Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

من أجل أوربا عراقية

أوربا هذه البقعة من العالم التي سحرت البشرية بالعديد من القيم والمفاهيم التي طبعت بها الغرب وكانت مثار أعجاب للشرق أحيانا وفي أحيان أخرى موقع سخرية وأشمئزاز .
بلدان عديدة في الغرب والشرق تعيش وفق المواصفات الأوربية أو تحاول تطبيقها وتقليدها دون ان تعلم الشعوب مصدرها أو من أين جاءت ولكن الأفراط في الأعجاب بتلك القيم يدعو الدول إلى تبنيها ولا بأس من الأضافة أو الأنتقاص من المعروض الأوربي أثناء التطبيق وكل حسب ظروفه وقابليته فأمريكا مثلا تفرط في تناول مواضيع كثيرة تدخل تحت عنوان الحرية والديمقراطية او حتى في الأقتصاد بينما الكثير من المجتمعات الشرقية كاليابان وكوريا الجنوبية أخذت ما يناسبها فقط من الحضارة الأوربية وتركت الباقي لأنه لا يناسب تقاليدها وأعرافها الأجتماعية .
أما بالنسبة للعراق فاليوم نحن الكلدوأشوريون نقفز فرحا إذا ذكر هذا الأسم أمامنا وينطلق المدح من أكثرنا عن حياة اوربا المرفهة والغرب عموما ونرجح على الأغلب أيجابياتها على السلبيات لذا ترى الناس مندفعون في الهجرة يطرقون أبواب المستحيل للوصول إلى حيث الحياة الحرة الكريمة منطلقين في ذلك من رغبتهم في أشباع هوة الطموح التي خلقها أعجابهم بالقيم الأوربية وفي كل ذلك ليس في الأمر من ضير ولكن لما نعجب بالأمور ونتمناها فقط ونحاول الحصول عليها جاهزة في بلدان غريبة ولا نحاول تقليدها . أجل التقليد فليس فيه من عيب إذا كان بناءا ومثمرا وأتيا من مثاليات ناجحة وليس من فراغ فيخال لنا أننا نقلد قيما ومباديء ونظاما شاملا في الحياة ونحن في الحقيقة لسنا سوى ساعون وراء لا شيء .
لماذا لا نوقف نزيف الهجرة البشرية ونحاول أن نبني لنفسنا على الأقل مكانا خاصا بكل معنى كلمة الخصوصية نقيم فيه مانشاء من القيم التي نريدها أن تسود ومرجعيتنا في ذلك هو خصوصيتنا القومية والدينية . ليس القصد من الكلام هو خلق دولة مستقلة من بضعة اقضية مختلطة في سكانها لتكون بمثابة جزيرة معزولة في العراق ولكن المقصود هو محاكاة التجربة الأوربية بخصوصية شرقية عراقية في منطقة قابلة ومستعدة لبناء ذلك الحلم وبمباركة وتشجيع العراق والعراقيين وبدل أن نخسر مواطنا يبحث عن وطن بأستطاعة البلد والحكومات أن تقر وتعترف بأن لذلك المواطن الخاص حق في قوانين معينة ونظام متين وحر أقتصاديا وأجتماعيا . يجب على الدولة أن تبارك أنشاء المنطقة الأمنة التي ترتفع الأصوات المطالبة بها اليوم وتحترم تعهداتها في توفير المناخ المناسب لأبناء هذه المنطقة الذين يختلفون عن سائر العراقيين في أمور جوهرية كثيرة فهم غير مسلمون في بلد أغلبيته الساحقة من المسلمين . هم بحاجة إلى قوانين مدنية وشخصية تناسبهم وتتماشى مع خصوصيتهم لأن قوانين الأكثرية غالبا ما تمسح أرادتهم وتشطب وجودهم . لديهم عادات وتقاليد خاصة بهم يحرمون ما يعتبره البلد ككل حلالا وفي أحيان اخرى يحللون ما هو حرام لدى أعراف وأنظمة الأخرين الأجتماعية والأقتصادية والدينية .
ليست نينوى الكبرى نواة لأمبراطورية تخيف باقي العراقيين بقدر ما هي محمية يتمتع بها من له خصوصية بخصوصيته ومن له نظرة خاصة إلى الحياة ومتحررة بتحرره وبطموحه
لسنا ثوريون نطالب بتغيير العراق ليعيش كما نشاء نحن ولكن من حقنا ان نملك مخدعا خاصا بنا ننتهي أليه لنرتاح بعد تأدية كافة الواجبات تجاه الوطن بكل مواطنيه . من حقنا أن نملك فسحة هواء نتنفس فيها بعد سماع فروض الأخرين ومبادئهم علما بان الجميع سيستفيد من هذا المشروع الكبير الذي سيشكل رئة أجتماعية وسياحية كبيرة للعراق وربما نواة أقتصادية مركزية ستشجع الأستثمار الأجنبي في المنطقة ومن ثم في العراق ككل ولو تم مقارنة الكلف مع المنافع فالأخيرة لا مجال لحصرها والكلفة لا تتعدى أقرارا وأعترافا بخصوصيتنا وحاجتنا إلى أحترام تلك الخصوصية والأتفاق على أستبعاد أية تجاذبات قد تنشأ مستقبلا بين أية أطراف كانت مركزية أو أقليمية تفقدنا مناطق لازلنا حتى اليوم نكثر فيها أجتماعيا وننتمي لها تاريخيا ونطمح أن نكون فعالون فيها سياسيا وأقتصاديا وفي منحانا ومطالبنا هذه أعتقد بأننا لم نقترف أي خطأ دستوري أو أنتقصنا من سيادة الدولة العراقية وهيبتها القانونية . Opinions