مشكلة الارامل والايتام الى متى يا اذار الخير ؟
تضاعف عدد الارامل في العراق بعد 2003 أصبح ظهورهن في شوارع المدينة من اجل التسول لسد الافواه الجائعة يعد رمزا مثيرا للغضب بسبب فشل الحكومة العراقية وعلى رأسها البرلمان العراقي ومنظمات المجتمع المدني تقديم اية معونة لتسد حاجاتهن المعيشية ،مما يؤلم ويقلق عليهن قسم منهن يتحولن الى مجندات للارهابيين. هذه الارملة تمر بظروف نفسية واجتماعية واقتصادية صعبة . الارهاب يستغل الفرصة لتسويقها الى اهدافه المنشودة . الكثيرات منهن ضاق بهن الزمن وقبلن العرض او تعرضن الى عملية غسل الدماغ .بتصريح من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية: "لانستطيع مساعدة الجميع لان العدد كبير جدا . ومن النساء العراقيات بين عمر 15 – 80 سنة، هناك واحدة من كل 11 امرأة هي من الارامل، بالرغم من ان المسؤولين يعترفون بان هذا الرقم يصعب تخمينه بدقة، وقدر تقرير للامم المتحدة بانه خلال ذروة العنف الطائفي في العراق فان 90 – 100 امرأة كانت تترمل كل يوم." تصريح وزارة العمل غير مقنع . كم برنامج فتحت وزارة العمل لتشغيل هذه الفئة من النساء المنكوبات ؟ لماذا لاتستطيع احتوائهن ؟ هل ليس لها ميزانية ؟ ام ان الفساد المالي والاداري قد نخر هذه الوزارة الكسولة .
في وزارة المراة درست مشكلة الارامل العراقيات وتم تشكيل دائرة خاصة بهن في وزارة ، لكن الوزيرة نوال السامرائي اكدت ان هذا المشروع حبر على ورق وقدمت استقالتها من الوزارة، لاسباب تتعلق بالية التعاطي مع هذه المعلة الضخمةللارامل . كما لم تنجح البرلمانيات في مجلس النواب العراقي بجمع اصوات اعضاء البرلمان على سن قانون يساعد الارامل ويوفر لهن سبل العيش الكريم، لاينكرهناك محاولات تبذل من قبل لجنة المرأة والطفل في البرلمان العراقي ، فان وجود ارامل الحرب يصعب تجاهله مما يشاهد يتجمعن حول نقاط التفتيش ويتسولن بين السيارات والمارة ،كما ينتظرن في طوابير خارج الجوامع من اجل الحصول على فراش نوم او لقمة عيش ، ويعيش البعض منهن مع اطفالهن في الساحات العامة او في العراء . الحكومة العراقية اقامت لجنة لدراسة المشكلة ، وبدأت بحملة لالقاء القبض على المتسولات اللواتي لايملكن مكانا للعيش فيه ومنهن ارامل الحرب. الارملة تحتاج الى رعاية واهتمام من الدولة وليس عقاب . والنساء اللواتي فقدن ازواجهن يحصلن على المساعدة والرعاية من المساعدات المقدمة من الجيران والجوامع والكنائس . فهي الضحية والحكومة تعاقبها بدلا ان تساعدها معادلة خاطئة على وزن الديمقراطية الطائفية الموجودة الان . المشكلة كبيرة تحتاج الى حل دائمي .
في احدى دراسات التي أجرتها مؤخرا وزارة التخطيط أن أكثر من نصف الأرامل في العراق فقدن أزواجهن بعد ابريل 2003 وغالبيتهن مسؤولات عن إعالة طفل واحد إلى ثلاثة أطفال. وذكرت الدراسة أن المستوى التعليمي للنساء الأرامل يتباين بين الابتدائي والمتوسط والجامعي وان عدد الأرامل اللواتي يحملن الشهادات العليا ضئيل جداً. ولدينا الآن مليون أرملة في العراق بحسب إحصاءات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي(83) الفا فقط منهن يتسلمن راتب الحماية الاجتماعية والبالغ(65) الف دينار فقط اي مايقارب 50 دولارا 12 دولارا لكل طفل شهريا والذي لا يسد احتياجاتهن الغذائية فقط .
لكي يحصلن على معونة ، فانهن يجب ان يكون لديهن ارتباط سياسي مع الجهات المتنفذة او يوافقن على الزواج المؤقت مع رجال متنفذين من الذين يسيطرون على توزيع الاموال الحكومية . هذه عقوبة ثانية لهن . الا يكفي انها عوقبت بفقدان زوجها والان تأتي تتلقى عقوبة اخرى انها تبيع جسدها رغما عنها فقط للحصول على قوت لها ولاطفالها الايتام .
في العراق لا يوجد أية قوانين دستورية ولا اسرية ولا حتى الية سياسية لحماية المرأة الارملة وتأمين حقوقها او تمويلها بخدمات اجتماعية لها ولايتامها . فالارملة تتلقى رعاية معنوية من قبل اهلها او من اهلها او اهل زوجها , في حين يجب ان تتلقى من الدولة ومن المراكز الاجتماعية.
في الريف العراقي تختلف الحالة عن المدينة . فغالبا ما تأخذ الارملة ايتامها معها الى الحقل منذ نعومة اظفارهم . فيخرج هؤلاء الاطفال الى العمل وهم بعد في السابعة من اعمارهم وكثيرا ما يحرمون من الدراسة لانهم يصبحون احد مصادر التمويل المالي للعائلة . لذا تكون نسبة الامية عالية بين اوساط الارامل والايتام, وتكثر هذه الحالة في الريف الجنوبي لكثرة الفقر الموجود في هذه المنطقة . كان المراة الريفية في زمن الحصار وزمن صدام المقبور يعاني من الفقر المدقع ولازالت الارملة في الريف تحتاج الى المزيد من الدعم المادي والمعنوي في هذه المنطقة قبل غيرها .
كيف ننهض بهذه الشريحة الكبيرة من المجتمع ؟
1- بالضرورة ان يكون في الدستور العراقي فقرة خاصة تضمن حقوق الارامل والايتام . لانها اكثر شريحة مغلوبة على امرها . وهذه الشريحة موجودة في كل الطوائف والاديان والقوميات , ويجمعهن قاسم مشترك هو فقدان ازواجهن وتحملهن مسئولية الايتام.
2-من الضروري دعم هذه الشريحة من الميزانية العامة للعراق . واقصد بذلك يجب ان يكون لهذه الشريحة نصيب خاص من نفط العراق توزع على الايتام والارامل لاشعارهم بانهم فقدوا الزوج او الوالد ، إلا أن الشعب العراقي والحكومة العراقية تشعر بمعاناتهم, ويجب صرف رواتب للايتام حتى يبلغوا سن الرشد . ولكي يشعر هؤلاء الاطفال والامهات ان دماء الناس الذين فقدوهم لم تذهب هدرا. او من الممكن ان يدخل ذلك ضمن قانون الضمان الاجتماعي.
4- وزارة المراة يجب ان تكون وزارة مستقلة ولها ميزانيتها مخصصة من قبل وزارة التخطيط وفي الوزارة كادر نسوي كفوء يفضل ان يكون من الارامل, يكون البرنامج الرئيسي للوزارة هو دراسة ووضع مشاريع اقتصادية لتشغيل الارامل والايتام , فتح دورات تدريبية لهن . وضع برامج توعية صحية لهن , وضع برامج للنساء الارامل في الريف والقصبات , تقديم معونات اقتصادية للعاجزات عن العمل .
3- على الدولة ان تفكر بمشاريع خاصة بالارامل والايتام ممولة من الحكومة . ومن الضروري ان توفر الحكومة بعض الامتيازات لهم مثلا القيام ببعض السفرات والنشاطات الاجتماعية المشتركة بين الشمال والجنوب والوسط لتقوية اواصر الصداقة بين القوميات المختلفة في العراق . . ومن الممكن تهيئة برامج خاصة بهم" الارملة والايتام " وجعلهم الوسيلة التي من خلالها تبنى جسور الصداقة والاخوة الوطنية بين مختلف اطياف المجتمع العراقي .
4- عند التقديم على فرص العمل من الضروري ان يكون للارملة والايتام حق الافضلية.
5-يجب ان يكون في كل مدينة او قصبة مركز لحماية شؤون الارملة والايتام .واول مهمة لهذا المركز هو القيام بتسجيل اسماء الارامل مع عدد اطفالهم واعمارهم وجنسهم . الى جانب مركز حماية الارملة يجب ان تتخذ المنظمات النسوية برامج لها خاصة بالارامل لمساعدتهن لملآ الاستمارات وتقديم طلباتهن خصوصا في الارياف والقصبات .
6-على الجامعات والمعاهد العراقية فتح فروع ودورات من الارامل انفسهن لتدريسهن وتأهيلهن كباحثات اجتماعيات واعني هنا بأن نسبة عالية منهن يحملن شهادة الثانوية . ليشرفن على برامج خاصة للارامل والايتام وابعادهن عن روح الانتقام غير المجدي .هذا يجري ضمن التنسيق مع مراكز الارامل في المحافظات.
7-من الضروري اخراج هذه الشريحة الكبيرة من البيت واسنادها ماديا بتزويدها بقروض او منح صغيرة لتتوجه الى الاعمال الحرة الصغيرة لها وللاولادها .
8-توظيف الاعلام ببرامج غنية موجهة بشكل مباشر لهذه الشريحة . وبنفس الوقت تعزيز الثقة بالنفس لارجاع الروح الطموحة لديهن واشعارهن بأن المستقبل الزاهرلازال امامهن وامام ايتامهن بعكس ما يشعرن به الان بان الابواب مسدودة امامهن.
9- الأمم المتحدة لها برامج خاصة بالارامل يجب تنشيط هذه البرامج في العراق من خلال دورات تدريبية لمنظمات المجتمع المدني.في المستوصفات ممكن فتح دورات لاعادة تأهيلهن ونزع الاحباط الذي يراودهن وفتح افاق المستقبل امامهن .
اذار 2009 ِِِِ