Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

قِيَمِكَ وطريقة تفكيرك تقول من أنت

كثيرين هم اللذين لديهم تفكير مجزأ ، أي ينفصل فيه النقيضان بعضهما عن بعض، وعند التعامل مع النقائض تفترض وجودهما مستقلين عن بعضهما، فهل تقدر أن تعيش مستقلاً عن طبيعتك؟ ويسير مع هذا الفكر المجزأ ويوازيه هو ما يسمى بالتفكير التقييمي الذي هو أسلوب يتسم بتقييم الموضوعات والنقائض بشكل سلبي أو إيجابي، وهناك أسلوب آخر هو التفكير السلبي الذي يعطي تقييم سلبي ضمني لكل ما لم يتطابق مع نفس التفكير، وهنا يولد عقل ناقص ومتطرف، الذي ظاهرياً يدعي الايجابية والحرص، وباطنياً يكون منغلقاً على نفسه، ويرفض الذي يخالفه الرأي بحجج غير واقعية وواهية، ويدعي المعرفة على حساب التفكير السلبي المجزأ الذي يرفض التعايش مع الامور، على حساب الفهم فقط، وهذا لا يكفي للتعامل إن اكتفينا بفهم الاشياء فقط! لذا وجوب فهم وعيش الحالة، والا نساهم في وضع عراقيل وعصي في دولاب الحركة المتجه نحو الخير بدون وعي منا، ولكن الخطورة تكمن في معرفتنا المسبقة لتقييمنا السلبي للموضوع أو للظاهرة، بدون أن يكون لنا معرفة تامة بما يدور حولنا، وبالتالي يكون تقييمنا بعيداً عن الحقيقة الموضوعية، وقريباً من السذاجة العلمية والمراهقة السياسية، وفي قلب التأثر بعلو كعب حركة الآخر وثقافته وحججه العلمية والثبوتية، وبهذا تحكم على نفسك بالسكون! مما يعني اما ان تراوح في محورك أو تتجه نحو العتمة، وهناك يكون عذاب الضمير، ونتيجة هذه المقدمة : ان مثل تفكيرهذا الأنسان السلبي يرى ان كل ما يفعله هو "نفسه" هو خير، وكل ما يُفْعل به هو شر، ومن السهولة معرفة من أنت، من خلال أسلوبك وطريقة تفكيرك وتقييمك للآخرين.

من هنا تظهر قِيَم الانسان لتحكم على أسلوب التفكير العَملي إن كان سلبي ومتطرف وناقص، أو نقيضه "الانساني-الايجابي"، الذي له ثلاث ركائز أساسية التي تشبه الثالوث المتكامل والواحد! الا وهي "الحق والخيروالجمال"، هذا الثلاثي الذي لا يمكن تجزأته حقاً، فلا يمكن أن يكون لديك إدراك سليم، وشعور مع تصرف يحقق لك ما تبتغي بإحقاق الحق وإرجاعه الى أصحابه، مع سلوك صحيح متجه نحو الخير والفضيلة ملتزم باهدافه على أساس مقياس الخير الذي تقدمه للآخر ومهما كان هذا الآخرمن دين ومذهب وطائفة، وينتج من هذا "الإدراك" ومن هذا "السلوك" هو الوجدان : الذي يشع الرضا والطمأنينة في نفسك ونفس الاخرين، وعندها يكون "الجمال" هو المحور بين الحق والخير، ومن غير الممكن أن يكون لك قيمة الحق مع إدراك سليم ولا تدعو الى الخير! ويكون سلوكك غير ملتزم بأهدافه، ولا تدعو الى الفضيلة في نفس الوقت!! لأن الناتج حتماً لا يكون لصالح الأمن والأمان، إذن لا يكون هناك أصلاً وجدان، وان فقدنا الوجدان "الجمال" فقدنا الطرفين الاخرين بالضرورة، عليه لا يكفي أن تذهب للصلاة كل أسبوع، بل كل يوم وساعة ودقيقة! ان لم يكن لديك محبة تجاه الآخر، فصلاتك وإيمانك باطل، "مار بولس"، والنتيجة تعم الفوضى والفردية الأنانية والأسلوب السلبي المجزأ والمتطرف، وهذا ما هو واقعنا الحالي في معظم فعالياتنا وتقييماتنا وحركتنا وسكوننا وتناقضاتنا، والخاسر الوحيد هو الأنا وأنت ونحن وهم.

عند كتابة هذه المقالة زارنا صديق وعائلته، وبعد نقاشنا حول موضوع المقال وأسلوب تفكير الاخرين والقيم التي "كانوا" يحملونها، وما وصلت اليه الامور هذه الأيام حكت لنا عائلته (الكاتبة) هذه الواقعة أو النموذج الموثق " وصلت رسالة الكترونية من كاتب صديق يعيش في دولة أخرى يقول فيها: يوجد شخص إعلامي وكاتب ومشرف على صحيفة (،،،،،) الالكترونية، هذا الشخص يُقَيّم جميع المقالات التي تكتبها الكاتبة بدون أن يطلع على محتواها "ينظر الى الاسم فقط" ويعطيها درجة "سيئ" أي 20%،! وتكررت هذه الحالة في كل مقالة! الى أن وصل به الامرالى إعطاء نفس الدرجة أو النسبة الى مقال يخص التهنئة بالأعياد!!!! قيموا معي أسلوب تفكير هذا الأنسان "كمثال"؟ هل هو سلبي مجزأ؟ أم هو ناقص ومتطرف؟ أو يتجه الى الفردية الانانية والشخصية على حساب العام والمجموع؟ أم ماذا؟ وتستطرد كاتبتنا وتقول :انه في طريقه الى فقدان القيم الانسانية"! ولكن هل يشعر في قرارة نفسه انه متجه من السكون الى الضبابية ومن ثم "الظلمة"؟، وبعد إبتسامة الفوز كواقع عملي قالت الكاتبة : ان هذا يعني وجود حركة هنا، ونقيضها هناك، ان كان هنا حركة، إذن هناك تقييم، وليس بالضرورة ان يكون ايجابي، ولكن إن كان هناك سكون، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، ستكون هناك : أنانية، حسد، كبرياء، غرور، مصالح شخصية، تنظيف الأكتاف والتملق، إعطاء رأي قطعي مستعجل، إستعمال الرشوة عند الضرورة، اتهام مسبق دون التفكيرفي الاسلوب، تناسي بان كرامة الشخص البشري متساوية،الفهم فقط دون عيش الحالة، إحتكار الحقيقة بطرف، سيطرة العاطفة على العقل، الطائفية والمذهبية، الاستعلاء والتكبر، الترلياتورية، عيش الماضي والبقاء فيه،"مرض التاريخانية"، عدم قبول الآخر، القول نعم ونعم فقط مع الخضوع كالبهائم، عدم السيرمع التجدد والبقاء على وفي القديم، الذهاب وراء فكروحيد دون الاعتراف بوجود هناك أفكار أخرى! وهذا يعني السيرعكس تيار التاريخ،،،،،، والفرق بين الذي يقرأ عنوان وموضوع المقال قبل اسم الكاتب وبعدها يُقَيّم المقال حسب ضميره وثقافته وقِيَمه وأخلاقه، وبين الذي يقيّم المقال بمجرد قراءة الاسم فقط، وبين الذي يعطي أحكام مسبقة دون الرجوع الى الطرف الآخر.

نعم نحن مع تفريق وفرز الزوان عن الحنطة، وبين القائد الشجاع والجبان، وبين الحرامي وصاحب الدار، وبين الورد والشوك، وبين الخائن والوطني، لا تخاف أحدا ما دامت أيديك نظيفة!، ولا ندعي القداسة مطلقاً لإيماننا بنسبية الحقيقة! ولكن هناك فرق بين من يقدم الخيرلعشرات العوائل "مادياً ومعنوياً"! ونذهب أكثرونقول : بالرغم من حاجته الشديدة مستمربالتضحية وتقديم المساعدات،،الخ، وبين من يأخذ ويستولي على مساعدات الغير، وان قدم أية مساعدة تسبقها دق الطبول مع "حفظه الله ورعاه"، إذن هناك فرق بين (فلسي الأرملة وبين آلاف الدولارات مشبوهة المصدر)، وبهذا يكون أسلوب الأنسان وقيمه هي التي يقول من هو! إحتراماتنا لقول العظيم سقراط نتمنى على أو لكل إنسان أن يحفظ هذا القول الرائع الذي قيل قبل أكثر من 2400 سنة"أعرف نفسك أيها الإنسان". Opinions