Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

كلنا كلدان وكلنا آشوريون وكلنا آراميون سريان

بعد قراءتي لمقال الاستاذ وسام كاكو حول رأيه بخصوص التسمية الشعبية وفرقها عن التسمية القومية ، اثارت عندي بعض الافكار البسيطة التي وددت ان اسطرها هنا ، علما انني اعتبر ان هذا الموضوع هو سابق لأوانه ومن الممكن ان يحل فيما اذا امتلك شعبنا اطاره السيادي مهما كان صغيرا ، عموما لابأس من تبادل بعض الافكار في هذا الخصوص لتكن تمهيدا لما يمكن طرحه لاحقا عندما تحين الفرصة ، حقيقة لقد اثار الاستاذ وسام نقطة مهمة عندما شخص النخب الكلدانية التي نادت بالاستقلال القومي الكلداني لاسباب الخلط الذي حدث عندها ما بين المفهوم الشعبي والمفهوم القومي والتسمية المستخدمة فيهما ، وهنا أود ان اشير الى مسألة مهمة وهي ان هذه النخب الكلدانية حقيقة لا تعرف ماذا تريد وهي كذلك ليست نخب محترفة العمل القومي ، كما تطرق الاستاذ وسام أيضا الى نقطة مهمة أخرى وهي رأيه حول الفرق ما بين المفهوم الشعبي والمفهوم القومي وتفضيله تبني الشعبي واهمال او ترك المفهوم القومي جانبا لما يحمله من عناصر قد تؤدي الى التفريط ببعض النخب ومن بينها كما شخصها الاستاذ وسام النخبة الكلدانية القومية التي تنادي بالاستقلال القومي الكلداني ، فكما بينت اعلاه لقد أثارت عندي هذه الاراء رغبة في مناقشتها بغية المنفعة العامة .
حقيقة كتبت مقالات عدة حول المسألة القومية بصورة عامة وهي مستخلصة من خبرات الشعوب الاخرى كالفرنسية والايطالية والالمانية وحتى الشعوب المجاورة لنا مثل العرب والكورد وكذلك مقالات اخرى حول المسألة القومية عندنا ، كان مجور هذه المقالات مسالة مهمة وهي كون شعبنا من ابناء الكنائس الرسولية الخمس يشكلون قومية واحدة لا تمتلك اسم قومي مشترك لاسباب عدة ، لكن هنالك ايضا تناقضات وعقد في هذه المسالة تتطلب عملا وجهدا جبار من اجل حلها ، فالمسالة ليست واضحة وهنالك خلط مابين الواقع والطموح ، وما بين ميول الناس ورغبات النخب ، فهنالك الى الان نسبة غير قليلة من ابناء شعبنا المنتمين الى كنائسنا الكلدانية والسريانية بشقيها لايعتبرون انفسهم ينتمون الى قومية معينة حيث لا تتجاوز هويتهم كونهم مسيحيين عراقيين وحسب ، لكننا نحن النخب السياسية والمهتمة بشأننا الداخلي ندعو كوننا نشكل قومية وننتمي الى هوية قومية مميزة لاسبباب واضحة وعديدة ولدوافع ستراتيجية موضوعية ، طبعا لسنا جميعا نسير في نفس الطريق ونمتلك عين التوجهات ، فهنالك من يتمسك باسم ما كأنه أله لايمكن التفريط به ، بينما هنالك وانا من بينهم من نعتز بكل الاسماء والتي نعتبرها ملكا لنا جميعا ويجب ان لا نفرق بينها ، فبرأيي من يفضل اسم على آخر و يرفض الاسماء الاخرى وهؤلاء هم من شخصهم الاستاذ وسام ( النخب الكلدانية القومية الذين ينادون بقومية كلدانية مستقلة ) فهم يضعون انفسهم في زاوية ضيقة جدا من خلال تبنيهم لفكر إقصائي متعصب وعنصري مبني على تمسكهم بهوية طائفية (كنسية) لا هي دينية كونها لا تمثل عموم المسيحية ولا هي شعبية كونها طائفة من شعب واحد ، ويحاولون ان يرفعوها الى اطار قومي متين ، بينما جزءا منهم يدعو لكي ينال مكاسب باسم عموم الشعب ويطالب بتسنمه مناصب عليا كمسؤل عن الشعب كله وهو لا يقبل ان يعتبر نفسه جزء من عموم هذا الشعب ، فشعاراتهم ( الشعب الكلداني ، الامة الكلدانية ، اللغة الكلدانية ) وليس فقط ( القومية الكلدانية) وحتى شعارهم ( شعبنا الكلداني والسرياني والاشوري ) فهو يشير الى ثلاث شعوب حقيقة ، فهؤلاء بطبيعة الامر من غير الممكن احتسابهم على الطرف السياسي لشعبنا لعدم اتباعهم لفكر بناء واضح ، وبذلك فمن الخطأ بناء توجهاتنا بموجب توجهاتهم .
المسألة الاخرى التي اثارها الاستاذ وسام وهي الفرق ما بين المفهوم القومي والشعبي ، نعم هنالك فرق غير قليل ما بين الشعبي والقومي ، كما ان هذه المسألة حقيقة ليست محصورة بنا نحن فقط مسيحيي العراق بل لديها تاثير واسع على غيرنا ايضا ، فهنالك تيار عراقي كانت له مساع كبيرة لتكريس هذا الامر والى الان موجود صداه عند نخب عراقية غير قليلة تتخذ من فكر يتبنى المفهوم الشعبي أو الشعبوي ، حيث ان هذه النخب تنطلق من فكرة محاولة معالجة المشاكل القومية في العراق من خلال تبني مفهوم الشعب العراقي او الامة العراقية كهوية عليا ، لكونها مؤمنة بأنه من أسباب المشاكل في العراق هو الفكر القومي العروبي الذي عمل هذا الفكر الى تمزيق الاصرة العراقية من خلال خنق الهوية العراقية واغراقها ضمن هوية أخرى مخترعة (عربية كبرى) لا تمت بصلة بجزء كبير من ابناء العراق ، لذلك ظهرت المشاكل القومية في العراق بسبب النهج الاقصائي عند حملة الفكر القومي العربي ، فلمعالجة هذه المشاكل رفعت تلك النخب شعارات الوطنية واعتبار الهوية العراقية هي اعلى هوية ، ولقد تم بالمقابل محاربة هذا التيار ووصمه بصفة الشعوبية كتهمة جاهزة وتقليدية ، على الرغم من وجود بعض الثغرات في هذا المفهوم لكن حقيقة هنالك ايضا جزء كبير منه يحمل مزايا صحيحة وسليمة ، ففي حالة العراق المتعدد القوميات فلو كان قد بني اصلا على اساس المفهوم الوطني البعيد عن الشعارات القومانية العروبية منذ البداية لما حصلت اغلب المشاكل التي لازلنا نعيش اثارها الى الان، أما ما يخص حالتنا نحن مسيحيي العراق الان في ظل العراق الحديث وخصوصا في هذه الفترة الاخيرة فأن الامر مختلف عن المفهوم الاول الذي تكلمت عنه الان ( الحالة العراقية عموما) ، حيث اننا اولا نعيش في ظل وضع عام معقد ومتناقض ، فلا هوية وطنية موحدة لعموم الشعب العراقي ، ولا هوية دينية موحدة ايضا لعموم هذا الشعب ، فمثلا هنالك شعب كوردستان ، الذي يفترض ان يكون جزء من الشعب العراقي ، هنالك الشعب العربي او الامة العربية الذي يفترض ان يكون العراقيين جزء منهما ايضا ، فهل من الممكن ان يكون شعب ما ( شعبنا نحن مثلا ) جزء من شعب اخر ( الشعب العراقي ) والذي بدوره جزء من شعب اخر (الشعب العربي ) بينما الشعب الاول لا يمت بصلة الى الشعب الثالث ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فان شعبنا جزء منه هو جزء من شعب كوردستان وجزء آخر منه جزء من العراق !
فمن الناحية المفترضة هنالك في بلدنا شعب واحد هو الشعب العراقي ، ونحن جزء من هذا الشعب وبذلك فان التركيز على مسألة المفهوم الشعبي عندنا هي مسألة غير صحيحة الى حد ما ، فالانسان بطبيعته يتفاعل مع محيطه ومن غير المستحسن فصله عن هذا المحيط ، فالمسيحيين من سكان بغداد هم جزء من تلك البيئة قد يختلفون عن المسيحيين من سكان محافظة نينوى وكذلك عن مسيحيي اقليم كوردستان في مسألة التعاطي مع المسائل الخاصة بكل منطقة ، ولكن ابناء الكنائس الخمس ( الكلدانية والاشورية بشقيها والسريانية بشقيها ) تربطهم روابط وأطر قومية مشتركة ، فمصالحهم مشتركة ولغتهم واحدة وتأريخهم واحد وذكرياتهم واحدة ، لكن تتطلب عملا وجهدا من أجل تكريس هذه الروابط وأعطاءها الاطار المناسب لتحقيق الذات القومية من خلال قيام وجود سيادي ضروري عندها ستعمل الظروف الموضوعية فعلها الحتمي بخلق شعب قائم بذاته ، أما حالة الازدواجية التي نعيشها الان فبالتأكيد لن تستطيع حل مشاكلنا المزمنة، فأن لم نركز على العمل القومي الحقيقي المحترف لن يكون هنالك عمل مؤسساتي شعبوي ، وهذا بدوره يتطلب خبرة سياسية في التعامل مع عموم الواقع السياسي لعموم الشعب العراقي الذي ننتمني اليه .
لانريد ان نرجع الى المربع الاول ، على الرغم من أن ماحصل من أحداث دراماتيكية مؤسفة هو عودة جبرية للمربع الاول ، لكنه بالتأكيد لن تتوقف الجهود في مسيرة العمل القومي والتي تعتبر مسألتي الوجود القومي و الوحدة القومية جزء مهم منها ، لكن يتطلب من الجميع ادراك الواقع والانتباه الى ان النتائج غالبا لاتأتي كما هي المقاصد المخطط لها مسبقا .
Opinions