Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مشروع اقامة غابة في العراق

ليس صحيحا القول بان الاعمال الارهابية في العراق لا تستند الى مشروع سياسي، فمن يروج هذه النظرية ـ اذا افترضنا حسن الظن ـ يجهل حقيقة بسيطة تتمثل في ان العنف، حتى في ابسط حالاته وفي جميع تعريفاته، مورد من موارد السياسة وفصل خطير الاثر من فصول الصراع بين الخيارات السياسية، كما ان التخويف، كتعريف مدرسي للارهاب يدخل الان في صلب المشهد السياسي في العراق وفي مناطق كثيرة في العالم، حين يستهدف تدمير السلم الاهلي واثارة الفتنة الطائفية وشل عمل الادارات الحكومية، الخدمية منها على وجه الخصوص. وتذهب بعض التصريحات والكتابات المحسوبة على العملية السياسية الى تبسيط الدلالة التي تحيط العمليات المسلحة المنظمة بالايحاء انها لا تعدو عن كونها ردود فعل لوجود القوات الاجنبية في العراق، وتستطرد القول “انه امر طبيعي” وقد تصوّر هذا الرد كتعبير فيزياوي تلقائي لرفض الاحتلال، لا ينطوي على ابعاد سياسية ولا عن اهداف ابعد من “تحرير” العراق باسلوب غير سلمي، وبلغ بسياسي عراقي ناشط، هذه الايام، ان يحاول اقناعنا بان “الجماعات العراقية المسلحة” ستلقي السلاح وتكف عن العنف حال انسحاب القوات الاجنبية وربما حال الاعلان عن توقيتات لهذا الانسحاب. وقد تمضي بعض التعليقات البريئة الى تصوير التشكيلات المسلحة التي تروع العراقيين يوميا باعمال القتل والابادة والاختطاف والتفجيرات، كمنظمات خيرية، وتستكثر علينا السؤال عمن يموّل آلتها الجهنمية ومن يجعمها من خارج الحدود ومن ينفخ في صورتها ويمهد لها سبل الاعلام والحركة والتسليح.. انه احدث واغرب تفسير للاعمال الخيرية حين يكون لها اسنان متوحشة وفي سجلها ابشع التوصيفات لجرائم قتل الابرياء. اما حقيقة المشروع السياسي لاعمال القتل والتخريب والترويع اليومية، فلا يمكن ان تخفيه التبسيطات، حسنة الظن، ليس بسبب دخول بعض الجماعات المسلحة على خط “المشاورات” مع الامريكان، بل لان هذه الجماعات بجميع تسمياتها والوان جلودها لم تعد تتحدث عن نفسها كمنظمات للبر والاحسان، ولا عن انشطتها المسلحة كردود فعل، وهي ـ منذ اول انطلاقتها ـ طرحت مشروعها السياسي بفصيح الكلام، سقفه اعادة سلطة النظام الدكتاتوري المتحالف مع القوى التكفيرية الظلامية واسلوبه تدمير جميع خطوط وهياكل الدولة والحيلولة دون اعادة الاعمار والعمل على قتل اكبر عدد من المدنيين. غير ان التمييز الوحيد في التصدي للمشروع الارهابي في العراق يمكن تحديده في فئات صغيرة من عائلات وسكان مدن وعشائر تندفع الى الانتقام لضحاياها الذين سقطوا على يد القوات الاجنبية او الحكومية عن طريق السلاح والتمرد، وقد فرزت نفسها عن تحالف قوى النظام القديم والجماعات التكفيرية ، بل وابدت الاستعداد للحوار مع الدولة، وربما دخلت الى غرف الحوار من اوسع ابوابها. ان اعمال الارهاب في العراق ليست انشطة بلا هوية سياسية، وبلا مشروع متكامل لدولة مقترحة.. عفوا، لغابة مقترحة.

ــــــــــــــــــــــــــ

وكلام مفيد

“الارهاب يؤثر في الفكر السياسي بشكل اكبر مما نتصوره”

محمد خاتمي

Opinions