Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

فرق الموت الأمريكية في العراق - الحقائق صعبة الهضم

مقدمة: حقائق صعبة الهضم

 لابد من الإشارة أولاً إلى أن الكتابة في موضوع قيادة أميركا لكل من الإرهاب والفساد في العراق، وتخطيطها لتدمير البلاد عن طريقهما، تسبب لصاحبها شعوراً قويا بالإحباط، ليس لقلة المعلومات المتوفرة على ذلك، بل بالعكس لكثرتها وابتذالها، لكنه السؤال الملح عن الجدوى من تلك الكتابة. فالحقائق التي انكشفت تبين ان الفساد في العراق قد تعدى كثيراً دوافع الطمع واللصوصية لدى البشر، ووصل إلى مرحلة التخريب المتعمد الهادف إلى أن تصرف الميزانية البالغة مئة ونيف من مليارات الدولارات كل عام بأية طريقة: فساد، رواتب باذخة، منح سخية، خطط لأبنية فارهة، مؤتمرات، أسلحة، قوة عسكرية هائلة العدد، بطالة مقنعة، ديون بأرباح، وحتى مساعدات لدول أكثر ثراءاَ ، أي شيء، بشرط أن لا يستعمل أي جزء منها في أمر يتعلق ببناء البلاد أو مستقبل الإنسان فيها!

من الناحية الثانية فإن العنف والإرهاب في البلد، يتعدى بمراحل الدوافع الطائفية البسيطة التي كانت موجودة قبل الإحتلال، وحتى الموجودة بشكل أكيد اليوم بعد "خروجه". العنف الإجرامي واللفظي المحفز للطائفية تعدى حدود أي رد فعل غاضب يمكن فهمه.

فالمشكلة في قضيتي الإرهاب والفساد في العراق وعلاقتهما بالإحتلال الأمريكي المستمر، لم تعد في إيصال المعلومات وتحليلها، وإنما في اليأس الشعبي الناتج عن عدم اتخاذ أي إجراء بشأنها من قبل الحكومة والمسؤولين والبرلمانيين، وعدم التصرف على أساسها حتى لو أقتنع المسؤولون بها. فيبدو أن هذا الإرهاب والفساد يمتلك قوة رادعة ويبدو مسيطراً على جميع مفاصل الدولة الأساسية بما لا فكاك منه. ويزداد الإقتناع أن التجمعات السياسية المتواجدة على العراق هي بحد ذاتها جزء أساسي من ذلك الفساد، إلا قلة تتناقص عدداً وقوة كل يوم بفضل الإبعاد والقتل واليأس. فكلما كشفنا حقيقة جديدة وعرضناها أمام الناس نكتشف أن مدى قوة وتغلغل الفساد والإرهاب في مفاصل الدولة، هو أعمق مما كنا نتخيله. وبالتالي فأن كل حقيقة تكشف لا تزيدنا في النتيجة ككتاب وقراء إلا إحباطاً ويأساً، وبالتالي تدعونا إلى قبول الأمر الواقع والإستسلام له، وهذه حقيقة معروفة في علم النفس وقد كتبنا عنها.

 

رغم ذلك لا مفر لنا من أن نكتب، فإن كان هناك بصيص أمل للعراق في حركة القلة من الشرفاء الباقية بين متقلدي الأمور فيه، وفي بقية أمل يدفع بعض شعبه للإستمرار في الإصرار على أن يحيا، وأن يعود العراق بلداً بالرغم من كل شيء، فإن من واجبنا دعم تلك الندرة حتى تنتصر أو تلفظ آخر نفس لها. نكتب لعل صور الذاكرة العراقية تحفز بعضاً آخر للإنظمام إلى هذه القلة التي قررت أن تواجه الحقائق المخيفة حتى النهاية، أو لعل الرعب من المصير المخيف الذي يراد لهم، يوقظ المزيد من اليائسين ليحاولوا. مادام هناك إرهاب، فأن هذا يعني ان المعركة لم تنته، وأن هناك من يقاوم ويرفض الإستسلام، ومادام هناك من يقاوم فسوف نستمر في دعمه بالكتابة على الأقل.

 

***

موجز للصورة العامة:

 

وزعت الإدارة الأمريكية – الإسرائيلية للإحتلال مهمة إثارة الحرب الأهلية بين الشيعة والسنة في العراق بين جناحين، يتكون الأول بشكل عام من مجنديها من السنة، واسمته "القاعدة" مستفيدة من شهرة الإسم العالمية والذي يسهل تصديق الروايات عنه، والثاني يتكون من مجنديها من الطرفين والذين وضعتهم في أجهزة الأمن الحكومية والجيش، وقسمت المهمات بينهما، الأول ليرهب الشيعة، والثاني للسنة. التفسيم المذكور ليس سوى تقسيم نسبي، فقد قتلت القاعدة الكثير من السنة، وقتلت فرق الموت التي اخترقت جهاز أمن الدولة الكثير من الشيعة أيضاً. لكن ما يشجع على طرح هذا التقسيم الذي سيكون تفصيله موضوع المقالة القادمة، هو أنه صحيح في خطوطه العامة، وهو الشكل الأكثر كفاءة في إثارة الطائفية، وبالتالي تقسيم العراق الذي نعتقد أن مشروع الصهيوني بايدن مازال الهدف الأمريكي للبلاد، كما لسوريا وغيرها.

 

مصادر عمل الإرهاب الأمريكي الإسرائيلي وأدواته:

 

لقد بينا في المقالة السابقة كيف قامت السي آي أي بالكثير من التجارب التي تهدف إلى السيطرة على الإنسان وغسل دماغه وكذلك تجارب على الحيوانات وتسييرها بالرموت كونترول، وربطنا ذلك بظاهرة الإنتحاريين غير المفهومة، وأشرنا إلى فضيحة الإرهابيين البريطانيين في البصرة عام 2005. لقد احتاجت السي آي أي إلى الكثير من النماذج البشرية للتجارب، وكثرما استعملت الأمريكان أنفسهم بدون علمهم عندما لا تجد متطوعين مناسبين. ولكن بعد حرب العراق، حصلت السي آي أي والموساد على ثروة لا تنضب لإجراء تجاربها، وكذلك لتجهيز "الإنتحاريين" (الذين هم في الحقيقة ليسوا سوى ضحايا ملغومة بدون وعيها أو حتى بدون علمها). فالفوضى الملازمة للحرب، اعطت أميركا حريتها المطلقة في الإعتقال لفترات غير محدودة، وبأعداد كبيرة جداً تتيح لها انتخاب العناصر المناسبة وإجراء التجارب عليها وتليينها وتدريبها والتضحية بها دون قلق كبير.

كانت عناصر "المقاومة" من أهم تلك المصادر، فقد اعتقل الكثير من المقاومين السنة، كما اعتقل عدد كبير جداً من عناصر جيش المهدي. وهناك اعداد هائلة من الأمن الصدامي التي وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه، يسهل فيه ابتزازها، فتمتلك سلطة الإحتلال الكثير من الوثائق التي يمكن أن تؤدي بالمبتز إلى المشنقة إن لم يتعاون، إضافة إلى استعداد البعض منها للعمل لأي كان بانعدام للضمير.

 

وهناك ايضاُ العرب السنة من غير العراقيين، والذين تم خداعهم بأنهم ذاهبون لقتال الإحتلال، كما تبين العديد من القصص. ويمكننا أن نفهم من خلال هذا لماذا تقوم الجزيرة التابعة لحكومة "صديقة" لأميركا وإسرائيل بتهييج العرب ضد الحكومة العراقية وتحثهم على الجهاد ضدها، بشكل غير مباشر.

 

ولقد أتاحت سيطرة الأمريكان على السجون أن يعيدوا إطلاق سراح عملائهم الذين يلقى القبض عليهم، وهناك قصص كثيرة عن ذلك يرويها افراد الشرطة والجيش، وخاصة في سنوات الإرهاب الأولى ابتداءاً من عام 2005، وكذلك السماح لهم بـ "الهرب" من السجون، سواء بعمليات بسيطة أو تم التستر عليها أو من خلال عمليات اقتحام عسكرية شديدة الإتقان من قبل عناصر مجهولة، يطلق عليها دائماً إسم القاعدة. لقد كانت أكثر عمليات إطلاق سراح المجرمين تتم بهدوء، ففي البداية كان العراقيون يسلمون الأمريكان أي مجرم أو إرهابي يلقى القبض عليه، وبدون أي تسجيل أو وثيقة تسليم. ثم حين تغير الحال، وثقت بعض حالات الهرب الغريبة من السجون الأمريكية.

فمثلاً، حين سلمت القوات الأمريكية معتقل كروبر قرب مطار بغداد للجهات العراقية، احتفظت بجزء منه تحت إدارتها يحتوي على 200 ممن تعتبرهم "يشكلون خطراً"، بادعاء الحرص عليهم. ورغم ذلك يتمكن أربعة منهم تابعين لـ "القاعدة" من "الهرب" من القسم الأمريكي! وقد رفض الأمريكان التعليق على الموضوع...(1)

وعدا الهرب من السجن، اتاحت القوات الأمريكية مرات عديدة الفرص للإرهابيين للإفلات من القوات العراقية التي كانت تحاصرها أو تطاردها، وهناك الكثير من القصص أيضاً عن ذلك. وهاهي نيويورك تايمز تحاول أن تجد تفسيراً لتمكن الكثير من مسلحي القاعدة من "الإفلات" من القوات الأمريكية في ديالى رغم السرية والتعتيم على المعلومات التي تحيط بهجماتها هناك، حتى عن الوحدات العسكرية العراقية الحليفة. (2)

ولقد كان السجن الأمريكي، "ملاذاً آمناً" يمكن فيه تجنيد الإرهابين وتدريب القتلة والجلادين على مهماتهم القذرة الجديدة. ففي البداية يبدو أن الأمريكان والبريطانيين كانوا يعانون نقصاً من الأيادي المجرمة العراقية فكانوا يقومون بأنفسهم ببعض تلك الأعمال.

ولعل خير ما عرض عن الحقيقة المرعبة عن استخدام السجون الأمريكية لتفريخ الإرهاب، حلقة من برنامج "صناعة الموت": مَن يحكم السجون الأمريكية في العراق؟ على قناة العربية(3) والتي عرضت في 14-3-2008، حيث روى ضيف الحلقة، عماد منهل سلطان الجبوري قصته المروعة. وعماد ليس شبحاً إعلامياً وإنما شخصية معرفة، فهو من كركوك من مواليد عام 1972، تخرج في كلية القانون عام 2005، ولديه طفلتين وكان لاعباً في كرة القدم ضمن الفرق المحلية وكان عضواً في رابطة الصحفيين وعضواً في نقابة المحامين. يوم 30/8/2007 قامت القوات الأميركية بمداهمة بيته واعتقاله بتهم مختلقة مختلفة حسب قوله. وقد قضى أكثر من مئة يوم في سجون ومعتقلات القوات الأميركية. ويحكي عماد في الحلقة (أنظر الرابط) كيف تعرض لاعتداء وحشي داخل سجن بوكا الأمريكي في جنوب العراق، من قبل ملثمين يأتمرون بأوامر أحد النزلاء، فقلعوا عينيه، وقطعوا جزءاً من لسانه، وحطموا ذراعيه وساقيه. قال عنهم أنهم مدربون جيداً لمثل هذه الأعمال، ووصف اعتداءاً مماثلاً على سجين آخر تسبب في مقتله، ولا شك أنه كان أحد الذين ألقي بهم في أحد مجمعات القمامة.

 

تشكيل فرق الموت في العراق 

 

كتب البروفيسور مايكل شوسودوفسكي(4) تحليلاً حول مجموعة من الحقائق الخطيرة الأهمية، تساعدنا على رؤية ما يحدث حولنا. يقول شوسودوفسكي:

 "لقد صممت عمليات تشكيل وتدريب كتائب الإرهاب في كل من العراق وسورية على غرار “الخيار السلفادوري”، وهو “نموذج إرهابي” لعمليات قتل جماعية تنفذها فرق للموت كانت ترعاها الولايات المتحدة في أمريكا الوسطى. وقد طبقت بداية في السلفادور، في أوج المقاومة ضد الديكتاتورية العسكرية هناك،  وأسفرت عن مقتل ما يقارب 75,000 شخصاً

بدء تأسيس فرق الموت في العراق خلال الأعوام 2004 – 2005 بمبادرة قادها السفير الأمريكي جون نيغروبونتي، والذي كان سفيراً للولايات المتحدة في هندوراس ما بين 1981 – 1985. لعب نيكروبونتي قبل استلام مهامه كسفير في العراق دوراً رئيساً في دعم وتوجيه عصابات الكونترا النيكاراغوية المقيمة في هندوراس، وكذلك الإشراف على فرق الموت الهندوراسية.  

وفي كانون الأول 2005، أعلن البنتاغون بأنه يدرس:“تشكيل قوات ضاربة من المقاتلين الأكراد والشيعة لاستهداف قادة التمرد في نقلة نوعية تحاكي جهود مكافحة المتمردين اليساريين في أمريكا الوسطى قبل عشرين عاماً“

وفيما كان الهدف المعلن للـ”الخيار السلفادوري في العراق” هو “القضاء على التمرد”، فإن كتائب الإرهاب المدعومة أمريكياً انخرطت في أعمال قتل روتينية للمدنيين بهدف إثارة العنف الطائفي. وبدورهما، فإن جهازي الاستخبارات الأمريكية CIA، والبريطانية MI6 كانا يراقبان عن كثب وحدات “تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين” المنخرطة في الاغتيالات المستهدفة للشيعة". (شوسودوفسكي)

 

ويركز البروفسور شوسودوفسكي على الشخصيات التي جلبتها أميركا إلى العراق وكانت قد حصلت على خبرتها في خلق الإرهاب وفرق الموت في مناطق أخرى في العالم عانت من الأهداف الأمريكية المدمرة ذاتها قبل العراق، وأنهم يستهدفون حتى اليوم المنطقة كلها، ويتنقلون بين سفاراتهم فيها لبث الفتنة حيثما تواجدوا، فيورد شوسودوفسكي مايلي:

 

"روبرت ستيفن فورد –الذي عين لاحقاً سفيراً للولايات المتحدة في سورية—كان عضواً في فريق نيغروبونتي في بغداد وعين ممثلاً للولايات المتحدة في مدينة النجف التي كانت معقلاً قوياً لجيش المهدي. وعُهِدَ إلى روبرت فورد، الذي يتقن العربية والتركية، بمهمة التأسيس لعلاقات استراتيجية مع مجموعات المليشيا الشيعية والكردية خارج “المنطقة الخضراء”.

وكان ثمة عضو مهم آخر في فريق نيغروبونتي هو جيمس فرانكلين جيفري، الذي أصبح سفيراً في العراق (2010-2012).

وجلب نيغروبونتي إلى فريقه معاونه السابق الكولونيل المتقاعد جيمس ستييل الذي عمل معه في السلفادور، وعين في بغداد مستشار قوات الأمن العراقية، فأشرف على اختيار وتدريب أعضاء من قوات بدر وجيش المهدي، وذلك لاستهداف قيادات وشبكات دعم المقاومة التي كان يغلب عليها الطابع السني. كان الكولونيل ستييل، طبقاً لرواية عضو الكونغرس دينيس كوسينيتش، مسؤولاً عن “خطة نُفذت في السلفادور “اختفى” أو قُتل بنتيجتها عشرات الآلاف من السلفادوريين، بمن فيهم الأسقف أوسكار روميرو وأربع راهبات أمريكيات.”

فور وصول الكولونيل ستييل إلى بغداد، عُين في وحدة مكافحة التمرد المعروفة باسم “مغاوير الشرطة الخاصة” التابعة لوزارة الداخلية العراقية. وتؤكد التقارير أن “الجيش الأمريكي حول الكثيرين من المعتقلين إلى كتيبة (الذئب)، في قوات المغاوير التابعة لوزارة الداخلية والتي غالباً ما يشرف عليها الكولونيل ستييل.

كذلك عينت إدارة بوش مع بداية الاحتلال في العام 2003 ، للمساعدة في تنظيم وتدريب قوات الشرطة العراقية، مفوض الشرطة السابق في نيويورك بيرني كيريك والذي أدين في العام 2007 من قبل المحكمة الاتحادية بـ 16 تهمة جنائية. وخلال مهمته القصيرة، عمل بيرني كيريك—الذي اتخذ منصب وزير الداخلية الموقت—على تنظيم وحدات إرهابية داخل قوات الشرطة العراقية.“ وقد أطلق عليه مستشارو الشرطة البريطانيون لقب “سفاح بغداد”.

كذلك كان الحال مع مساهم آخر في البرنامج، بصفة كبير المستشارين الأمريكيين في وزارة الداخلية ويدعى ستيفن كاستيل، والذي كان قد اكتسب خبرة كبيرة في أمريكا اللاتينية من خلال مشاركته في ملاحقة بارون الكوكايين بابلو إسكابارو في كولومبيا في التسعينات، وكانت مهماته تتركز في تجميع المعلومات الاستخبارية وإعداد قوائم الموت."

 

وحول استخدام نفس عناصر عصابة الجمهوريين هذه في سوريا يقول شوسودوفسكي:

"لقد استخدم النموذج العراقي للـ”الخيار السلفادوري” بإشراف جون نيغروبونتي في تأسيس “الجيش السوري الحر” بمساعدة روبرت استيفن فورد بعد استدعائه من الجزائر وتعيينه في السفارة الأمريكية في العراق. وتم تعيين فورد سفيراً في سورية في وقت مبكر من العام 2010. وكانت العلاقات الدبلوماسية قد قطعت منذ 2005 ولم يقض فورد في دمشق سوى شهرين حتى اندلع التمرد"، والذي يرى الكاتب أن الهدف منه ليس تغيير النظام بل تدمير سوريا كدولة وتفكيكها إلى كيانات سياسية مستقلة.

ولو راجعنا مصادر الويكيبيديا لوجدنا المعلومات التالية عن استيفن فورد خلال فترة سفارته في سوريا، والتي تؤكد ما ذهب إليه شوسودوفسكي: "كان فورد يزور المناطق السورية الملتهبة مثل حماه وكان يقابل بالتهليل من قبل المتمردين، وبالبيض والطماطه من قبل انصار الحكومة، وحسب رواية ضابط السي آي أي السابق مايكل سخور في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" فأن فورد كان دائماً يحث المتظاهرين على إزالة الحكومة، ولحين تركه لمنصبه." (5)

 

الإشراف الأمريكي على الوحدات وخبراته السابقة

 

يورد الكاتب الأمريكي ماكس فولر في دراساته الهامة عن الموضوع،(6)  أمثلة عديدة تبين أن الإعلام الغربي ركز عمداً على حقائق طائفية الوحدات في تشكيلتها أو قيادتها، لغرضين، الأول تحقيق هدف التفرقة الطائفية، والثاني، ذراً للرماد في العيون لإبعاد الشبهة عن الجاني الحقيقي، ثم يورد الكاتب المزيد من المعلومات عن المجموعة التي تكفلت بتنظيم الإرهاب في العراق التي أوردها البروفسور شوسودوفسكيفيقول :

"اما اهم شيْ في مغاوير الشرطة فهو انها تشكلت برعايةِ واشراف الايادي المجرّبةِ للمقاتلين المخضرمين من قوات مكافحةِ التمرّد الأمريكيينِ ِ وبشكل خاص جيمسستييلوهو ضابط سابق في القوات الخاصة الأمريكية في فيثنام ، ثم تحول إلى إدارة المهام العسكرية الأمريكية في السلفادور في ذروة الحرب الأهلية في تلك البلادِ.  كان حيمس ستييل مسؤولا عن اختيار وتدريب الوحدات الصغيرة (أَو فرق موت)التي تباهت بمسئوليتها عن إيقاع 60 % من الإصاباتِ في "حملة مكافحةِ التمرّد" في السلفادور، وبينهم عشرات الآلاف من المدنيين العزل. وكذلك قدم أمريكي آخر،هو ستيفن كاستيل، كأعلى مُستشارِ أمريكيِ في وزارةِ الداخلية. ومثل زميله ستيل، كسب كاستيل خبرته في الإرهاب في أمريكا اللاتينية بالمشاركة في الحرب ضد "بابلو اسكوبار" بارون الكوكائين أثناء حروب كولومبيا ضد المخدرات في التسعينات. هذا بالإضافة لعمله مع القوات المحلية في بيرو وبوليفيا وكان دوره التحري المخابراتي وإنتاج قوائم الموت، وهو الأسلوب الذي اصبح صفة مميزة للطريقة الأمريكية في البرامج المضادة للتمردات، كما في اندونيسيا أثناء السنين الأولى لحكم سوهارتو، حيث قدم ضباط ال CIA  أسماء آلاف الأشخاص، الكثير منهم أعضاء في الحزب الشيوعي الاندونيسي, إلى الجيش ليقوم بذبحهم. وهناكحالات مماثلة في فيتنام حيث جهزت ال CIA  قوائم الموت، وكذلك في غواتيمالا تم تجميع قوائم الموت وفي السلفادور تقدم القتلة السابقون باعترافات تصف مشاركاتهم لمكاتب المستشارين الأمريكيين الذين جمعوا "المعلومات" من خلال “تحقيقات ثقيلة” مع المعتقلين. 

إذن في هذه الأجواء كسب من أرسلتهم واشنطن ليؤسسوا الدولة العراقية، خبراتهم في الحياة.

يكمل فولر: " وبحلول 2005 أصبح لدى شرطة المغاوير ستة ألوية عاملة وفي أوائل نيسان تقريبا تسلم لواء النمر مهمات لواء الذيب في الموصل. وهنا جدير بالملاحظة ان أحد قادةِ ألوية مغاويرِ الشرطةِ الأوائلِ كَانَ من الشيعة، ويدَعى رشيد فليح الذي كان يحتل مواقع مخابراتية متقدمة عند صدام حسين.  استمرار فليح هذا في الاحتفاظ بمركزه هو أمر جدير بالملاحظة رغم كونه شيعيا. فقد كان المسؤول عن قمع الانتفاضة التي اعقبت حرب الخليج وبالذات في مدينة الناصرية كذلك الحال بالنسبة لعدنان ثابت الذي احتفظ بمركز القائد الأعلى لكل القوات الخاصة لوزارة الداخلية.  

ويقول فولر أن الادارة الامريكية "عارضت سياسة اجتثاث البعث السياسة بشدة بحجة خسران الكوادر المخضرمة ( اي المفضلين لدى واشنطن)".

 "في واقع الحال فان جهاز المخابرات بأكمله هو من صنع أجهزة المخابرات الانكلو-امريكيةالتي بدأت في بناء هذا الجهاز منذ الايام الاولى للاحتلال"، وترأسها محسوب على السي اّي أي هو الجنرال محمود الشهواني الذي اصبح لاحقاً مدير جهاز المخابرات الوطنية الجديد، حسب فولر.

 

إنها حقائق موثق أغلبها بشكل لا مجال في مناقشته، رغم أنها حقائق مؤرقة و"عسرة الهضم". فهل نسترشد بهذه الحقائق إذن لفهم قصة العنف في بلادنا، أم يتوجب علينا إهمالها والبحث عن أسباب "أريح" في بطون كتب التاريخ؟ الأمر متروك لكم.

 

المقالة القادمة ستكون عن توزيع الإرهاب بين الشيعة والسنة

 

(1) http://www.raya.com/news/pages/56a6d28f-3fb7-4538-a670-6b2cc4b6f9ba

(2) http://www.alnajafnews.net/najafnews/news.php?action=fullnews&id=44606
(3)
http://www.alarabiya.net/programs/2008/03/16/47014.html

(4) http://cdn1.aljaml.com/node/91940

(5) http://en.wikipedia.org/wiki/Robert_Stephen_Ford

(6) For Iraq, "The Salvador Option" Becomes Realityby Max Fuller

http://globalresearch.ca/articles/FUL506A.html

 21 شباط 2013

Opinions