Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مؤســســاتنا الآشـورية الى أين؟ومـا هــو المصيـــــــر

عندما نحاول مجرد التفكير أو التعمق ، لدراسة وتحليل قضية شعبنا الآشوري من خلال مؤسساتنا وعلى تنوع و اختلاف أشكالها ، وأهدافها ، في محيطنا . ونقصد بمحيطنا : هو البيئات التي يعيش فيها شعبنا على السواء : في الوطن ، وفي المهجر .

أي من خلال تسليط الضوء عليها من كافة النواحي (( الفكرية ، الثقافية ، الأدبية ، والأخلاقية ، .. ، الخ .. ))

والإستعداد النفسي والأخلاقي لما حصل منه لدينا ، كشعب آشوري ، وما عنه من أواصر وأحكــام للرابطة القومية ، على أصول متينة وراسخة ، وما يتخلل أبناء شعبنا وخاصة شبيبتنا الحديثة الآخذة بمناهل العلوم والثقافة على أسس وقواعد وأساليب عصرية ناجعة .ومن أجل أن تتناول دراستنا ، أعمال الفكر من الناحية الثقافية والعملية والتي تعتبر أساسية من ضروريــات ومستلزمات الحياة العصرية ، ولقيام مجتمع ، آشوري ، بالاضافة الى غيرها من المصالح والأغراض التي تتناول النواحي الاجتماعية والاقتصـادية والسـياسية وغيرها . فإننا نرى بأنّ كل هذه النواحي مجتمعة هي من ضروريات مجتمعنا الآشوري ، ولكن الإنصراف الى القضية الثقافية ، على أنها الأساس لالتزام وانتظام كل قضايا الحياة ومرافقها هي الأهم (( لا بارك اللّه في أمة تجهل تاريخها وتتخبط بحاضرها وتجهل مصيرها )) : فالناحية الثقافية هي دائماً وأبداً مرآة الأمة وعنوانها ، تجاه كل من ينظر إليها من الأمم . فأول ما يشـد ويلفت نظر الإنسـان في حالة إلقاء الضوء على أمة ما من الأمم ، لإدراك وتلمُّس مكانتها الإجتماعية :هي مؤسـساتها الثقافية ومعاهدها الأدبية والعلمية . فإذا خلت أية أمَّة من هذه الأشياء ، أدركنا مقدار ما تتخبط فيه من الجهل ، وكذلك بعدها عن الحضارة ومعالم الإنسانية بعداً شاسعاً . وأمة تعيش هذه الحالة مصيرها الـذُّل والإنصهار والإنقراض فإذا حاولنا قياس ذلك على أمتنا الآشورية ، من خلال مؤسساتنا : سياسية ، اجتماعية ، ثقافية ،روحية .. الخ لا نجد أي دليل للنهضة والتجدد أو ما يوحي بحركة أدبية أو فكرية أو ثقافية ، إلا ما ندر وقلّ …حيث الويل والخوف على المستقبل المجهول .. الضياع والتشرد والتشتت والفوضى ، لا يميز المرء رأسها من عقبها ، إلا من له تجربة واختبر الحالات النفسية لأبناء قومنا الآشوري .

الصور المأساوية القاتمة ترتسم أمامنا .. على الرغم من أننا كنَّا في الأمس صانعي النور .. وأصحاب المعارف والعلوم والفنون والآداب التي كانت وما تزال نبراساً للأمم ، فتحت لهم أبواب المدنيَّة والحضــارة ..؟‍‍‍‍‌‌‍‍‍‍‍‍‍ ‍‍‍‍‍‍ لماذا هذا التأخر المشين المرعب ؟‍‍ وكيف نحن الآن ؟ وكيف لا يحفزنا ماضينا التليد للقيام والنهوض واللحاق بركب الأمم التي تدّعي بأنَّ كل ما لديها هو استمرار لما كان عندنا ‍‍.‍‍‍‍‍‍‍‍‍؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍ونخجل اليوم من المقارنة بيننا وبينهم ..؟؟ وما هي حججنا وتعليلاتنا لما حدث ..؟ (( برأي أنَّ كل أمة أو مجتمع يشكو من فقدان المؤسسات والمعاهد الثقافية ووسائل التعليم والتوجيه ، وانتشار الجهل والتخلف ، والإستسلام للقدر بأنَّ تلك الأمة أو المجتمع يشكو من ويعاني من مصيبة كبرى محدقة .)) بعكس الأمــة أو المجتمع الذي تسوده مؤسسات عقيمة وإدارات غير كفوءة وشبيبة لامبالية وخمولة ومتباغضة ، ومرشدون تائهون في الظلام ، ويمشون على غير هدى ، خاليين من المؤهلات العلمية والتهذيب وادراك الحقائق ، وتقويم الأخلاق ، وعاجزون عن طبع الشبيبة والناشئة بطابع القومية وحب الأمة ، فمصيبة هذه الأمة أكبر ، وعلتها عجز الأطبــاء عن ايجاد دواءِِ شافِِ لها . كما هو حالنا اليوم . فبالرغم من وجود الطبقة المشبعة بأنواع العلوم والمعارف لدينا وبأعداد كبيرة . لكن هذا العدد الهائل لا يرجى منه ما يتطلبه الحال لتكوين أمة حضارية راقية كما كان عليه أسلافنا في عهدهم الذهبي ، وقبل سقوط سلطته السياسية في آثور . علماً أننا نعيش عصر التكنولوجيـا والديمقراطية والحرِّية والعلوم والمعارف . وقلَّما نجد فيه جاهلاً . فما هي الأسباب التي أدَّت بأمتنا السريانيـــة الآشورية الى هذا الوضع ..؟ وبإمكاننا ايجاز تلك الأسباب كاتالي :

أولاً : فقدان شعبنا الآشوري لسلطته السياسية في وطنه آشور منذ أكثر من 0 0 0 2 عام وخضوعـه لسيطرة شعوب غريبة عنه ودكتاتوريات متشعبة ومختلفة ، وما رافق ذلك من مذابح جماعية وفردية بشعة بحقه من تلك الشعوب ( أكراد ، أتراك ، عرب ، وغيرهم .. طوال قرون عديدة ولغاية اليوم وعلى مرأى ومسمع العالـم بأكمله ولا مجال لذكرها الآن .

ثانياً : التقسيم الظالم للوطن آشور والحاصل بموجب اتفاقية سايكس بيكو ومن ثم توزع الشعب الآشوري الى أربع مناطق جغرافية وصعوبة الإتصال فيما بينهم نتيجة الحدود السياسية التي قطعت وسائل الاتصال بين أبناء الشعب الأصيل ، والخضوع لهيمنة الحكومات الدكتاتورية للشعوب التي احتلت وطنه ، مما أضعفه وجعلته عرضة للقهر والإضطهاد . وبالتالي تعرضه لإبادات جماعية على أيدي الشعوب التي شاطرته العيش في وطنه الأم بيث نهرين آشور .

ثالثاً : فقدان الأمن والإستقرار ضمن تلك الدول ، والتعديات اللاانسانية بحقه من الشعوب والحكومات التي شاطرته العيش في وطنه ، منذ سقوط سلطته السياسية ولغاية يومنا هذا .

رابعاً : اعتناقه أغلبية الشعــب الأشوري للدين المسيحي منذ 0 0 0 2 عام ، واحتفاظ البقية بالديانة الأصلية للشعب الآشــوري ، ومن ثم انشطاره الى طوائف ومذاهب دينية ، واستغلال الحكومات والشعوب الدخيلة عـلى أرضــه تلك الإنقسامات واستخدامها كأداة حادة لزيادة الشقاق بين صفوف الشعب السرياني الأشوري ، وبمعونة الخونة والجبناء من أبناء شعبنا والذين ما يزالون يتاجرون بقضيتنا لغاية اليوم .

خامساً : انعدام الجسارة لدى طوائف شعبنا وتبدل شخصيتها من زمن لآخر . لشعورها بالخوف والغربة وهي تحيا في وطنها وترابها ومثوى أجدادها ، نتيجة للويلات التي حلت بها وعلى أيدي محتليها وكان أعنفها وأقساها مذابح عام 5 1 9 1 وعلــى أيدي الأكراد وبمعونة الأتراك ، في طور عبدين وكذلك مذبحة سيميلي عام 3 3 9 1 م في شمال العراق وعلى أيدي الأكراد والعرب . وعلى مرأى ومسمع العالم الحديث .

سادساً : هجر الأمن من نفوس الشعب الآشوري والتطلع والمحاولة الدؤوبة الى هجرة الوطن ومغادرته أبدياً والإحتماء بالغير . نتيجة لما حدث له من مذابح وويلات ، في وطنه ، وخوفه من المستقبل القاتم الذي ينتظره وللمحافظة على ما تبقى له من جذور .

سابعاً : تعدد الهدف الاستراتيجي لمؤسساتنا وعلىمختلف أشكالها . والنظرة التشاؤمية للمستقبل والمصير . وانعدام روح التضحية ، وحب الأمة بين الأفراد ومؤسسات شعبنا دون استثناء .

ثامناً : الإنخراط في مؤسسات وهيئات غريبة ، والإستسلام وربط المصير بأيد من قتلونا وشردونا ، والتشهير المشين بالشرفاء والمخلصين ، ومساندة الخونة على حلق الرقاب والدقون . وإنهاء لقضيتنا العادلة ، بربطها بمصير الآخرون الذين لا يتوانوا عن دفن وطمس كل معالم وجودنا وبمختلف الوسائل والأساليب ، المشروعة والغير مشروعة . فاستقراؤنا لأخبار شعبنا في الواقع الذي نعيشه ، وبالنظر الى محصول الحركة الثقافية والفكـرية ، وسير عمل مؤسساتنا ، نرى ما يفتح لنا بصيص أمل جديد بما يقوم به شبابنا الغيورين والأمناء على مصير أمتنا الآشورية وعلى مختلف الأصعدة ، على أنَّ هذا الإستقراء يفيدنا بأ،ه لا وجود للخمول والإستسلام بين صفـوف شعبنا ومؤسساته وذلك حسب الإمكانيات المتاحة بالرغم من وجود تفاوت بين الواحد والآخر من حيث اسلوب التضحية والعمل والتنشط بين صفوف شعبنا . ولا مجال للإنكار بأنَّ الوضع السياسي والاجتماعي التي هي عليه البلدان التي يقطنها شعبنا تجيز هذا التباين والتباعد ولكن باعتبار الأهداف الرئيسية في قضيتنا الثقافية فكرية ، أدبية ، اجتماعية ، روحية ..الخ واحدة ومتقاربـة ، كنّا نأمل بوجود قيادة أو هيئة موحدة تمثل مؤسسات شعبنا المختلفة ، وتوزع الأعمال والمهام ، وتكون مرجعـاً لكافة المشاريع المخططة . وبغض النظر عن الأعمال السياسية التي يتناولها من كانت لديه نزعة اليها ، فأين هي تلك القيادة أو الهيئة .!؟ ولماذا نحن الآن في شبه فوضى لا قيادة موحدة ، ولا أهداف مخططة ومرسومة ، ومعروفة تقودنا الى السبيل القويم ، وتحقق أمانينا وأحلامنا الطيِّبة ، وأهدافنا القومية المشروعة ..!؟ ولماذا كل تلك المؤسسات متباعدة ومتفرقة ، ولا يجمعها حتى الهدف .!؟ ولماذا حتى الآن مع كل ما طالعناه من أخبار وعرفناها عن مؤسساتنا ، لا تتعدَّى بمفهومها ، سوى نادي رياضي أو نادي يقوم بتنظيم الحفلات والألعاب واللهو ، دون تحمُّل للمسؤولية القومية ..!؟

وتلك المسؤولية التي تتطلب من تلك المؤسسات إعداد شبيبتنا مستقبل وعماد أمتنا إعداداً سليماً ، وخلق شخصية آشورية صحيحة ، تكسـب صاحبها جرأة وشجاعة ، وتقرِّبه من واقع أمته وتبعده عن الخوف والجبن الموروثة بعوامل الجهل والقهر والغربة . وذلك من أجل مستقبل مجيد لشبيبتنا الآشورية . وهـذه جميعها مبادئ ساميـة لا يجوز تجنبها . هذا مع عدم نكران ما تقوم به بعض مؤسساتنا الفكرية في الوقت الحاضر وتبذل قصارى جهدها لتحقيق تلك المبادئ وزرعها بالشبيبة دون تبعية وخدمة للغير .فخلق الشعور القومي والإحساس بضرورة الوطن الحر المستقل لدى كل آشوريٍ ، هو واجب تلك المؤسسات مجتمعة والقائمين عليها .

ومما يحزُّ في النفس أنَّ كل سرياني آشوري ، مُتقِنٌ بعمله وطبيعة قوانينه ، لكن المُؤسِف له جدّاً ، جهله لحضارتـه وأمته ولغته ووطنه ..! أليس هذا تقصير من مؤسساتنا على كافة أنواعها ومستوياتها ..!؟ مما يدمي الفؤاد ، ويقف عائقاً أمام قيامنا ونهضتنا ، ويُثبِطُ من قَدرِنا أمام الأمم المتحضرة ، ويؤدي بنا إلى الجهل والعقم والتأخر عن ركب الحضارة والتقدم ، في أكثر العصور رقياً وأكثرها تكنولوجيا ووسائل وأسباب للتقدُّم والتحديث ..!!لقد سئـم الكثيرون من هذا الوضع المخزي والمحزن في نفس الوقت ، ودبَّ اليـأ س و القنوط في نفوسهم وظهرت نتائج اليأ س ، وفقدان الثقة جلية وواضحة بانحراف البعض وتململهم وتقاعسهم عن العمل أمر وهو لا يطمئن أكثر المتفائلين والمخلصين لقضية شعبنا ومؤسساته .

إننا اليوم ونحن على عتبات الألفية الثالثة ، لسنا بحاجة الى رجال علم وفلسفة ، بقدر ما نحتاج فيه الى ذوي الضمائر الحية ، والشعور بالمسؤولية ، وروح التضحية والإلتزام ، والعمل بلا هوادة ، وبدون تعب أو ملل ، نحن بحاجــة إلى مؤسسات بشرية يكون قوامها جمهور الشبيبة المفعمة بحب الأمة والوطن ، شبيبة تعرف الامراض التي تنخر جسم الأمة الآشورية ، وتعرف كيف تصف لها الوصفة بخبرتها ، وبالوسائـل الناجعة لضماد جرحها ، شبيبة صادقة وجريئة ومضحية بالغالي والنفيس ، لتتمكن من نقل الرسالة صادقة الــى الأجيال الناشئة وطبعها بطابع الرجولية ، والشخصية النابغة ، وتلقنها العلوم والمبادئ التي تحتاج إليها للسير مع تيار الحضارة ، حتى لا تتعثر وتسقط ، وتدوسها أقدام جبابرة العصر الحافل بالعلوم . نحن اليوم بحاجة الى شبيبة قوية صلدة ، لا تهاب الصعاب ولا تعرفها ، ولا يخترقها الرصاص ، تولد وتعيش حرَّة وشريفة وغير ذليلة ، شبيبة شامخة لا مترددة ، تتخذ من الوطن والأمة هدفاً استراتيجياً ، وتسفك دمائها في سبيل أهدافها وتقرير مصيرها ، شبيبة فولاذية لا يخترقها الرصاص ، لا ورقية ناعمة لمسح حمرة الشفاه ، ووهن الوجوه ، لا شبيبة لليوم فقط ، بل شبيبة لليوم والغد والمستقبل المشرق المتبسم .

إنَّ هذا هو ما يجب أن تتنبه له كافة مؤسساتنا وعلى اختلاف تشكيلاتها وأهدافها وميولها ، وهكذا شبيبتنا . فمهما كانت هذه الشبيبة مضغوطة ومكتوم على أنفاسها يجب أن تعلم وأن تشعر بكل جوارحها ، بأنها هي المسؤولة عن مستقبل الأمة ، وبأيديها تقرير مصيرها . ولا أخال أبداً بأنهم يتمنون لأمتهم الآشورية كما هي عليه الآن ، مهددة بالفواجع والإنقراض والإنصهار مع الشعوب التي تعيش معها في الوطن والمهجر على حد سواء ، والذي يتفحَّص قليلاً حركة البشر وثوران الأفكار يراها عنيفة وقوية في وقتنا الحاضر ، تدعو الى انتهاز الفرص حتى لا تكون الندامة وصرير الأسنان Opinions