Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نحن بأمس الحاجة الى ثورة بيضاء !

كم ينتابني الألم والحسرة عندما أطالع الصحف والمجلات والمواقع الأليكترونية العراقية في هذه الايام بحيث لا أجد فيها مشاركة فعالة للمرأة العراقية . وكل ما نقرأه ليس إلا من صاحب القرار" الأوحد "ألا وهو الرجل! وللأسف تكاد المرأة غير حاضرة رغم انها النصف الآخر الأكثر اهمية على الأقل عندي كونها أمنا او شقيقتنا !
لذا من هذا المنبرالأغر – كتابات *– أناشد لا بل أستغيث بالأم والأخت العراقية أن تستجيب النداء وأن تخرج من سجنها وتعلن ثورتها البيضاء وأن تنزل الى الساحة وتخرس الألسنة التي تريدها أن تكون قابعة في بيتها محرومة من أبسط الأمور ألا وهي الحرية التامة وغير منقوصة التي يتمتع بها قرينها الرجل !
وإن ما أجده للأسف أن شعبنا في وطننا "بيث نهرين" العراق مهد الحضارة ليس مراوحا في مكانه ويا ليته منذ ظهور آيات الله في ايران وشركاهم مع احترامي لهم ولمقامهم السامي في كل الشرق الاوسط ! بل يبدو لي في حالة تراجع وكأنه قد سلخ من ذاكرة أجداده الميامين عندما كانت للمرأة دور فعال جدا في كل الأمور وعلى سبيل الذكر الملكة شميرام / سميراميس الآشورية من قبل اكثر من 2800 سنة على الأقل.
منذ ثلاثة عقود تقريبا ، مجلة " الحوادث " اللبنانية فتحت باب المحاورة حول المرأة السافرة والمحجبة وقتئذ حيث إنهالت الرسائل من كل حدب وصوب حول الموضوع . لم أتمالك نفسي حينئذ للافكار الرجعية السخيفة مع كل احترامي التي كان يطرحها القراء إلا وأن ألقي بدلوي في الموضوع ، وهذه هي رسالتي التي إختارتها مجلة الحوادث اللبنانية وإعتبرتها الأفضل من بين مئات الرسائل لتكون " رسالة الاسبوع "بعددها الصادر في 1 حزيران من عام 1979 تحت عنوان:

الرياء ليس في المرأة السافرة أو المحجبة وإنما في مجتمعنا !

الأستاذ سليم اللوزي , تحية طيبة اما بعد ...

منذ أن فتحت " الحوادث " باب المحاورة حول المرأة السافرة والمحجبة ، الى آخر عدد وصل الي ذي الرقم 1173 والمؤرخ في 27 نيسان 1979 ، في كل هذه الأعداد لم أجد مدافعا عن الححاب الا الرجل ،على الرغم من أن هذا الموضوع ، هو في إعتقادي من اختصاص المرأة صاحبة العلاقة. على كل لا مانع من ان يكون للرجل دور في هذا الحوار ، لو سار خطا تقدميا مقبولا, لكن للأسف الشديد ، كل الذين عالجوا الموضوع كانوا سلبيين ولم يقدموا افكارا يقبلها المنطق اوالعقل السليم.
شخصيا, لست مدافعا في ردي عن لؤلؤة القطامي ولا مناصرا أصحاب الردود ، بل مدافعا عن الحقيقة ذاتها ، وعلى هذا الأساس قد أنحاز الى لؤلؤة القطامي في كثير من الأمور ولكن لا أوافقها فيما قالته : " الحجاب كله نفاق ورياء " .
إن مجتمعنا الشرقي ، بحكم قدمه ومركزه الحضاري ما زال يرث بعض التقاليد الاجتماعية التي ترقى الى ما قبل بزوغ الديانات السماوية الثلاث جمعاء ، ولما كانت الديانات المذكورة أعني : الموسوية , المسيحية و المحمدية , فد ورثت هذه التقاليد ، وبدورها فرضت على المرأة ان تتقيد بها دون الرجل ، والأنكى من ذلك وجدت المرأة سببا لكل زلل وخطيئة وهذا غير صحيح ولا يقبله المنطق التقدمي في عصرنا هذا باي شكل من الاشكال . والجدير بالذكر ان الدين الاسلامي هو اكثر هذه الديانات تمسكا بشوفينية الذكر او " MALE CHAUVINIST " وعلى سبيل الذكر لا الحصر ، كيف يحلو لنا أن نقيد المرأة بشروط معينة ، أما الرجل الذي يعد نظيرها باحساساتها المختلفة وفي غالب الأحيان صاحب المبادرة " القذرة " نتركه حرا طليقا. ثم كيف نجد العدل والمساواة عند الرجل الذي يعربد بثلاث ، بخمس او سبع نساء وربما اكثر – طبقا للحالة المادية – كزوجات له ، لكن مجرد سفور المرأة يصبح شغله الشاغل. فاذا كان الرجل يغار على زوجته ، من ان تجمع زوجا او عشيقا اخر ، كذلك المرأة تريد من الرجل أن ينفرد بها لوحدها وهذا ما نراه عدلا انسانيا .
واذا كانت المرأة الايرانية المحجبة ، على حد قول مصطفى م . مصري قد استطاعت أن تساهم في اسقاط النظام " الشاهنشاهي " فاننا بالمقابل نود أن نذكر الاخ المصري ، حيث قد تكون خانته الذاكرة بان المرأة الجزائرية السافرة شاركت الرجل الجزائري في مقارعة ومحاربة الاستعمار الفرنسي وتحرير أرضها منه.
أليس من الافضل ، أن ندع المراة في بلادنا حرة طليقة للدفاع عن حقوقها ؟ّ! وباعتقادي لم توكل الرجل يوما ليكون الناطق الرسمي باسمها . وخلاصة القول ، ليس هناك من يخالف محمد السعدي من دمشق- ( الحوادث , العدد 1171 – اقتطف قوله : " لا احد يستطيع القول ان كل امرأة متحجبة عفيفة حتما ولا كل امرأة متبرجة ساقطة حتما ...." .
إن ما يبعث في نفوسنا الاسف ، اننا في كثير من الأحيان نعظم ونهول بعض الامور التي قد تكون تافهة ولا حاجة لتضييع وقتنا الثمين بها ، بالمقارنة مع أمور أخرى أكثر خطورة وأهمية لم ندركها أو على الأقل لم نبادر بها بعد .
ألم يكن الأفضل أن نكرس أوقاتنا بتخصيص صفحات هذه المجلة لمعالجة مشاكلنا الوطنية الأكثر خطورة ؟ وهل وجدنا في أنفسنا الشجاعة لمقارعة الحكومات التي تتغنى بالديمقراطية والتقدمية او الاشتراكية ، في وقت هي العدو ة اللدودة لمثل هذه الشعارات الانسانية ؟! وهل نملك الشهامة لنعلل الأسباب لماذا أخذ الغرب في نهاية القرن العشرين بغزو الفضاء أما نحن فندور من جديد 180 درجة الى الوراء ؟ تغنينا بتحرير المراة أجمعين كتابا وشعراء ومفكرين ، لنجد انفسنا اليوم نركل كل هذه الانجازات باقدامنا . اكنا في غيبوبة على مر هذه السنوات الطوال والان عدنا الى رشدنا ؟ ثم هل سألنا أنفسنا يوما لماذا لجأت صحافتنا الحرة من أوطانها التقدمية والديمقراطية الى الغرب الأمبريالي ؟!
هذه وغيرها من المواضيع هي التي يجب ان نعالجها بدون مماطلة , لأن النفاق والرياء , ليسا في المرأة الحاجبة أو السافرة , انما في مجتمعنا الذي يسكت ولا يملك الجرأة والشجاعة كي يقارع حكامنا المستبدين الطغاة .

...................................................

* المقال نشر لأول مرة في موقع - الكتابات -

Opinions