لقاء مع الشاعرة والكاتبة عايدة الربيعي..
الشاعرة والكاتبة عايدة الربيعي
منذ أن تفتحت أنوثتها على نغماتِ كلام الشعر وجمال موسيقاه فتفّتحتْ الموهبة. منذ بدا يحضر الفجر ويمنحها مفاتيح النور لتشرع بالكتابة فلروحها البيضاء غواية التحليق.. شاعرة وكاتبة وام لاولادها فكيف لها ان تعاملت مع كل هذا العطاء؟؟ لدينا وقفة ودردشة ممتعة معها لمعرفة كل تلك الامور...
مجلة عشتار \ هل لك أن تعرف قراء عشتار بشخصك الكريم؟
امرأة بسيطة وتلك هي قوتي، سمتي الهدوء حتى أثور شعراً، . أجوب في دروب التاريخ السردي والمعرفة التاريخية لفهم الأشياء. دائمة البحث عن الأساليب الكامنة وراء ثقافة المرأة. لا اسمح أن أبقى خارج الساحة الثقافية، أسعى عائمة فوق سماء سيل الحرف لأكون المرأة الجديدة الساردة، الناثرة، الشاعرة، الفنانة . امرأة لا تستطيع أن تتصالح مع واقع مهزوم ولا تحب الفشل، الكتابة والألوان هما قدري( بعد أولادي)، وهذا جعل مني امرأة غير خاملة وغير تابعة لا تحب أن ترضخ تحت وصايا أحد.
مجلة عشتار \ متى رسمت اناملك كلمات الشعر ؟
منذ أن تفتحت أنوثتي على نغماتِ كلام الشعر وجمال موسيقاه فتفّتحتْ الموهبة. منذ بدا يحضر الفجر ويمنحني مفاتيح النور لأشرع بالكتابة فلروحها البيضاء غواية التحليق التي تحرضني بالرفيف لأحلق عاليا فوق أوجاعنا وجروحنا ،كنت أقرأ في ساحة المدرسة حين يرفع العلم وأنصت لصوت الشعراء، ثم بدأت بكتابة ما يشبه الخاطرة..ثم تمرحل معي الشعر في فترات حياتي في صياغات أكثر نضجا.
مجلة عشتار \ كيف كانت البداية مع خليلك القلم؟
كانت بداية هادئة ومتمرحلة في احتضان عائلي ثر، فالقلم خليل العائلة سواء في الشعر أو في الرسم والخط مجمل القول هي -الوراثة -البيئة العائلية- الدربة -والثقافة الذاتية كان لهم الدور في صقل الموهبة التي تصل إلى مكامن الألم ، فتكشف ما يجول في خاطريوبعد أن نضجت الأفكار بدأت بالنشر في الصحف والمجلات الورقية ليعرفني القارئ ككاتبة للمقال السياسي واستمريت بذلك حتى خصص لي عمود أسبوعي في جريدة (العراق غدا )ومحررة وكاتبة في نفس المؤسسة. ثم المقال الشهري في بعض المجلات حتى حتى طغى الأسلوب الأدبي على معظم كتاباتي لأبدأ رحلتي مع الأدب حصرا تاركة الصحافة في الفترة الأخيرة بعد أن كانت البداية.
مجلة عشتار \ حدثينا عن اعمالك الادبية وكيفها اليوم؟
أعمالي البكر كانت نصوصا أدبية كنت في ذروة اشتعالي غير متوقعة النجاح فيها- نصوص تخلت عن التجنيس- تجلت في (أوراق لم تعد سراً) خرجت بها بصدى طيب وكتب عنها في كركوك وخارجها، ثم شخصت النص فتحول إلى القصة القصيرة والقصيرة جدا لأحقق في هذا الجنس الأدبي أوراقا شرعت فيها الكثير،وأستمريت في الشعر النثري فكانت مجموعتي (شولجي على رقيم ما..ربما) مجموعة تناولت فيها الميثولوجيا وحضارة سومر لأدو زنها بظروف الحياة التي نحياها ..فكان تمازج- رغبت- ومن خلاله بتوصيل رسالة إلى العالم ، ثم القصيدة النثرية بدأت معي بنص بكاء نخيل ثم نص جنوبيون وتلتها النصوص الأخرى ثم الرواية فكتبت (رفات على أجنحة أجنتي) تحكي الواقع الأليم للحرب على العراق(تحديدا) عن إصابة النساء في بلدي بالأورام السرطانية بسبب الأسلحة الملوثة لتكون شاهدا على الدمار والحروب. ثم بدأت الجهات المسؤولة بدعوتي وبشكل رسمي للمشاركة في المهرجانات الأدبية في وزارة التربية و في المربد والجواهري وغيرها من المهرجانات القطرية لأمنح هوية اتحاد الأدباء بصفة شاعرة . لي نص مسرحي واحد لم أنشره بعد. وتحت يدي كتابان جديدان في الشعر والقصيدة النثرية والآخر في القصة القصيرة لازلت أسس فيه ليكون نافذة أخرى لي أطل بها بنضج الموسم السردي.أما (-كيفها- اليوم، ) فمن الصعب أن أتكلم عن تجربتي بشكل كامل ، ولكن أطمح إلى أن أكون بمستوى المنجز الأدبي الرفيع .و في بناء إرهاصاته، وهذا من شأنه أن يُغني خطابي الأدبي وينعكس بالإيجاب أن شاء الله.
مجلة عشتار \ كيف ترين الشعر في العراق اليوم؟
لست ناقدة ولا متناقدة في مجال الشعر،لكن وكما قلت في لقاء سابق لي في البصرة ، -التجربة الشعرية العراقية -تجربة ناضجة وغنية ومتنوعة في المقاربات والأساليب،يواصل فيها الشاعر مسيرته الإبداعية دون كلل أو وهن وهذا ليس غريبا فالشاعر العراقي يتكئ إلى تراث هائل من العطاء،هناك حركة شبابية شعرية مبهرة عارفة في فن الشعر لهذا علينا أن نطمئن على مستقبل الشعر العراقي فالأسماء معروفة وغير نقطية. وان تقييم المنجز الشعري العراقي معروف وواضح من خلال ما يطرح ، فالمهرجانات التي نحضرها في العراق تعكس معايير واضحة لواقع الحركة الشعرية ، ولكن هذا لا يمنع أن أتفق مع غيري- أن المشهد يعاني من التكدس الوهمي و(ثقافة الحشد) .
مجلة عشتار \ اين تجد عايدة الربيعي نفسها مرتاحة؟
لا اعرف كنه السؤال تحديدا (أين مرتاحة) ؟ لكنني بالتأكيد سأكون مرتاحة حين اعبر عن صمتي،حين لا أكون داخل نطاق المحدودية – لا أكون محدودة أو قليلة- وحين لا تتخلخل المفاهيم والتي تجعل المرأة صوتا مخنوقا وسط دوائر متعددة من الحجب والمنع، سأكون أكثر راحة مع انبثاق الصوت الخاص للمرأة . وحين أتمتع بكم كاف من الحرية في عطائي التشكيلي و الأدبي سأكون مرتاحة جدا.وأنا أصغي إلى فضاء الموسيقى التي لا يمكن أن أتفاهم مع أي نتاج دونها.
مجلة عشتار \ اين تجدي نفسك اليوم بين الكم الهائل من الشعراء؟
من الصعب أن أتكلم عن ذلك أو عن نفسي بشكل كامل ويبدو من الصعب على شاعر أو أديب الحديث عن نفسه لأنني ببساطة مازلت في المرحلة التفاعلية مع الشعر مازلت أصغي إليه وأحاكيه،ولا استطيع أيضا أن أحكم عن تجربتي الشعرية أو أين مكاني، لأنني صاحبة هذه التجربة ،ولأنه لحد الآن لم يتوفر المتن الكافي في صيرورة أسلوبي الشعري حتى استطيع الحكم عليه في شموليته.لكن استطيع القول إنني مازلت أحب الشعر واكتب عن الجمال واستغرق في الصورة الشعرية . لو استطعت أن اعبر ثقافة النسق المهيمنة على بعض الكتاب لوجدت مكاني وهذا ما أحاول أن اشتغل عليه وحينها ربما سأجد نفسي في منحى (بعيد عن التقييم النقدي الذي هو ليس صنعتي )وهو حين أضع المرأة عايدة الكاتبة بسبب إصرارها في فعل الكتابة، ويدها على موضع جرح النساء .
مجلة عشتار \ من اين تستوحين اشعارك؟
من التواصل بين ألإشكال المختلفة ، من التفاعل الإنساني، من الذكرى حلوها ومرها، الشعر حالة كبيرة.. فأن تكون شاعراً عليك أن تبقى أن تتكاثر أن تقطع من بلدِكَ بخيطٍ من حنان ما تيسرَ من جرحٍ، كي تنتصرَ على زمنِ الخرابْ. أن تلتقط من بيئتك وأنت تتشبث بالورقة والقلم لتدلي ببوح لتكونَ شاعراً وعليكَ حينها أن تستدعي في كل آنٍ شياطين القصيدة وخدامها لتستوحي الشعر، تدعوهم إلى حضرتك.(تحس أنك تمتلك كل الأشياء الممكنة وغير الممكنة)تدخل ذاتك وتمسكها حتى تتمكن منها لتحررها بالكتابة وفي الكتابة فسحة البهاءِ وجلال الحزن هما مبعثا تكمن فيهما القدرة الكاملة على البوح. الحدث هو من يصنع القصيدة ربما من برعم زهرة ، من لحظة حب ،من ثورة ومن موسم الأمطار. فقط عليك أن تكون أنسانا حساسا وستجد كل الأشياء تثيرك لتكتب عنها أو ترسمها فالأشياء هي التي تستنطقنا .
مجلة عشتار \ اين الرجل داخل سطور قلم عايدة الربيعي؟
الرجل - معي، داخل النص وخارجه، كذلك في لوحاتي له حضور واضح.متضمن في لاشعور النص أحيانا له في نصوصي كيفية خاصة ينفلت بها بشفافية حين يكون بارقاً، فيكون حاضرا ناصرا أو خاذلا وعلى القارئ أن يفك رموز المعاني والدلالات التي تمنحها ثقافة النص فانا أكتبه مرموز خفي أحيانا وواضح المعالم تارة أخرى وعلى القارئ أن لا ينقاد إلى التصورات السائدة فان ما خفي كان أجمل. عدم تكراره لا يلغي ولا يهمش وجوده قط. . تجده أما بين السطور أو خلفها أو في القلب معنى.
مجلة عشتار \ متى تبتسم عايدة ومتى تهطل دمعتها؟
أبتسم حين أكون قرب من أحب، حين أكون طفلة مع أولادي، وحين أمنح وهج اللحظة .
أما عن دمعتي فتنهمر حين يبكي قلبي،
حين يخشع ،
حين أشتاق بشدة لمن أحبهم،
أبكي حين أحس بالظلم،
وأشد بكائي حين يتكشف ثوب الأرض لتضم الأصدقاء في حجرها .
مجلة عشتار \ ماهو جديدك؟
حاليا اشتغل على مجموعتي الشعرية الثانية كتابي الرابع وهو مجموعة من القصائد النثرية لم أنتهي منه بعد لأنني ببساطة لم أتجاوز حدود أحلامي فيه .كذلك مجموعة قصصية جديدة -كتابي الخامس، وهذه مازالت توجعني فكرياً ومازلت ألامسها بصمتي الثائر، لم تنتهي بعد. وبعد الانتهاء منهما سأبدأ بالعمل مباشرة في معرضي الشخصي الثالث بعون الله والذي هيئت له مجموعة من – الأسكيجات- الأولية للوحاتي الجديدة..ومازلت بانتظار وصول كتابي الجديد الثالث من دار ينابيع /سوريا.
مجلة عشتار \ ماذا ستقدمين لقراء مجلة عشتار اليوم بمناسبة اللقاء؟
لو لم يتصدع قلبي بالكثير لقدمته ، لذا سأقدم قصيدة (بكاء نخيل.. بحضرة السياب) مع ربيع صداقة فاغمة بشذا زهر النيلوفر.
بكُاء نخيــــــــــلٍ.. بحضرِة السيّاب
عايدة الربيعي
أبك..
رقرقْ عَسَلَكَ، فالأرضُ ما زالتْ ظمْأى
غارتْ ملامحها بمعاولَ خرابْ
تُهدهِدُ على سعفاتِها .. خُرافاتُ العويل
بكاءُ نخيــــــل..
عويلٌ.. عويلٌ في كلَّ الشّعابْ
عجافٌ عجافٌ بأرض ٍ يبابْ
وعروقُ الأرض ِ.. تحكي أقصوصة َ حُلمٍ طال تأويلهُ
بين غفوةِ ضميرٍ، وصحوةِ أهدابْ
أسطورة َ إنسان، يصحو على موتٍ رهيبْ
فالعبوات ناسفة ٌ حتى النخاعْ
تنهَبُ صفوَنا نَهباْ
الليلة.ُ.
الليلة يا ( سيّاب):
كان النَّخيلُ أشدَّ بكاء من الأمسِ وأشدَّ عِتاب
سوَّرتنا َلعَناتُ التَّهجير
رَجَمْتنا بحقدِ الإرهابْ
يا ( سيّابْ ).. وهذا الرّعبُ وزرعُ الأحقاد
شكوكٌ ، أوهام ،وعود كِذابْ
يا عروقَ الَّجهل ِ احتفلي بدماء ِالخطيئة ِ
صلبوا الإنجيلَ و المحرابْ
وحزوا الرِقابْ
خمسٌ عجاف.. أيامٌ صِعاب
تناهوا بالخطيئةِ ، فطالوا القبابْ
مذابح الكنائس.. وذبحوا النهار
على عتبة داري، فهاجرَ الأصحابْ وتعفَّرتْ بدخانها أحلام ُ الصّغارْ
وغادر الكناريٌّ عشَّه ُ الأمينْ!
تكحلتْ صباحاتـُـنا بتغريدِ الرصَاص ،وعيشـِنا المهينْ
وحين المساء، فحيحُ الأفاعي تشـَهرُ ألفَ نابْ .
الليلة يا ( سيـــّاب )،
(بويب) الطفولةِ ،والإلهام،والشباب:
أسالَ الأحزانَ قوافياً بشبّاك (وفيقة ْ) وعلى الشناشيل
وصاغ الحروفَ من دموع ٍ تـُــذابْ بعَبق ِ التـُراب
وشهقةِ الأهوار
النخلُ و الـُجّمارْ
على ضِفاف (دجلة َ )،و(الزابِ) و(الفراتْ )
يرددُ بكاَء النَّــوارسِ، والنواعير في لـّجة القرار
ستأتِيَ حتماً بشائـَــر النَّــــهارْ
تنقـَشِعُ الأحزان، والدُخان، و الغبار
نزيحُ الظلام، والشجونَ، و الدّمار
ونهجرُ الخِلافْ
بؤئام ٍ نعيشُ بأرض ِالثـًّـباتْ
بأرض ِ( العراق)
إنْ تفرقنا نُخْـــــــــزى
إنْ تجمعنا.. نُهابْ
فبارِكًّنا يا (سيّاب)!!
قصيدتي الفائزة على المنطقة الشمالية/وزارة التربية /2007
مجلة عشتار \ كلمة اخيرة لقراء عشتار ومتابعيك؟
ليس هناك أسوار أيها الأصدقاء تحد من حرية الكلمة، فكونوا أحرارا في خيارات القراءة ولا تبخلوا في الكتابة و القراءة ففي قلبهما تقوم مملكة الشعر التي لن يلجها إلا شاعرا امتلك مفاتيح الفجر، فجر القصيدة الساحرة. بالقراءة والكتابة يصير القلب جنة تجري من تحتها الأنهار. شكرا وانتم تشاركوني إحساسي في التدوين وتندمجون معي في لحظة نمسك بها معا لنوقف الزمن في لحظة لنسجلها رحيق معسول لكلينا. لكم بكل أعتزاز ولمجلة عشتار الحبيبة باقة ياسمين أبيض، حلوة عذبة ،كونوا جميعا بخير..........عايدة الربيعي/كركوك 2011.
http://www.ishtarjournal.com/index.html