Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

عيد العنصرة " البنطقسطي "[1]

القراءات الطقسية:

القراءة الأولى: أعمال الرسل 2 / 1 _ 21 ولما أتى اليوم الخمسون كانوا . . .

القراءة الثانية: 1 قورنتس 12 / 1 _ 27 أما المواهب الروحية أيها الأخوة . . .

القراءة الثالثة: يوحنا 14 / 15 _ 16 إذا كنتم تحبوني حفظتم وصاياي وأنا . .

+ يوحنا 14 / 25 _ 26 قلت لكم هذه الأشياء وأنا مقيم . . . .

+ يوحنا 15 / 26 _ 27 ومتى جاء المؤيد الذي أرسله إليكم . .

+ يوحنا 16 / 1 _ 15 قلت لكم هذه الأشياء لئلا تعثروا . . .



عيد العنصرة: هو ثاني الأعياد اليهودية الكبرى، بعد عيد الفصح بخمسين يوماً. كانت في أصلها عيد الحصاد، وانتهت إلى ذكرى تسليم الرب لموسى لوحي الشريعة في سيناء في أثناء الخروج من مصر. أما في المسيحية فالاحتفال بالأيام الخمسين التالية للفصح، ولا سيما بأحد العنصرة الذي يختم هذه الخمسينية الفصحية بالاحتفال بسر نزول الروح القدس على التلاميذ وعلى الكنيسة. هذا العيد هو أول عيد احتفل به بعد عيد الفصح.[2]

في العهد القديم كانت العنصرة مع الفصح والمظال،[3] أحد الأعياد الثلاثة التي ينبغي أن يتقدم فيها شعب إسرائيل أمام الله في الموضع الذي يختاره، ليحل اسمه. فكان في البدء عيد الحصاد يوم الفرح والشكر، وفيه يقدم الشعب بواكير غلات الأرض. حيث أطلق على العيد اسم عيد الأسابيع، وتحدد هذه التسمية ميعاده، بعد سبعة أسابيع من الفصح وتقديم الحزمة الأولى. ثم أصبح العيد ذكرى سنوية، فقد تم العهد بعد حوالي خمسين يوماً من الخروج من مصر الذي يحتفل به في الفصح. فأصبحت العنصرة بطبيعة الحال الذكرى السنوية للعهد، وذلك بلا شك ابتداء من القرن الثاني قبل الميلاد، وقد شاع هذا التفسير في بداية عهدنا المسيحي، طبقاً للنصوص الربانية، ومخطوطات قمران.[4]

وفي المسيحية أخذت هبة الروح مكانها، مع ما يصحبها من ريح ونار، مواصلة التجليات الإلهية في العهد القديم. وتبرز معجزة مزدوجة معنى هذا الحادث: فأولاً يتكلم الرسل مخبرين بآيات الله، وهم يتكلمون بلغة هي صورة من صور الموهبة الروحية التي نجدها لدى الجماعات المسيحية الأولى.

وثانياً وإن كان الكلام بالألسن غير مفهوم بذاته، إلا أن جميع الحاضرين فهموه. وهذه المعجزة الثانية القائمة في الاستماع، علامة من علامات دعوة الكنيسة الجامعة، حيث يأتي إليها المستمعون من مختلف العالم. وعن علاقة إفاضة الروح بالأيام الأخيرة، يذكر بطرس يوئيل النبي[5]، ويوضح أن العنصرة تحقق مواعد الله. ففي الأيام الأخيرة سوف يعطى الروح للجميع. وسبق يوحنا المعمدان وتنبأ بحضور ذلك الذي كان مزمعاً أن يعمد بالروح القدس. وقد ثبت يسوع بعد قيامته هذه المواعد: تعمدون بالروح القدس بعد أيام قليلة. وتعلم الكنيسة الأولى أن المسيح الذي مات وقام وتمجد عن يمين الآب، يتمم عمله بإفاضة الروح على جماعة الرسل، وتشكل العنصرة اكتمال الفصح. وسبق الأنبياء وبشروا بعودة المشتتين إلى جبل صهيون، وبتجمع بني إسرائيل حول يهوه. تحقق العنصرة في أورشليم الوحدة الروحية بين اليهود والمهتدين من كافة الشعوب. فهم بإتباعهم تعليم الرسل، يشتركون في المحبة الأخوية على مائدة الأفخارستيا. ويمنح الله الروح من أجل شهادة يجب أن نحملها حتى أقاصي الأرض. وتدل معجزة الاستماع على انتشار الجماعة المسيحية لتشمل كافة الشعوب. وهذا ما توضحه العنصرة الخاصة بالوثنيين، وإعادة الوحدة التي تفتت بسبب برج بابل. إن العنصرة التي تلم شمل الجماعة المسيحانية تشكل أيضاً نقطة الإنطلاق لرسالتها.

ويعبر خطاب بطرس الذي ألقاه وهو واقفاً مع الأحد عشر، أول عمل الرسالة التي كلفه يسوع بها: " وسينزل عليكم الروح القدس، فتتلقون منه قدرة، وتكونون لي شهوداً في أورشليم واليهودية كلها والسامرة، حتى أقاصي الأرض ". ( أعمال 1: 8 ). وقد قارن الآباء بين هذه المعمودية في الروح القدس، وهي بمثابة تولية رسمية للكنيسة من أجل الرسالة، وبين عماد يسوع، والظهور الإلهي الذي صاحبه في بدء حياته العلنية. وهم يرون في العنصرة منح الشريعة الجديدة للكنيسة، والخلق الجديد. وإن كان المظهر الخارجي للتجلي الإلهي أمراً عابراً، إلا أن الهبة الحاصلة للكنيسة هي دائمة. فالعنصرة تفتح زمن الكنيسة. فهي في مسيرتها نحو لقاء الرب، تتلقى منه باستمرار الروح الذي يجمعها في الإيمان والمحبة، ويقدسها ويوفدها للرسالة. ويكشف لنا كتاب أعمال الرسل بقاء هذه الهبة، وهي الموهبة العظمى، ويتضح ذلك بالمكانة التي يحتلها الروح سواء في إدارة الكنيسة ونشاطها الرسولي، أو بتجلياته الخارجية. وتميز هبة الروح الأزمنة الأخيرة، وهي الفترة التي تبدأ بصعود الرب، وتنتهي بمجيئه الثاني في اليوم الأخير.[6]

ويمثل عيد العنصرة في طقس كنيسة المشرق، خاتمة الزمن الفصحي المتسم بطابع أفراح القيامة، وبداية لفترة جديدة لها طابع توبوي. كما يمثل عيد العنصرة بداية زمن الكنيسة، وبدء رسالتها التبشيرية في العالم، والقاسم المشترك الذي يربط هذه العناصر كلها هو حلول الروح القدس على التلاميذ. ويعتبر أحد العنصرة الأحد الأول من زمن الرسل الذي يدوم سبعة أسابيع. إنه بداية زمن الكنيسة التي ولدت بفعل الروح القدس. حالما حل الروح القدس على التلاميذ، إنقلب هؤلاء من تلاميذ لمعلم مصلوب، إلى رسل الرب القائم من بين الأموات، مبشرين بإنجيل الفرح وبرجاء الخلاص لجميع الأمم. وهذا ما حدث في يوم حلول الروح القدس ( البارقليط )[7] على التلاميذ، إذ انضم إلى الكنيسة الناشئة، بعد خطبة القديس بطرس الأولى ثلاثة آلاف شخص. وكان من بين هؤلاء حجاج أتوا من بلاد بين النهرين. فلا بد أن هؤلاء المهتدين الجدد عادوا إلى أهلهم وبلادهم حيث نشروا إيمانهم المسيحي. وتؤكد الصلوات التي نرتلها يوم عيد العنصرة أن الكنيسة إنطلقت إلى العالم بعد حلول الروح القدس.[8]

وفي رمش العنصرة تصلي كنيسة المشرق هذه الترتيلة: " أرسل الله نعمته وحقه: إن الروح القدس الذي أرسل من العلى، نور وهذب وكمل الرسل، الذين أصبحوا كلهم يزرعون الأمن في الخليقة. وكشفوا حجاب الظلام عن كل الخليقة، وأعلنوا تجديداً سماوياً لكل الشعوب، وهم يتحملون العذابات باستمرار أمام المضطهدين، وهذا الروح نفسه قواهم فاشتدوا وغلبوا كل الشرور، وشفوا بكلمته أمراضاً مختلفة، وكان مخلصنا معهم كما سبق ووعدهم، فكانوا يفرحون دائماً. ويأخذون بأيديهم سيف الروح القدس. ويحاربون قوات الطاغية. معلنين الحياة الحقة. ".[9]

وتحتفل الكنيسة بعيد العنصرة في اليوم العاشر بعد عيد الصعود، وهو الأحد الأول من سابوع الرسل حسب مدار السنة الطقسية في كنيسة المشرق.







--------------------------------------------------------------------------------

1_ كغشنرفشا بنطاقوسطي لفظة يونانية تعني الخمسين، دلالة على يوم الخمسين من بعد قيامة الرب، وفيه حل الروح القدس على العذراء مريم والتلاميذ في علية صهيون. أما العنصرة فجاءت من الكلمة العبرية " عصرة " وتعني اجتماع أو احتفال، يحتفل به اليهود بذكرى ختام الخمسين الفصحي بعد عيد الفطير.

2_ معجم الأيمان المسيحي الأب صبحي حموي اليسوعي ص 337.

3_ عيد المظال: وهو عيد جمع الغلات عند نهاية السنة، ويعرف بعيد الأكواخ، لأن اليهود كانوا يستعملون فيه أكواخ مشيدة من ورق الشجر، ويقيمون فيها سبعة أيام " لكي تعلم أجيالكم أني في الأكواخ أسكنت بني إسرائيل، حين أخرجتهم من أرض مصر. أنا الرب إلهكم ". سفر الأحبار( 23: 36 ).

4_ وادي قمران: يقع على بعد سبعة أميال ونصف جنوب مدينة أريحا، ويبلغ عمقه 600 قدم، وهو على مقربة من البحر الميت، ويضم العديد من المغاور، وهذه المغاور موجودة على أنقاض مدينة عمورة المحترقة بسبب انتقام السماء لشرور بنيها. وكان يعيش في المنطقة قوم أطلق عليهم الآسينيين وهم فئة من اليهود انسحبت من أورشليم إلى شمال البحر الميت قبل مجيء المسيح بمائتي سنة. وكانوا منصرفين بكليتهم إلى التمسك بروح الدين الحقيقي. وقد رفضوا الاشتراك بتقديم القرابين لاعتقادهم أن الله لا يسر بذبيحة أو محرقة، لكن بروح منكسرة وقلب منسحق. وقد اكتشف أحد الرعاة سنة 1948 عدد من المدارج ضمن جرار فخارية، وكانت هذه المدارج تضم العديد من أسفار العهد القديم. كنز قمران " مدارج البحر الميت " تأليف المطران يشوع صموئيل ترجمة الأب الدكتور ألفونس شوريز ص 203 _ 211.

5_ النبي يوئيل: اسم عبري معناه " يهوه هو الله ". هو أحد الأنبياء الصغار، ومؤلف سفر يوئيل.

6_ معجم اللاهوت الكتابي ص 568 _ 569.

7_ كونظصشا بارقليط لفظة يونانية تعني المحامي أو المعزي أو المدافع أو المساند.

8_ عيد العنصرة في الكتاب المقدس والطقس الكلداني مقال المطران جاك اسحق مجلة النجم السنة الرابعة 1998 العدد 14 ص 155 _ 157.

9_ الحوذرة " مدار السنة الطقسية " الجزء الثالث ص غذ.
Opinions