Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي: رموز العلم والمعرفة في العراق لا زالت مستهدفة من قبل دعاة الفتنة والضلال والتعصب

10/05/2010

شبكة أخبار نركال/NNN/
أكد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي أن العراق واحد، وشعبه واحد، والإيمان فيه واحد، والدين فيه واحد لا يتجزأ، ولا نفرق بين أحد من شهدائه.
وأشار فخامة النائب، في كلمة له في الحفل التأبيني الذي اقامه ديوان الوقف السني، على روح الشهيد الدكتور عبد الجليل الفهداوي، السبت 8-5-2010، الى أن "العراق لا زال ينزف، ويخسر كل يوم كوكبة من الشيوخ الدعاة والمثقفين والعلماء والأكاديميين والأطباء والمهندسين والضباط والمهنيين، والهدف واحد، والقصد واضح، وهو تفريغ هذا البلد من نخبه العلمية والمهنية المعول عليهم في تصويب مساره، وتحقيق نهضته، وإيصاله سالماً معافى إلى بر الأمان.
وفيما يلي نص الكلمة:
"بسم الله الرحمن الرحيم
"إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَـزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُـزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)" (سورة فصلت)
صدق الله العظيم
الإخوة العلماء والمشايخ والأساتذة الأفاضل المحترمون
الإخوة رئيس وأعضاء مجلس علماء العراق المحترمون
عائلة الشيخ الشهيد المحترمون
الإخوة الحضور الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
نقف اليوم في هذا المقام المهيب لنستذكر مناقب ومآثر أخ كريم، وعالم جليل، وأستاذ قدير، وداعية فذ، ومرب فاضل، إنه الشهيد الشيخ الدكتور عبد الجليل إبراهيم الفهداوي نائب رئيس مجلس علماء العراق.
لقد كان الشهيد الدكتور الفهداوي رمزاً للعالم الرباني، وأنموذجاً للمسلم العامل في سبيل دينه ووطنه، وعنواناً لمنهج الوسطية والاعتدال، وقامة شامخة في الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، ونشر مبادئ الإسلام الرفيعة، والتربية على قيم الحق والخير والفضيلة.
نذر نفسه وعلمه وفقهه لخدمة مجتمعه وشعبه وإصلاح ذات البين وتعزيز الأخلاق الحميدة وترسيخ المبادئ النبيلة. وكان حاضراً في كل ميادين العمل الدعوي والتربوي والتعليمي والفقهي. لم يخش يوماً أن تمتد إليه يد الغدر والإثم والعدوان ، إيماناً منه بقضاء الله وقدره، وثقة بما وعد الله به عباده الصالحين، وشوقاً لنيل الشهادة في سبيل الله ومن أجل تبليغ رسالة رب العالمين لكل الناس .
ولكن، هذا قدر العراق، أن يفقد مناراته العلمية والتربوية واحدة تلو الأخرى، جزءاً من ضريبة المكانة الحضارية والدور الإنساني الذي اختار ربنا سبحانه وتعالى هذا الوطن العظيم لتأديته على مر التاريخ.
لقد أضاف استشهاد الشيخ الدكتور الجليل دليلاً واضحاً على أن رموز العلم والمعرفة لا زالت مستهدفة من قبل دعاة الفتنة والضلال والتعصب بهدف إفراغ العراق من أبنائه المبدعين، ومن عقوله المستنيرة، ومن دعاة الخير والرشد ؛ ليصبح أبناؤه فريسة سهلة للجهل والتخلف، ولكننا على ثقة إن العراق الذي أنجب العلماء والمفكرين سيبقى معطاءاً ولوداً للبناة وحملة راية الوسطية والاعتدال.
العراق لا زال ينزف، ويخسر كل يوم كوكبة من الشيوخ الدعاة والمثقفين والعلماء والأكاديميين والأطباء والمهندسين والضباط والمهنيين. والهدف واحد، والقصد واضح، وهو تفريغ هذا البلد من نخبه العلمية والمهنية المعول عليهم في تصويب مساره، وتحقيق نهضته، وإيصاله سالماً معافى إلى بر الأمان.
لم يعد مجدياً الحديث عن الوضع الأمني بعد أن تكلمنا عنه في مناسبات عديدة. والأمل في هذا المجال معقود بالحكومة القادمة التي طال انتظار تشكيلها. إن كل تأخير وتعطيل لتشكيل الحكومة على خلفية اجتهادات غير دستورية أو مناكفات سياسية يحمِّل الطبقة السياسية مسؤولية ما يتعرض له الوطن وما يعاني منه المواطن.
ولذلك، أتوسم في كل شركائنا في العملية السياسية وفي الفوز الانتخابي أن يتحلوا بأعلى درجات المسؤولية الوطنية، وهم أهل لذلك، لنعمل سوية بجدٍ وإخلاص من أجل تشكيل حكومة شراكة وتضامن وتكافؤ وتكامل،تكون الشراكة فيها حقيقية لا صورية وفعلية لا مظهرية تعبر عن الاستحقاق الانتخابي والاستحقاق الدستوري وتمثل إرادة شعبنا على اختلاف مكوناته الاجتماعية . لتكون من أولى مهمات هذه الحكومة المرتقبة وعلى وجه السرعة مراجعة الملف الأمني والنهوض بأعباء اجتراح بدائل ومقاربات أمنية رصينة، تكبح جماح الإرهاب والعنف، وتضع حداً للجريمة المنظمة، وتحمي أرواح مواطنينا وتحفظ أمن مجتمعنا وسلامة علمائنا ومشايخنا وكفاءاتنا.
الأمر الآخر الذي ينبغي التأكيد عليه هو تحذير أبناء شعبنا العزيز من الوقوع في فخ قراءة جريمة اغتيال الشيخ الشهيد الفهداوي قراءة طائفية أو النظر إليها بعين المكوِّن لا بعين العراق. فباستشهاد الدكتور عبد الجليل خسر العراق علماً من أعلام الإسلام وابناً باراً من أبناء هذه الرسالة العظيمة فلا نزيدن جرح العراق ألماً ونزفاً بقراءة هذه الخسارة بعين الطائفة بل ينبغي قراءتها بعين الوطن الجريح والدين العظيم.
العراق واحد، وشعبه واحد، والإيمان فيه واحد، والدين فيه واحد لا يتجزأ، ولا نفرق بين أحد من شهدائه. اللهم ارحم شهداء العراق اللهم ارحمهم جميعا.
إن خسارة الشيخ الفهداوي هي خسارة للعراق، وهي خسارة لدعوة الإسلام في هذا الوطن، لا بل هي خسارة لكل الأديان في العراق الغالي ولكل أهل الإيمان الطيبين في بلاد الرافدين. فهذا الوطن مستهدف لأنه أرض الرسالات والأنبياء.
لقد ارتقى الشهيد الفهداوي إلى ربه سعيداً مستبشراً، فرحاً بما آتاه الله، مقبلاً غير مدبر، اختاره الله شهيداً وهو يهم بالذهاب إلى جامعته ليبلغ طلبته وتلامذته آيات الذكر الحكيم ورسالات الأنبياء ولينقل لهم ميراث النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في التسامح والتعايش والسلام والبناء.
وإذا كان الله تعالى قد ساوى بين دماء الشهداء ومداد العلماء، فإن الفهداوي قد حاز الخيرين ونال الفضلين معاً، فعاش عالماً ينشر العلم بالمداد والقلم، ومات شهيداً سعيداً في سبيل القيم، فاختلط مداد علمه بدماء شهادته.. ربح البيع أبا صهيب.. ربح البيع أبا صهيب..
هنيئاً لك يا أبا صهيب الربح والمكافأة والجائزة.. فعرس شهادتك الذي نحتفي به اليوم هو ختام مسك لحياة طيبة، ترفل بالخير وعزة الإيمان، قضيتها ناشطاً في الدعوة إلى الفضيلة وتربية أجيال من الشباب والناشئة على الخير والحق والقيم النبيلة، والسعي الدؤوب لنشر أنوار ونفحات دين الإسلام العظيم ومبادئ نهجه القويم.
في هذه المحطة الأليمة، نعزي عائلة الشهيد والعراقيين جميعاً باستشهاد الشيخ الدكتور عبد الجليل إبراهيم الفهداوي، ونسأل الله عز وجل أن يلهم جميع ذوي الشهيد ومحبيه وطلبته الإيمان والرضا والصبر والاحتساب.
أخي عبد الجليل..
ما كنت أظن أن أجد نفسي معزياً لنفسي، ولكن قدر الله غالب، وأمره نافذ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا على فراقك يا عبد الجليل لمحزونون.
اصعدْ إلى الملأِ الأعلى فإنَّ بهِ
مثواكَ وانْعَمْ بلُقيا اللهِ واقتربِ
قد عِشتَ في العالمِ الأرضي مُغترباً
فانزلْ بجَنَّاتِ عَدْنٍ غَيرَ مُغترِبِ
عظم الله أجركم جميعاً أيها الإخوة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"

عن: المركز الصحفي لرئاسة جمهورية العراق. Opinions