لا تنتخب هؤلاء
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COMالحديث في هذا المقال، عن منهجية وليس عن نماذج، عن قاعدة وليس عن مصداق، استقيتها من خلال متابعاتي الدقيقة لمسيرة سياسيين ارتقوا سلم المسؤولية منذ سقوط الصنم في العراق في التاسع من نيسان عام 2003 ولحد الان، تابعتهم تحت قبة البرلمان وفي اجتماعات الحكومة وبقية مؤسسات الدولة العراقية الجديدة، استمعت لهم وهم يتحدثون في الاعلام، يصرحون ويحاورون، يناقشون ويجادلون.
مسؤوليتي، هي ان اشخص المنهج، اما المصداق فعلى (المكلف) الناخب هنا، ان يبذل جهده لاكتشافه، كل في دائرته الانتخابية، ليتحمل المسؤولية امام الله تعالى وضميره.
عنوان المقال يحمل جنبة سلبية، فلماذا لم اقل مثلا، انتخب هؤلاء، فاخط الاثبات بدل النفي؟.
الجواب، لانني اريد ان اقرع ناقوس الخطر في ذهن الناخب، فان يعض كلب رجلا ليس بخبر، اما اذا عض رجل كلبا، فذلك هو الخبر، اليس كذلك؟.
والان، من هم هؤلاء الذين يجب ان لا نصوت لهم، فلا نمنحهم الثقة في الانتخابات القادمة؟.
اولا: الكذاب، الذي يعد ولا يفي، ويوقع ولا يلتزم، وينصح ولا يتحلى، ويهدد ولا ينفذ، ويعظ ولا يتخلق، ويتهم بلا دليل، ويدعي بلا اثبات.
ثانيا: المهرج الذي يعشق الظهور بالاعلام بلا نتيجة، يثرثر اذا سئل، ويكشف اسرار الدولة اذا حاصره مراسل، ويصرخ اذا وجهت له تهمة لم يكن قادرا على ردها.
ثالثا: الذي لا نسمع له صوتا الا في ايام الانتخابات، ولا نرى صورته الا في الحملة الانتخابية، ولا نطلع على بطولاته وصولاته وجولاته الميدانية، الا عندما يريد التشبث بمقعده تحت قبة البرلمان.
رابعا: الذي يدعي ما ليس فيه، فيصادر نجاحات الاخرين ليسجلها باسمه، لا يرى الا نفسه، ولا يحب الا ذاته، اذا سئل عن انجازاته اختلقها اختلاقا، واذا سئل عن انجازات غيره، قال: لم اسمع عنها شيئا.
خامسا: الذي لا يقرا، فهو بالنتيجة لا ينتج، لانه عديم الخلفية الثقافية التي تؤهله لان ينتج الافكار التي تنتج المشاريع، الامر الذي نحتاجه تحت قبة الربلمان، ولذلك فان مثله لا يسمع لنقد الناقدين، فلا يصحح، يطرب للمديح ويطير فرحا للثناء، فتراه لا يجمع من حوله الا كل مداح وطبال ومستفيد ومصلحي، يمتدحون الباذنجان اذا احبها صاحبهم ويذمونها اذا ذمها، وشعارهم، اننا خدام الملك وليس الباذنجان.
سادسا: الذي لا يدخل قاعة البرلمان الا اذا تلقى رسالة قصيرة او (مس كول) على حد قول العراقيين النجباء، على هاتفه النقال، من شيخ القبيلة ياذن له بحضور الجلسة.
سابعا: الذي لم يتعامل مع الموقع كمسؤولية، وانما كامتياز او تميز، فقدم مصالحه الخاصة على مصالح الناخب، ومصالح الجيران على مصالح البلاد، ومصالح الخاصة على مصالح العامة.
ثامنا: الذي سرق وافسد وارتشى، او تستر على اللصوص والمفسدين والمرتشين.
تاسعا: الصم البكم العمي، فهم لا يعقلون.
الفارغ من شئ، المنفوخ هواءا، الذي يقدم لك نفس المشروب ولكن معبأ بزجاجة جديدة فقط، على حد قول المثل المعروف.
عاشرا: عديم الطعم واللون والرائحة، الامعة الذي شعاره (حشر مع النواب عيد) و (اعصبها براس زعيم القائمة واخرج منها سالما) الذي وافق على تحرير استقالته وتسليمها الى زعيم القائمة التي رشحته، فقط من اجل ان يضمن الترشيح، عسى ان يفوز بمقعد تحت قبة البرلمان.
حادي عشر: الثرثار في حديثه، الذي يخلط عملا صالحا وآخر باطلا، ليوهم الناخب ويخدع الناس.
ثاني عشر: الفاشل في علاقاته العامة، فلا يسال عن الناخب الا ليلة (العشاء الاخير) واقصد بها ليلة الانتخابات، ينام في الاجتماع اذا حضر، ولا يستعد لجسلة، او يقدم مشروعا في دورة برلمانية، خطابه استعراضي، وحديثه انتخابي، وانتقاده انتقائي.
ثالث عشر: المتستر بالدين والزي والشعارات البراقة والرموز المقدسة والحديث المعسول والارث العائلي، الذي همه خداع البسطاء، وتضليل الطيبين من الناس، الذين ينظرون الى المظهر ولا يغوصون في الجوهر عندما يريدون تقييم المرشح.
رابع عشر: ضيق الافق، الذي لا يرى ابعد من ارنبة انفه، تفكيره تكتيكي، واحاديثه آنية، لا يفهم معنى الاستراتيجية، ولا يحمل في ذهنه رؤية بعيدة المدى والنظر.
خامس عشر: المهزوم امام نفسه الامارة بالسوء، الذي تدني نفسه على قوت الايتام والارامل والفقراء، يتحين الفرصة ليسطو على حقوق الاخرين، فيغتنم اكلهم، الذي تقهره الشهوات، فلا يقدر على كسرها اذا ما تجلت له، متسلح بحجج واعذار مختلفة.
سادس عشر: المشبع بروح الانتقام والكراهية للاخر، يحن الى الماضي ويسعى لاسترجاع ثقافته الى الحاضر، يميز بين العراقيين، تارة على اساس الدين، واخرى على اساس المذهب، وثالثة على اساس القومية او المناطقية او الحزبية او اي شئ آخر.
سابع عشر: متطرف، تارة ذات اليمين واخرى ذات الشمال، لا يعرف معنى للوسطية، يجهل طرق العدل، ولا ينتبه لرضا العامة.
ثامن عشر: المهرج الذي لا يؤتمن على سر الدولة، ولا يستر عيوب الناس، يبحث عن معائب الاخرين ليبتزهم عند الضرورة، لا يرحم ولا يغفر ولا يعفو.
تاسع عشر: بخيل جبان حريص سيئ الظن بالله وبالناس، يخشى مر الحق، ويستريح للاطراء والمديح والتبجح، فيزهو كذبا ونفاقا.
عشرون: معجب بنفسه، واثق بذلك في غير محله، يمن على الناس اذا عمل خيرا، ويحتجب عنهم اذا اخطا، يتعجل الامور في غير اوانها، او يتسقطها عندما يتمكن منها، او يلج او يهن بلا دراية، فتراه، لكل ذلك، يفرط ويضيع ويظلم.
واحد وعشرون: يستاثر ولا يؤثر، اناني النزعة، يحب لغيره ما يكره لنفسه، ويكره له ما يحب لنفسه.
اقصائي، متآمر، همه الغاء الاخرين، وتمكين جماعته وخاصته من رقاب الناس، بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
اثنان وعشرون: لا يحترم احدا، ولا يوقر عالما، ولا يعطف على محتاج او فقير او ضعيف، يحب المدح ويطرب للغيبة ويهوى التسقيط.
لقد سال رجل الامام الحسن السبط عليه السلام ان يكون من جلسائه واصدقائه، فقال له عليه السلام:
اياك ان تمدحني فانا اعلم بنفسي منك، او تكذبني فانه لا راي لمكذوب، او تغتاب احدا عندي.
فقال له الرجل بعد ان سمع هذه الشروط: اتأذن لي في الانصراف؟ فقال له نعم اذا شئت.
ثلاث وعشرون: الذي يتصرف بعقلية المعارضة وهو في موقع السلطة، فيسعى لادارة البلاد بعقلية المنظمة السرية، ويدير الاجتماعات بطريقة الحلقة الحزبية.
اربعة وعشرون: وقبل كل هؤلاء، الذي تفوح منه رائحة الماضي الاسود العفنة، الذي يحن الى الماضي ويتقمص شخصيته، يروج له ويبرر لظلمه، يحاكي رموزه وثقافته واخلاقياته ووسائله باي شكل من الاشكال.
خمسة وعشرون: المازوم المتشنج، الذي يثير الفتن، سواء بين العراقيين او بين الاطراف السياسية او مع الجيران، بمناسبة ومن دون مناسبة، وكانه لا يجد نفسه الا عند الازمات، يتلذذ بمعاناة الناس، ويهوى الخصومات، لا يساعد على تهدئة الامور، ولا يسعى لاصلاح ذات البين.
ستة وعشرون: الذي جربناه، فلا ينبغي ان نجربه مرة اخرى، مهما اقسم او وعد او امضى على الوثائق، ففي الحديث الشريف {من جرب المجرب ندم}.
هنا لا بد من الجواب على سؤالين يترددان في ذهن الكثيرين، او انهما من دعايات المشاغبين احيانا:
الاول؛ يقول، دعوا اللصوص يعودون الى موقع المسؤولية، فهؤلاء شبعوا من السرقة بعد ان املوا جيوبهم بالمال الحرام، ولذلك فسوف لن يسرقوا اكثر مما سرقوه، اذا عادوا الى مواقعهم، فلماذا ننتخب مرشحين جدد، سيبداون بالسرقة من البداية، ممن لم تتلوث ايديهم بالحال الحرام؟.
الثاني؛ اذا اردنا ان نستثني كل هؤلاء الذين ذكر المقال مواصفاتهم، فمن بقي اذن لننتخبه؟.
ان مبدا السؤالين واحد، وهو سوء الظن بالشعب العراقي، فهما يفترضان ان كل العراقيين لصوص ومتسترون وفاشلون، ولذلك فهما لا يميزان المرشحين احدهما عن الاخر، على اعتبار ان الجميع يتصفون بذات الصفات السيئة.
ان هذا خطا في خطا:
فليس كل المرشحين بنفس الصفات، حتى نفترض ان هزيمة السيئ في الانتخابات ستنتج سيئ آخر مماثل ومشابه له في الصفات، ومختلف معه في الاسم او الزي او ما اشبه.
ان في المجتمع العراقي، وبين المرشحين، الكثير جدا من العناصر النظيفة والحريصة والنزيهة والمخلصة، اما المفسدون فهم زمرة قليلة، يمكن عزلها عن مواقع المسؤولية، خاصة من ثبت للجميع انه كذلك.
ومن اجل ان نتحاشى هذه النماذج السيئة، ادعو الناخب الى ان يؤشر على اسم المرشح المفضل حصرا، وليس على القائمة، فكما هو معلوم فان في كل قائمة الغث والسمين من اسماء المرشحين، ولذلك فان واجبنا هو ان نلتقط افضل الاسماء لنؤشر عليها من بين مجموع المرشحين في كل دائرة.
يجب ان لا يعير الناخب اسم القائمة او رقمها الكثير من الاهتمام، وانما عليه ان يهتم باسم المرشح الذي سيمنحه الثقة، لنساهم في فوز اسماء نظيفة وغير ملوثة بالفساد واللصوصية والانتماء الى الماضي، ولنساعد الكفوئين على تسنم مواقع المسؤولية، بارصدتهم الشخصية، وليس برصيد القائمة او زعيمها، الذي سيظل يمن عليه فوزه كلما حاول ان ينتقد او يخرج عن المسار العام لسياسات القائمة التي رشحته.
ان تاشير الناخب على اسم المرشح، وليس على اسم القائمة، يمنحه فرصة غربلة الاسماء والقوائم، فلا نقع في فخ التعميم الذي نصبه لنا قانون الانتخابات عندما اقر نظام القائمة (نصف المفتوحة) وليس نظام القائمة المفتوحة، وهو النظام العالمي المعمول به في كل الدول الديمقراطية او التي تعيش هامش من الديمقراطية.
اخيرا: اذا كنت تجهل المرشحين، فاسال عنهم اهل الخبرة وذوي المعرفة، من الثقاة الذين جربتهم فيما مضى عند السؤال، ممن ينطبق عليهم القول {المستشار مؤتمن} فينصحون ويؤتمنون، ولكن، لا تسال قبل ان تستنفذ جهدك الشخصي.
30 كانون الثاني 2010