Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لا زالت الأجندات الدولية والإقليمية عاجزة عن نزع فتيل الملفات الساخنة في الشرق الأوسط

يزداد الإنشغال الدولي ( الإقليمي والعالمي ) بمشاكل الشرق الأوسط ، المنطقة التي تعددت فيها ملفات معقدة باتت جميع الحلول المطروحة تصطدم بها وتتحول سدماً ، تتلاشى كلما اقتربت من تلك البؤر الساخنة . هذه هي حال المنطقة المتأزمة التي تحولت الى ساحة تسويق الخطط والمشاريع والمساومات على اشكالها ، يتم من خلالها ايجاد الحد الأدنى من التوافق للإمساك برأس الخيط الذي ينضد اوراماً تتوزع على ارض دول عديدة فيها .
كان الورم المزمن الذي يهدد المنطقة منذ الربع الأول من القرن المنصرم ولحد هذا اليوم ، القضية الفلسطينية صاحبة اقوى التداعيات على عموم الساحة العربية الشرق أوسطية ، حيث اشاعت فيها عدم الإستقرار لعقود من السنين حتى تراكمت الأزمات السياسية لتتحول الى اورام ، كما نشاهدها اليوم فـي الساحة اللبنانية والعراقية . وبتتابع الإصطفافات بسبب الأحداث الداميـة التي عصفت فـي المنطقـة ، ظهر ورم آخـر فـي إيـران من عاملين الأول منعكس مـن سياستهـا فـي إيجاد محـاور وإقامـة تحالفات ، تمكنها من خلق حضور قوي لها في مسرح الأحداث ، كقوة صاعدة تمتلك الحق والقدرة على المشاركة الفعالة في التسوية السياسة العامة لمشاكل المنطقة ، والثاني من ملفها النووي الذي يشارالى خطورته على مستوى الدولي والإقليمي .
ولما نعرِّف الملفات هذه بالأورام ، نعني بها حالات مستعصية تهدد أمن واستقرار ومستقبل شعوب المنطقة وتكلفها ثمناً باهضاً مادياً وبشرياً .
والطامة الكبرى في هذه المصيبة ، تكمن في تأثير هذه الأورام احدها بالآخر كأنها معقودة مـع بعضها ، الى درجة بات من الصعوبة أخذها على انفراد لمعالجة واحد تلو الآخر ، وذلك لكثرة المؤثرات الدولية والإقليمية عليها ، بحسب ما تمليه مصالح دول ومنظمات سياسية متعددة . وعلى ضوء التخبطات ونتائج الفشل التي انتهت اليها كل المحاولات الدبلوماسية لإيقاف حالة التدهور الأمني والسياسي في العراق ولبنان ، نستشف بأن ملف القضية الفلسطينية الذي مــر عليه ـ كما اسلفنا ـ نصف قرن تقريباً ليس أكثر تعقيداً من ملفي هاتين البلدين . وتدلنا كل الوقائع ونتائج المساعي في العراق ولبنان ، بأن ليس هناك حلول شافية قريبة لإنهاء التأزم فيهما. ومن السذاجة بمكان التسليم بأن ما يدوراليوم على ارضهما هـو مجرد صـراع طائفي وليس مسلسلاً سياسيـاً خطـراً ، يحتوي على سناريوهات لدول عديدة من المنطقة وخارجها ، وتتنافس فيه إرادات متباينة تجسد التباعد والتضارب في المصالح .
اربع ملفات تشغل العالم ، والمنطقة تضج في اللقاءات السياسية والمؤتمرات والجولات الدبلوماسية وفي النشاط الإعلامي ، وليس هناك مؤتمر خلا من مراهنة على نتيجة إيجابية في وقائعـه ، كمـا كـان الحال في المؤتمر الدولي الذي تم عقده في ( أنابوليس ) الأمريكية ، لإيجاد حـل للقضية الفلسطينية ، لكن بعد انفضاضه وإذا بورقة الرهانات محروقة سلفاً بسبب ضياع الصدقية في مواقف ونوايا أصحاب القضية . وهذا ما يحصل مع قضية لبنان وفي المؤتمرات الدولية والإقليمية العديدة بشأن الملف العراقي . جل حل المف الأمني العراغقيا

هكذا يتوالى تنظيم الدورات لهذه الجولات الدبلوماسية التي اصبحت اشبه بتنظيم دوري للبطولات الرياضية . ولا غرابة في ذلك ، طالما كانت هذه المنطقة ساحة رحبة لممارسة العاب دبلوماسية سرعان ما يتم تسويفها من قبل التيارات السياسية العنيفة صاحبة الولاءات المتعددة ، التي تستهين بمصلحة الوطن ، وهذا ما هو مشهود على صعيد الساحة العراقية واللبنانية والفلسطينية .
وإذا استدركنا الإعتقاد الخاطىء الذي يعزو سبب وصول هذه المنطقة الى شفير الخطر المخيف الى عوامل التدخلات الخارجية ، لا بد أن نأخذ الوضع السياسي والإجتماعي والثقافـي لشعوب المنطقــة ( اللبناني والعراقي والفلسطيني والإيراني ) بعين الإعتبار كعامل مهم في كل ما يدور اليوم في هذه الساحة . إذ لا جرم بأن دور الأنظمة الشمولية في هذه البلدان ـ وخاصة ذات التوجه الشوفيني والديني ـ كان دائماً العامل المهم في تكريس حالة التخلف عند شرائح واسعة مـن جماهير هـذه البلـدان ، وذلك بسب اعتماد سياسية القمع في صفوفها الى جانب إثارة مشاعرها بشعارات رومنتيكيـة ، من اجل وضعها طوع المنهج المفروض ورهنِ الأجندات والسياسة الفاشلة لعقود من السنين . كما وأن تمكن الأصوليين المتشددين من التمحور في هذه البلدان كقوة مدعومة سياسياً ولوجستياً ، ولد موازين قوى جديدة لها حضورها في عملية وضع الحلول للمشاكل التي نحن بصددها ، وذلك بالتنسيق مع إيران وسوريا الداعمتين لهذه القوى ، لتكون جزءاً لا يتجزء من التحالف الإيراني السوري الذي له باع طويلة اليوم في ترتيب الأوضاع ما بين إيران والعراق ولبنان وفلسطين .
إذن يكون الوضع الداخلي المنهار في الشرق الأوسط ، هو العقبة الكأداء في فشل كل محاولات الخروج من دهليز الأزمة الكبرى التي تهدد المنطقة ، ونحن بهذا لا نزكي الأجندات الخارجية الموضوعة في سياق الحلول التي تتطرحها القوى الخارجية . Opinions