Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

في الذكرى التسعين لثورة العشرين 30 حزيران 1920

3/7/2010
لم يكن حلم الشعب العراقي التواق للتحرر من هيمنة الاستعمار العثماني، وينال حريته واستقلال وطنه العراق ، ليقع تحت هيمنة الاستعمار البريطاني الجديد، وتنكر بريطانيا وفرنسا لوعودهما بالحرية والاستقلال للعالم العربي، وتبين أن هاتين الدولتين قد تقاسما العالم العربي فيما بينهما بموجب معاهدة [ سايكس بيكو[ التي فضحها زعيم الثور الاشتراكية في روسيا فلادمير لنين بعد انتصار ثورة 17 أكتوبر.
فلم يكد يمضِ وقت طويل على الاحتلال البريطاني للعراق في أواخر عام 1915حتى تكشفت كامل الأهداف الاستعمارية لبريطانيا، وتصميمها على إدامة هيمنتها على العراق، فقد أصدرت عصبة الأمم، التي كانت تهيمن عليها بريطانيا صك الانتداب البريطاني على العراق، في 17 حزيران 1920، وجاء فيه:

{حيث أن حكومة جلالته قد تقررت وكالتها في خصوص العراق، فنتوقع جعل العراق مستقلاً ، تضمن استقلاله جمعية عصبة الأمم، وتكليف الحكومة البريطانية بالمسؤولية في حفظ السلم الداخلي والأمن الخارجي، وبعد انقضاء الإدارة العسكرية سنعطي السلطة للسير [بيرسي كوكس ] لتنظيم مجلس شورى تحت رئاسة عربي }.

وهكذا كشف صك الانتداب الأهداف الحقيقية للسياسة البريطانية، وأثار صدوره موجة غضب عارمة لدى كافة فئات الشعب العراقي التواق للحرية والانعتاق من العبودية، وأخذت شرر ذلك الغضب تنذر بوقوع أحداث جسيمة.

كانت اجتماعات قادة التحرر الوطني في تلك الأيام تتوالى في المساجد والدواوين في مدن بغداد والحلة والنجف وكربلاء وغيرها من المدن العراقية.
كما كانت الاتصالات مع رؤساء العشائر تجري على قدم وساق، وأجراس الثورة تدق، وأصواتها تتعالى شيئاً فشيئاً لتملئ أسماع العراقيين جميعاً، فيما كان المحتلون البريطانيون يزدادون هستيرية وعنفاً في قمع نشاطات الوطنيين، حيث منعوا [المواليد] التي كان يجتمع خلالها الناس، حيث تلقى الخطب الوطنية فيها .
فقد أصدر القائد العام البريطاني قراراً في 12 آب 1920 بمنعها، وأنذر بإنزال أشد العقوبات بحق المخالفين، وأقرن القائد أمره بالأفعال، فأقدم على إعدام ستة من المناضلين الوطنيين، لتحديهم القرار، وهم كل من الشهداء:
1 ـ سليمان أحمد 2 ـ حسين أحمد 3ـ محمد سلمان 4 ـ صالح محمد 5 ـ أحمد عبد الله 6 ـ سامي محمود . وقد عرف هؤلاء الشهداء بمواقفهم البطولية، وجرأتهم في تحدي الاحتلال البريطاني، وأدى إعدامهم إلى هياج الرأي العام العراقي، ودفعهم إلى التظاهر ضد الاحتلال الغاشم.
كما رفع المشاركون في التظاهر مذكرة للسلطات البريطانية تضمنت جملة من المطالب كان منها:
1 ـ تأليف مؤتمر يمثل الشعب العراقي، ليقرر شكل الإدارة الوطنية وعلاقاتها بالدول الأجنبية.
2 ـ إطلاق حرية الصحافة والمطبوعات، ليستطيع الشعب التعبير عن آماله وتطلعاته الوطنية.
3 ـ رفع الحواجز البريدية، والبرقية بين أنحاء البلاد، وبينها وبين الأقطار الأخرى.
كان الشعب العراقي في تلك الأيام ينتظر مَنْ يطلق الطلقة الأولى، لتنبعث شرارة الثورة إلى شتى أنحاء العراق، بعد أن أقدمت قوات الاحتلال على اعتقال الشيخ [شعلان أبو الجون ] المعروف بعدائه للاحتلال، وسبب اعتقاله هيجاناً كبيراً في صفوف العشائر .

انطلاق ثورة العشرين :

صمم أبناء العشائر على إطلاق سراح الشيخ شعلان، وتحدي قرار المحتلين باعتقاله، فانطلقت عشائر الرميثة تهاجم السجن الذي أودع الإنكليز فيه الشيخ شعلان، وتم تحريره من الاعتقال، وكانت هذه العملية إيذاناً ببدء اشتعال نار الثورة، وبدء المعارك بين الشعب العراقي والمحتلين.

ففي مساء يوم 6 تموز 1920 توجهت قوة عسكرية بريطانية تضم 2000 ضابط وجندي بقيادة الكولونيل [دي مارفين ] نحو الرميثة التي سيطرت عليها قوى الثورة، في محاولة لفك الحصار عن القوات البريطانية المتواجدة هناك، فكانت [معركة العارضيات] التي يفتخر بها أبناء العشائر الثائرة والشعب العراقي كافة، حيث لم تستطع القوات البريطانية من الوصول إلى[ الرميثة]، نظراً للمقاومة الباسلة التي واجهتها تلك القوات، حيث تم إيقافها على بعد 7 كيلومترات منها، بعد معركة دامية دامت 17 ساعة متواصلة، استبسل فيها أبناء الشعب، واضطر قائد الجيش البريطاني إلى التراجع والانسحاب نحو الديوانية.
لكن تلك القوات لم تستطع الوصول إلى الديوانية، حيث جوبهت بقطع الطريق عليها، وقلع السكة الحديدية التي كانت القوات البريطانية تستخدمها في الانسحاب، وجوبهت بوابل من الرصاص من قبل العشائر الأخرى التي هبت لدعم الثورة في الرميثة، وهرب قائد الحملة البريطانية لينجو بنفسه، تاركاً قواته تحت رحمة الثوار الذين استطاعوا قتل أعداد كبيرة منهم، وتم أسر من بقي منهم على قيد الحياة، واستولى الثوار على جميع أسلحة القوة البريطانية، وقد بلغ عدد القتلى البريطانيين زهاء 260 فرداً.
ولما بلغ الأمر إلى قائد القوات البريطانية [ الميجر ديلي ] أمر بإعداد قوة أخرى قوامها 5000 ضابط وجندي مجهزين بكامل المعدات الحربية، واستعدت قوى الثورة للمعركة القادمة، وأخذت تنظم صفوفها، وترتب استحكاماتها ، وتحفر الخنادق في منطقة العارضية، على بعد 7 كم من الرميثة استعداداً لمجابهة قوات الاحتلال الجديدة بقيادة [ الميجر كونتنكهام ]، حيث وصلت تلك القوات إلى[الحمزة ] في 16 تموز 1920، تحت غطاء جوي من الطائرات الحربية.

أبدى الثوار مقاومة باسلة منقطعة النظير، وانزلوا بقوات الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح والمعدات .
وامتد لهيب الثورة إلى [ الرارنجية ]، التي ضربت مثلاً رائعا في البطولة والفداء، وقامت قوات الثورة بمحاصرة مدينة الكوفة في أواخر شهر تموز 1920 من جميع أطرافها، مشددون الضربات على القوات البريطانية المحاصرة فيها، والتي أصبح موقفها في غاية الإحراج، وطلبت النجدة من القائد البريطاني في الحلة، الذي أسرع إلى إرسال قوات كبيرة لفك الحصار عن القوات المحاصرة في الكوفة.

تقدمت القوات البريطانية باتجاه المدينة حتى وصلت إلى [ الرارنجية ]، التي تبعد 12 كم عن مدينة الحلة، و8 كم عن [ الكفل ] وعسكرت هناك .
واستعد الثوار لملاقاة القوات البريطانية في منطقة الكفل، وقسموا قواتهم إلى قسمين، قسم أخذ مواقعه على طرف شط الهندية الشرقي، والقسم الثاني أخذ مواقعه على امتداد سكة القطار التي تربط الحلة بالكفل، وكانت قوات الثورة، مدفوعة بإيمانها بعدالة قضيتها، قد عقدت العزم على التصدي لقوات الاحتلال المدججة بشتى أنواع الأسلحة والمعدات الثقيلة، وهي لا تملك سوى الأسلحة الخفيفة، من بنادق قديمة ومسدسات وفؤوس ومكاوير، ولكنها كانت تملك الأيمان بعدالة القضية التي تناضل من أجلها، والإصرار على التحرر من ربقة الاستعمار الجديد، فيما كان الجنود البريطانيون الذين أتعبتهم الحرب يحاربون من أجل ملئ جيوب الرأسماليين الإمبرياليين.
كانت ثلة من الجنود البريطانيين برشاشاتهم الثقيلة قد أخذت مواقعها واستحكاماتها عند قنطرة على [قناة الرارنجية ]، وعندما أزفت ساعة الهجوم، انقضّتْ قوات الثورة على القوات البريطانية عند الجسر، وما هي إلا برهة حتى وقع الجسر في أيديهم ، فيما التحمت قوات الثورة من الجهتين مع القوات البريطانية في معركة شرسة ومتلاحمة بحيث تعذر على قوات الاحتلال استخدام المدافع في القتال، وكانت المعركة تجري بالبنادق والسيوف والفؤوس والمكاوير، وكان الثوار يرددون الأهزوجة الشعبية المشهورة { الطوب احسن، لو مكواري ، فقد تغلب المكوار على السلاح البريطاني، واندحرت قوات الاحتلال، وهرب قائد الحملة تاركاً جثث المئات من أفراد قواته تغطي أرض المعركة .
وفي الوقت الذي كانت قوات العشائر في الجنوب تخوض المعارك ضد المحتلين كان رصاص الثوار في كردستان ينطلق بغزارة ضد المحتلين هناك، فقد هب ثوار كردستان بوجه المحتلين، ووقعت بين الطرفين معارك شرسة في [السليمانية وعقره وكفري].
وتمكنت قوات الثورة في [كفري ] بقيادة [ إبراهيم خان ] في أواخر تشرين الأول 1920 من الاستيلاء على المدينة وتحريرها من سيطرة قوات الاحتلال، وقتل القائد البريطاني [ جاردن ]، واستمر لهيب المعارك ضد المحتلين في المنطقة 23 يوماً، قبل أن تتمكن القوات البريطانية التي وصلتها نجدات جديدة من إعادة احتلالها.
لقد امتد لهيب الثورة إلى كل بقاع الوطن، وانغمر فيها عدد كبير من رجال الدين وشيوخ العشائر والمثقفين، والعمال، والفلاحين الشجعان الذين كانوا عماد الثورة، وكانت الثورة، على الرغم من التأخر الذي سببه الاستعمار العثماني الطويل، على درجة عالية من التنظيم والتخطيط والدقة، ويستدل على ذلك من التوجيهات التي كانت تصدرها قيادات الثورة إلى القوات المشاركة فيها، والتي جاء فيها التوجيهات التالية:
1 ـ يجب على كافة الأفراد أن يفهموا بأن المقصود من هذه الثورة إنما هو طلب الاستقلال التام .
2 ـ يجب أن يهتف الجميع للاستقلال في كل ميادين القتال.
3ـ يجب التمسك بالنظام، ومنع الاعتداء، فلا نهب ولا سلب، ولا ضغائن قديمة ولا أحقاد .
4 ـ يجب تأمين الطرق، وحفظ المواصلات بينكم وبين مناطق الثورة.
5 ـ بذل الهمة لحفظ الرصاص، فلا يجوز إطلاقه في الهواء بدون فائدة.
6 ـ يجب الاعتناء بالأسرى، ضباطاً وجنوداً، إنكليزاً كانوا أم هنوداً.
7 ـ المحافظة على أعمدة الهاتف، والأسلاك لضمان استمرار الاتصالات.
8 ـ الاهتمام بقطع السكة الحديدية، ونسف الجسور، لمنع قوات الاحتلال من استخدامها.
9 ـ الحفاظ على كافة وسائل النقل التي تقع في أيدي قوات الثورة، والاستفادة منها.
10 ـ المحافظة على الأسلحة المصادرة من العدو، وإدامتها لغرض استخدامها ضده.
11 ـ عند تحرير أي مدينة، يجب الاهتمام بتشكيل إدارة وطنية فيها، والاهتمام بالأبنية الحكومية، وعدم هدمها أو إحراقها والمحافظة على الوثائق فيها.
12 ـ المحافظة على المستشفيات وأدواتها وأجهزتها والأدوية الموجودة فيها.
13 ـ الرفق بالجرحى وإسعافهم، والاهتمام بهم، والعمل على إنقاذ حياتهم.
هذه هي الوصايا التي عممتها قيادة الثورة على قواتها، وهي تمثل أرقى درجات التنظيم في إدارة شؤون الثورة، والحرص على سمعتها، والتحلي بالخلق السامي في معاملة الأسرى والجرحى، والاهتمام بمرافق البلاد من عبث العابثين وهي تدل دلالة أكيدة على الشعور العالي بالمسؤولية.

المحتلون يستقدمون قوات كبيرة من خارج البلاد لمجابهة الثورة:

بعد كل تلك الضربات القاسية التي وجهتها قوى الثورة لقوات الاحتلال البريطاني، وانتشار لهيب الثورة إلى كافة أنحاء العراق لجأ المحتلون إلى استقدام قوات كبيرة من خارج البلاد لمجابهة قوى الثورة الوطنية، وجلبوا مختلف الأسلحة والمعدات الثقيلة لغرض إخماد لهيب الثورة، وخاضت تلك القوات معارك شرسة دامت طيلة خمسة اشهر ضد قوى الثورة التي كانت تفتقد السلاح الذي يمكن أن تحارب به قوات الاحتلال، واستخدم المحتلون أقسى درجات العنف وأشنعها ضد قوى الثورة، وضد أبناء الشعب، وأبدى الثوار صنوفاً من البطولة النادرة، رغم عدم تكافؤ أسلحة الطرفين، والإمكانيات المادية والعسكرية للمحتلين الإمبرياليين، الذين كانوا يمثلون أقوى دولة استعمارية في العالم، واستطاع المحتلون في نهاية الأمر إجهاض الثورة، بعد أن دفعت قواتهم ثمناً باهظاً من أرواح جنودهم ومن اقتصادهم الذي أنهكته الثورة، لدرجة أن أصوات الشعب البريطاني ارتفعت عالياً مطالبة الحكومة بسحب قواتها من العراق وإنقاذ جنودها من لهيب المعارك مع الثوار، وامتدت صيحاتهم إلى مجلس العموم البريطاني نفسه، حيث طالب العديد من أعضاء المجلس بانسحاب القوات البريطانية من العراق، نظراً للتكاليف الباهظة التي دفعتها بريطانيا للإدامة سيطرتها على العراق، وتصاعد احتجاجات الشعب البريطاني على ارتفاع عدد القتلى من الجنود البريطانيين.

نتائج ثورة العشرين:

رغم أن ثورة العشرين لم تنجز هدفها الرئيسي في تحقيق الاستقلال الناجز للعراق إلا أن تلك الثورة كان لها الدور الحاسم في إسراع المحتلين البريطانيين في تغيير سياستهم تجاه العراق، وصرف النظر عن حكمهم العسكري، بعد أن كلفتهم الثورة آلاف القتلى والجرحى، أثقلت كاهل خزانه الدولة البريطانية، المثقلة أصلاً بأعباء الحرب العالمية الأولى.

لذلك فقد وجد المحتلون الإمبرياليون أن خير سبيل إلى تجنب المزيد من الخسائر البشرية والمادية هو إقامة ما سمي بالحكم الوطني، وتأليف حكومة محلية، والإتيان بالأمير فيصل أبن الحسين ملكاً على العراق، مكتفين بالاحتفاظ ببعض القواعد العسكرية، بعد تكبيل البلاد بقيود ثقيلة، بموجب معاهدة سنة 1920، التي تم بموجبها لهم الهيمنة الفعلية على مقدرات العراق السياسية، والاقتصادية، والعسكرية والثقافية، وسائر المجالات الأخرى .

أما لماذا لم تحقق الثورة هدفها الأساسي في الاستقلال الحقيقي، والناجز فيمكن حصرها بما يلي :
1 ـ عدم تكافؤ القوى بين المحتلين والثوار، وخاصة في مجال الأسلحة والمعدات الثقيلة والطائرات، هذا بالإضافة إلى الخبرة العسكرية للجيوش البريطانية.

2ـ ضعف مستوى الخبرات العسكرية للثوار، على الرغم ما قدموه من التضحيات وصنوف البطولة التي يعتز بها كل عراقي، وكانت مثار إعجاب الجميع .

3 ـ استخدام المحتلين لسياسة التفرقة، وخلق الحزازات، والصِدام بين العشائر، واستمالة عدد من رؤساء العشائر الكبار إلى جانبهم، وإغرائهم بالإقطاعيات والمناصب والسلطة، كما استخدم المحتلون الخلافات الدينية، والطائفية، والعقائدية لتمزيق الوحدة الوطنية.

4 ـ ضعف القيادة السياسية، من حيث تنظيمها، وتركيبها الطبقي، وخاصة البرجوازية الوطنية الضعيفة جداً آنذاك، اقتصادياً، وسياسياً، مما حال دون أن تلعب دورها القيادي بشكل صحيح .

5 ـ عدم صلة الثورة بأي ارتباط أو دعم خارجي يساعدها على مقاومة المحتلين، فقد كان الثوار ينقصهم الكثير من الأسلحة، والمعدات، والخبرات العسكرية والتدريب على استخدام الأسلحة المستولى عليها من العدو المحتل، في حين كان العدو على أتم الاستعداد، ومن كل الوجوه.

6 ـ عدم وجود قيادة موحدة للثورة، وضعف التنسيق بسبب صعوبة الاتصالات آنذاك بين المناطق المختلفة، ويعتبر هذا العامل من العوامل الهامة التي أدت إلى إجهاض الثورة، وحالت دون تحقيق هدفها الرئيسي في الاستقلال الناجز .

وهكذا بات على الشعب العراقي متمثلاً بقواه الوطنية النضال من أجل تحقيق الاستقلال الناجز للبلاد، وكان النضال قد اتخذ مسارين متلازمين ضد الاستعمار البريطاني الجديد من جهة، وضد السلطة التي نصبها لحكم البلاد، والتي كانت أداة طيعة بيده، وكانت معارك الحرية تخبوا تارة لتنطلق تارة أخرى حيث بلغت أوجها في وثبة كانون الثاني المجيدة عام 1948، ووثبة تشرين عام 1952، وانتفاضة عام 1965، لتتكلل بالنجاح في ثورة الرابع عشر من تموز 1958التي قادها بنجاح الزعيم الخالد الشهيد عبد الكريم قاسم بدعم وإسناد حاسم من جبهة الاتحاد الوطني التي تأسست عام 1957، وتشكلت لأول مرة في تاريخ العراق الحديث حكومة وطنية مستقلة عن إرادة الإمبرياليين.
لقد فاجأت ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958 القوى الإمبريالية بضربتها الخاطفة، وانتصارها مما جعل الإمبرياليين يفقدون توازنهم ويبادرون إلى انزال قواتهم في عمان وبيروت بغية إجهاض الثورة، واوعزوا إلى حلفائهم في تركيا وإيران لتحشيد جيوشهم على حدود العراق بغية العدوان.
لكن الموقف الحازم للقيادة السوفيتية، والإنذار الشديد الذي وجهته القيادة للإمبرياليين آنذاك اسقط في يدهم، واجبرهم على تغيير خططهم لإسقاط الثورة بالتخطيط والتعاون مع القوى البعثية والقومية والإقطاعية، حيث جرت محاولات عديدة، وتأمر مكشوف بدءاً من انقلاب العقيد الشواف، فمحاولة قتل عبد السلام عارف الزعيم عبد الكريم قاسم، فمحاولة انقلاب رشيد عالي الكيلاني ، فمحاولة انقلاب عبد السلام عارف، فمحاولة البعثيين اغتيال عبد الكريم قاسم في رأس القرية، والعديد من المحاولات الأخرى التي كشفت عنها الوثائق البريطانية والأمريكية التي مضى عليها 40 عاماً، والتي جاوزت العشرين محاولة، وتكللت مؤامراتهم ضد الثورة بالنجاح في انقلاب 8 شباط 1963 الذي اغرق البلاد بالدماء على يد البعثيين والقوميين بعربهم وأكرادهم المتحالفين مع الإمبريالية الأمريكية والبريطانية، وكل الأحداث المفجعة التي جرت في العراق منذُ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا هي نتاج لذلك الانقلاب الفاشي المشؤوم.
Opinions