Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

في الوقت الضائع صدام يسجل نقطة لصالحه هل من متعّض؟

حين بدأت جلسات محاكمة صدام وأعوانه في قضية الأنفال ,كنت بعد مشاهدتي أولى جلسات المحاكمة مباشرة, قد كتبت مقالا ثم تبعه أخر ,طالبت المحكمة في حينها بأن تكون ملتزمة في مهمتها المهنية , وأن تكون أكثر إقتدارا في تحمّل مسؤولياتها التاريخية لغرض تحقيق أكبر قدر من العدل والإنصاف ,و بعدم الإنجراف إلى حصر الضحية الأنفالية وحكرها للجانب الكردي فقط ,لأن الجهد الأنفالي السيئ الصيت كما سبق لي أن أوضحته, كان بحق العراقيين جميعا , ولم يترك كل ما كان غير كرديا سالما معافى كما يدّعي البعض, حيث قد تم إحراق الأخضر واليابس دون تفريق بين هذا وذاك, والشواهد كثيره على ذلك, وهي كما نرى اليوم تتوالى بشكل لا إرادي على ألسنة المشتكين /الشهود أنفسهم رغم مساعي البعض المشكوك فيها من قبل أطراف معينه في المحكمة .
فالمترجم على سبيل المثال في جلسة يوم الأربعاء 8_11 _2006, وهو كردي من دون شك, يثبت من خلال ترجمته لأقوال المشتكين من الإخوة الأكراد,بأنه يحرص بإصرار على جعل ضحية الأنفال هي كردية فقط, و المشاهد الذي يجيد الكردية , سيجد كم أنا صائب في ما أدّعي, فحينما يتوجه أحد محاميي الدفاع عن المشتكي(الدفاع الشخصي)بسؤاله لموّكله ,سائلا إياه السؤال الأتي:(هل كان يسكن تلك القرى التي تم قصفها من قبل النظام من غير الأكراد)؟ أم جميعهم أكراد؟ ولا أعتقد بأن الهدف من السؤال كان منتجا أو مفيدا من الناحية الجنائية أو القضائيه بقدر ما كان سياسيا بحتا , لكن على أيّة حال , كان رد المشتكي باللغه الكرديه :أن إحدى القرى(ماركاجيا , إيكمالا) كانت كلّها من ال(فله)أي من المسيحيين ,وقرى أخرى كان يسكنها (الفله والمصلمان)اي المسيحيون والمسلمون معا ,ألذي جذب إنتباهي وربما الكثيرون معي هو طريقة ترجمة المترجم لهذه العباره(الفله والمصلمان) حين ترجمها بالقول : يسكن القرية مسيحيون وأكراد!وحسب معرفتي ,فإنّ المترجم(محلّفا), أي قد أدى قسم يمين أداء المهنة! فمن أين جاء لنا بهذه الترجمة؟ وهل هو فعلا يجهل ماذا تعنيه كلمة (المصلمان) وما يقابلها في اللغة العربيه؟ هل فعلا كلمة(المصلمان) معناها الأكراد؟ بينما كلمة (فله) تعني فقط المسيحي , ولماذا لا تكن هي الأخرى مقصود بها الكلدواشوريالسرياني ,اي غير كردي ؟أم أن السيّد المترجم قد أقسم اليمين على تكريد كل ما يرد في محاضر جلسات المحاكمة ؟ .
سؤالنا نوجهه ليس فقط للمترجم او للجهة التي إنتدبته للعمل كمترجم , لأنه ربما في فعله هذا سيضاعف من راتبه , لكنني أؤكد سؤالي للسيّد القاضي الذي يترأس المحكمة,و إليه نوجه عتابنا ونقدنا حول سطحية وهشاشة المحكمة من الناحية الفنيه, ونحيطه علما بأنّ العراقيون والعالم يراقبون كل صغيرة وشارده ترد في جلسات المحكمة, لذلك نطلب ثانية وثالثة ونتمنى رابعة وخامسه من محكمته الموقره أن لا تكون هي الأخرى في لامبالاتها ضالعة في تهميش ضحايا الأنفال ودماء الكلدواشوريين السريان(المسيحيين)حتى يتم طمس حقهم في إستعادة كل ما خسروه من قرى وممتلكات وأراضي وكنائس طالتها ألة الدمار الحربية في حينها.

وفي نفس الصدد وعلى نفس المنوال, كان تعليق محامي الدفاع الشخصي الكردي (الرجل المسّن ذو النظارات) والذي أجهل إسمه , هو الأخر كان تعليقه والطريقة المتشنجة التي إستخدمها في منتهى الدهشة و الغرابة , لأنها أنستنا بأنه محامي, وقد بدا لنا وكأنه مفكّر قومي وسياسي يمتلك مشروع أقرب إلى مشروع هتلر في تمييع شعوب الأرض وجرمنتها كلها , لقد أصرّ محامينا العبقري قائلا بأن المسيحيين في تلكم القرى هم أكراد , متجاهلا من هم الذين وضعوا القوانين التي درسها في جامعته قبل أن يصبح محاميا ,ومتناسيا من هوالحكيم الأشوري أحيقار ومن هو حمورابي,كما أنه نسي بأن أساس وجوده في المحكمة كمحامي دفاع هو فقط للدفاع عن المشتكي الضحية و عن حقوقها الشخصيه ليس إلا, مهما كانت هويتها وعقيدتها , أم أن إعتقاد السيد محامي الدفاع الشخصي بأن الضحية الكلدواشورييه المسيحيه سوف لن تضمن حقها قضائيا كضحية أنفاليه, وسوف لن تعوّض عن كافة ما خسرته إلا حين تعلن أنها كردية, هل كان ذلك هو سبب إصراره على أن كل شيئ هناك كان كردي؟ شر البليّة ما يضحك.

المؤلم حقا في هذا الفاصل من الجلسة , هو أننا لم نسمع لأي رد من السيّد القاضي حول ترجمة السيد المترجم الملتويه وفي طريقة لفّه ودورانه , كما لم نسمع من رئاسة المحكمة أي تعليق حول مداخلة محامي الدفاع تلك , و لم نسمع أية كلمة حتى من جانب الإدعاء العام حول تمادي أطراف معينة في مسعاها إلى تسييس سير المحاكمة ,ولكن يبقى الأمر الأكثر إيلاما في المشهد الدراماتيكي هذا كلّه , هو أن صدام حسين هو الذي عرف بكل بساطة كيف يسجل النقطة لصالحه ضد جميع الحاضرين في المحكمة !! أن صدام حسين المتهم, المدان,والمجرم, وقائد الأنفال سيئة الصيت, وقاتل الألوف والديكتاتور الذي عرّب كركوك, ومدّمر الدجيل, ومستخدم الكيمياوي ضد شعبه,وراعي المقابر الجماعية , وهوالذي إستكرد مدينة نينوى وإستعرب العديد من قراها الكلدواشورية حين جلب الألوف من جحوش العشائر الكردية والعربية وأسكنها في نينوى وقراهامن أجل ضمان أمنه وفرض سلطانه , صدام المتهم هذا قد عرف كيف يقتنص لنفسه فرصته من أجواء فنطازية المحكمة و من ضعف إدارتها وعدم مصداقية مهنيتها , فهي التي منحته هذه الفرصة الذهبية, وهو المتهم/المدان , كي يقول فقره مقتضبه لم يستطع أحد في المحكمة أن يسبقه فيها على الأقل من أجل نصرة الحقيقة لا أكثر, لكن صدام قالها وكأنه أراد من خلالها التكفير عن ما إقترفه من ذنوب حيث قال بما معناه ((( أن الاشوريون الكلدان المسيحيون اليوم هم أحفاد أولئكم الذين بنوا العراق منذ ألاف السنين , وهم تاريخ العراق,فعلام تكريدهم قسرا؟,أتركوهم بحريتهم كي يعلنوا عن إنتمائهم القومي بكل صراحة وحرية , سواء كانوا يزيدوين او كلدواشوريون )))

يبدو أن صدام قد بدأ يكفّر عن ذنوبه متأخرا ,,فلماذا لا يتعّض الأخرون؟؟ Opinions