نزار حيدر معلقا على تصريحات أحد ابرز وكلائها: المرجعية الدينية..لموقف اكثر حزما
10/07/2010شبكة اخبار نركال/NNN/نزار حيدر/
تفجيرات الزيارة الاخيرة عمقت التلاحم المذهبي...
وصف نزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، المرجعية الدينية بالحصن الحصين الذي يلوذ به العراقيون ويلجأون اليه كلما مر مشروعهم السياسي، تحديدا، بمنعطف خطير، كما هو عليه الحال اليوم.
واضاف نــــزار حيدر الذي كان يعلق في حديث صحفي ادلى به للاعلامي الزميل احمد علي، على التصريحات التي ادلى بها وكيل المرجعية العليا في مدينة كربلاء المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، والذي ابدى فيها قلق المرجعية من تاخر تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، مبديا استعدادها لتقديم النصح والمشورة للاسراع في انجاز هذه المهمة، قائلا:
ان هذه التصريحات تدلل على عدة حقائق مهمة يجب ان لا نغفل عنها، لتتضح لنا معالم الطريق الوعر الذي بدات تسلكه العملية السياسية بسبب فشل زعماء الكتل البرلمانية في التوصل الى حلول مرضية للشعب العراقي.
فاولى هذه الحقائق هي ان صبر المرجعية بدا ينفد، وهي بذلك تعبر عن ضمير وموقف كل العراقيين الذين بداوا يخافون على مستقبل العملية السياسية، فالى متى يستمر الساسة بالضحك على ذقونهم من خلال التلاعب بالالفاض، وتكرار الوعود الكاذبة للشارع العراقي الذي يراقب عن كثب وينتظر بفارغ الصبر؟.
وثاني هذه الحقائق هي ان المرجعية بدات تنظر الى السياسيين وكانهم فشلوا في المهمة التي حملها اياهم الشعب العراقي عندما منحهم ثقته في الانتخابات النيابية الاخيرة، فبعد مرور اكثر من اربعة اشهر على اجراء تلك الانتخابات لايزال الساسة بعيدون كل البعد عن اي اتفاق يمكن ان نراه في نهاية النفق.
اما ثالث هذه الحقائق فهي ان المرجعية بدات تتلمس المخاطر الجدية المحدقة بالعملية السياسية وبمستقبل العراق، ولذلك فهي غير مستعدة لمنح السياسيين مدة زمنية اطول مما استغرقته مفاوضاتهم التي تبين اليوم انها كانت عقيمة وانها تشبه الى حد بعيد حوار الطرشان، والتي تدلل على ذلك التصريحات المتناقضة والمتضاربة بين الكتل النيابية وزعماءها والمتحدثين والناطقين باسمها، والتي تعيدنا بين الفينة والاخرى الى المربع الاول من حديث الحوارات وكان اجتماعاتهم التي استغرقت لحد الان اكثر من (4) اشهر كانت لغرض شرب الشاي والاسئناس وتبادل وجهات النظر، فمتى يا ترى سيدخلون في صلب الموضوع؟.
لقد ظلت المرجعية الدينية تنأى بنفسها عن التدخل المباشر في العملية السياسية، وهذه هي المرة الاولى التي تتحدث فيها بهذه الطريقة، ما يعني ان السيل قد بلغ الزبى، وان الخطر بات محدقا بصورة مباشرة بالعملية السياسية وبمستقبل العراق، ولذلك فانا ادعو المرجعية الدينية هذه المرة الى ان تكون اشد حزما في حديثها مع السياسيين، وارى انها لو تنتقل من حديث اسلوب النصح والمشورة مع من يزورها من زعماء الكتل النيابية والاحزاب السياسية، الى حديث التقريع والتوبيخ، اذ يبدو للمتابع بان مثل هؤلاء (الزائرين) لا يفهمون لغة الاشارة او اسلوب النصح والمشورة الذي ظلت تتبعه المرجعية الدينية بصفتها الاب الراعي للعملية السياسية برمتها، والتي اثبتت بمواقفها الوطنية انها فوق السياسة على حد تعبير الرسالة التي بعثها مؤخرا عدد من اعضاء الكونغرس الاميركي الى رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته الدستورية.
ان انظار العراقيين ترنو اليوم صوب النجف الاشرف بانتظار ما ستفعله وتقوله المرجعية الدينية، بعد ان كاد الياس يدب في نفوسهم من اقوال وافعال السياسيين الذين فشلوا فشلا ذريعا في توجيه خلافاتهم لخدمة اهداف الشعب العراقي النبيل، فالمرجعية الدينية، بكل تاكيد، غير مستعدة للمجازفة بسمعتها او المخاطرة بمصداقيتها التي حثت بها العراقيين للمشاركة في كل عملية انتخابية شهدها العراق منذ سقوط الصنم ولحد الان، بالرغم من تردد الكثيرين في المشاركة، وان السكوت عما يجري اليوم او عدم الاهتمام بالتطورات التي باتت تشكل خطرا على البلاد والعباد، يعد مجازفة ومخاطرة بالسمعة والمصداقية والثقة.
لقد منحت المرجعية الدينية هؤلاء السياسيين الفرصة الكافية لحل مشاكلهم فيما بينهم من دون تدخلها المباشر، ولكن يبدو انهم فشلوا في استثمار الفرصة والوقت لتنحية مشاكلهم جانبا وتحقيق الاتفاق المرجو للاسراع في تشكيل الحكومة المرتقبة، والتي تتوقف عليها الحلول المرجوة للكثير من المشاكل والازمات العويصة التي يعيشها العراقيون.
انني على ثقة تامة من ان المرجعية الدينية ستغير من طريقة تعاطيها مع السياسيين بعد ان تاكدت من فشلهم الذريع في القدرة على التعايش بالطريقة التي تصب في المحصلة لصالح الشعب العراقي، كما انني على ثقة من ان المرجعية الدينية ستتخذ الموقف التاريخي المناسب الذي يمليه عليها الظرف العصيب الذي يمر به العراق، خاصة وانه اليوم يقف على اعتاب استحقاقات دستورية ودولية مهمة للغاية، فلقد عودتنا المرجعية على دقة المواعيد وحكمة التصرف سواء عند الاقدام او عند الاحجام، لا فرق، وهي سوف لن تفرط لا بسمعتها ولا بمصداقيتها ولا....بدينها، لصالح حفنة من السياسيين الذين يعتبرهم الكثير من العراقيين بانهم فاشلون.
وكان نزار حيدر قد اعتبر العمليات الارهابية الاخيرة التي طالت زوار مرقد الامام الكاظم عليه السلام في مدينة الكاظمية المقدسة في العاصمة العراقية بغداد، دليل على افلاس الارهابيين وفشلهم في تحقيق اهدافهم الدنيئة، واضاف:
لقد انقلب سحر هذه العمليات الارهابية على الساحر، فبدلا من ان تفجر اعمالهم الارهابية الجبانة حربا طائفية بين السنة والشيعة، كما خطط لها الارهابيون، عندما نفذوا جرائمهم بالقرب من منطقة الاعظمية لاثارة النعرات الطائفية، كما هو الحال بالنسبة الى التفجير الذي وقع قرب جسر الائمة من جهة الاعظمية، اذا بنا نرى كيف ان اهالي الاعظمية النجباء سارعوا قبل غيرهم الى نقل جثامين الشهداء والجرحى المصابين الى مستشفى النعمان بسياراتهم الخاصة، حتى قبل العناصر الحكومية، التي قامت هي الاخرى بدورها مشكورة على احسن وجه، كما انهم فتحوا ابواب بيوتهم ومنازلهم لاستراحة الزائرين واستقبالهم والترحيب بهم والتقليل من عناء المشي على الاقدام، الى جانب مبادرة الكثير منهم بنقل الزائرين بسياراتهم الخاصة من مدينة الصدر الى اقرب منطقة يسمح لهم بقيادة السيارات عن مدينة الكاظمية، في طريق الممر الذي يربط بين مدينة الصدر والاعظمية.
لقد تجنبت كاميرات الاعلام العربي الطائفي والعنصري، وتحديدا فضائياته المسمومة والحاقدة والمحرضة على العنف والارهاب، اظهار هذه الصور الوطنية الرائعة التي تحكي عمق التلاحم الوطني بين العراقيين، وتسليط الضوء عليها، لان مثل هذه الصور لوحدها تكفي للحديث عن الحقيقة، وهي ان تدل على شئ فانما تدل بما لا يدع مجالا للشك على ان الارهابيين لا مكان لهم بين العراقيين الذين قرروا العودة الى سابق عهدهم يتعايشون على الحلوة والمرة، كما يقول المثل العراقي، بعد ان تيقنوا جميعا بانه لا مستقبل لكل العراقيين الا بالتعايش، وانه لا مفر من التلاحم بوجه التحديات الارهابية التي ان خدعت بعض العراقيين لبعض الوقت، الا انها من المستحيل ان تستمر في خداع المغفلين كل الوقت.
ان تفجيرات الزيارة عمقت التلاحم المذهبي بين العراقيين، وبذلك اسقطعت مرة اخرى مشروع الارهابيين الذي يتستر خلف الدين والمذهب لتدمير العملية السياسية وتمزيق صفوف الشعب العراقي الابي.
9 تموز 2010