مـــن الرابــــح الاخيـــــــــر....؟؟
بسقوط النظام البعثي في التاسع من نيسان 2003 سقطت معه الدولة العراقية ، لان الدكتاتور كان قد اختزل الدولة بشخصه ، فكانت الدولة صدام وكان صدام الدولة بسقوطه سقطت الدولة . عززهذا السقوط الغاء مؤسسات الدوله الاساسية من الجيش والشرطة والامن ووو..وغيرهافعمت الفوضى واضطرب الوضع العام ، فتحركوا البعثيين الصداميين الى استقطاب طائفي ( سني ) ليحتضن عناصر تنظيم القاعدة والاسلاميين من التيارات السلفية والتكفيرية المتطرفة ،الوافدين من الدولة العربية والاسلامية ، فبدأ الارهاب يمارس دوره الاجرامي في عموم البلد ....بالمقابل كان هناك تيارا شيعيا سياسيا اسلاميا .. دخل مع القوات الامريكية التي انقذت العراق من الدكتاتورية ، فاستغل هذا التيارالامكانيات المتاحة له في السلطة وفي الشارع ، فبدات عمليات الثار والانتقام والقتل بين المليشيات من جهة والارهابين من الجهة الاخرى ،وذلك لتحقيق مصالحهم الذاتية ولتصفية الحسابات القديمة والجديدة في عملية توازن القوه على الساحة السياسية ، فتكبد العراقيون من جراء هذا الصراع اكثرمن مليون شهيد بالاضافة الى تدمير البنية التحية لكل المقومات الاساسية للمجتمع ..
اخذت التيارات الاسلامية السياسية الشيعية في استغلال طيبة وبساطة الجماهير الشيعية ، فتاجروا بالمظلومية وتضحيات الشيعه عبر الزمن الطويلة ، ليحققوا فوزهم بالانتخابات النيابية ، فكان ( الائتلاف الشيعي ) من احزاب الدعوة والمجلس الاعلى الاسلامي والتيار الصدري وحزب الفضيلة وحزب الله والرسالة وغيرهم .. ولمقتضيات مصلحية تحالفوا مع الاكراد ، ليشكلا الاكثرية في البرلمان وفي الحكومة ، رغم اختلافهم على كل الاصعده ، الا ان للضرورة بالنسبة للطرفين كانت لها احكامها ..
تمخض هذا التحالف عن قيام حكومة ضعيفة ، فاخذت الاطراف المتحالفه تتصارع فيما بينها على مواقع النفوذ .. فاخذت المليشيات تلعب دورا قهريا ضد الاخرين لاثبات قوتها وسطوتها على الشارع عموما ..فكانت هناك بالاضافة الى المسلحين الغيرالمنضبطين فرق الموت وهيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ليفرضوا سطوتهم وسيطرتهم على السلوك العام في كل مكان ،ليتعرض المئات والالاف من ابناء شعبنا في المحافظات الجنوب خاصة وبغداد ، الى القمع والقتل والاغتيال والاعدامات بالاضافة الى الانتهاكات المشينه والبشعة على كل المحاور الحياتية للانسان ... فتحولت حياة الجماهير في تلك المحافظات الى جحيم لايطاق بسبب تلك الممارسات التي تمارسها تلك الملشيات .. بالاضافة الى سيطرتهم على المواني واستحواذهم على عمليات تصديرالنفط ، وسطوتهم على مفاصل التجارة والاقتصاد والمال في المحافظات التي اصبحت تحت سيطرتهم ...
ولاختلاف المصالح وتباين المواقف حدثت الانشقاقات في الائتلاف الشيعي الحاكم ، فانسحبوا الصدريين وحزب الفضيلة وغيرهم من الحكومة والائتلاف ، فاضمحل دورالحكومة امام سطوة المليشيات وسيطرتها على الشارع بذراعها الطويل الذي هو خليط من بقايا البعثيين الصداميين والمجرمين والقتله اصحاب السوابق والحواسم والامن والمخابرات والامن القومي وفدائى صدام وجيش القدس والامن الخاص وغيرهم ، واكثر هولاء وجدوا في جيش المهدي خاصة ملاذا امنا لهم ..
فانحدر الوضع العام في البلاد الى الهاوية ،فامتدت الجريمة الى كل مرافق الدولة والمجمتع..فعمت الفوضى وسادت المحسوبيه والمنسوبية والفساد الاداري والمالي بسبب المحاصصة الطائفية
التي تبنتها الحكومة اصلا ..
فاصبح لكل تجمع مراجعه الدينية ، فاصبحت فتاوى تلك المراجع بديلا عن الدستوروالقانون الواجب التطبيق .. فانشاؤامحاكمهم الخاصة ليلقى المئات من الرجال والنساء حتفهم على يد هولاء باسم الاحكام الشرعية الواجبة التطبيق والتنفيذ ، فكانت الالاف من الضحايا بسبب هذه الممارسات الانحرافية في السلوك العام ..
صاحب هذا السلوك غياب الحس الوطني وانعدمت معه كل الصفات القيميه والاخلاقية في حياة الكثيرون من ابناء شعبنا بسبب انتمائهم الطائفي ومشاركتهم بشكل او باخرضمن هذا الواقع المتردي للاسف ، فالناس تموت جوعا وحرمانا وخيرات البلد وثرواته تهدروتسرق على يد هولاء المجرمين اصحاب النفوذ في الحكم ، او بسيطرة ملشياتهم على الواقع العام ليستاثروا بكل شئ على حساب المصلحة العامة ......
لذا كان لابد ان تتحرك الحكومة ضد الخارجين عن القانون وحاملي السلاح في البصرة ، رغم كل ما قيل او يمكن ان يقال عن اسباب هذا التحرك وابعاده ، الا انه يبقى بمعيارالضرورة ومقتضيات المصلحة العامة تحركا ايجابي بكل المقاييس ،خاصة بعد ان حققت جهود الصحوات في المنطقة الوسطى والغربية الكثير من الامن والاستقرار لوقوفها ومحاربتها القاعدة في مناطق تواجدها ...فتحرك السيد المالكي ضد الخارجين عن القانون وهم المحسوبين على جيش المهدي الشيعي مما حفز الاخرين الى الاشادة بموقفه هذا ، لانه عزز الارضية التي تقوم عليها الوحده الوطنية ونبذ الطائفية ، فعبرعن رؤية موضوعية للواقع ، وبذات الوقت اعطي رسالة للاخرين بهذا التوجه الوطني وهذا هو المطلوب....
هذا التحرك دعم من الاطراف السياسية والتكتلات البرلمانية ، عندما ايدوا ودعموا قرارات ( المجلس السياسي للامن الوطني ) فهذا يعبرعن الشعورالعالي بالمسؤولية ، ويعتبرتطور نوعي في فكر وسلوك السيد رئيس الوزراء عندما استطاع ان يتحرر من الفكر الطائفي الذي كان به يحكم العراق الى فكر وطني عراقي به يحكم طائفته ..
هذا التحرك يعبرعن مدى ادراكه لثنايا لعملية السياسية الواجبة التطبيق لعراق المستقبل ...صحيح انه قد يفقد الاصوات الطائفية التي اتوا به لرئاسة الحكومة الا ان هنا اصوات وطنية ستكون الى جانبه ان تواصل في وطنيته ومحاربته الطائفية والمذهبية بكل انواعها واشكالها ...لان المرحلة الراهنة تتطلب هذا التوجه بكل تاكيد ....ومن هذا المنطلق كان لابد ان يضع حدا لتحديات مليشيات جيش المهدي التي اخذت تجول وتصول في عموم المحافظات الجنوبية لتزرع الخوف والرهبة في نفوس ابناء تلك المحافظات ، فكانت اعمالها مسخرة للقمع الجماهيري بكل اشكاله ، فالغوا بسلوكهم هذا دورالسلطة والحكومة المنتخبه ، وحاربوا الجيش والشرطة والاجهزة الامنية ومؤسسات الدولة عموما ..وفرضوا سيطرتهم واستيلائهم على مركز القرار في المحافظات الجنوبية بسطوتهم المسلحة بحجج واهية والادعاء بان السلطة غير شرعية وان الاحتلال يساندها ، في الوقت الذي هم اداة بيد الاخرين ومنهم من ينفذون الاجنده الايرانية في تحقيق مصالحها في العراق وعلى حساب دماء العراقيين ..فكان تحرك السلطة لوضع حد لهذا الانفلات الامني والفوضوي ،ضروريا ومهما ومن متطلبات المرحلة التي تشير الى اكثر من بعد في هذا التحرك ... فنالت الحكومة بشخص رئيسها رضى وتأييد الكتل السياسية والجماهيرية في محاربة الخارجين على القانون مهما كان انتمائهم الطائفي او المذهبي ، وهذا له دلالته بطبيعة الحال ، رغم التحفظات على ايداء السلطة وطريقة معالجتها للامورالاخرى ، الا ان الاولية تبقى وفق كل المعاير الى تحقيق الامن والاستقرار وفرض القانون ، ولكي يحقق هذا التوجه اهدافه بموضوعيه فعلى الحكومة ان تعمل على ايجاد معالجه لمشاكل الجماهيرالاقتصادية والمالية لاخراجهم من العوز والفاقه لكي لايكونوا ضحايا للمتاجرين بدمائهم من العصابات المجرمه، لان استعمال القوى المسلحة لوحدها لاياتي ثماره ان لم يرافقه ويصاحبه علاج للواقع الاجتماعي والاقتصادي المزري الذي يعيشه شعبنا ..........
صحيح ان ما حصل في البصرة يحدد جهد الحكومة باجراءات مجديه وفعاله في انهاء دور الملشيات والارهاب في عموم العراق ، فسعى الحكومة للخروج من هذه الازمنه باقل قدر ممكن من التضحيات وعلى كل المستويات ، تقتضيها المصلحة العامة ويتطلب من التيارالصدري الذي يتحمل مسؤولية جيش المهدي ، ان يقف الى جانب شعبه ويتحمل مسؤولية انهاء حالة تسليح هذا الجيش لان ماقدمه هذا الجيش خلال الفترة الماضية لم يكن الا اضرارا فاحشة اصابت الجميع ...
فالوطنية التي يدعونها البعض تتحقق عندما يعملون ضمن الالية الوطنية فانهاء حالة التوتر ونزع سلاح الملشيات من اولويات الاساسية لحياة شعبنا وطموحه في بناء المستقبل .. وبما ان الظروف الراهنه مهيئا لانهاء دور الملشيات عموما ، لان كل التيارات السياسية في الحكومة والبرلمان وقطاعات المجتمع وجماهيرشعبنا ساندت خطة الحكومة في القضاء على الخارجين على القانون وهم بطبيعة الحال ( الارهاب والملشيات )..
فعلى الصدريين المعروفين بتضحياتهم ومواقفهم الوطنية استغلال هذه الفرصة استغلالها وطنيا وجماهيريا ، بنزع فتيل الحرب المدمرة التي يعيشها شعبنا وايقاف نزيف الدم ، بقرارحل ملشيات جيش المهدي ونزع سلاحه وتسليمه الى الدولة ، وسيكون هذا منطلقا ايجابيا وارضية خصبه لاعادة جسورالثقة مع الجماهيرالتي عانت الكثير من اعمال وسلوكية هذا الجيش ...ومن جهة اخرى يعززوا هذا القرارموقف تيار الصدر داخل البرلمان ليطرح مشروع حل جميع الملشيات ونزع سلاحها ..ولا حجة لدى الاخرين للوقوف ضد هذا التوجه بل الكل سيكون مع الصدريين في اقتراحهم وطرحهم هذا ..لان وقوف هذه التيارات والتكتلات الى جانب السيد نوري المالكي ليس الا رغية في تحقيق ذلك ..
وفي كل الاحوال استمرارنزيف الدم والاقتتال سوف لايجدي نفعا ولا يبني وطنا .... فالقضاء على الارهاب وانهاء دورالملشيات وحلها ونزع سلاحها يضعف بطبيعة الحال من قوة الاحزاب والتيارات التي تحتضنها ، ولكن يحقق من الجانب الاخرالامن والاستقرار ، فالمطلوب من الجميع محاربة المظاهر المسلحة برمتها وفي كل مناطق العراق ، لان بزوالها وانهاءها، يحقق نصرا حقيقيا لشعبنا ، لانه هو الرابح الاول والاخيرمن حالة تحقيق الامن والاستقرار والسلم الاجتماعي في ربوع العراق ...
لنأ زر كل الجهود الخيرة التي تصنع السلام في بلادنــــــــــا ...
يعكوب ابونا ...........................24 /4 /2003