Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نص كلمة الرئيس طالباني في ذكرى استشهاد آية الله العظمى سماحة السيد محمد باقر الصدر (قدس سره الشريف)

10/04/2011

شبكة أخبار نركال/NNN/
شارك فخامة رئيس الجمهورية جلال طالباني في الاحتفالية المركزية التي أقامها حزب الدعوة الإسلامية بحضور دولة رئيس الوزراء الأستاذ نوري كامل المالكي اليوم السبت 9-4-2011 ، بمناسبة ذكرى استشهاد آية الله العظمى سماحة السيد محمد باقر الصدر (قدس سره الشريف).
وقد ألقى الرئيس طالباني كلمة في الاحتفالية، هذا نصها:

"بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات الفاضلات
السادة الافاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كثيرون من العراقيين قارعوا نظامَ الجورِ والاستبداد رافعين السلاحَ في اهوارِ الجنوب وجبالِ كردستان.. او متصدينَ للطاغيةِ عبر شبكاتِ العملِ السريِّ في بغدادَ والرمادي ونينوى ومدنِ الفراتِ الاوسط وغيرها. ولكن قلائل اولئك الذين اختارت لهم الاقدار، او اختاروا بمحضِ ارادتِهم وتصميمهم، كما فعل الشهيد الخالد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه)، ان يسلكوا سبيلَ المواجهةِ الصريحةِ الشجاعة لنظام الطغيان والتِه القمعيةِ الجهنمية. ولم يكن اصرار ايةِ الله العظمى سماحةِ السيد الصدر على المرابطة والتصدي لأعتى نظام ديكتاتوري جائر، نابعا عن رغبة في الفناء ، بل كان توقا الى البقاء عبر تعبئة المجاهدين واستنفار المظلومين والمحرومين واستنهاض المستضعفين للكفاح من اجل ازالة الظلم واحقاق الحق وانصاف من لحق بهم ضيم او حيف.
اننا نستعيد اليوم ذكرى شهيدٍ بطلٍ ومفكرٍ عظيم اقترن لديه الفكرُ بالعملِ، فكان اشعاعا خالدا يستعيد شعبُه ذكراه ويستلهم منها اعظمَ المعاني والدروسِ، معاني الخيرِ والتسامح والمحبةِ والشراكة الوطنية.
فلقد اقام الشهيد السعيد دعوتَه على قاعدةٍ فكريةٍ رصينة بوضع مصنفاتٍ تأسيسيةٍ مهمة مثل " فلسفتنا" و"اقتصادنا" وبارساءِ ركائزَ تنظيمٍ صار محورا ناظما لرجال يسترخصون ارواحهم في سبيل القيم السامية، مستلهمين من قائدهم السيد محمد باقر الصدر ايات التفاني والصمود والتحدي . ولقد صار باستشهاده ، كما كان في حياته ، قدوة ومنارا لاتباعه وسائر المناضلين ضد الديكتاتورية المقيتة ، الذين واصلوا الدرب مقدمين التضحيات الجسام في سبيل أن يحطموا نير الطغيان والاستعباد. وبعد تحرير عراقنا الحبيب من اسار الطاغوت شرعنا معا في بناء دولة الحق والعدل المستندة الى الدستور والقانون ، دولة تزيل الاضطهاد والحيف وتعتمد ميزان التكافؤ والمساواة بين مواطني البلد بصرف النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية والفكرية.
وعلينا اليوم ، ونحن نمضي قدما على طريق ترسيخ الامن وتثبيت مباديء الديمقراطية وتوطيد وحدة النسيج الوطني ، ان نستذكر تلك التضحيات التي قدمها السلف الصالح في سبيل ان يشعر اليوم شعبنا المتحرر من الاستعباد بأنه صانعُ حياته ومقررُ مصيرِه ، وباني مستقبلِه..وانه بهذا يقدم اعظمَ الوفاءِ للمضحين والشهداء الذين تورق دماؤهم الزكية زهورا يانعة في واحة العراق، عراق الديمقراطية والمحبة والسلام.
ولكم، ايتها الاخوات وايها الاخوة، ولنا جميعا أن نعمل، وقد انتقلنا من مرحلة الجهاد والنضال ضد الدكتاتورية المجرمة الى مرحلة بناء الدولة الحرة الكريمة، أن نستلهم أرفع وانبل ما في فكر وسير المجاهدين والمناضلين، ونأخذ بالقيم السامية التي ضحوا من اجلها لتكون اسسا في تآخينا ومحبتنا وشراكتنا الوطنية لبناء دولة الديمقراطية التي نعمل على ارسائها.
اننا ننعم الان بالحرية التي ما كان لنا ان ننعم بها من دون تلك التضحيات..ولقد اتاحت مناخاتُ الحرية للعراقيين ان يعبروا عن ارائِهم بشتى السبل بما فيها التظاهر السلمي للمطالبة باستثمار عقلاني وكفوء وعادل لثروات البلاد وتوفير الخدمات الاساسية ومكافحة البطالة وترسيخ الاستقرار الامني والارتقاء بمستوى دخل الفرد والعائلة، وضمان التكافؤ التام في الحصول على العمل وقطع دابر الفساد الاداري والمالي.
أن هذه وغيرَها من المطالب المشروعة التي تُطرح عبر تظاهراتٍ سلمية وقانونية يجب أن تكونَ عونا لاجهزة الدولة في تشخيص مواطن الخلل ومعالجتِها والعودةِ الى مبدأ اساسيٍّ ناضلنا جميعا في سبيلِه عقودا طوالا، وهو ان الشعبَ مصدرُ السلطات وان السلطةَ اداةٌ لخدمةِ الناس.
نعم، لقد سبق العراقُ الكثيرَ من بلدانِ المنطقة التي تطالب شعوبُها بالاصلاحِ السياسي والاقتصادي ، وحقق قفزةً نوعية عبر ارساء نظامٍ ديمقراطي اتحادي يكفل تداولَ السلطةِ عبر الانتخابات. ولكن هذا الواقعَ لا ينبغي ان يجعلَنا نحتفي بالمنجز ونستسلم الى الخدر والدعة، بل يجب ان يحفزنا لمواصلة المسيرة وتحاشي الزلل والعمل على تحسين اداء اجهزة السلطة بكل افرعها ، وترسيخِ وتطويرِ الديمقراطية، منطلقين من ان ايَّ نظامٍ سياسي لا بد من ان يجدد نفسَه على الدوام عبر الاصلاح المستمر.
أن ذكرى شهدائنا العظامِ الخالدين، وفي الرعيلِ الاول منهم ايةُ الله العظمى محمد باقر الصدر (قدس سرُّه الشريف) وشقيقتُه العلويةُ الطاهرة بنت الهدى ، تهيب بنا ان نبقي جذوةَ الكفاحِ من اجل مباديء الحق والعدالة، متقَدةً في نفوسنا ، وان نعملَ على بناءِ العراق الذي حَلُم به شهداؤنا ، عراقٍ يسودُه العدلُ ويحيا ابناؤه احرارا متساوين مرفهين.
رحم الله شهداءَنا الابرار وطيَّب ذكراهم وأسكنهم فسيحَ جناتِه

والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه"

Opinions