Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لتكن القوش فوق فلسفة: انا اعترض إذن انا موجود./ الحلقة الثانية

في جانب من إحدى مظاهرمايسمونه بديمقراطية ما بعد سقوط النظام السابق, إعتلت أبواب بعض دور وبنايات مدينة ألقوش يافطات وأعلام تعلن عن مقرات لأحزاب وجمعيات ومجالس و منتديات,بعضها لا يتجاوز عمرها السنتين , ولأن أسلافنا المناضلون قدمّوا أعز ما لديهم قرابينا وعربونات كي ينعم ألأحفاد, لا بأس إذن لو أعطينا الحق لمن يصف كثرة هذه اليافطات والعناوين الكبيرة على أنها فرصة الناس للكشف عن مواقفهم وأفكارهم , ولكن عندما نعقد مقارنة حيادية بين الشعارات التي تقول بها تلك اليافطات و وبين حقيقة ما يجري على ارض الواقع , سنخرج بمشهد يخيّب أولئك الأسلاف وأحفادهم مما يظطرّنا أن نلعن تلك المسمّاة بالديمقراطية إذ يجيئ بها سياسيون رأوا في الفوضى سبيلهم إلى خزائن الأموال كي تصرفها على تعطيل العقول وبالتالي يضيع المسكين الجريح وتضيّع عليه فرصة التنعّم بمعاني الحرية والإنعتاق .

بينما كنت وصديقي نستعرض مقتطفات عن تاريخ مدينتنا التي عرف عنها رفضها للخنوع و لكل مظاهر التزلّف والإنتهازية, توقف كلانا قليلا عند حالة سلبية كنّا نفترض زوالها بزوال أبويها الروحييّن صدام وحزبه، لكن صديقي أبى إلا أن يقولها كما هي وبألم :(( من أجل تحقيق رغبة ما في داخل أحدهم اوبسبب خلافه مع شخص ما أو تنظيم معيّن , أو لتحقيق مكسب مادي وهذا أكثرالأسباب رواجا في يومنا ,ما زال نفس ذاك الفلان الذي عرفناه في زمن الطاغية يرى أليوم في سمسرته تحت يافطة أي جهة تلبي هواه سبيله الوحيد إلى تحقيق أهدافه حتى لو كلفه ذلك إشعال نار الفرقة والعداء بين أهله )), في الحال عادت بي ذاكرتي قرابة نصف قرن للوراء عندما كانت كلمة الشيوعي وبريقها الوطني في نظر هذا الفلان واقرانه مثل حال يوسف الصديق الذي ألقى به إخوانه في البئر , و عقدة هؤلاء أدّت بهم إلى البحث عن أية وسيلة للتخلص من كل ما له صلة بكلمة شيوعي بحجة إتهامه بالإلحاد و الإباحية أوما شابه,كانت مودة الإنخراط في أخوية الجيش المريمي (تنظيم ديني أشرفت عليه الكنيسة) في حينها هي الوسيلة الأهوَن والأقل مضاضةً لو قورنت يومها بمن وجدوا سبيلهم في الإنتماء إلى أحزاب سياسية لاتمت لهم بأي صلة دينية ولا قومية فقط لمجرد أنها تقف بالضد أو لا تتفق و أفكار الحزب الشيوعي, وهناك العديد من الأمثلة منها ما حصل مع الذين إنخرطوا في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني في نهايات الخمسينات وبداية الستينات ولنفس الأسباب , ولمن يريد الـتأكد من ذلك عليه قراءة ما قاله السيد داؤود برنو بعظمة لسانه في مقابلته مع السيد وسام كاكو, ولنا فيما قاله الكثير من التحفظات .

بصراحة, أنا لست من هوّاة توريد مقولة "التاريخ يعيد نفسه", لكن سبحان من يعيد عجلة الزمن ليتكرر المشهد , أتمنى صادقا أن لايكون ما يحصل الآن هو شبيه ماجرى بحق الشيوعي قبل خمسة عقود كما أسلفت ,كما أتمنى أن لا يكون حال الحركة الديمقراطية الأشورية هو نفس حال الشيوعيه التي شبهتها بتوأم يوسف الصديق ,فأبناء الحركة الديمقراطية الأشورية مهما إختلفنا معهم في رؤانا لكنهم هم أيضا من رحم شعبنا, وحركتهم الفتيّةما زالت بحاجة إلىالكثير من تجارب أهلنا ومثقفيهم وليس النيل منها في أي مناسبة أو من دونها لأنها هي الأخرى وليدة معاناة شعبنا الكلدواشوري السرياني ألذي منه خرج عشرات المناضلين الشيوعيين لا بل المئات .

لقد تلّمست قلق بعض أصدقائي جراء الذي يدورخاصة ظاهرة الهجرة ألتي باتت تهدد وجودنا لو إستمر الحال عليه لا سامح الله, وأكدوا على أهمية أن تجتمع ممثليات أحزاب شعبنا وجمعياتهم ومنتدياتهم فيما بينهم ,وليختلفوا في رؤاهم كما هو حال الشعوب , لكن ليتفقوا على تشكيل مجلس شورى فيما بينهم ليتدارسوا ويبحثوا فيه كل ما من شأنه تقوية العلاقات وإيقاف نزيف الهجرة و تفويت الفرصة على من يريد ألسوء لاهلنا وقرانا سواء كان ذلك المنتفع من داخلنا أو خارجنا , ودليلي على خطورة الحالة هو حين تكون رغبات (فلان) ومواقفه المسبقة هي التي أهّلته وليس كفاءته ليتبوأ مهمّة أكبر من حجمه ,فما بالكم لو إزدحمت رغباته وشهواته لحد جعله مِعوَل بيد من يغدق عليه المزيد ؟ إذن الحذرمطلوب يا إخواني و لا يمكن أن تخفى عليكم حقيقة الوجوه مهما تنوّعت الأقنعه .

نعود كي نتعاتب قليلا مع جيراننا الأكراد( أقصد ساستهم ) حيث تربطنا وإيّاهم علاقات نضالية وعشائرية ومصالح مشتركة مطلوب من النخب والأحزاب تعزيزها وليس التفريط بها أو إستغلالها سلبا , حيث كنا لهم الظهير طوال سنين حركتهم , واليوم نرى إنّ إمتلاك الحزبين لناصية المال والعسكر هو عامل قدرتها المتفوقه في تدويروفرض سياستها,ولو طلب منا التحدث عن أيديولوجيتهاالسياسية , فلا أعتقد أني آت ٍ بجديد لو قلت بأنها أولا واخيرا هي " قومية" إذن فهي تجهد من أجل تطلعات شريحتها القومية الكردية وذلك شرف لها و نحن نبارك ما تحققه لشعبها حيثما تتعززفي ذلك وحدة العراق وضمان كامل حقوق القوميات الأخرى ألتي عاشت وما تزال فوق اراضيها التاريخية ,و ليس غريبا أن تتعارض الأيديولوجيات القومية في وطن واحد , لكن الأمر المستهجن هو حين يكون نهج إقصاء الآخر وتهميشه هو ما تفرزه لحظة الإستقواء و إستحواذ السلطة و بقوة المال .

ألذي لا يختلف عليه إثنان هو أنّ تطلعات أهالينا الكلداشورالسريان الوطنية والقومية في قرانا وعموم الوطن لهي في غاية التواضع وهذا ما يؤكده خطابها(القومي والديني) حين يربط مصيرها بمصير عموم الشعب العراقي, وإمكانية ربط مصالحه بمصالح الأخرين ليس بأمر مستحيل لو أتخذ العامل الوطني قاسما مشتركا في مراحل المسير نحو الديمقراطية ،وإنطلاقا من ذلك نقول : ليس من الحكمة أن يتبادل(الكردي والكلدواشوري) عملية غلق الأبواب والمنافذ بوجه بعضهم البعض وهم جيران في وطن واحد بحجة أنه هو قومي وذاك قومي إذن كل منهما يعمل من أجل إلغاء الآخر,مثل هذه الشكوك والمخاوف ستبقى ماثلة ما لم يثبت الإخوة الساسة الأكراد عمليا(لأنهم الأقوى في المال والكثافة والعسكر) أنهم يدعمون إرادتنا وخياراتنا على أرضنا ويحترمون تمثيلنا الرسمي بشكل واضح , اي أن يبتعدوا عن ظاهرة التدخل في شؤوننا السياسية والدينية بالتوازي مع إبقاء طاولات الحوار مفروشة ومشرعة دائما , عند ذلك ستنمو روح التعاون و وتزداد الثقة المتبادلة والعمل المشترك من أجل بناء الوطن الواحد لنا جميعا .

لو شاء أحدنا أن يتساءل , وهو حق وارد ومشروع , عن مدى إلتزام الساسة الأكراد و عن مدىجديّتهم في إحترام ودعم تمثيلنا و إرادتنا وتطلعاتنا القومية والوطنية ألتي ناضل شعبينا من اجلها سوية , نقول في بداية الرد بأننا لا ننكر بأن الأمان النسبي ألذي تتمتع به اليوم ألقوش وبعض القرى الأخرى هو تحصيل حاصل للجهد العسكري الذي يبذله مسلحي الحزبين في حماية تخوم وحدود مدنهم خاصة في غياب قدرات السلطة المركزيه , أعود لأقول أن خلاصة الرأي في تقييم حالة مثل التي نحن بصددها لن تكون منصفة ً لو إعتمدنا فقط على ما هو مطروح ومردد في الخطاب السياسي أو الغدق المالي ولاحتى عبر تصريحات المسؤولين ألتي قلّما أصابت في تطييب خاطر الشريك والجار ألذي خاض بشراكته نضالا مريرا لعقود من الزمن , بل حتى يكون التقييم أنضج واكثر إنصافا , ما بالكم لو إعتمدنا على الممارسات أليومية على الأرض تلك ألتي تكشف لنا عن ما هو إيجابي في منظورهم بينما في منظور الآخر هو العكس تماما , أي أن مراعاة وإحترام مشاعر وإرادة الآخرفي التحاور الصريح معه بعيدا عن اللف والدوران هو سبيل الجميع الى زيادة أسباب التلاقي وتلافي كل ما يعيق عملية السير للأمام .

في مقابل ما أسلفت ذكره , والحديث ما زال عن ألقوش وقرانا الأخرى , نجد ان القوى او الجهات الاخرى, تلك التي هي من صلب معاناة شعبنا العراقي ومن رحم ابناء قوميتنا و يهمها مستقبل شعبنا وأمر مستقبل بلداته ,و ألتي ما أكثر أن يكال بحقها من اللوم والنقد الذي يصل أحيانا حد القذف والتشهير ,متناسين أنّ هذه القوى الوطنية والقومية بسبب ضعف إمكاناتها أمام ضخامة إمكانات الآخر, وحداثة ظهورها على الساحة السياسية جعلتها تقف عاجزة عندما يكون إغداق المال و منح المناصب هو الوسيلة (السياسية) ألأسهل لجذب ألناس وتشجيعهم على العمل تحت جناحها وهذا هو بالضبط أحد الأسباب ألتي غررّت بإخوة وأصدقاء لنا مع الأسف للتسارع إلى الجنوح نحو شواطئ الإنتحار الفكري كما تفعل الحيتان أحيانا!!

يتبع في الحلقة الثالثة


Opinions