Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مستقبل العلاقة مع دول القوات العاملة في العراق

لا احد ينكر الدور البارز للقوات المتعددة الجنسيات في مجال بسط الامن والتصدي للعمليات الارهابية وحفظ النظام والسيطرة على انفلات الاوضاع والفوضى التي صاحبت سقوط السلطة السابقة وماتبعها من تداعيات. ومع ان هذه القوات قد دخلت العراق بقرار من مجلس الامن الدولي، ومع ان وجودها الحالي استمر بموافقة الحكومة العراقية وباتفاق جميع اطراف العملية السياسية، ومع ان جميع الاطراف السياسية العاملة على الساحة العراقية ترفض خروج هذه القوات في الوقت الحاضر لما يتركه خروجها من فراغ كبير في الساحة الامنية كون القوات الامنية العراقية لم تستكمل بناء تشكيلاتها ولم تصل الى مرحلة الجاهزية في الكثير من المناطق، وكون العراق مايزال مهددا بالكثير من المخاطر الخارجية، وتشهد ساحته وتجربته الوليدة صراعات ونزاعات متعددة الوجوه والاتجاهات، مع كل ذلك وغيره لابد ان يصار الى عقد اتفاقية امنية جديدة تحفظ للعراق سيادته الوطنية وللمواطن العراقي كرامته. وتحدد لهذه القوات مساحة تحركها وتقنن صلاحياتها، وتشخص مسؤولياتها وذلك بعد ان ترتب الحكومة العراقية أطر العمل واساليب التنسيق بينها وبين القوات العراقية، تلافيا لحدوث تداخل بين توجهات الطرفين ومنعا لحدوث انتهاكات لحقوق العراقيين. وبذلك تكون تلك القوات قد ادت واجبها طيلة السنين الاربع المنصرمة بفرض الامن والنظام وتؤديه الان كدور مساعد للقوات العراقية الوطنية في الحالات التي تحدها الظروف الامنية الطارئة في الداخل او تقتضيها المصلحة الوطنية العليا للوقوف بوجه التحديات والاطماع الخارجية.
ان العراقيين على اختلاف مستوياتهم ومسؤولياتهم وتعدد اهوائهم واتجاهاتهم لا يفكرون بانهاءالعلاقة مع الدول التي تنتمي لها هذه القوات بمجرد انتهاء واجبها وانتفاء الحاجة اليها والعراقيون اكبر من ان يتنكروا لمن ساعدهم ومد يد العون في محنتهم، وهم يتطلعون الى اقامة اوثق العلاقات الاقتصادية والسياسية والتعاون المشترك في جميع المجالات التي يحتاجها العراق مستقبلا مع تلك الدول. ومن هنا توجب على القوات العاملة في العراق ان تراعي جوانب احترام السيادة العراقية وحقوق الانسان وتوثيق العلاقة الطيبة وحسن التعامل خلال سلوكيات العمل المناط بها مع جميع المواطنين مايترك اثرا حميدا في نفوس الجماهير العراقية لتكون على استعداد تام لتقبل بناء علاقات مشتركة مع تلك الدول مستقبلا لما فيه مصلحة الطرفين. لا شك ان كثير من الشعوب قد تعرضت لما يشبه الحالة العراقية فاستقدمت قوات دول كبرى او متعددة الجنسيات اضطرارا لمعالجة اوضاع وازمات امنية داخلية او دفع تهديدات خارجية او فض نزاعات ومعضلات متفاقمة والامثلة على ذلك كثيرة سواءا في منطقتنا العربية او خارجها غير ان تلك القوات وبعد قيامها بانجاز ما استقدمت لاجله تم تنظيم وجود بعضها بمعاهدات امنية دولية للدفاع المشترك والمساهمة في مرحلة بناء واعمار تلك الدول التي استقدمتها-هذا مايخص الدول التي شاركت في تلك القوات-اما مايخض القوات العسكرية ذاتها فقد تم حصرها في قواعد خاصة تستنفر عند الضرورات. واستمرت العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين حكومات وشعوب تلك الدول على احسن مايرام واتسعت لتشمل قيام مشاريع تنموية واستثمارية انعشتها اقتصاديا وحضاريا بحيث صار معظمها مراكز تجارة عالمية وشهدت نشاطات متعددة الوجوه جعلت من النفط الذي كان المصدر الوحيد للتمويل في تلك البلدان-مصدرا ثانويا للدخل القومي فيها. بهذا التصور نتطلع الى قيام علاقة متوازنة بين العراق وبين جميع دول العالم وفي مقدمتها الدول التي وقفت الى جانبه ونتوقع -بالمقابل-ان تسعى تلك الدول لتطوير وترسيخ هذه العلاقات بناءا على مبادىء الاحترام المتبادل وفي مقدمتها سيادة العراق وكرامة شعبه.
h_mossawy@yahoo.com Opinions