على خطى إجراءات المحكمة البريطانية
لم تخف عن وسائل الإعلام الشكوى التي تقدم بها عدد من المحامين العراقيين الذين يمثلون أسراً من أبناء جلدتهم إلى المحاكم البريطانية بالنظر في قضايا ضد جنود بريطانيين بسبب ارتكابهم " انتهاكات " بحق أقارب لهم في العراق ، وقبل فترة صدر قرار من إحدى المحاكم البريطانية يقضي بإلزام الحكومة البريطانية دفع تعويضات لعدد من المواطنين العراقيين من مدينة البصرة كانوا قد تعرضوا لعمليات تعذيب وحشي وغير مبرر أو جرحهم أو تهديم منازلهم على يد جنود بريطانيين ، وقد جاء هذا القرار بعد الجهود الحثيثة التي قام بها عدد من المحامين العراقيين المشهود لهم بالكفاءة حيث استطاعوا الحصول على تعويض مناسب لموكليهم إن كان من الناحية المادية أو المعنوية .وقد ذكرت صحفية ( الغارديان ) البريطانية ، إن المحكمة المكلفة بالنظر بالادعاءات لتسعة عراقيين كانـوا قد رفعوا شكواهم أمامها بسـبب تعرضهم للتعذيب الشديد والإهانات هـذا بالإضـافة إلى تهـديم منازلهم وتشريدهم ، قـد قضت بإلزام الجيش البريطاني دفـع مبلغ ( 000 100 ) ألـف بـاون إسترليني أي ما يعـادل ( 000 152 ) ألف دولار أمريكي كتعويض للضحايا .
نعتقد إن هذا القرار هو على درجة كبيرة من الأهمية لهؤلاء المواطنين ليس فقط بقيمته المادية بل أيضاً بالقيمة المعنوية التي يتمتع بها ، حيث انه رد اعتبار ( ولو في أدنى مستوياته ) للذين تعرضوا لمثل هكذا انتهاكات ، هذا بالإضافة إلـى الفائدة المادية التي سوف ستمكن هؤلاء من إعادة بناء حياتهم بعد حصولهم على هذه المبالغ .
إن قيام القضاء البريطاني بإغلاق القضية لصالح المواطنين العراقيين وضد حكومته ومواطنيه يعتبر خطوة ايجابية نحو تأكيد حق الشعب العراقي في المطالبة باسترداد حقوقهم وبتعويضات عن كافة الأضرار التي أصابتهم وذلك خلال الفترة الممتدة من دخول أول جندي أجنبي ولغاية رحيل أخر جندي أجنبي من العراق .
أما بالنسبة للانتهاكات والتجاوزات التي قام أو تسبب بها الجيش الأمريكي فهي لا تعد ولا تحصى وفي مختلف الأماكن والأزمان ، حيث لا يوجد مكان يكاد يخلو من انتهاكات الجنود الأمريكان فالمعتقلات والبيوت والشوارع والأزقة وحتى في معسكرات التدريب تشهد على هذه الانتهاكات ، ولكن لا رقيب عليها والسبب يعود إلى طبيعة النظام والحياة وحتى القضاء في الولايات المتحدة الأمريكية فتلاحظ الجندي الأمريكي لا يأبه لأي شيء أمامه عكس بقية جنود قوات المتعددة الجنسية فلو حدثت مثل هذه المحاكم منذ البداية لما تكررت تجاوزات الجيش الأمريكي .
إننا نحتاج إلى إقامة محاكم ودعاوى ليس ضد الجنود الأمريكان فحسب وإنما ضد الشركات الأمنية الأجنبية الذي لعبت دوراً كبيراً في تكرار مثل هذه الأمور ، ولعل ساحة النسور هي أكبر دليل على هذا الكلام ، حيث يجب محاكمتهم وليس فقط الاكتفاء بإنهاء التزاماتهم المؤقتة في العراق ، لأنهم بذلك سوف يعمدون إلى تغيير أسماءهم ومن ثم العمل على التعاقد مع الحكومة من جديد .
لا شك في إن المواطن العراقي يتمتع بكافة الحقوق والواجبات التي يتمتع بها أي مواطن بمختلف القارات ، فلماذا لا نعرف كيف نستخدم هذا الحق للعمل على استرداد حقوقنا المسلوبة أو التعويض عنها كما حدث في بريطانيا ؟؟؟ علماً إن الحرية والديمقراطية والعدالة والقانون في دول العالم تشجعنا على التقدم بمثل هكذا دعاوى ، إنها دعوة لكل مظلوم لأن يسترد حقه ممن ظلمه ، فالبكاء والشكوى أصبح عملة غير معترف فيها .
محمد حبيب غالي
Mohammed.media@yahoo.com