Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مقترح طوباوي للخروج من المأزق السياسي العراقي

jawadbashara@yahoo.fr
يبدو أن العراق محكوم بالانسداد السياسي وبطبقة من السياسيين المتخمين بالأنانية والمجبولين بالنرجسية أو حب الذات أو هكذا يشاع عنهم على الأقل، والحال أنه لا يوجد من بينهم من هو مستعد للتنازل والتضحية بامتيازاته لغيره من أجل المصلحة الوطنية العليا ويرددون اللازمة الكلامية ذاتها بخصوص الاستحقاق الدستوري والانتخابي وعدد الأصوات التي حصلوا عليها، لتبرير مواقفهم المتشنجة. والحال أنهم دخلوا، وأدخلوا العراق والشعب العراقي معهم، في مأزق سياسي وطريق مسدودة قد تقود إلى انهيار العملية السياسية برمتها لا سمح الله. وبغض النظر عن الخلفيات ومدى التأثير الحقيقي للتدخلات الخارجية ، الإقليمية والدولية والمتمثلة بدول الجوار والدولة المحتلة للعراق أي الولايات المتحدة الأمريكية، يتفق الجميع على ضرورة إنجاح التجربة الديمقراطية الوليدة رغم التخبط والإحباط والأخطاء والإخفاقات التي رافقتها. لذلك لا بد من إيجاد مخرج للأزمة السياسية التي تغرق المشهد السياسي العراقي اليوم دون الحاجة لخرق الدستور أو الالتفاف عليه. وبما أن التعبير الأنصع لهذه العقدة السياسية يتجسد بانعدام الثقة بين الأطراف المتصدية للقيادة والزعامة في العراق، بات على الجميع قبول حل تسوية مؤقت ريثما يتم العثور على حلول نهائية ناجعة ودستورية ترضي الجميع. الحل المقترح رغم صيغته الطوباوية الظاهرة قد يساعد على حلحلة الأمور وتجنب العودة إلى المربع الأول. يتعين أولاً دعوة مجلس النواب المنتخب للاجتماع والذي ينبغي عليه أولاً التصويت على تعديل دستوري مهم للغاية لأول خطوة يجب تنفيذها حتى قبل اختيار رئيس المجلس ورئيس الجمهورية، ألا وهي تشكيل الهيئة السياسية العليا لحكم العراق ، والتي تعلوا في مسؤولياتها وصلاحياتها على أية سلطة تنفيذية أخرى، شرط أن تضم بين أعضائها رؤوساء الكتل وقادة الأحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية والتي خاضت الانتخابات ، حيث يجب أن تكون جزء لا يتجزأ من السلطة التنفيذية وتستمد شرعيتها من تصويت البرلمان المنتخب ، اي السلطة التشريعية، على صلاحياتها لا سيما فيما يتعلق بالأمور السيادية التي تتعلق بمصير البلد ومصالحه العليا كالقيادة العامة للقوات المسلحة وتحديد الخطوط الرئيسية للسياسية الخارجية للعراق والسياسة الدفاعية والسياسة المالية والاقتصادية التي يعود نفعها للجميع ولن يكن بوسع أحد الادعاء أنه هو الذي أنجزها عدا الهيئة السياسية العليا ذات السلطات والصلاحيات الحقيقية، وليست الاستشارية كما كانت عليه في السابق . ومن هنا لن يعد لمنصب رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس النواب ذلك البريق وليس له أي رونق أو جانب جذاب ومغري لا من الناحية المادية ولا المعنوية. فكل منصب في السلطة التنفيذية سيكون بحكم الواقع الجديد مجرد منصب تنفيذي وفق مراتبية تتمثل قمتها الهرم فيها بالهيئة السياسية العليا وهي أعلى من صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة الاتحادية، وذلك لدورة انتخابية واحدة فقط حيث تتعهد تلك الهيئة بالطلب من مجلس النواب بالقيام بتعديل دستوري مهم آخر يتعلق بالقانون الانتخابي وإنهاء المحاصصة الطائفية حيث أن هذه الهيئة تمثل في شكلها المقترح أعلى أشكال المشاركة الحقيقية في السلطة من قبل جميع الأطراف . وتنتهي صلاحياتها في الدورة الانتخابية القادمة التي ستعتمد نظام انتخابي بسيط وواضح وشفاف وديموقراطي حقيقي يفرز حتماً أغلبية دستورية شرعية مريحة سيكون بوسعها تشكيل حكومة أغلبية نيابية ، وتصطف باقي القوى السياسية غير الفائزة بعدد كافي من المقاعد النيابية في معسكر المعارضة الديموقراطية الحقيقية كما هو شأن الديموقراطيات الحقيقية في العالم المتقدم . وفي حال تتم الموافقة على تشكيل هذه الهيئة السياسية العليا بصلاحيات حقيقية وكاملة يمكن لأي شخص يريد تحمل المسؤولية أن يشكل الحكومة مع علمه المسبق أن فوقه كيان سياسي يمثل جميع القوى والمكونات السياسية في البلاد التي سوف تمنع أي تجاوز من قبله لصلاحيات ومسؤولياته الحكومية، وبالتالي منع الانحراف نحو الدكتاتورية. إنه مجرد مقترح أعلم مسبقاً أن أقطاب العملية السياسية لن يوافقوا عليه رغم أنه يضمن لهم حقوقهم ويزيل مخاوفهم، ولكن يتوجب علينا كمراقبين ومحللين سياسيين طرح الأفكار والحلول والمقترحات وليس الانتقاد والتجريح والتهجم ، علماً بأن الأمور لا تسير بهذه السهولة في بلد الأزمات الدائمة ولكن ذكر فقد تنفع الذكرى. لذلك قلنا بأن الحل المقترح طوباوي لكنه ليس مستحيلاً على التطبيق.

Opinions