Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

في كنيستنا.. غوغاء...وبودي كارد

منذ ما يقارب العام، وكنيستنا الكلدانية في مدينة ملبورن تمر بأزمة ادارية، ادت الى نشوب خلافات بين اطراف كنسية تتمثل بالكهنة والمطران. اثرنا خلال تلك الفترة (المظلمة) من تاريخ رعيتنا، الى عدم اثارة الموضوع علنا، او جعله مادة اعلامية، تتقافز عليها جرذان جائعة مستغلة الوضع ومتصيدة في مياه عكرة، هي اعلم بعمقها.
ودون التطرق الى تلك الاسباب (الداخلية) المتعلقة بإداريات كنسية (في الوقت الحالي على الاقل)، حاولت بعض الاطراف المتمثلة بالشباب الخادم في الكنيسة، ومجلس الخورنة، ان تعيد موازنة الامور، بما يتناسب مع الحق الكنسي والاداري لكل الاطراف. ما ادى الى ظهور تيارين احدهما يساند كهنة كنيسة مريم العذراء في ملبورن، وهم من الشباب الخادم في النشاطات الكنسية ومجلس الخورنة، وتيار اخر مساند للمطران وهو من مجموعة غير كبيرة من اعضاء مؤسسة كلدانية لها تاريخ مثير للجدل في ملبورن.
وقطعاً لشوط طويل من الاحداث المثيرة، (سيكون لنا في مناسبة اخرى موعدا معها)، نتطرق فقط الى ما جرى مؤخرا وفي الايام القليلة الماضية من اضطرابات لها اثرها في مجتمعنا الملبورني الصغير..

Body guards
فقد اثار تواجد فريق حماية (سيكيوريتي وبودي كاردز security & body guards ) يحيط بالمطران في مقر اقامته وتواجده في الكنيسة لمدة ثلاثة ايام، واثناء القداس الالهي يوم الاحد استياءا من جمع غير قليل من ابناء شعبنا، فهو مشهد لم يألفه احد من قبل في كنيستنا، فنحن ابناء خورنة مسالمة ولم يسبق لنا ان قمنا بعمليات اغتيال او اعتداء من اي نوع على اي شخص خصوصا كهنتنا..وسجلات أبناء الكنيسة تثبت ذلك .. ام ان لبعض المغرضين ومطلقي الشائعات رأي اخر..
كنا ننتظر من مطراننا الموقر ان يأتينا مع تلاميذا لرسالة محبة سامية، لنفرش امامه السعانين، كنا ننتظر منه ان يأتينا شامخا، لا يهاب الحق ان كان يسلكه، كنا ننتظره ان يثبت لنا ان ابناء (رعية) مريم العذراء حافظة الزروع، هم ابناءه الروحيين..لا يحتمي منهم برجال امن وحماية شخصية !! وكنا حقا ننتظر منه ان يأتينا حملا وديعا، يحمل في جعبته نظرة اعمق للامور، وادارة اكثر حكمة.. لكن وكما يقال، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن..
ان فكرة الاستعانة برجال امن وحراس شخصيين، كانت بجانب اعتبار الكثيرين لها بمثابة اهانةٍ وتشكيكٍ بحسن تصرف ونزاهة ابناء كنيسة حافظة الزروع، فهي والحق يقال كانت حركة اثارت العديد من علامات الاستفهام حولها !! فلما الاحتماء ترى؟؟ وممن؟؟ وما نوعية الهجمات المحتملة التي تمت الاستعانة بقوة امنية لتفاديها ؟؟ ونتيجة ماذا كانت تلك الاحتمالات ؟؟
تمنينا كثيرا ان لاتصل الامور الى ان يمنع حراس امن بعض ابناء كنيستنا من ان يلتقوا بكهنتهم، او ان يمارسوا نشاطاتهم ودورهم في خدمة الكنيسة..
تمنينا كثيرا ان لا نرى دمعة في عين شاب برئ تهمته انه يحب كنيسته..
تمنينا ان لا نرى شلة من المنتفعين يأخذوا ادوارا لا تناسبهم، ولا يستحقونها، بل انهم اغتصبوها عنوة وفي وضح النهار..وامام جموع الناس.. فأي حق ترى يعطي اناسا قاطعوا الكنيسة لانها لم تلبي رغباتهم الشخصية الى ان يحوموا حول المطران، ويقفوا في عتبات الكنيسة، ويأخذوا ادوار الغير ؟؟

غوغاء في الكنيسة..
ان ما يحدث من غوغاء في الكنيسة يذكرني بظاهرة المد البدوي التي يتطرق اليها كثيرا الدكتور علي الوردي في دراساته الاجتماعية حول شخصية المجتمع العراقي.. اذ يشير الى ان ظاهرة المد البدوي ترتفع حين يحدث تفسخ في الجهاز الحكومي، وتضعف سيطرة وسلطة الحكومة. وهذه الظاهرة تؤدي الى استفحال كل ما يأتي به هذا المد البدوي من سيطرة القبائل البدوية وسلب ونهب وخراب للحضارة واعمال غوغائية و فرض للاتاوات.. وهذه الظاهرة تشبه الى حد ما ما جرى في كنيستنا المسكينة، فيوم ضعفت "الحكومة"، فيها ارتفعت ظاهرة هذا المد الذي صاحبته سيطرة "بدوية" غير مدروسة، فوضوية، ادت اخيرا الى تجاوزات في بعض التصرفات اللامسؤولة، حولت الكنيسة الى ساحة لبائعي الحمام..
لن نحدد الجهة التي تقع عليها مسؤولية ما حدث، لكننا نحدد الاخطاء التي يقع فيها البعض المغالي بتصرفاته، وحساباته، والبعض الاخر الذي يتحين فرصا حتى في الكنيسة، لتمرير بعض افكاره الغريبة، والتنفيس عن عقده النفسية، ولتبرير فشله في نشاطاته الاخرى . فمن غير المعقول ان نعيش في القرن الواحد والعشرين وفي دولة بمجتمع " من الطراز الاول" ونحن منغلقين بكل شئ حتى بتصرفاتنا..
من غير المعقول ان تكون مفاهيمنا مغالطة فنمارس انفلاتا تحت مسمى "حرية" .. ونعاني في دواخلنا من رغبة عارمة في التسلط والصعود على اكتاف الغير، دون تعب وكلل.. حتى وان كان ذلك على حساب كنيستنا..
من غير المعقول ان تصل تفاهة البعض الى ان يصدر اشاعات مغرضة ومقززة بحق كاهن وقور وشيخ جليل، نذر حياته في خدمة كنيسته ورعيته.. وساعد كل ابناء رعيته ودون تمييز وتفاوت (حتى اولئك الذين يتطاولون بلسانهم عليه اليوم بالقاء التهم الباطلة والمخزية لالسنتهم)، ساعدهم من اجل الوصول الى هذا البلد والاستقرار فيه بكل ما امكنه..وما املاه عليه ضميره المسيحي النقي.. نقول انه من غير المعقول ان يتخلص البعض من ضمائرهم..ووخزها "المزعج" بهذه السهولة..وهم غير مصابين بالخرف..
من غير المعقول ان يعيش البعض في القرن الواحد والعشرين، وفي بلد متحضر، ويظهرون "غيرة " على بيت الرب، وهم ينتظرون بل ويعملون على ان تتحول الكنيسة الى ساحة لاستعراض العضلات، او الى منبعاً لدعايات مغرضة واتهامات اقل ما يقال عنها بأنها ( مقززة).. انها رغبة تصدر عن اناسٍ كانت لهم توجهات في تغيير مسار الكنيسة من كنسي الى قومي يخدم مصالح مؤسستهم "السياسية الاجتماعية".. التي زرعت التفرقة بين ابناء الشعب الواحد..
من غير المعقول ان نرى شباباً وكهنة قدموا الكثير للكنيسة، وحولوها على مدى سنوات من العمل الدؤوب الى شعلة تتوقد بنشاطات هائلة من اخويات وجوقات ومهرجانات ومجلة رعوية ومجالس واجتماعات ودورات تعليمية وبطولات رياضية، نقول انه من غير المعقول ان نرى كل هذا النشاط يزول ويندثر، بل انه من غير المعقول ان نرى كل تلك الشعلة الوقادة من الشباب تحارب من قبل جهات (هجرت) الكنيسة منذ سنين.. لكنها عادت اليها مختبئة وراء جبة المطران اذ وجدت في تلك الخلافات الادارية بين الكهنة والمطران ضالتها، وافرغت من خلالها شحناتها السالبة !!
من غير المعقول ان يوافق مطراناً على ان تصرف الاف الدولارات يوميا على حمايته الشخصية وهو بين ابناء كنيسته، بعيداً عن الحدود الباكستانية الافغانية ومعاقل الاصوليين، او يوافق على ان يحدث من حوله من المتملقين خللاً في النظام..فينصبوا انفسهم ولاة على ابناء هذه الكنيسة !! كما فعلوا حين نصبوا انفسهم ولاة على هذا الشعب ومتحدثين بإسمه من خلال مؤسساتهم (القومية) التي لا تمثل الا اعضاءها المعدودين، والتي بنيت على اسس قبلية عشائرية..

امنيات..
رغم ماحدث ويحدث، ورغم غزارة الاحداث الغريبة، ورغم كل ما تسير عليه الامور.. فأننا نتمنى ان يعي ابناء هذه الكنيسة وهذا المجتمع الصغير، بأن هناك حقائق يجب ان لا يتغاضوا عنها، حتى ان لم تكن تخدم اهدافهم..
• فالكاهن الوقور والشيخ الجليل الذي خدم هذه الرعية لاكثر من 25 سنة، وكنيسته لاكثر من 50 سنة، وبنزاهة وقدسية، قد خدم هذا المجتمع الصغير بنشاط ونزاهة معهودين، ولا يملك احد من هؤلاء (العرضحالجية) ان يتهموه تهما شنيعة... وهذا خط احمر نتمنى جميعا ان لا نتجاوزه.. (فهناك فرق كبير جدا بين اتهام مبطن وقبيح، وبين بينة وحقيقة واقعة)
• وايضا، فأن الكاهن الشاب، قد فنى عشر سنوات من عمره، يحاول فيها خدمة رعيته في ملبورن، فدعا وأشرف وعمل على بناء كنيسة حافظة الزروع متحملا عناء الاقاويل اللاسعة..والافتراءات الجاهزة.. وجمع الشبيبة الى حضن الكنيسة فأكمل ما جاء به كاهن الرعية الوقور.. ولتتشفع عند مطلقي الاشاعات المغرضة والقبيحة، اعماله تلك، فهي خير شاهد على ما قدمه لابناءهم وبناتهم الصغار واليافعين والشباب من خدمة، فمن خلال تلك النشاطات والاعمال تمكن هؤلاء من تقديم مواهبهم ان كان في مهرجان دعا اليه واشرف عليه، او من خلال مدرسة التعليم المسيحي التي ادارها لسنوات، او المجلة الرعوية التي ساعد على تطويرها، او الجوقات والاخويات التي قدم لها الكثير الكثير (اما ان لم يكن ابناءهم من الذين يعلمون بتلك النشاطات او يشاركون فيها، او انهم حتى لا يعرفوا اين تقع بناية الكنيسة .. فنحن نستميحهم العذر)..
• نتمنى ايضا ان لا نطلق العنان لالسنتنا ولخيالاتنا الواسعة، فنلقي تهما جاهزة على من نريد وقتما نريد..فهذا يقع ضمن نطاق الانحطاط الاخلاقي الذي لا نتمناه لأحد..ولنعمل ولو قليلا على تنشيط ذاكرتنا التي اصابها النسيان جراء القفزة الاجتماعية التي حدثت للبعض منا بعد ان كانوا اناسا فقراء بمستواهم المعاشي والاجتماعي والثقافي، وتحولوا خلال فترة قصيرة الى اصحاب ثروات وسيارات فارهة وبدلات رسمية !! ، وبهذا ظنوا انهم تبوؤا منصبا اجتماعيا كبيرا، يؤهلهم لأن يفرضوا انفسهم على بقية ابناء المجتمع فيصبحون اعلى منزلة من العالم والمثقف والكاتب والاكاديمي والباحث والوجيه والحكيم.
• اقول لنتذكر حين كنا "نتوسل" الى ذات الكاهن الوقور الذي نلسعه الان بدعاياتنا المغرضة عنه، ان يرسل لنا كفالة، او حتى حوالة ولو بسيطة..لنتذكر كم كنا نحاول الاتصال به والتحدث معه يوم كنا في تركيا واليونان والاردن.. وكيف كنا نختم اتصالنا بأن نطلب له ان يصلي من اجلنا !! فلنتذكر كيف ساعد البعض منا يوم ارسل مبالغ تذاكر السفر، ونحن اغفلنا عن دفعها له لسنوات طويلة جدا جدا، وهو الذي اقترضها من جمعيات انسانية وكنائس استرالية!!
لنتذكر كيف كنا نتبارك بوجوده بيننا يوم كانت طاولتنا لا تحوي الا على معلبات بسيطة، واثاث بسيط منحته لنا الجمعيات الانسانية في هذا البلد.. لنضع حساباتنا في المصارف والبنوك على جنب، ولنتذكر ولو قليلا كيف احتضنتنا هذه الرعية حين كنا لا نعرف شيئا عن وضعنا..وحين اردنا ان نشعر بوجودنا، وحين اردنا ان نبحث لنا عن عائلة كبيرة تشاركنا همومنا واحزاننا !!
• نتمنى من جميع ابناء شعبنا وكنيستنا في ملبورن، ان يكفوا عن اطلاق التهم جزافا، وان ينبذوا كل دعاية مغرضة وشائعة قبيحة تحاول النيل من مكانة البعض ممن خدمنا، ان كانوا كهنة او شبابا عملوا على تطوير نشاطات الكنيسة.. فهناك امور كنسية، وادارية، وهناك قضايا وقوانين تأخذ مجراها، وهناك ملفات تطوى ومسيرة تستمر، لكن ان تصل الامور بنا الى ان نؤلف اقبح التهم..فهذا شر..اجارنا الله واياكم منه..
• وايضا نتمنى من الادارات الكنسية ان كانت على مستوى المطارنة او البطريرك نفسه، ان يضعوا حدا لبعض الامور المخجلة التي تحدث في الكنيسة..و ان يعوا الى ما يحدث ويلتفتوا الى التصدع الحاصل في الجدران الكنسية نتيجة بعض الممارسات الغير صحيحة، وعلى كل الاصعدة بدءا من فسح المجال امام كل المنتفعين من (القوميين الجدد) مرورا بأصحاب الاعمال والمصالح الشخصية الذين ما يلبثوا بتخريب كل نظام في الكنيسة من اجل مصالحهم، مرورا ببعض الكهنة القليلي الحكمة في الادارة، فبعض المطارنة المتسلطين، انتهاءا بالبطريرك نفسه الذي تحولت كل القضايا العالقة في عهده الى اروقة الفاتيكان لتحلها لنا !!
• نتمنى ان نرى حلولا جذرية وعلى ارض الواقع بدلا من دعوات واهنة في بيان ختامي لسينودس.. تنتهي بأن تكون حبرا على ورق.. نتمنى ان تعود الحياة الى اروقة الكنيسة، وان يكون لابناء الشعب دورا في تحديد بعض مساراتها..فإلى متى نكون ضحايا لمساومات وطبخات لا نعرف مذاقها ؟؟!!

سيزار هوزايا
ملبورن – استراليا
بدايات ايلول 2009
sizarhozaya@hotmail.com
Opinions