Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ليس للأسرارالمقدسة ثمن

هؤلاءِ الإثنا عَشَر أَرسلَهُم يسوع وأَوْصاهم قال : (( لاتَسلُكوا طَريقاً إِلى الوثَنِيِّين ولا تَدخُلوا مَدينةً لِلسَّامرِيِّين ، بَلِ اذهَبوا إِلى الخِرافِ الضَّالَّةِ من بَيتِ إِسرائيل ، وأَعلِنوا في الطَّريق أَنْ قَدِ اقتَرَبَ مَلَكوتُ السَّمَوات. اِشْفوا المَرْضى، وأَقيموا المَوتى، وأَبرِئوا البُرْص ، واطرُدوا الشَّياطين . أَخَذتُم مَجَّاناً فَمَجَّاناً أَعطوا. لا تَقتَنوا نُقوداً مِن ذَهَبٍ ولا مِن فِضَّةٍ ولا مِن نُحاسٍ في زَنانيرِكم ، ولا مِزوَداً لِلطَّريق ولا قَميصَيْن ولا حِذاءً ولا عَصاً ، لأَنَّ العامِلَ يَستَحِقُّ طَعامَه .
متى10:5-10
" مجانا أخذتم فمجاناً إعطوا " ، هذه كانت وصية الرب لرسله عندما أرسلهم أول مرة للتبشير. وهذا المجان نفسه الذي يجب أن يتحلَّى به كل من قدّم حياته للرب وحمل على عاتقه توصيل كلمة الله وخدمة إخوته . وإذا كان يسمى من رافق يسوع وأعطاهم سلطاناً بالرسول والتلميذ ، إلا أن بوضع اليد إنتقلت هذه السلطة إلى مكرسين أصبحوا يدعون كهنة وأساقفة وكل التسميات الأخرى التي تتعلق بالإكليروس ، لهذا نقول الكنائس الرسولية ، كنائس إمتداد للرسل ، فما كان يتحلى به الرسول في زمن المسيح من قداسة هكذا يجب أن يكون رسل اليوم ، لا بل أكثر منهم كونهم ، أخذوا خبرتهم وبنوا عليها رسالتهم ، فأصبح لهم خبرة الأسلاف وإنسان اليوم . فما الفرق بين تلك الحقبة من الزمن واليوم ؟ وهل كان رسل المسيح يمنحون الأسرار مقابل ثمن ؟
عندما يتكلم عامة الشعب يقولون: لقد كان ... أما اليوم فالإيمان يختلف ، متعلقين ومتفاخرين بأمجاد الآباء وكأن اليوم لايوجد فيه من نفتخر به ، لكن الحقيقة التي نتداركها واضحة في رسالة بولس إلى أفسس 4-5: " وهُناكَ رَبٌّ واحِدٌ وإِيمانٌ واحِدٌ ومَعْمودِيَّةٌ واحِدة " ، فالرب هو هو منذ الأزل وإلى الأبد والإيمان بالمسيح والعمل بوصاياه لايختلف وإن إختلفت الحقبات الزمنية وأسلوب الحياة . وإن كان هناك تغيير فهو بالتأكيد سيكون بيد الإنسان ومقدار عيشه لرسالته . مع أفضلية التنظيم الإداري للمؤسسة الكنسية اليوم عن الأمس .
ربّ قائل بضرورة التأمين المادي للإكليروس في عصر يعد فيه المال ضرورة لايمكن الإستغناء عنها ، وهذا صحيح ولا غبار عليه وقد ذكرت بأن العامل يستحق أجره ، لكن الأجر على ماذا ؟
لم يكن الأجر على عظاتهم أو لألقابهم أو لمنحهم الأسرار بحسب سلطانهم ، بل لإيمانهم الراسخ بكلام الرب كما في متى 6 : 31 – 33 " فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس. فان هذه كلها تطلبها الامم.لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم " .
فلماذا نجد عند بعض الكهنة الأفاضل وجود تسعيرة لخدمة الأسرار التي تمنح بواسطتهم فقط ؟
في حديث شخصي مع أحد الآباء الأجلاء ، أوضح لي رفضه فكرة التقييم المادي للأسرار المقدسة ، إلا إنه لايرفض مبلغا يقدّم له كمساعده لسد حاجاته ، وهذا ليس فيه ضير ، بل هو تماماً تطبيق للقول " العامل يستحق أجره " . وإن كنت لاأذكر إسمه إلا إنني لا أنكر وجود عديد من الكهنة غايتهم الأولى والأخيرة تكريس ذواتهم لخدمة الكلمة الإلهية ، والأب الفاضل البير أبونا صاحب الصرخة الصادقة والنابعة من عمق إيمانه ، خير قدوة في زمننا الحاضر ، فهو معلم ومفكر ومؤرخ و كاهن حقيقي لايأبه بمال الدنيا وجلّ مايحزنه تعلّق الإنسان أو رجل من الإكليروس بالأمور المادية ، وقوله " ليكن الإهتمام بالبناء الروحي في كنيستي " لهو مبعث فرح لدى المؤمنين .
فيا آباءنا الكهنة ، أنتم من على عاتقكم إرساء سفينتنا في بر الأمان ، لكم عهد قيادة سفينة المسيح ، نحن شعب مسكين نتطلع إلى حياتكم ونقتدي بها ، فلا تكترثوا للغد فالغد يهتم بنفسه . نريدكم ونتمناكم على الدوام رسل تنتشلوننا من هاوية العالم الذي نعيشه لنكون وإياكم شعبا يستحق أن يكون شعب الله .
zaidmisho@gmail.com Opinions