Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ما وراء التحليل النفسي لشعبنا الكلدو-آشوري السرياني

قد يبدوا عنوان المقال أعلاه غريبا ولكن بعد معايشة ما اختبرناه بين ابناء شعبنا وفي كثير من الاجتماعات والاطلاع على مقررات ونتائج المؤتمرات وتحليل الكثير من الكتابات والمقالات والتصريحات والفضل هنا يعود الى تكنولوجيا الانترنيت وبعد التفكير مليا بالاسباب التي يتذمر منها اغلبية ابناء شعبنا نتيجة فشلنا كشعب لغاية هذه اللحظة من وضع الاسس الصحيحة لما نعانيه ولمدة مئات السنين المثبطة لتطلعات وامال هذا البقية الباقية من شعبنا القادم من عمق التاريخ والملطّخ بالدماء البريئة منذ سقوط دولته في ارضه نتيجة اخطاء ابنائه التي ما برحت بالاستمرار لهذه اللحظة، إرتأيت ان اكتب هذا الطرح المتواضع لعلي اصيب ولو قليلا في تسليط الضوء على بعض الاسباب التي تؤدي بنا كأمة نحو المجهول وبالاخص في ظل التطورات المتسارعة في الشرق الاوسط والتي تؤكد كل المؤشرات بأنها مرشحة لتصعيد رهيب قد تكون مقدمة لمآسي اكثر مرارة من سابقاتها ( صراع الحظارات) الذي سيكون وقوده من الابرياء من ضمنهم ابناء هذا الشعب الذي عانى مما يعجز اللسان في وصفه، وهذا اعتبره كاضعف الايمان في ما استطيع تقديمه لخدمة شعبى الذى ظلمه الاقرباء قبل الغرباء لأنه إذا كان هناك ما يستحق العبادة بعد الله، لهو مصير ووجود شعبنا الذي سيحصد ابنائنا واحفادنا الذين نتحمل مسؤوليتهم امام الخالق والتاريخ نتائج وتبعات ما نزرعه اليوم.

من واجب كل شعب يعاني من الصعوبات والأزمات وبالأخص المصيرية منها ان يرتكن الى المنطق والدراسة والتحليل الواقعي والعلمي والنفسي لمعرفة سبب العلل والمآسي التي يعانيها ومصدرها وبالأخص إذا تحولت الى مرض مزمن وبالذات عندما تصبح واقعا ضمن المؤسسات التي تمثل الشعب لإيجاد الحلول الناجعة للوصول الى بر الأمان ولا اعني بأن العلة هى مطلقة وانما نسبية وبنسبة مرتفعة لمدى الجهل بالتاريخ والثقافة والدين والعلوم الانسانية والظروف التاريخية المسببة والشعوب التي اهملت تلك الخطوات لم يرحمها الغرباء والتاريخ إذ إنها انهارت ومن ثم اضمحلّت وطواها النسيان
هناك صفة يجب ان يعرفها المهتمون بمستقبل أجيالها والتي تسمى بالانكليزية (Sophistry ) وهي من تلك الآفات التي عجّلت بسقوط الحضارات السابقة ومنها الحضارة اليونانية العريقة وتختصر بأن صاحبها ينكر وجود الحقيقة ويتبنى الرأي الشائع ويسير مع رأي الأغلبية (المصقّل نتيجة للجهل بالحقائق والكبرياء والانانية والصحافة الموجّهة ) اي مع التيار بالغض النظر عن المبادىء والحقائق التاريخية والمنطقية الصحيحة من اجل غايات شخصية ضيقة علما بان أعتى الديمقراطيات يبدأ نجمها بالأفول عندما تصل الى هذه المرحلة.
المثير للتفاؤل بين الغيارى من ابناء شعبنا ان اغلب رجال الدين ورؤساء الاحزاب والجمعيات ...الخ هو تلك التصريحات العلنية التى تؤكد باننا شعبا واحد بالرغم من التسميات المختلفة ولكن يصيبك العجب وتتملكك الحيرة في تناقض تلك الاقوال بالواقع عندما تحين الاستحقاقات لوضعها حيّز التنفيذ. من ضمن احدى التعريفات لهذه الصفات في علم النفس الحديث من حيث أنها تتشابه في مرحلة من مراحل حالة ( الانفصام الشخصى ) وهذه الظاهرة لها اسبابها من ضمنها الكبت النفسى في المراحل الابتدائية من الطفولة نتيجة ظروف قاهرة مرتّ بها الاجيال السابقة من التمييز والاضطهاد والخوف النابع من تلك العوامل والترسبات التي مر بها شعبنا على مر التاريخ وهذه التاثيرات على التكوين الفكري والشخصي والسلوكي والتي نرى تاثيراتها السلبية والتي تقودنا كشعب نحو المجهول هي مثبتة علميا ومنها ما هو متعلق بالجهل والتحصيل الثقافي والعلمي والتاريخي ونرى من تجارب الشعوب التي وصلت الى مرحلة النضوج في اغلب المستويات ان الأغلبية من شعوبها متمكنون من العلوم والتحصيل الدراسي بمختلف افرعها وكما نعلم بأن مجتمعنا لم يصل الى هذه المرحلة لحد الآن وطبعا هذه العوامل تتأثر بها الاجيال الناشئة والتي تظهر تأثيراتها السلبية ام الايجابية في المراحل التالية من حياة الفرد والمجتمع والذين تأثروا سلبا يبدأون بتنشئة جيل آخر يعاني من الصفات الشاذة بالطبيعة الانسانية وتستمر تلك التأثيرات في حياة الشخص وتظهر نتائجها فى الانا الذاتية والكبرياء والتي هي من امهات الخطايا الكبرى ويظهر التعنت والتلذذ بالقشور والاصرار على الانتحار الفكري وضرب المبادىء بعرض الحائط والمعروف ان الذين يعانون من هذه الامراض انهم لا يشعرون ولا يعترفون بها إذ تصبح جزء من شخصيتهم وكينونتهم علما انهم بحاجة الى اختصاصيون للولوج الى تلك البواطن التي تأكل صاحبها من الغيرة القاتلة والحسد والغضب وعقدة الكبرياء ونرى منهم من يمارس الدكتاتورية بحق عوائلهم والطامة الكبرى هو إدعاء هولاء بأنهم ملمّون بأغلب العلوم وكما يقول المثل ( ابو السبع صنايع) وهو لا يلم حتى بابسط قواعد التخاطب ومنهم من لا يتحدث بلغة البلد المتواجد فيه وهم لم يتمرسوا في القوانين السائدة ويتميزون بعقلية عشائرية من القرون الوسطى او اسوأ وتراهم يصرون على تمثيل وقيادة مجموعة من البشر او طائفة او كنيسة او حتى جمعية من الجمعيات وما اكثرها اليوم حيث تصبح تلك المجموعات البشرية كقطيع غنم سائر نحو المجهول وراء راعي هو بأمسّ الحاجة الى الاعتناء به وقيادته وهنا ينطبق المثل القائل ( الأعمى يقود الاعمى أو العميان) وهذا طبقا من تلك العوامل التي ادت الى الانقسام بدأ من الكنيسة الى الطائفة ووصولا الى الوضع الراهن من الصراع الاحمق وللامعقول على المسميات والتسميات وكأننا على وشك إنشاء الامبراطوريات والواقع يشير إننا بصدد خسارة الكثير واحب ان اوّضح هنا بأن كل التسميات هي ملكا تاريخيا تخصنا وهي ليست منحة او منّة من الغرباء لكي يعترفوا بنا، إذ نحن قادرون ان نقرر التسمية التي نرغبها كهوية في هذا العصر ومهما كان عدد احرفها مع الاحتفاظ بكل مكون من مكونات شعبنا بخصوصيته الثقافية والاجتماعية وليس حرق الاخضر واليابس والاصرار على الانتحار وعبادة صنم المسميات والتشبث بقيم اثبتت تناقضها مع كل القيم المسيحية والانسانية لأن اى تسمية من دون شعب هي مجرد هيكل فارغ.

ما يلزمنا كشعب تجاه هذه الوقائع التي استمرت لقرون عديدة هي فكرا جديدا لان فكرنا الحالي أوصلنا الى هذه المآسي التي ترفظها المسيحية والانسانية ولنفحص انفسنا اولا ونسأل ذواتنا هل نحن اهلا بالمسؤولية والخدمة لأن من يخدم شعبه لا يتقاضى أجرا ونفحص الآخرين ونتسأل بكل أمانة بعيدا عن كل صفات التحيّز والتحزب العائلي والعشيري والطائفي هل المدّعي بالمسؤولية هو اهلا لها وليكن لنا الجرأة لنقول لمؤسساتنا ومنها بالذات الكنائس التي تلعب دورا كبيرا ضمن المجتمعات الشرقية بأننا سئمنا التحزب الديني بأسم مبادىء المسيح الذي يمثلونه والتي هي اسمى المبادىء في الكون ولا يعقل ان يتم تقسيم ابناء المسيح تحت تبريرات دنيوية لا تمت له بشىء ومن ثم ليكن لنا الشجاعة لنقول للمؤسسات والاحزاب التي بدأت تتشكل على موائد الخمر بشكل دوري والجمعيات بأنهم على خطأ عندما يتم استخدام المساكين من ابنائنا لغايات ومصالح ضيقة وشخصية ونقول لهم بأنهم لا يستحقون تمثيل احدا اللهم إلا زوجاتهم وحان الوقت لفسح المجال لمن هم قادرين على الخدمة، ونقول للمصرين على الإنتحار ومروجيها بأنهم بحاجة الى أطباء نفسانيون وإشراف طبى وليس إدعاء القيادة، ونقول لعوائلنا التي تمارس الدكتاتورية في نطاق البيت إننا نستحق معاملتنا بما يناسب تلك الصفة التي نتميز بها وهى بأننا خلقنا على صورة الخالق.

إخوتي وأخواتي، ما هو هذا المقال إلا جهدا متواضعا ضمن الجهود البسيطة لإعلاء شأن هذه الامة التي تئّن من ظلم القريب قبل الغريب والعدو وإذا قلت إنني سأصل في هذه الاسطر القليلة الى حل هذه المعضلة فأنني اكون بعيدا عن الحقيقة وادعوا كل من هو قادر ان يشترك في هذا المجهود لكي نصل الى وضع الاسس والحلول الجذرية لكي نستطيع الوصول الى بر الأمان لأننا جميعا متأئرون وسنتأثر وسيتأثر بها اجيالنا ما لم نبدأ بالفحص الذاتي الصادق ومن ثم البدء بتربية جيلا خالي من هذه العيوب التي يشمئز منها العقلاء ولكي نصل الى مرحلة جديدة من المنطقية ومن ثم تأتي وحدتنا بصورة طبيعية لأنها كذلك .

وأخيرا، أقول وبكل أمانة بأنه هناك البعض من بيننا ممن يخدمون أعداء هذه الامة عن معرفة أو غير معرفة ونحن نرى الغرباء أصبحوا أصحاب حقوق بينما نحن نتطلع الى القشور التي يهبها الغريب من أجل إشباع شيطان الكبرياء والمطّلعون يدركون بوجود مخطط شرير يستهدفنا كأمة وشعب وخصوصية وبينما نحن في سباتنا الذي إستمر دهورا هذه طولها علما بأن الكثير منا متواجدون في دول ذي إمكانيات تؤهلنا ان نتعلم الكثير ونخدم وندرك أهدافنا ونخدم إمتنا بجدارة ولكن وكما يبدوا بأننا ما زلنا نتلذذ بأخطاء من سبقونا وارجوا ان لا تصل امتنا الى المستوى التي تطلبت فيها مؤسسات الى التدخل مجبرة كالجيش الجمهوري الايرلندي او الجيش الارمني وآخرين ممن استخدموا التهديد والشدة ضد المستهترين والمتاجرين بمصير شعب برمّته لأنه ليس من حق كائنا من يكون التلاعب والتسبب عن جهل او عن معرفة في إنهيار أمة عمرها يتجاوز الاف السنيين.
اليوم نحن بأمسّ الحاجة الى تلك العناصر الخيّرة التي ترتقي فوق آفة الأنا والمصالح الدنيوية الى قيادة شعبنا بالرغم من الثيران الهائجة التي تقف بوجههم كلما حاولوا تصحيح المسيرة والتاريخ سينصفهم وارجوا ان يكون هذا المقال قد سلّط الضوء على بعض ما نعانيه من اجل التفكير والنظر بأمانة بما نستطيع تقديمه لوضع الخطوات المطلوبة للتخلص من هذه الامراض المزمنة. وتقبلوا مني كل الحب والاحترام.

أخوكم
سليمان يوحنا


Opinions