نداء عاجل وملح إلى جميع منظمات المجتمع المدني في العراق
منذ تأسيس الدولة العراقية الملكية في العام 1921 وإلى يومنا هذا مارست كل النظم السياسية العراقية دون استثناء ولا تزال تمارس مختلف أساليب الاعتقال الكيفي والتعذيب أثناء التحقيق أو في السجون والمعتقلات العراقية. كما مارست القتل والاغتيال السياسي والتهجير والتشريد وإسقاط الجنسية العراقية في مراحل مختلفة من تاريخ العراق الحديث, إضافة إلى تنظيم الحملات العسكرية وشن الحروب الداخلية ضد المجتمع لأسباب سياسية أو قومية أو دينية أو مذهبية أو فكرية. وقد كانت الضحايا البشرية هائلة والحزن قد لف المجتمع لعقود طويلة.وابتلى المجتمع خلال العقود المنصرمة بنظم سياسية قومية وطائفية مارست التمييز الديني والمذهبي وعرضت بذلك حياة المواطنات والمواطنين إلى مخاطر جمة, بل إلى وإلى علل وامراض نفسية وإلى الموت والمقابر الجماعية. وكل ذلك قد عرض النسيج الوطني العراقي إلى التمزق, كما حصل في فترات سابقة وفي عهد الدكتاتور الطاغية صدام حسين, أو كما يحصل اليوم بسبب سياسات التمييز الديني والطائفي المقيت والمحاصصة الطائفية, سواء أكان عبر أجهزة رسمية ام ميليشيات طائفية مسلحة. ولم تكن الأجهزة العراقية وحدها متهمة بمسائل الاعتقال والتعذيب والتغييب فحسب, بل وكذلك قوى الاحتلال الأمريكية والبريطانية, وليست بعيدة عنا ما حصل في معتقل أبو غريب السيء الصيت, أو ما ورد في الوثائق الأمريكية السرية.
إن الوثائق الأمريكية السرية التي نشرت في موقع ويكيليكس في الآونة الأخيرة هي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في ما تعرض له الشعب العراقي, ويمكن أن تظهر وثائق أخرى بشأن الكثير من التجاوزات على حقوق الإنسان وحرياته العامة وكرامته وحياته.
أقترح على منظمات المجتمع المدني العراقية التي تدرك مخاطر التجاوز على حقوق الإنسان وممارسة اساليب الاعتقال والتعذيب والسجن والقتل والاغتصاب في السجون والمعتقلات أن ترفع صوت الإدانة والاحتجاج والمطالبة بالتحقيق الدولي النزيه في كل التهم الواردة في تلك الوثائق, إذ أنها الفرصة الثمينة التي يمكن للمجتمع العراقي أن يضع حد لكلل التجاوزات المحتملة خلال الفترة القادمة, إنها الفرصة الثمينة التي لا يجوز تفويتها, بانتظار فرصاً أخرى, التي يمكن بموجبها معاقبة كل الذين تجاوزوا على الإنسان العراقي وعاملوه بأساليب لا إنسانية بغض النظر عن التهم الموجهة له أو بعد صدور الحكم عليه.
أقترح أن تأخذ منظمات المجتمع المدني وكل القوى الخيرة في العراق على عاتقها تنظيم حملة وطنية واسعة بتوجيه رسالة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي تتضمن طلباً باتخاذ قرار ملزم بتشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق بالمعلومات الواردة في الوثائق التتي نشرها موقع ويكيليس وتنظيم لائحة اتهام ضد المسؤولين عن تلك التهم وتقديمهم إلى محكمة حقوق الإنسان الدولية, إضافة إلى نشر المعلومات على الشعب العراقي وكل الشعوب الأخرى.
أقترح على منظمات المجتمع المدني في الدول العربية وفي سائر ارجاء العالم مساندة هذا المقترح ودعم جهود منظمات المجتمع المدني العراقية من أجل فرض التزام كل الحكومات العراقية القادمة وأجهزة الدولة, وخاصة الأجهزة الأمنية, بالدستور العراقي ودستور إقليم كردستان العراق واللوائح والعهود والمواثيق الدولية الخاصة بشرعة حقوق الإنسان ومعاقبة كل الذين يتجاوزون عليها وفق الدستورين والقوانين التي تحرم الاعتقال الكيفي والتعذيب قبل واثناء وبعد التحقيق أو بعد صدور الأحكام.
أتمنى على كل مناصري حقوق الإنسان والمجتمع المدني أن تساند هذه المقترحات وتدفع باتجاه تبنيه وتنفيذه بتحريك الرأي العام في العراق يوالعالم العربي والعالم.
برلين في 29/10/2010 الدكتور كاظم حبيب