لنتعلم من عمو بابا
فرد واحد من أبناء شعبنا شغل كل العراق وآخرين من خارجه بصورة ملفتة جدا للمتابع!!! أليس هذا درس علينا استيعابه؟ إن الفقيد لم يتباكى أبدا ولم يتملق لأحد وعمل بكل طاقته حتى الرمق الأخير بأخلاص وبوجه بشوش ضاحك وكلمات مؤثرة حتى عندما كان يتلفضها بلغة عربية ركيكة، لكن المُصغين إليه كانوا يطلبون منه المزيد في كل شيء لأنه كان مدرسة بأمور كثيرة...مدرسة في الوطنية
مدرسة في الاخلاص
مدرسة في الرياضة
مدرسة في الاخلاق
مدرسة في المثال ...
واحتضن كل العراق مضحيا بكل شيء حتى عائلته وأخيرا صحته التي قاوم بها أمراضا مختلفة لكي يبقى شامخا معطاءا يفيد الآخرين دون أن ينتظر كلمة مجاملة أو وفاء من الآخرين.
وهكذا كان الوطن؛ فإنه أبدى بوادر الوفاء الكثير، فلم ينظر إليه كونه مسيحيا أو كلدانيا أو عربيا أو كرديا أو ... بل نظر إليه كعراقيا صميما مخلصا. أليس ذلك درس لنا لكي ننطلق من الأفكار الضيقة لنعتبر هذا أو ذاك أقلية أو أكثرية، لأن عمو كان كل العراق رغم كونه أبناً لمجموعة بشرية بالحسابات الرقمية تعتبر أقلية ولا ينتمي لدين الدولة الرسمي حسب الدستور، فلم يُنظر إليه من أي أحد كذلك بل وجدنا مجالس العزاء في كل مكان عند المسلمين قبل المسيحيين، وعند الكرد قبل العرب وكل مؤمن صلّى على روحه بطريقته الخاصة لتتوحد الصلوات عند الله سبحانه وتعالى.
ففي الوقت الذي نوحد صلواتنا من أجل روح الفقيد تصعد معا إلى الله عزّ وجل، نأمل أن يكون كل واحد منا مثل عمو بابا عندها سنجد الأقلية العددية هي الأكثرية في النوعية وسنرتفع عاليا فوق الاختلافات القومية والطائفية والدينية لننظر إلى العراق الواحد الموحد الذي يفتخر بأبنائه البررة.
فكم سيكون جميلا أن يقول كل منا أنه عراقي قبل أن نتعرف على دينه أو قوميته أو... أليس ذلك دعوة لجميعنا لننتمي للعراق أولا ونفتخر ونعتزّ به قبل أية تفاصيل أخرى؟
إنها أمنية نأمل أن تتحق بعد فقداننا لعمو بابا.
عبدالله النوفلي
3 حزيران 2009