Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

عيد الشعانين

القراءات الطقسية:

القراءة الأولى: زكريا 9 / 9 _ 13 ابتهجي جداً يا بنت صهيون واهتفي . . .

القراءة الثانية: رومة 11 / 13 _ 24 أقول لكم أيها الوثنيون: بقدر ما أنا . . .

القراءة الثالثة: متى 20 / 29 _ 34 وبينما هم خارجون من أريحا تبعه جمع . .

+ متى 21 / 1 _ 22 ولما قربوا من أورشليم ووصلوا . . .



الفكرة الطقسية: في أحد الشعانين نختم الصوم الذي كان زمن توبة واهتداء ومصالحة. ونبدأ الأسبوع المقدس الذي يتوج بأحد القيامة. وعيد الشعانين هذا هو ذكرى دخول المسيح إلى الهيكل وسط هتافات الجماهير: أوشعنا لابن داود، مطهراً إياه من كل العناصر الغريبة وغير اللائقة بالله والإنسان المؤمن. وهذا الدخول المظفر يرمز إلى دخوله ممجداً إلى هيكل قلوبنا. لذلك علينا أن نطهر حياتنا من الإنسان العتيق بعقليته وعاداته، ونلبس الإنسان الجديد بإيمانه وأخلاقيته بأمانة وثبات. حتى تسري فينا القيامة وتعمل فعلها.[1]

وفي هذا العيد نستمع إلى كلمة الله تعلن لنا من خلال ثلاث قراءات هي: الأولى من سفر زكريا[2] تصف لنا دخول المسيح المنتصر إلى أورشليم، دخول ملك السلام.

وقد أتم المسيح قول الأنبياء في أحد الشعانين. سيكون المسيح وضيعاً، وهي صفة ينسبها النبي صفنيا[3] إلى شعب المستقبل ( صفنيا 3: 13 ). ويتخلى عن مظاهر أبهة الملوك ( إرميا 17: 25 ). ويكون انتصاره بالتواضع والبساطة ( تكوين 49: 11 ).[4]

والثانية من رسالة بولس إلى أهل رومة حيث تقيم مقارنة بين اليهود الرافضين والوثنين القابلين إياه بحماسة. وأن الاختيار في يسوع المسيح هو هبة بالنظر إلى اليهودي وبالنظر إلى الوثني.[5]

والثالثة من إنجيل متى تخبرنا عن دخول المسيح إلى الهيكل، ودخوله هذا يرمز إلى دخوله إلى هيكل حياتنا ليطهرها ويقدسها. وبدخول يسوع إلى الهيكل يحقق غايته الحقيقية وهي إعادته إلى " بيت صلاة " ( أشعيا 56: 7 ). لا " مغارة لصوص " ( إرميا 7: 11 ).[6]

عيد الشعانين: قبل أن يدخل يسوع أورشليم سمع صراخ الأعميان: ارحمنا يا ابن داود. فلقد استطاع هذا الأعمى المسكين أن يرى أن يسوع هو المسيح الذي طال انتظاره. بينما اليهود الذين كانوا يعرفون أن المسيح سيأتي من نسل داود، عجزوا عن إدراك حقيقته رغم ما شاهدوا من معجزات أجراها بينهم، وأبوا أن يفتحوا عيونهم للحق، والرؤية بالعين ليس ضماناً للرؤية بالقلب. ومع أن الرب يسوع كان مشغولاً بالأحداث القادمة في أورشليم، فإنه مارس عملياً ما سبق أن قاله للتلاميذ عن الخدمة. فتوقف للعناية بالأعميين.

عندما غادر الرب يسوع وتلاميذه أريحا، اقتربوا من بيت فاجي[7] على سفح جبل الزيتون. فدخل تلميذان إلى القرية كما أمرهما يسوع، ليأتيا بأتان وجحشها. ودخل الرب يسوع أورشليم راكباً جحشاً ابن أتان، ليؤكد أنه المسيح الملك، كما أنه إثبات لتواضعه. وقد اعترف الناس بمجد يسوع على الأرض، ولكن هؤلاء الناس سيذعنون للضغط السياسي، ويتخلون عنه خلال أيام قليلة.[8]

لقد اصطفت الجموع على جانبي الطريق الرئيسي يمجدون الله، ويلوحون بأغصان النخيل، ويفرشون قمصانهم تحت أقدام الجحش حينما يمر أمامهم. وكانوا يصرخون: مبارك الملك الآتي باسم الرب. في صرخات الفرح لأنهم يعلمون أن يسوع المسيح يتمم عن قصد، نبوة زكريا القائل: ابتهجي جداً يا صهيون، واهتفي يا ابنة أورشليم لأن هوذا ملكك مقبل إليك. هو عادل وظافر. ولكنه وديع راكب على جحش ابن أتان.

ولكي يعلن يسوع أنه هو بالحقيقة المسيح الذي كانوا ينتظرونه، اختار زماناً اجتمع فيه كل بني إسرائيل في أورشليم، ومكاناً يمكن للجموع الغفيرة أن تراه فيه، وأسلوباً للمنادة بإرساليته لا يمكن أن يخطيء. وهاج الناس. فهم واثقون الآن من أن حريتهم وشيكة.

ظن الفريسيون أن كلمات الجموع كلمات تدنيس وتجديف. ولم يريدوا أن يعكر أحد صفو سلطتهم وسلطانهم، كما لم يريدوا ثورة قد تجلب إليهم الجيش الروماني. ولذلك طلبوا من يسوع أن يسكت الجموع. أما يسوع فقال لهم إنه لو سكت هؤلاء لصرخت الحجارة بالفرح. فلماذا؟ ليس ذلك لأن الرب كان يقيم مملكة سياسية قوية، ولكن لأنه كان يؤسس ملكوت الله الأبدي، وهو سبب يدعونا جميعاً إلى فرح عظيم.[9]

كان الاحتفال بعيد الفصح العظيم على وشك أن يبدأ، وكان اليهود يأتون من جميع جهات العالم الروماني طيلة هذا الأسبوع للاحتفال بذكرى الخروج العظيم من مصر. وكان الكثيرون بين الجموع الحاشدة قد سمعوا عن يسوع أو رأوه، وكانوا يتمنون أن يأتي إلى الهيكل. وقد جاء يسوع لا كملك، بل على جحش ابن أتان لم يركبه أحد من قبل، وكثيراً ما كان الملوك يمتطون الجياد أو المركبات ذات العجلات في ذهابهم للحرب. ولكن زكريا تنبأ بأن المسيح سيأتي في سلام راكباً على حمار حقير. وقد عرف يسوع أن الذين سمعوه يعلِّم في الهيكل سيعودون إلى بيوتهم في كل العالم، وسيعلنون مجيء المسيح.

هتفت الجموع مبارك ملك المجد، فكانوا يتممون نبوة داود ( مزمور 24: 7 _ 10 ). وتكلموا عن عودة مملكة داود بسبب وعد الرب لداود ( صموئيل الثاني 7: 12 _ 14 ). وقد أصاب الناس عندما رأوا أن يسوع كان إتماماً لهذه النبوات، ولكنهم لم يدركوا إلى أين سيؤدي به هذا. فقد صرخت هذه الجموع ذاتها: أصلبه ! أصلبه ! عندما وقف يسوع للمحاكمة بعد ذلك بأيام قليلة.[10]

وقد هتف الجمهور بكلمة " هوشعنا " والتي تعني بالعبرية " أعطِ الخلاص " تحية ليسوع عند دخوله إلى أورشليم. والمزمور 118: 25 والذي يشمل هذه الكلمة كان ينطلق من أفواه الشعب ضمن هتافهم وهم يهزون الأغصان في أيديهم حول المذبح أثناء عيد المظال.[11] وكان الكهنة يجيبون بهذه البركة التي رددها الجميع في يوم الشعانين. وفي التقليد المسيحي تطبق هذه الآية يوم القيامة، وتستعمل في خدمة الفصح. وأصبحت تستعمل فيما بعد كتعبير عن الفرح أو للترحيب بقادم.[12]

وكانت الكنيسة تحتفل بهذا العيد منذ الأجيال الأولى. وفي هذا اليوم يُلبس المؤمنين أطفالهم أجمل الحلل والثياب، ويأتون بهم إلى الكنائس حاملين الشموع وسعف النخل وأغصان الزيتون وأنواع الورود، ليشتركوا في زياح الشعانين، الذي يعبر عن فرحتهم باستقبال ملك المجد، من خلال ما ينشدون من تراتيل شجية. متذكرين ما قاله يسوع حين كان الأولاد يهتفون له عند دخوله أورشليم: " بأفواه الأطفال والرضع أعددت لك تسبيحاً " ( مزمور 8: 3 ).

ويضم طقس كنيسة المشرق أجمل الصلوات والتراتيل التي تعبر عن هذه الذكرى المقدسة، نذكر منها:

" * طوبى للفتيان الذين رأوا المسيح يدخل أورشليم، راكباً أتاناً، وأمامه الفتيان حاملين أغصان الزيتون مسبحين وقائلين: أوشعنا في الأعالي أوشعنا لابن داود مبارك الآتي باسم الرب.

* حمل الفتيان الأغصان والفتيات حملن الكنارات وهم يرتلون قدام ابن داود، وسمع الروحانيون صوت هتاف الأطفال الذين يصرخون جميعاً: أوشعنا في الأعالي أوشعنا لابن داود مبارك الآتي باسم الرب. ".[13]







--------------------------------------------------------------------------------

1_ حياتنا الليترجية الورقة الطقسية للقداس الكلداني لمدار السنة الأب ( المطران ) لويس ساكو ص 79.

2_ سفر زكريا: هو السفر الحادي عشر بين مجموعة الأسفار التي تسمى " بالأنبياء الصغار ". والرأي السائد هو أن هذا السفر كتب في العصر الفارسي أثناء حكم داريوس الأول حوالي سنة 520 ق . م. وصاحب السفر هو زكريا بن برخيا عدو، وهو الحادي عشر بين الأنبياء الصغار. وكان من نسل لاوي. وفي سفره يقدم رسائل روحية عظيمة بخصوص الصوم والطاعة، كما يقدم نبوات متنوعة بخصوص المسيح ومجيئه وجروحه، كما يرتفع بالفكر إلى نهاية الأيام وملك المسيح. وقد طالت أيامه معاش في بلاده ودفن بجانب حجي. قاموس الكتاب المقدس ص 428.

3_ النبي صفنيا: اسم عبري معناه " يهوه يكنز ". وهو تاسع الأنبياء الصغار. وأساس نبوته هي ذلك التعليم العظيم عن دينونة الله الشاملة. وكان صفنيا معاصراً لحبقوق وتنبأ بضع سنين قبله، ويمكن أن تعود نبوته إلى زمن الاحتلال السكيشي لشواطئ البحر الأبيض بين سنتي 630 _ 624 ق . م. قاموس الكتاب المقدس ص 544 _ 545.

4_ الكتاب المقدس " العهد القديم " دار المشرق سفر زكريا هامش 7 ص 2019.

5_ الكتاب المقدس " العهد الجديد " دار المشرق رسالة بولس إلى أهل رومة هامش 31 ص 493.

6_ الكتاب المقدس " العهد الجديد " دار المشرق إنجيل متى هامش 10 ص 94.

7_ بيت فاجي: اسم آرامي معناه " بيت التين ". وهي قرية صغيرة إلى الجنوب الشرقي من جبل الزيتون، وتتصل ببيت عنيا من الجهة الغربية. قاموس الكتاب المقدس ص 204.

8_ التفسير التطبيقي للعهد الجديد ص 80 _ 81.

9_ التفسير التطبيقي للعهد الجديد ص 282.

10_ التفسير التطبيقي للعهد الجديد ص 164.

11_ معجم الكتاب المقدس ص 137.

12_ الكتاب المقدس " العهد القديم " دار المشرق سفر المزامير هامش 7 + 8 ص 1277.

13_ الحوذرة " مدار السنة الطقسية " الجزء الثاني ص ىظا.

Opinions