Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

كلمة جمهورية العراق مؤتمر الدول الأطراف المنضوية في "إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد"

15/11/2009

شبكة اخبار نركال/NNN/الامانة العامة لمجلس الوزراء/
شارك العراق في مؤتمر الدول الأطراف المنضوية في "إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد" في دورته الثالثة والتي إنعقدت للفترة 9-13 تشرين الثاني الجاري بوفد رسمي ترأسه السيد علي محسن العلاق رئيس المجلس المشترك لمكافحة الفساد والذي ألقى كلمة العراق في المؤتمر حيث إستعرض فيها جهود العراق في مكافحة الفساد منذ عام 2003 مبيناً ان الاعلان الصريح عن وجود الفساد وأستهدافه في العراق بدأ بعد إنهيار النظام الديكتاتوري عام 2003 والتحول الى النظام الديمقراطي الحر بعد عقود من نظام شمولي مركزي، هذا التحول من مقوماته وركائزه وجود رقابة فعالة تحقق الشفافية والنزاهة.

أن الجهود التي بذلت بعد عام 2003 لمكافحة الفساد يجب ان تُقاس على اساس العوامل والظروف التالية :

1. حجم الخراب في البنية والهياكل الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية والتشريعية والرقابية الذي ورثناه من النظام السابق في إطار الفساد الكبير للسلطة ونهجها الذي تدنت بشكل خطير فيه المستويات المعيشية ودخل المواطنين وإرتفاع البطالة وعسكرة المجتمع وتدني مستويات الخدمات العامة وانتهاك خطير لحقوق الإنسان وهدر كرامة المواطن العراقي وحريته.



2. حجم التحديات الأمنية بعد سقوط النظام في 2003، حيث أدت العمليات العسكرية وموجات الإرهاب وانفلات الأوضاع الامنية الذي استفادت منه قوى الإرهاب وقوى الفساد في ممارسة جرائم منظمة خطيرة، واتحدت القوتان في أحيان كثيرة في ممارسة عملية الفساد مما عقدَ عملية المواجهة وتحقيق الإصلاح لخلق بيئة مناسبة تمنع وتردع عمليات الفساد .



3. حجم التحديات والمخاوف والتهديدات التي تعرضت لها أجهزة إنفاذ القوانين بسبب الاوضاع الامنية وتحصَن المفسدون بقوى الإرهاب او اساليبها اوللظروف التي انشأتها، وتم الاعتداء والقتل للعديد من العاملين في اجهزة مكافحة الفساد.



4. حجم الامكانيات والقدرات المحدودة للاجهزة الرقابية والقضائية، حيث لم يتحقق خلال عقود مرت ايةَ اضافات نوعية للمنظومة التشريعية والرقابية والقضائية لضعف الارادة السياسية ولذلك لم تتراكم ايةَ خبرات او قدرات او تشريعات او اجراءات بأتجاه مكافحة الفساد.



رغم تلك التحديات، فأن العراق قد حقق تقدماً كبيراَ وانجازات مهمة في مكافحة الفساد من خلال حزمة اجراءات تشريعية تنفيذية ورقابية وقضائية ومنها:



1- مصادقة العراق على الانضمام الى إتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد في آب 2007 وأودع وثائق التصديق على الاتفاقية الى الامين العام للامم المتحدة في بداية عام 2008 والتي تهدف الى تحسين قدرة الدول الاطراف وتعاونها على تحقيق الاهداف المبينة في الاتفاقية ، وان الالتزام بما ورد في الاتفاقية يساعد على خلق ممارسات متقدمة وفاعلة في مواجهة الفساد من حيث تجريم أفعال الفساد خاصة فيما يتعلق برشو الموظفين وأختلاس الممتلكات العامة أو تبديدها او تسريبها وغسل العائدات الاجرامية وإعاقة سير العدالة. وتوفر الاتفاقية إطاراً مهماً لتبادل الخبرات وتدفع بأتجاة مجالات أخرى على مستوى التشريع الوطني (القوانين الاجرائية والتشريعات او اللوائح ) او التشريعات المتعلقة بتقريرالولاية القضائية، كما توفرالاتفاقية إطاراً مهماً في موضوع تسليم المجرمين والمساعدة القانونية المتبادلة .



ان انضمامنا الى الاتفاقية وفر لنا مرشداً ودليلاً لاتخاذ الاجراءات الضرورية لمواجهة الفساد، وحقق لنا فرصة كبيرة للأستفادة من تجارب الدول الاخرى ونتائج الاجراءات التي اتخذتها الدول المنضوية في الاتفاقية من خلال حضور المؤتمرات واللقاءات وتبادل والوثائق والمعلومات والتقارير .



وتجدر الاشارة الى ان جرائم الفساد التي نصت عليها الاتفاقية قد تم تجريمها في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 ، كما ان للعراق مؤسسة رقابية عريقة تأسست عام 1927 هي ديوان الرقابة المالية الذي تغطي نشاطاته مجالات التدقيق والمراجعة وتقويم الأداء وتوفير التقارير للجهات الرسمية وغير الرسمية وللجمهور و الاعلام.



2- في اطار توفير المؤسسات التي تعزز منظومة الرقابة والنزاهة، قام العراق خلال السنوات بعد 2003 بتأسيس :



أ‌- تأسيس مكاتب المفتشين العموميين في عام 2004 في كافة الوزارات والجهات غير مرتبطة بوزارة، وتم منح درجة (وكيل وزير) للمفتش العام وأعطى القرار 57 لسنة 2004 صلاحيات ومهام واسعة للمفتش العام في إطار التدقيق ومراجعة الاداء والتفتيش والتحري والتحقيق الاداري وأحالت هذه المكاتب آلاف من قضايا الفساد الى الجهات المختصة .



ب‌- تأسيس هيئة النزاهة العامة عام 2004، التي تتولى استكمال الاجراءات الشكلية الموضوعية لقضايا الفساد المحالة اليها من مكاتب المفتشين العموميين وديوان الرقابة المالية والجهات الاخرى، كما تقوم من خلال نظام البلاغات المفتوح لديها بالتحري والتحقيق في تلك القضايا بالتنسيق مع الجهات المعنية ،لقد عملت الهيئة في التحقيق بأكثر من 18 الف قضية فساد خلال السنوات (2004_2009) وتم الحكم على 500 موظف بينهم (5) وزراء إضافة الى ذلك تمارس الهيئة عملية نشر ثقافة النزاهة والشفافية والمساءلة .



ت‌- تأسيس المجلس المشترك لمكافحة الفساد عام 2007 الذي يضم روؤساء الاجهزة المعنية بأنفاذ القانون ومكافحة الفساد (مجلس القضاء الاعلى، هيئة النزاهة، ديوان الرقابة المالية، مكاتب المفتشين العموميين) وبرئاسة الامين العام لمجلس الوزراء، وقد حقق المجلس منذ تأسيسه لغاية تشرين الاول /2009 مايلي :

· تنسيق جهود مكافحة الفساد بين الاجهزة المعنية وتحسين آليات التحري والتحقيق والاحالة الى القضاء وإصدار الاحكام .

· دراسة ظواهر الفساد الكبيرة والواسعة ووضع البرامج للحد منها او ردعها .

· قام المجلس بأطلاق الحملة الوطنية لمكافحة الرشوة في المؤسسات الخدمية وكافة المؤسسات التي تتعامل مع المواطنين وقد حققت الحملة منذ انطلاقها في حزيران /2009 لغاية تشرين الاول /2009 نتائج مهمة، حيث انخفضت نسبة تعاطي الرشوة في تلك المؤسسات التي شملتها الحملة من 36% قبل اطلاق الحملة الى 7.26% في شهر تشرين الثاني / 2009 ، وتستمر الحملة في أتجاهين الاول: مكافحة وردع الرشوة ، والثاني :إجراءات إدارية وتنظيمية لتغيير سير اجراءات المعاملات بالتبسيط والتوضيح والشفافية .

· قام المجلس المشترك لمكافحة الفساد بأعداد ستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد في العراق وخطة العمل للسنوات (2010- 2014)، وهي اول ستراتيجية في تاريخ العراق ،تتسم بالشمولية والوضوح والواقعية وتستند الى دراسات ومسح شامل لكل ظواهر الفساد والممارسات الواسعة اوالمحتملة في كافة القطاعات وعلى كافة المستويات.

· قام المجلس بوضع مشروع قانون مكافحة الفساد في العراق وهو قيد التشريع حالياً، وهو أول قانون يتضمن محاولة للاستجابة الى اكبر قدر ممكن من متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي لم يسبق للنظام القانوني العراقي الاستجابة لها.



ث‌- تم تاسيس (مكتب غسيل الاموال ) في البنك المركزي العراقي عام 2004 مع صدور الامر رقم 93 لسنة 2004 الذي جرًم فعل غسيل الاموال لاول مرة في العراق ، وتعد تلك الخطوة في غاية الاهمية لان ذلك النشاط يسهل ويشجع على افلات عوائد الفساد .

لازال المكتب بحاجة الى زيادة فاعليته وقدراته لممارسة دوره الكبير ،كما يتطلب استكمال الاجراءات المساعدة والمكملة فيما يتعلق بتنظيم المصارف والمعاملات المصرفية وانظمة التحويل



3 - وفي إطار تحقيق الشفافية التي تعد واحدة من الادوات المهمةَ والفعالة في الوقاية من الفساد تحقق خلال الفترة موضوع البحث ماياتي :



· اطلاق تقارير الشفافية النفطية ابتداءاً من عام 2005، بعد عقود من السرية والضبابية ، اطلق مكتب المفتش العام في الوزارة اول تقرير ونشره للجمهور والإعلام والجهات المعنية، واستمر في نشر التقارير للكشف عن كافة الجوانب المتعلقة بهذا القطاع الذي يعتبر القطاع الأهم والاساس في الاقتصاد العراقي حيث تشكل ايرادات هذا القطاع النسبة الاعظم في ايرادات الموازنة العامة ويتم اليوم كذلك اعداد نشرة شهرية تصدر في وسائل الاعلام تكشف عن كميات الانتاج والتصديروالاسعاروالايرادات المتحققة والشركات والدول والمشترية للنفط الخام العراقي.



· الزم القانون المفتش العام بأعداد ونشر تقارير سنوية تتاح لاطلاع الجمهور والأعلام وتكون متوفرة لطالبيها، وتتضمن تلك التقارير كافة نتائج انشطة التدقيق والتفتيش والتحقيق التي قام بها كل مكتب اثناء السنة وما كشفته تلك العمليات من قضايا وظواهر.





· يقوم ديوان الرقابة المالية بنشر تقاريره الدورية والسنوية عن نتائج مراجعته للوزارات والجهات التي تخضع لمراجعة الديوان وتتضمن النتائج والملاحظات التي تكشف عنها عمليات التدقيق والمراجعة للمعاملات المالية وكذلك تقويم الاداء.



· الزم قانون هيئة النزاهة كبار موظفي الدولة بتقديم كشوفات عن مصالحهم المالية سنوياً وتقديمها الى الهيئة ولاول مرة في العراق قدم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ونوابهم والوزراء والقضاة والمحافظين تقارير ذممهم المالي فضلاً عن كبار موظفي الدولة الاخرين .





· تم الزام كافة الوزارات بنشر المعلومات والبيانات المتعلقة بالايرادات والنفقات والعقود وجعلها متوفرة للجمهور والاعلام عبر الشبكة الالكترونية.



4- اعلن العراق انضمامه الى مبادرة (StAR) المتعلقة بأسترداد الاصول المسروقة،لرغبة العراق في الاستفادة من المساعدة التي يقدمها البنك الدولي ومكتب الامم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، فيما يتعلق ببناء القدرات وتبادل الخبرات والمعلومات والاستشارات القانونية .

5 - الاستمرار في مراجعة نظام المناقصات والعقود والمشتريات، حيث صدر قانون العقود العامة رقم 87 لسنة 2004 وصدرت بموجبه تعليمات تنفيذ العقود سنوياً اضافة الى الاحكام التي يتضمنها قانون الموازنة العامة الاتحادية الذي يصدر سنوياً.

6 - وفي اطارتبسيط الاجراءات، تم الزام الوزارات والمؤسسات بإتخاذ التدابير اللازمة لتبسيط اجراءات معاملات المواطنين والكشف عن اجراءات ومراحل سيرها والاعلان عنها في اماكن بارزة وفي مواقع الكترونية، وتجري عملية متابعة تنفيذ هذا البرنامج الواسع من قبل الاجهزة الرقابية المعنية والادارات العليا والامانة العامة لمجلس الوزراء

7 - تنظيماً لشوؤن الوظيفة العامة، تم اقرار قانون مجلس الخدمة العامة الذي سيتولى تنظيم شؤون الوظيفة العامة والرقابة على الالتزام بقوانين الخدمة فضلاًعن التخطيط العام للقوى البشرية ونشاطات التدريب والتطوير .

كما تم الانتهاء من مشروع قانون الخدمة العامة وهو الان قيد التشريع الذي يعالج الثغرات والنواقص التي اعترت قانون الخدمه الحالي الذي شرع عام 1960 ، لمواكبة التطور والتغييرات وبناء الوظيفة العامة على اسس علمية حديثة بما يحقق متطلبات المادة (7) من الاتفاقية.

8 - وفي اطار توفير طرق ووسائل الابلاغ والاخبار عن افعال فساد، فأنه اصبح للمواطن وسائل متعددة للاخبار من خلال ارقام هواتف خاصة لهيئة النزاهة ومكاتب المفتشين العموميين في كافة الوزارات إضافة الى المواقع الالكترونية وكذلك من خلال الصحف ووسائل الاعلام الاخرى ونتطلع الى تشريع قانون لحماية الشهود والمخبرين والضحايا والخبراء.

9 - وبهدف الوقوف على حجم مشكلة الفساد وتحديد ظواهره وأفعاله وأسباب نشوئها ، اعتمد العراق برنامجاً لاستقصاء مدركات الفساد بموجب استماره خصصت لهذا الغرض ، خضعت الاستمارة الى تعديلات على ضوء ملاحظات الخبراء وسنباشر خلال السنة القادمة (2010) تنفيذ الاستبيان كمرحلة تجريبية ،يتم بعدها إجراء التعديلات النهائية على استمارة الاستبيان لاعتمادها لقياس مدركات الفساد وعلى وفق برنامج وطني شامل يضم اهم المرافق في المجتمع.

10- اننا ورغم ماقطعناه من شوط في مكافحة الفساد في العراق ، إلا انه لازال امامنا شوط من الاجراءات والعمل في الفترة المقبلة وفيها :

· تشريع قانون مكافحة الفساد.

· تعظيم امكانات وقدرات الاجهزة الاجهزة المعنية بمكافحة الفساد وجهاز القضاء .

· زيادة الارادة السياسية وتعظيمها

· الاصلاح الاداري الشامل

· الاصلاح المالي ونظام اعداد الموازنة العامة وأنظمة المصارف

· التبني القوي لستراتيجية مكافحة الفساد وخطة العمل للسنوات 2010- 2014 على كافة المستويات.

· زيادة دور منظمات المجتمع المدني والاعلام في جهود مكافحة الفساد

· الاسراع بالانتهاء من تشكيل مجلس الخدمة العامة وتشريع قانون الخدمة العامة لتنظيم الوظيفة العامة ومراقبتها وتطويرها .

· تشريع قانون الاحزاب وتمويل الحملات الانتخابية.

ختاماً، ان مواجهة ومكافحة الفساد في العراق يحتل اولوية واهمية أستثنائية لاسباب اضافيه ، فأذا كان الفساد له انعكاساته وآثاره الاقتصادية والاجتماعية بحدود معينة ، فأن تاثيره في العراق أشد وهو يخوض مهام جسيمة في بناء مادمرته عقود من الحروب والدكتاتورية التي بددت ثرواته وسخرتها لمصالحها وحروبها عبر تفكيك مؤسسات الدولة وابعادها عن فرص البناء والتطور مما خلف واقعاً خطيراً حيث الحرمان والفقر والطبقية وتدني الخدمات وتدمير البنى التحتية ونزف الموارد البشرية المختصة في كافة القطاعات مما يجعل من ممارسة اعمال الفساد في العراق خطراًُ مضاعفاً يحول دون النهوض بواقع العراق وشعبه ولذلك فان السير في خطوات محاربة الفساد مهمة وطنية واسعة مع الحاجة الى التعاون مع دول العالم والمنظمات المعنية لتبادل المعلومات والخبرات وبناء القدرات وفي ميدان استرداد الموجودات والاصول واسترداد المتهمين والمساعدة القانونية لما للعراق من اصول كبيرة قد سرقت ووجود عدد كبير من المتهمين الذين هربوا خارج العراق .
Opinions