً

كردستان هذه المفردة ، لا تقبل تركيا ان تهضمها ولا تريد ان تعالج المعضلات الكامنة في هذه المنطقة بمفاهيم عصرية ولا تقبل ان تعترف بمشكلة اسمها الأقليات . كان عام 1919 يمثل نقطة أمل حينما اطلق ولسون وعده بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، ومنها الشعوب التي كانت ترزح تحت النفوذ العثماني بضمنها الشعب العربي والكردي والأرمني .
بتسليط الضوء على مجمل تاريخ الدولة العثمانية من ظهور آل عثمان حتى سقوطها بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية فإن تاريخ هذه الدولة كان يتمحور حول الفتوحات والغزوات والحروب وقمع الثورات . ومن المفارقات ان احد السلاطين طلب منه زيارة بعض الدول الأوروبية للأطلاع على مظاهر التقدم العمراني والحضاري في هذه الدول ، فكان جوابه :
انا لا أزور اوروبا إلا فاتحاً .
كانت حروب هذه الدولة تثقل كاهل الشعوب المقموعة ، إذ ان الباب العالي في اسطنبول كانت تصله الضرائب المفروضة على هذه الشعوب لكي يغذي مسلسل الحروب المتواصلة ، ثم يجند الشباب في الولايات التابعة لرفد الجيش بالعنصر البشري . لقد كان دخول الدولة العثمانية الحرب الى جانب المانيا نقمة على شعوب المنطقة . فقد ارسلت تركيا 20 ألف جندي عراقي من ابناء الكاظمية وسامراء وديالى ، ارسلتهم الى سفوح جبال القفقاس ولم ينج منهم سوى 200 شخص ( فخري الزبيدي : بغداد من 1900 ـ 1934 ) في القوش البلدة الصغيرة لجأ شبابها الى الجبال للتخلص من الجندرمة ، لكنهم نجحوا في استدراج حوالي 50 شاباً فجندوا في القوات التركية وكان مصيرهم الموت من الجوع والبرد ولم يرجع واحداً منهم .
تركيا اليوم لا تقبل ان تراجع مراجعة انسانية عقلانية لتاريخها ازاء الأقليات ، ولا تقبل ان تعترف بشعب اسمه ، الشعب الكردي ، الذي يبلغ تعداده الملايين داخل الدولة التركية .
إن تركيا بإصرارها على اعتبار اكراد تركيا كأتراك جبليين ومحاولتها صهرهم في بودقة القومية التركية ، وصد كل جهد يفضي الى إشهار وبلورة الهوية القومية الكردية ، انها تخدع نفسها قبل ان تخدع الآخرين . وهي ماضية في نظرتها هذه وتحاول وأد التجربة الكردية في كردستان العراق .
لقد اثبت الشعب الكردي في العراق انه ليس عبارة عن قبائل متناثرة في المرتفعات الجبلية همها القتل والتسليب ، لقد أثبت هذا الشعب عندما رفع الحيف والظلم عنه وأتيح له ان يستقر ومنح قدراً من الحرية ، أثبت انه شعب محب للبناء والتعمير ولتعميق المفاهيم الحضارية ولقبول الآخر بروح انسانية بعيدة عن التعالي والتعصب .
إن تركيا تريد ان تغمض عيونها وتتجاهل تجربة أقليم كردستان الرائعة ، إنها تتفاوض مع الحكومة العراقية ولا تقبل ان تمد يدها للقيادة الكردية في أقليم كردستان . ان كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان والقيادة التركية يمثلون الشعب التركي ، فإن الرئيس مسعود البارزاني والقيادة الكردية يمثلون الشعب الكردي . إن الحكومة التركية تمد يدها الى الحكومة العراقية لحل المعضلة وهذا حق لا خلاف عليه ، لكن ماذا بها تتجاهل الأتصال المباشر بالقيادة الكردية التي هي محور حل المعضلة ، اليست قوات البيشمركة الكردية هي التي تحافظ على الحدود العراقية مع تركيا ؟

إن تركيا لا تريد الأعتراف بأن من يستطيع ضبط الأمن على الحدود بين البلدين هم حصراً قوات البيشمركة الكردية ، لكن الأسم الكردي يؤرقها ، وهي تحاول إبقاء الأضواء مسلطة على بضعة آلاف من مقاتلي الحزب العمال الكردستاني المتخندقين في الغابات والشعاب الوعرة لجبل قنديل داخل الحدود العراقية ، وبهذا تريد التعتيم على قضية 16مليون كردي يريدون إشهار هويتهم وحقوقهم القومية .
لا تقبل تركيا التفاوض مباشرة مع القيادة الكردية ولكنها تطلب من هذه القيادة ان تسلمها الأكراد الأتراك وهذا بعيد عن حقوق الأنسان وعن الأخلاقية المجتمعية والسياسية . وصدق الأستاذ الرئيس جلال الطالباني حينما صرح بقوله : تسليم قيادات حزب العمال الكردستاني حلم لا يتحقق ، ثم أردف بقوله باللغة الكردية : نحن لن نسلم رجلاً كردياً الى تركيا .. بل لن نسلم حتى قطة كردية .
الرئيس مسعود البارزاني كان صريحاً وشجاعاً بقوله : إننا سندافع عن كردستان إذا ما تعرضنا الى عدوان مباشر . وأضاف البارزاني إذا اعتمدت تركيا حلاً سلمياً فسنقوم بكل ما لدينا من امكانيات لمساعدتها ، لكن تحت التهديد من الصعب ان نقوم بأية خطوة .
العقلانية تقتضي حل مسألة مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي بالتفاوض والتفاهم بين كل الأطراف التي يعنيها الأمر ، أما مسألة اجتياح اقليم كردستان وزجه في فوضى شبيهة بالتي تجتاح مدن العراق ، فإن ذلك ينبغي الأستعداد له للذود عن منطقة اسمها كردستان تخوض تجربة حية في تطبيق القانون وبناء الوطن والأنسان ، ويسود الوئام والسلام في ربوعها .
إن تركيا التي تفكر في تعقيد المسالة من اجل الوصول الى أهدافها تفكر في فرض عقوبات اقتصادية على أقليم كردستان ، ولا ندري أي مضامين انسانية تكمن في فرض عقوبات على شعب من اجل تحقيق اهداف سياسية ، إن على تركيا ان تفكر في حلول أخرى بأن تحل مسألة الأكراد والأقليات بمنظار آخر غير منظار التعتيم على معضلة الأقليات ومحاولة صهرها في البودقة القومية التركية .
من جانب آخر نقول بكل إخلاص للقيادة الكردية ان مقاتلي حزب العمال يشكلون ذريعة لكل من يتربص للنيل من كردستان وتجربتها الرائدة والعمل على دفنها وهي في المهد ، وهنا ينبغي وضع المعادلة في الميزان لدراستها بعقلانية وحكمة دون الأنجرار وراء العواطف ، وعلينا ان نقارن الفوائد والأضرار التي تشكلها عمليات الحزب العمالي الكردستاني على مجمل القضية الكردية عموماً وعلى التجربة الكردية في اقليم كردستان العراق خصوصاً .
ونتمنى ان تنقشع الغمامة السوداء من سماء كردستان والوطن العراقي عموماً فتتلألأ النجوم في السماء الصافية وتتدفق ينابيع الأمل والسلام والأمان في ربوع وطننا العراقي العزيز .
حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
محافظ البصرة يتهم قيادات سياسية وأمنية ودينية بزعزعة الوضع الأمني في البصرة ويوقف مدير شرطة البصرة عن العمل الجيران ـ البصرة ـ أصدر محافظ البصرة محمد مصبح الوائلي بيانا وعقد مؤتمرا صحفيا اتهم فيهما جهات ومسؤولينفي الشرطة المحلية وقيادات حزبية دينية بأثارة العنف الطائفي من هم المستكردون ؟؟؟ نقرأ بين الفينة والأخرى مقالات تحمل بين طياتها مصطلحات كبيرة المعنى ولا نعرف إن كانت هذه المصطلحات مفهومة ومعنونة الى الإتجاه الصحيح من فبل كتّابها أم إنها كلمات إعتباطية تشحذ كتاباتهم، ومن بين المصطلحات الكبيرة التي نسمعها ونقرأها مصطلح "المستعربين" و " عمليات السلب والنهب على الطريق العام بين الناصرية والبصرة .. عناصر معروفة وهناك في السلطة من يتستر عليها الجيران ـ الناصرية والبصرة ـ ظاهرة التسليب والخطف التي ازدادت مؤخرا على الطريق العام الذي يربط الناصرية بمدينة البصرة باتت حديث الأهالي في تلك المنطقة الأكراد "جوكر" الحكومة القادمة في الحقيقة لم تكن نتائج الانتخابات مفاجئة لأحد من المراقبين وخاصة للذين يقرأون المشهد من خلال متابعتهم اليومية وقرائتهم للواقع بشكل
Side Adv2 Side Adv1