نص مقابلة الرئيس باراك أوباما مع شبكة تلفزيون العربية
02/02/2009شبكة اخبار نركال/NNN/
واشنطن، فيما يلي نص المقابلة التي أجراها هشام ملحم من تلفزيون العربية مع الرئيس باراك أوباما يوم 26 كانون الثاني/يناير 2009.
البيت الأبيض
مكتب السكرتير الصحفي
26 كانون الثاني/يناير 2009-01-27
مقابلة الرئيس، هشام ملحم، تلفزيون العربية
نص المقابلة:
سؤال: سيادة الرئيس، شكرا لك على إتاحة هذه الفرصة، ونحن نقدرها لك جدا.
الرئيس: شكرا جزيلا.
سؤال: سيدي، لقد اجتمعت لتوّك مع مبعوثك الخاص إلى الشرق الأوسط السناتور (جورج) ميتشيل. واضح أن مهمته الأولى هي تثبيت وقف إطلاق النار، وأنت سبق وقلت إنك تريد أن تنتهج عملية ناشطة فاعلة لصنع السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فما هي نظرتك إلى دورك الشخصي، لأنه لن يحدث شيء [في عملية السلام العربية الإسرائيلية] ما لم يكن رئيس الولايات المتحدة مشاركا شخصيا في العملية. فهل ستقترح أفكارا وتعرض مقترحات أو عناصر كما فعل (الرؤساء) السالفون؟ أم هل ستحث الطرفين على أن يتقدما هما بقراراتهما الخاصة مثل ما فعل سلفك المباشر؟
الرئيس: حسنا، أعتقد أن أهم شيء بالنسبة للولايات المتحدة هو أن تبدأ بالمشاركة الفورية. وجورج ميتشيل شخصية لها مكانة عظيمة. فهو من الناس القلائل من ذوي الخبرة الدولية في التوسط في عمليات السلام.
ولذا فإن ما قلته له هو أن يبدأ بالاستماع، لأن الولايات المتحدة غالبا ما كانت تبدأ بالإملاء – في الماضي بالنسبة لبعض هذه القضايا – في وقت لا نعرف فيه كل العناصر ذي العلاقة. ولذا فلنستمع. سيتحدث (ميتشيل) إلى الأطراف الرئيسية المعنية، ثم يأتي ويقدم لي تقريرا بعد ذلك. ومن هناك سنبدأ بتكوين رد معين.
وفي نهاية المطاف، لا نستطيع أن نُملي على الإسرائيليين أو الفلسطينيين ما هو أفضل لهم. فهم الذين ينبغي عليهم أن يتخذوا بعض القرارات. لكنني أعتقد أن الأوان المناسب قد آن للطرفين كي يدركا أن الطريق الذي يسيران عليه لن يؤدي إلى الازدهار والأمن لشعبيهما، وأنه ينبغي لهما أن يدركا بدلا من ذلك أن الوقت قد حان للعودة إلى مائدة المفاوضات.
سيكون الأمر صعبا وسيحتاج إلى وقت. وأنا لا أريد أن أحكم سلفا على كثير من هذه الأمور، وأريد ضمان عدم المبالغة في التوقعات لدرجة أن نعتقد أنها ستحل في غضون شهور قليلة. لكنني واثق تماما من أننا إذا بدأنا تقدما تدريجيا ثابتا بالنسبة لهذه القضايا – بعمل الولايات المتحدة المترادف مع الاتحاد الأوروبي وروسيا ومع كل الدول العربية في المنطقة – أنا واثق تماما من أننا سنستطيع تحقيق تقدم ملحوظ.
سؤال: سبق وأشرت إلى أنه لا ينبغي النظر إلى هذه القضايا -- مثل المسار الفلسطيني الإسرائيلي وفصله عن المشاكل الأعم في المنطقة – وأنت تتحدث عن معالجتها ككل بأسلوب شامل للمنطقة كلها. والآن هناك خطة سلام عربية لها بعد إقليمي شامل. فهل سيكون هناك أي تغير، تغير منهجي في طريقة عملك؟
الرئيس: حسنا، هذا ما أعتقد أنه المهم. انظر إلى الاقتراح الذي عرضه الملك عبد الله عاهل السعودية –
سؤال: نعم.
الرئيس: قد لا أتفق مع كل جانب من جوانب الاقتراح، لكنه استلزم قدرا كبيرا من الشجاعة –
سؤال: حتما.
الرئيس: -- تقديم شيء هام كهذا. أعتقد أن هناك في المنطقة أفكارا حول الكيفية التي يمكن أن نسعى بها في سبيل السلام.
أنا أعتقد جازما أنه يستحيل علينا أن نفكر من منطلق النزاع الفلسطيني الإسرائيلي فقط ولا نفكر من منطلق ما يجري في سورية وإيران ولبنان وأفغانستان وباكستان. فهذه الأمور كلها متداخلة. وما قلته، وما أعتقد أن هيلاري كلينتون عبّرت عنه في جلسة تثبيتها هو أننا إذا نظرنا إلى المنطقة ككل وبعثنا برسالة إلى العالم العربي والعالم الإسلامي بأننا مستعدون لبدء شراكة جديدة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، فعندئذ، على ما أعتقد، نستطيع أن نحقق تقدما فعليا.
إسرائيل حليف قوي للولايات المتحدة. ولن تتوقف عن أن تكون حليفا قويا للولايات المتحدة. وسأظل على اعتقادي بأن أمن إسرائيل هام جدا. لكنني أعتقد أيضا أن هناك إسرائيليين يدركون أهمية تحقيق السلام. وهم سيكونون على استعداد لتقديم تضحيات إذا كان الوقت مناسبا وإذا كانت هناك شراكة جادة في الجانب الآخر.
ولذا فإن ما نريد فعله هو أن نستمع وننحي جانبا المفاهيم المسبقة التي كانت قائمة وتراكمت خلال السنوات العديدة الماضية. وأعتقد أنه ستكون هناك إمكانية لتحقيق بعض الانفراج إذا نحن فعلنا ذلك.
سؤال: هناك كثير من الفلسطينيين والإسرائيليين المصابين بخيبة الأمل نتيجة الظروف الحالية، وهم فاقدو الأمل ويعتقدون أن الوقت يكاد ينفد بالنسبة للحل القائم على أساس الدولتين – والسبب الرئيسي هو النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فهل ما زال من الممكن رؤية قيام دولة فلسطينية خلال الفترة الأولى من حكم أوباما؟
الرئيس: أعتقد أن من الممكن بالنسبة لنا أن نرى قيام دولة فلسطينية – أنا لا أريد أن أحدد فترة زمنية معينة لذلك – دولة متواصلة الأجزاء يتمكّن سكانها من التنقل بحرية ويتمكنون من إقامة التجارة مع البلدان الأخرى ويتمكنون من إقامة مؤسسات الأعمال التجارية والتجارة بحيث تصبح للناس حياة أفضل.
ثم، أعتقد أن أي شخص درس المنطقة يدرك أن الوضع بالنسبة للفرد الفلسطيني العادي لم يتغير في كثير من الحالات. وبيت القصيد في كل هذه المحادثات وكل هذه المناقشات هو، هل سيصبح الطفل في الأراضي الفلسطينية في وضع أفضل؟ وهل سيكون لهم مستقبلهم الخاص بهم؟ وهل سيكون عند الطفل في إسرائيل شعور بالثقة بالنسبة لسلامته وأمنه؟ أعتقد أننا إذا استطعنا أن نبقي اهتمامنا مركزا على جعل حياتهم أفضل ونتطلع إلى الأمام ولا نفكر في صراعات الماضي ومآسيه فقط، ستتاح لنا عندئذ الفرصة لتحقيق تقدم فعلي.
لكن ذلك لن يكون سهلا. ولهذا السبب أرسلنا جورج ميتشيل إلى هناك. فهو شخص يتمتع بصبر فائق بالإضافة إلى المهارة الفائقة، وهما أمران ضروريان.
سؤال: حتما. من منظور أوسع، أنت تنوي أن تخاطب العالم الإسلامي ومن عاصمة إسلامية خلال الـ100 يوم الأولى من رئاستك. وهناك تكهنات كثيرة حول من ستكون تلك العاصمة الإسلامية. هل من جديد عن هذه العاصمة؟ ثم، كم قلق أنت، ودعني أقول لك إنه حين أرى أشياء معينة عن أميركا ... في بعض الأجزاء، لا أريد أن أبالغ، ولكن هناك تصويرا شريرا لأميركا.
الرئيس: قطعا.
سؤال: يبدو وكأن الأمر أصبح دينا جديدا وكما الدين الجديد فهو له أتباع – وكما الدين الجديد فهو له رجال دين جدد أيضا.
الرئيس: نعم،
سؤال: -- وأخيرا، منذ 11 أيلول/سبتمبر وبسبب العراق أصبحت الفجوة أكبر (بين أميركا والعالم الإسلامي). لقد كانت الولايات المتحدة ينظر إليها باحترام كبير جدا [في العالم العربي والإسلامي]. فهي كانت الدولة الوحيدة التي ليس لها تاريخ استعماري.
الرئيس: نعم.
كم قلق أنت، لأن بعض الناس يشعرون أن لك نهجا سياسيا مختلفا – وأعتقد أنه بناء على (غير مسموع) الظواهري وأسامة بن لادن والآخرين.
الرئيس: نعم، لاحظت هذا. يبدو أنهم متوترون.
سؤال: تماما. فلماذا ينبغي لهم أن يكونوا متوترين؟
الرئيس: حسنا، أعقتد أنك إذا نظرت إلى خطابهم الذي أثاروه ضدي حتى قبل أن أتولى المنصب – فإن ما يكشفه لي ذلك هو أن أفكارهم هي أفكار مفلسة. فهم لم يقوموا بأي عمل يدل على أن الطفل في العالم الإسلامي سيلقى تعليما أفضل بسببهم، أو سيحصل على رعاية صحية أفضل بسببهم.
تحدثت في خطاب تنصيبي وقلت: إن الحكم عليكم سيكون على أساس ما بنيتم، وليس على أساس ما دمرتم. فكل ما فعلوه هو أنهم دمروا. وأعتقد أن العالم الإسلامي أدرك مع مرور الوقت أن ذلك السبيل لا يؤدي إلى أي مكان سوى مزيد من الموت والدمار.
ومهمتي الآن هي إيصال حقيقة أن للولايات المتحدة مصلحة في خير العالم الإسلامي وأن اللغة التي نستخدمها ستكون لغة تتسم بالاحترام. وبالنسبة لي شخصيا فهناك أفراد مسلمون في عائلتي. كما سبق أن عشت في بلدان إسلامية.
سؤال: أكبر دولة إسلامية.
الرئيس: أكبر دولة [إسلامية]. وهكذا فإن ما أريد أن أوصله هو حقيقة أن ما أصبحت قادرا على إدراكه في كل أسفاري عبر العالم الإسلامي، هو أنه بغض النظر عن عقيدتك – وأميركا هي بلد يعيش فيه المسلمون واليهود والمسيحيون وغير المؤمنين أيضا – بغض النظر عن عقيدتك، فإن لدى الناس آمالا مشتركة معينة، أحلاما مشتركة.
ومهمتي هي أن أوضح للشعب الأميركي أن العالم الإسلامي يعج بالناس الاستثنائيين الذين يريدون ببساطة مجرد عيش حياتهم ورؤية أطفالهم يعيشون حياة أفضل. مهمتي بالنسبة إلى العالم الإسلامي هي أن أوضح لهم أن الأميركيين ليسوا أعداء لكم. نحن نرتكب الأخطاء أحيانا. فنحن لسنا كاملين. ولكن إذا نظرت إلى السجل التاريخي، كما تقول، فإن أميركا لم تولد كقوة مستعمرة، وأن ذات الاحترام والشراكة التي كانت أميركا تقيمها مع العالم الإسلامي منذ وقت ليس ببعيد – 20 أو 30 عاما -- فليس هناك سبب يمنعنا من استعادة هذا ثانية. وأعتقد أن هذه ستكون مهمة لها قدر كبير من الأهمية.
ولكن، في نهاية الأمر، فإن الناس سيحكمون عليّ بناء على أعمالي، لا أقوالي وأقوال حكومتي. وأعتقد أن ما سترونه خلال السنوات القليلة القادمة هو أنني لن أتفق مع كل شيء قد يقوله زعيم إسلامي أو آخر أو مع ما يقال على شاشة محطة تلفزيونية في العالم العربي – ولكن ما أعتقد أن ما سترونه هو رئيس مستعد للإصغاء، رئيس يتعامل معكم باحترام، رئيس يحاول أن يروج ليس فقط لمصالح الولايات المتحدة، بل ولمصالح الناس العاديين الذين يعانون من الفقر وانعدام الفرص. أود أن أتأكد أنني أتحدث إليهم أيضا.
سؤال: هل لك أن تخبرني، إذ أن الوقت يسرقنا، إن كان قد اتخذ أي قرار بشأن الدولة التي ستزورها في العالم الإسلامي؟
الرئيس: حسنا، لن أكشف عن هذا الخبر هنا.
سؤال: أفغانستان؟
أوباما: لربما في المرة القادمة. لكن هذا أمر سيتسم بقدر من الأهمية. لكن ما أريد للناس أن يعرفوه هو أننا سنطرح سلسلة مبادرات. فإيفاد جورج ميتشيل إلى الشرق الأوسط إنما يفي بأحد الوعود التي قطعتها في حملتي (الرئاسية) بأننا لن ننتظر حتى نهاية ولايتي للتعامل مع السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، بل سنبدأ في الحال. وقد يستغرق ذلك وقتا طويلا بيد أننا سنباشر به الآن. وسنفي بالتزامنا بتوجيه خطاب إلى العالم الإسلامي من عاصمة بلد إسلامي. وسنفي بالعديد من تعهداتنا حيال الكثير من التزاماتنا بالقيام بعمل أنجع لناحية التواصل، والإصغاء، والتحدث إلى العالم الإسلامي.
وسترون أني سأفي بوعدي لناحية مسألة خفض عديد القوات في العراق، كي يكون بمقدور العراقيين أن يباشروا الإضطلاع بمزيد من المسؤوليات. وأخيرا، أعتقد بأنكم لمستم تنفيذ تعهدنا بخصوص إغلاق غوانتانامو، والتوضيح انه في الوقت الذي سنكون فيه حاسمين في مطاردة المنظمات الإرهابية التي تقوم بقتل الناس الأبرياء فإننا سنقوم بذلك وفق شروطنا وسنقوم بذلك مع احترام حكم القانون الذي أرى أنه يجعل أميركا بلدا عظيما.
سؤال: الرئيس بوش أطّر مفهوم الحرب ضد الإرهاب بصورة عامة جدا وأطلق عليها اسم "الحرب على الإرهاب" وأحيانا استخدم بعض العبارات مثل "الفاشية الإسلامية" التي كان بعض الناس... ولكنك طرحتها دائما بصورة مختلفة، وعلى وجه خاص طرحتها (كحرب) ضد جماعة بمفردها تدعى القاعدة والمتعاونين معها. فهل هذه هي إحدى الطرق...؟
أوباما: أعتقد بأنك تثير نقطة هامة جدا. وهي أن الصيغ اللغوية التي نستعملها هي أمر مهم. وما علينا أن نفهمه هو أن ثمة منظمات متطرفة – سواء كانت إسلامية أو من أية ديانة أخرى من الماضي -- ستسخر الدين كتبرير للعنف. ولا يسعنا أن نصبغ على دين من الأديان لونا عاما نتيجة للعنف الذي يرتكب باسم ذلك الدين.
ولذا، سترون، كما أعتقد، أن حكومتنا ستكون واضحة جدا في التمييز بين منظمات على غرار القاعدة التي تتبنى العنف وتتبنى الإرهاب وتقوم به – وبين أناس قد يختلفون مع حكومتي ومع أفعال معينة لحكومتي، او ممن قد تكون لديهم وجهة نظر معينة حيال كيف يجب أن تتطور بلدانهم. وقد تكون لدينا اختلافات مشروعة في الرأي لكن يجب أن نواصل التعامل مع بعضنا باحترام. لا أستطيع أن أحترم منظمات إرهابية تقوم بقتل الأبرياء. ونحن سنلاحقها.
لكن، ما سنقوم به تجاه العالم الإسلامي الأوسع هو مد يد الصداقة.
سؤال: سؤال أخير عن إيران والعراق...هل أن الولايات المتحدة ستتعايش مع إيران نووية أبدا؟ وإذا كان الرد سلبا، إلى أي مدى ستذهبون في اتجاه منع حدوث ذلك؟
أوباما: كما تعلم، أنا ذكرت خلال الحملة أن من الأهمية البالغة بمكان لنا أن نتيقن من أننا نستخدم جميع أدوات القوة الأميركية، بما في ذلك أداة الدبلوماسية، في علاقاتنا مع إيران.
إن الشعب الإيراني شعب عظيم، والحضارة الفارسية حضارة فذة. وقد تصرفت إيران بصورة لا تتلاءم مع السلام والرخاء في المنطقة: مثلا تهديداتهم ضد إسرائيل؛ وسعيهم لحيازة سلاح نووي ينطوي على إمكانية إطلاق العنان لسباق تسلح في المنطقة ما سيجعل الجميع يشعر بأنهم أقل أمانا، ودعمهم لمنظمات إرهابية في الماضي – فإن أيا من هذه الأمور لم يكن مفيدا.
إلا أنني أعتقد بأنه من المهم لنا أن نبدي استعدادا للتحدث إلى إيران، للتعبير بكثير الوضوح عن أين تكمن خلافاتنا وللتعبير عن أن هناك مجالات ممكنة لإحراز تقدم فيها. وعلى مدى الأشهر القليلة القادمة، سنضع إطارنا ونهجنا العام.. وكما قلت في خطاب تنصيبي (يوم 20 الجاري)، إذا كانت هناك بلدان من أمثال إيران على استعداد لبسط قبضتها فهي ستجد أيضا يدا ممدودة من جانبنا.
الرئيس شكرا جزيلا.
شكرا جزيلا.