Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لانحب ولاندع غيرنا أن يحتفل بعيد الحب !

تواريخ ثابتة لايمكن تجاهلها ، أساسها حب ونهايتها تضحية ، وما التضحية بتقديم الذات إلا قمة الحب . وللحب نبع ينضح منه وهذا النبع ينضح ولا يجف ، ومن يعرف مكان النبع الحقيقي ويغرف منه ليروي حاجته من الحب سيكون جدولاً لهذا النبع حتى وإن رأيناه أشقى الناس كالقديس فالنتاين الذي طمر الشر جدوله والشرير لايعلم أن جدول مثل هذا لاينتهي بل يجد عدة مسالك تروي المروج الخضراء بماءها العذب ، ماء الحب ، ماء الحياة .
المحارب فالنتاين الذي لم ينحني أمام القانون الأرضي المجحف الذي سنه أحد ملوك الرومان ( يمكن أن يكون إسمه كلوديوس ) بتحريم الزواج على جنوده الذي عرف عنهم جبروتهم وصلابتهم ، كما عرف شغف ملوك الرومان بالحروب التي بنوا عليها مجدهم . والكاهن فالنتاين الذي عارض هذا القانون الجائر بسبب حبه للشباب وللإنسانية بشكل عام ، فما كان عليه إلا تزويج العشاق سراً بعد أن باءت كل محاولاته مع الملك للعدول عن قراره لكن دون جدوى ، إذ كان الملك كثير التذمر من فالنتاين وكنيسته التي أصبحت منبراً لنشر السلام ونبذ الحرب . وقد وصل على أسماع الملك كثرة الزيجات التي تمت على يد هذا الكاهن الشجاع فأمر بقتله وصلبه ثلاثة أيام ليعتبر كل من يراه . وحدث ذلك يوم الرابع عشر من شباط والذي أصبح مناسبة يتذكر بها الرومان هذا الإنسان الذي كان سبب في تكوين اُسر عديدة منهم . فهل إنتصر الشر بموت فالنتاين ؟
سقط الملك عن عرشه بعد أسابيع من مقتل القديس فالنتاين أثر ثورة قادها المحاربون الذين تألموا من قرار الإعدام الجائر هذا ، ولاحاجة بنا للتعليق على هذه الثورة .
اليوم تنوعت الإحتفالات في هذه الذكرى المؤلمة المفرحة ، وإن لم يقف أحد عند الدرس الأخلاقي الذي قدمه قديسنا العظيم ، إلا إن لهذا اليوم أهميتة وجماليته . لقاء الأحبة الرومانسي ، إحتفالات مبهجة ، سباق الهدايا ، شباب في مقتبل العمر يهنئون بعضهم بتعابير حب ، كل شيء أحمر وليس فيه دم ، بل أحمر يرمز إلى الحب ، أشعار وخواطر جياشة ، غزل وكلمات عذبة ، عجائز يقدمون ورود لبعضهم . ماذا نستشف من كل ذلك ؟ نعلم بأن أكثر المبتهجين بهذا اليوم هم عشاق المادة من تجار وأصحاب متاجر ، ونعلم بأن هذا التقليد هو تقليد غربي ودخيل على الشرق ، ونعلم بأن هناك من يسيء بطريقة إحتفاله إلى شفافية الحب ، لكن أقلّها بأن في هذا الزمن من كل سنة يتحول غالبية العالم إلى فرح ، وجوه مبتسمة ، ولون أحمر خلاب يُجمّل كل شيء ، أغنيات حب تسمع من هنا وهناك ، وكلمات حب نلطف بها مسامعنا والتي تصدأت من كلمات الحروب ومرادفاتها ، وبرامج إذاعية وتلفزيونية تتكلم عن الحب ، فلماذا نرى هناك من يحارب هذا الحب ؟ سمعت وقرأت وعن لسان رجال دين وأشخاص ناضجين من شباب ومتقدمين في العمر قليلاً وهم يحثون على عدم الإحتفال بهذا العيد ، فبعضهم من يقول إنه عيد دخيل وآخرين يقولون بدعة وغيرهم يريد تحريمه في الشرق ويعطي النصح لمن في الغرب على الإستخفاف بهذا العيد ، وجميعهم لهم وجهات نظر مقنعة وصحيحة ، لكن ماهو البديل ؟ المعنى الروحي لذكرى القديس فالنتاين تبقى لاتتغير ، والعبرة من الحدث مفيدة للإنسانية قاطبة ، إلا إن الإسلوب في الإبتهاج يختلف من شخص إلى آخر ، فهناك من يحتفل بحب رقيق وأخلاقي وهناك من يسيء بطريقة إحتفاله ، لكن الواضح من الإطار العام للمحتفلين من إن الحب والشفافية في هذا اليوم أكثر نسبة من الأمور الثانوية الرخيصة ، وهذه النسبة وبحسب رأيي أفضل من لاشيء . ولنتأمل أيضاً الطابع العام لهذه الذكرى ، فإن غالبية المحتفلين يبحثون عن كلمات رقيقة وورود جميلة وأماكن دافئة وإبتسامات عريضة ، فلماذا نحزن ؟ فإذا كان شرقنا العزيز يفتقد إلى الحب ، ويفتقد لمن يعرف كيف يحب ويزرع الحب في مجتمعاتنا ، فلماذا لانستورده ؟ فكما حورب فالنتاين بسبب حبه للناس والخير كذلك نرى اليوم من يكره رؤية الحب ويريد إعدامه وما إحتفالهم بهذه المناسبة إلا لعطشهم للحب ، وكل فالنتاين والحب في نموا . Opinions