Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نــــــزار حيدر يحيي الشاهد أحمد الدجيلي

حيـا نــــــــــــزار حيدر، مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، الشاهد الأول في جلسة الاستماع إلى الشهود في محاكمة الطاغية الذليل صدام حسين، والتي كانت قد عقدت جلستها الثالثة اليوم الاثنين، وأكبر فيه الشجاعة النادرة والجرأة العالية التي قدم فيها شهادته، ضد واحد من أعتى طغاة العصر الحديث.

وأضاف نــــــــــزار حيدر الذي كان يتحدث إلى قناة العالم الإخبارية الفضائية، معلقا على الجلسة الثالثة للمحكمة:

بالرغم من ضعف أداء القاضي، والميوعة الإدارية والقانونية التي صبغت المحكمة بشكل عام، إلا أن شجاعة الشاهد الأول، أحمد محمد حسن الدجيلي، وإصراره على ذكر التفاصيل الدقيقة والشاملة التي أثارت ذهول الطاغية وأزلامه، وجلبت أنظار العالم إليها، أعطت المحكمة حماسا واندفاعا جديدين، وبعدا حقيقيا وجدية أكبر، ظلت تفتقده طوال الجلسات الماضية التي اتسمت بالرتابة والتكرار والضعف في الأداء الإداري والقانوني، ما أعاد إلى ضحايا النظام البائد، بعض الأمل في إمكانية أن تكتسب هذه المحاكمة جدية أكبر، وهي (المحاكمة) التي ظلوا ينتظرونها بفارغ الصبر سنين طويلة، داعيا كل الشهود إلى المبادرة للإدلاء بشهاداتهم الحية كما فعل النموذج الرائع الشاهد أحمد الدجيلي اليوم، من دون خوف أو وجل، لإثبات حقوق العراقيين التي أهدرها الطاغية الذليل طوال 35 عاما من حكمه البغيض والأسود، وللكشف عن جوانب من جرائمه البشعة ضد العراق والعراقيين، ولقد صدق الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عندما قال{ ما ضاع حق وراءه مطالب} فلقد ولى زمن الخوف وولى عهد التسلط بالقوة وبالحديد والنار والقهر والجبروت، ولابد أن يعرف العالم الذي ظل{ صم بكم عمي} طوال عهد الطاغية البغيض، حقيقة ما جرى على العراقيين طوال تلك العقود العجاف، فمن كان يصدق أن الضحية أحمد سيقف في يوم من الأيام أمام القضاء ليترافع ضد جلاده القاتل، الذي أخذ عليه كل الطرق، وأغلق أمامه كل الأبواب؟ إنها إرادة الله عز وجل الذي يمهل الظالم ولا يهمل أبدا.

عن الفارق بين أخلاقيات الجلاد والضحية، وهما يدليان بشهادتهما في المحكمة، قال نــــــــــــــــــــــــزار حيدر:

بمقدار ما تحلى الضحية، وهو الشاهد في هذه الحالة، بالأخلاق العالية وهو يدلي بشهادته المروعة والصور الإنسانية الرهيبة التي ساقها كأدلة على جرائم الطاغية الذليل وزبانيته، بنفس المقدار، اتصف الجلاد، وهو الطاغية وشقيقه هنا، بأسوأ أخلاق أبناء الشوارع، لدرجة أن الثاني بصق بوجه أحد الحضور عندما خرج عن طوره وهو يصغ إلى الأدلة القاطعة التي يسوقها الشاهد الأول، وراح يكرر كلمات وصفات نابية لا تليق، ربما، إلا به وبأمثاله من القتلة والمجرمين.

وأضاف نــــــــــــــــــــزار حيدر يقول:

لقد أعرب كل واحد منهم، الضحية والجلاد، عن مكنونه ومخبوئه، وصدق الشاعر الذي قال{وكل إناء بالذي فيه ينضح} فبينما نضح إناء الضحية، الشاهد، بالمنطق والأخلاق الرفيعة والأدلة الدامغة، معتمدا لغة الأرقام والشواهد الحقيقية، نضح إناء الجلاد القاتل بكل كلمة نابية، وأخلاق وضيعة تنم عن سقوط أخلاقي موحش، هو هوية الأنظمة الشمولية الاستبدادية الديكتاتورية التي تسوق شعوبها بالحديد والنار.

لقد ضرب الضحية، أضاف نـــزار حيدر، أروع نموذج في الصبر، من دون أن يخرج عن طوره قيد أنملة، وهو يرى ويسمع القاتل ينكر كل شئ، ويتهجم عليه بالسباب والشتيمة، لأن الشاهد على يقين من أنه على حق وأن جلاده على باطل، أما القاتل، فقد توسل بكل ما هو وضيع لأنه يعرف جيدا أنه على باطل وأن كل كلمة يقولها إنما هي كذب في كذب، والعراقيون جميعا، وهو نفسه، يعرفون ذلك جيدا، ومن المعلوم فان من تسقط الأدلة القوية في يده، يلجأ إلى السباب والشتائم والصراخ لأنها، عادة، أرخص (دليل) يمكن أن يسوقه متهم.

عن هوية الجهة التي قال الشاهد أنها هددته بالقتل، قال نـــــــزار حيدر:

إن هويتها معروفة عند كل العراقيين وضحايا النظام الشمولي البائد، إنهم أيتام النظام الذين خسروا كل شئ بسقوط الصنم، إنهم التكفيريون الذين يريدون عرقلة تقدم مسار المحاكمة، للحيلولة دون نيل الطاغوت وازلامه جزاءهم العادل.

وان مما يؤسف له حقا، أضاف حيدر، أن بعض السنة في العراق يعتبرون أن محاكمة الطاغية صدام حسين، هي محاكمة لهم ولتاريخ تسلطهم غير المشروع في العراق، وبغض النظر عن مدى صحة هذه الرؤية أم لا، إلا أن من الخطأ، بكل تأكيد، ربط هؤلاء مصيرهم بمصير الطاغية، وعليهم أن يتركونه يواجه مصيره لوحده، فيفكوا ارتباطهم به ليكتشف العالم والعراقيين وهم، على وجه التحديد، جانبا من جرائمه وخياناته الكبرى بحق العراق والعراقيين، خاصة وان سنة العراق لم يكونوا بأقل تضررا من النظام وسياساته، من بقية شرائح المجتمع العراقي، فلماذا كل هذا الإصرار على ربط مصيرهم بمصير الطاغية، وكلنا نعرف، بأن عهده قد ولى والى الأبد، ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن تعود عقارب الزمن العراقي إلى الوراء؟.

إن على كل هؤلاء، أضاف نــــــــــــــــزار حيدر، أن يفكوا ارتباطهم بهذا الطاغية وعهده الأسود، ليبدأوا، مع بقية العراقيين، عهدا جديدا من أجل بناء عراق جديد، قائم على أساس العدل والمساواة والشراكة الحقيقية والتداول السلمي للسلطة من خلال صناديق الاقتراع، بعيدا عن العنف والإرهاب والتمييز والاحتكار والاستعلاء ولعبة السرقات المسلحة(الانقلابات العسكرية) وأجهزة الأمن والمخابرات التي تعد أنفاس العراقيين في كل شاردة وواردة، ليثبتوا ولاءهم للعراق، ويؤكدوا وطنيتهم.

وردا على من يشكك في شرعية المحكمة، قال نــــزار حيدر؛

إن كل من يخشى تكرارها بحق الطغاة والجبابرة في عالمنا العربي والإسلامي، على وجه التحديد، يشكك فيها، لأن التشكيك أقصر الطرق إلى التفنيد، كما يقولون، والمضحك المبكي، أضاف حيدر، أن (وزيرا قطريا سابقا) حضر الجلسة، يشكك فيها، من دون أن يدلنا على نموذج يحتذى في بلاده، التي أسسها الاحتلال البريطاني مؤخرا، والتي كانت قد شهدت قبل عدة سنين (أروع) صور الانتقال السلمي الوراثي للسلطة، عندما تآمر الابن على ملك أبيه، وبمساعدة الأجنبي، كما هو معروف.

وتمنى نـــــــزار حيدر، أن تكون محاكمة الطاغية الذليل عبرة لكل من يعتبر من دروس الآخرين، خاصة الأنظمة الشمولية التي لازالت تسوق شعوبها بالحديد والنار، من دون اكتراث بحقوق الإنسان، فالحكم يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم، كما تقول الحكمة المعروفة.

كما تمنى حيدر على العراقيين أن يستفيدوا من دروس الماضي حتى لا تتكرر مثل هذه الصناعات الفاسدة(الأنظمة الديكتاتورية الاستبدادية) من خلال المشاركة الفاعلة في العملية السياسية وعدم ترك المتصدين يتلاعبون بمصيرهم من دون حسيب أو رقيب، وكذلك من خلال إسقاط ظاهرة عبادة الشخصية من قاموس الوعي العام، حتى لا نساهم في صناعة طاغوت جديد، ومن أجل أن لا تتكرر تجارب الأنظمة الشمولية مرة أخرى.

5 كانون الأول 2005 Opinions