كلمة رئيس الجمهورية في احتفالية حزب الدعوة الاسلامية بـ (يوم العراق)
08/01/2012شبكة أخبار نركال/NNN/
نيابة عن رئيس الجمهورية جلال طالباني، القى الدكتور فؤاد معصوم كلمة فخامته في الحفل الذي اقامه يوم السبت 7/1/2012 حزب الدعوة الاسلامية احتفاء بـ (يوم العراق). وقال الدكتور معصوم في البداية :
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم
دولة الاستاذ نوري المالكي شرفني فخامة الرئيس مام جلال بان القي كلمته نيابة عنه ولم يتمكن من الحضور لظروفه الخاصة والا كان مصراً اذا واتته الفرصة ان يحضر بنفسه هذه الجلسة المباركة.
وفيما يلي نص كلمة فخامة رئيس الجمهورية:
"الأخوات والأخوة الكرام
السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه.
طوال عقود من الزمن خاض شعبنا نضالا مريرا ضرب خلاله ايات من البطولة والصمود وقدم الكثير من التضحيات الجسام في سبيل التخلص من نير الحكم الاستبدادي الصدامي. وقد كان تحالف القوى المناهضة للدكتاتورية ركيزة اساسية في ذلك الكفاح، ولا بد من التذكير اليوم بالعلاقات النضالية الوطيدة التي جمعت بين حزب الدعوة الاسلامية والاحزاب والقوى الاخرى ومنها الاحزاب الكردستانية وبينها الاتحاد الوطني الكردستاني وكرسنا جميعنا جهودنا وسخرنا طاقاتنا من اجل رفع الحيف القومي والديني والمذهبي والاجتماعي وفي سبيل انهاء التفرد والهيمنة والدكتاتورية. وقد ساهم ذلك الكفاح المشترك مساهمة حاسمة في تعرية الدكتاتورية وزعزعة اركانها، وجاء الجهد الدولي مؤازرا لارادة العراقيين مكملا لنضالهم من اجل التخلص من نظام الطغيان.
وبعد ان تحقق هذا الهدف وشرعنا في اقامة صرح العراق الديمقراطي التعددي والاتحادي واعادة بناء القوات المسلحة بمساعدة الاصدقاء وبعد ان تمكنا بجهود مشتركة من التصدي للهجمة الارهابية العاتية وافلحنا في اخماد نيران الفتنة ووأد محاولات اشعال نيران الحرب الاهلية حان اوان توقيع الاتفاقيات العراقية الامريكية التي ادت الى انسحاب القوات الامريكية وارسيت ركائز التعاون والصداقة بين البلدين على اساس استراتيجي وفق المصالح المشتركة، وكما تعرفون، أيتها الأخوات والأخوة، فإن هذه اللحظةَ التاريخية التي نجتمعُ من أجلِها لم تبدأ من مغادرةِ جنودِ الولايات المتحدة مؤخراً الأراضي العراقية، وإنما هي قد بدأت قبل عامين حين أُنيطت المسؤوليةُ بقواتِنا من أجلِ حفظِ أمن البلد ومعالجةِ الخروقاتِ التي كانت تحصل ومحاصرةِ قوى الإرهاب والجريمة. وكنا، قياداتٍ والشعب ، نقدِّرُ وندعمُ هذا الدورَ الذي نهضت به قواتُنا ، برغمِ كل مانعرف عن ظروفِ تشكيلِها وعملِها و تجهيزها وتدريبها، وهي ظروف معقدة على أكثرِ من مستوى..إن هذه الاختبارات تسمحُ بالثقةِ بان هذه القوات ستواصل الاضطلاعَ بدورهِا الوطنيِّ المنشود لتأمينِ كاملِ الإستقرار، وتحريرِ الجيش الذي نحتفلُ هذه الايام بذكرى تأسيسه، لمهامِه الأساسية وهي حمايةِ سماءِ وأرض ومياهِ العراق، وهو ما يتطلبُ الكثيرَ من الإلتزاماتِ المترتبة على مختلفِ سلطات البلد، وهي التزاماتٌ لوجستية وتدريبية وفنية وسياسية.
ونركِّزُ هنا على الجانبِ السياسي الذي ينسجمُ مع فلسفةِ دولتِنا الديمقراطية والذي يُملي مسؤولياتٍ شديدةَ الخطورةِ والحساسية، سواءٌ على القياداتِ السياسية أو على قياداتِ المؤسساتِ العسكرية والأمنيةِ.وفي مقدِمةِ هذه المسؤوليات المزيدُ من العملِ المخلص والأمين في دولةٍ ديمقراطية تلتزم بمواثيق حقوق الانسان ويكون فيها الولاءُ للدولة بمفهومِها الوطني العام الجامِع الذي هو أكبرُ من أي انحيازٍ وتمثيلٍ حزبي أو قومي أو ديني أو طائفي..هذه مبادئُ دستورية تمثل معياراً مهماً بين معاييرِ التقدمِ الديمقراطي ونموِّ التجربةِ الديمقراطيةِ الفتية في العراق..ونطمحُ ونسعى الى أن يكونَ العملُ عليها بمنتهى الجديةِ التي تؤمِّنُ جيشاً قادراً على حمايةِ البلدِ من أيِّ اعتداءٍ خارجي وقواتِ شرطةٍ وامن واستخباراتٍ مؤهلةً لتأمينِ بيئةٍ وطنيةٍ آمنة ومستقرة.
إن كلَّ هذا يتطلبُ استقراراً سياسياً وجواً من الحراكِ السياسيِّ المحكومِ بمبادئِ الدستور والمراعي للقوانينِ والاتفاقاتِ بين قوى العمليةِ السياسية، وهذا ما عملنا خلال هذه السنواتِ ونعملُ من أجلِه بدأبٍ ومسؤولية في هذه الظروفِ الذي نمرّ بها، وهي ظروفٌ لا يجوز التهوينُ من مدى خطورتِها الا بمقدار ما نكون حريصين فعلا على تجاوزِها بالتفاهمِ الوطني المسؤول والمنطلقِ من مبادئ الدستورِ أولا ومن الاتفاقاتِ التي جرى بموجبِها البناءُ السياسيُّ بعد انتخابات 2010 ومن الحواراتِ واللقاءاتِ التي جمعت مختلفَ الأطرافِ خلال العام الماضي وذلك بهدفِ الوصولِ العملي الى نقطةِ انطلاقٍ جوهريةٍ في تاريخِ العمليةِ السياسية، وهي نقطة تقدر أهميةَ المناسبةِ التي نحتفل بها وتقدّر جسامةَ المسؤوليةِ الوطنية والأخلاقية والسياسية للجميعِ من أجلِ عراقٍ ديمقراطي اتحادي حرٍّ كريم.
لن نبلغَ، أيتها الاخوات ايها الأخوة، نقطةَ الانطلاقِ الجوهرية هذه من دونِ تفاهمٍ وطنيٍّ يكون فيه مبدأُنا الأساسُ هو الانتصار للعراق الديمقراطيِّ الاتحادي الحرِ العادل، وانا واثقٌ من أن جميعِ الأخوة في مختلفِ القياداتِ الوطنية يشاركوننا، بهذه الدرجة او بتلك، المشاعرَ والقناعاتِ ذاتَها، فلا ضمان لأيٍّ منا غيرُ الديمقراطية، ولا حافظَ لدولتِنا غيرُ العدل، ولكنني أجدُ من المسؤوليةِ الإشارةَ هنا الى أن التوافقَ، أيَّ توافق، لا يقوم إلا على أساسِ القواسمِ المشتركة التي تتطلب من الجميعِ التنازلَ عن بعضِ الخصوصياتِ الضيقة لصالحِ ما هو مشتركٌ وما يُديم هذه المشاركةَ ويقويها.
إن المسؤوليةَ الوطنية تُملي علينا أن تكونَ مناسبةُ حفلِنا عاملاً مهما لتوحيدِنا واتفاقِنا..وأثقُ تماماً أن هذا ما يأملُه الشعبُ منا ويتمناه كلُّ الحريصين على نجاحِ تجربةِ العراقِ الجديد، وهي تجربةٌ ما زالَ الكثيرون من المخلصين ينتظرون منها العِبرةَ الإيجابيةَ في بناءِ الديمقراطية من بعدِ ما حاولَ بعض من الإعلام الخارجي المضلِّل أن يكرّسَ صورةً شوهاءَ سوداءَ عن تجرتِنا ومن خلالِها عن الديمقراطيةِ التي جرى تصويرُها على أنها مَجلَبةٌ لكلِّ الشرور.
أن أفضلَ مانهنئُ به شعبَنا في مثل هذا الاحتفال هو وصولُنا الى اتفاقاتٍ ناجزة، ننتهي معها من الشدِّ والجذبِ الذي يعكِّرُ صفوَ المزاجِ العام، ويمنحُنا فرصةَ العملِ معاً على بناءِ العراقِ وخدمةِ شعبٍ يستحقُّ الكثير.
أحييكم أخواتي وأخوتي جميعا..وليوفقَنا اللهُ الى ما فيه خيرُ هذا الشعبِ الرائع ورفعةِ العراقِ العزيز، وليباركُ لشعبِنا صمودَه وصبرَه وتطلعَه الى مستقبلِه الذي يستحق.
والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.
جلال طالباني
رئيس الجمهورية"