نصب شهيد حلبجة و جسر قرية نهله كلاهما يستغيثان !! من المستجيب ؟
إنّ إنتفاضة عام 1991 , والطريقة التي تمّ فيها قمعها, كانت هي البداية الواضحة بإتجاه مخططّ إدخال العراق بدهليز جديد بعد إستكمال إنجاز مهمّة إخراجه من نفق صدام المظلم كما يتراءى للكثيرين , ذلك النفق الذي دام لأكثر من ثلاثة عقود سالت فيها أنهار غزيرة من دماء العراقيين ومن مختلف إنتماءاتهم, وليست حصرا على فئة محددة كما يحلو للبعض توصيفها و تسويقها بقصد جني ثمار سياسيه(هلوكوستيه) لضحايا شعب بكامله ووضعها في سلّة هذا الحزب أو تلك المجموعة.نعم حلبجة بأهلها الأبرياء, كانت واحدة من ضحايا إستكبار وصراعات القادة الذين سخرّتهم دوائر السياسه الدولية من أجل تدوير ماكناتها التي لم و لن يراد لها أن تتوقف ولو للحظة واحدة, فكان صدام الديكتاتور يحكم العراق بتأييد دولي منقطع النظير و مخادعا الكثيرين مدعّيا تحقيق حلم و أمنية الشعوب العربية المزيّف في وحدة الأمّه العربيه , و كان خميني أيران يزمّر أثناء حربه مع العراق بفتوة منح مفاتيح ابواب الجنّه لكل من يرتدي الجبّه السوداء على طريق تشييع الاسلام , مثلما كان البرزاني و الطالباني ( وحزبيهما)و كما شهدناهم على مر عقود غير قليله , في صراع و نزاع مستديم فيما بينهما على كسب ود الأمريكي/الاسرائيلي/البريطاني تارة و بين شهوة الحضور في مجالس ولقاءات المجرم صدّام, وكلّما كان (الأخير) يريهم العين الحمراء, كانا يلجاّن من دون أي ترددّ الى الطرف الذي يحمي لهم تكابرهم و يديم لهم سلطانهم على أبناء شعبهم الكردي ليعلنوها ثورة تحرريه , وهذا الذي أقوله هو ليست سرا و لم يعد أمرا يحتاج الى من يكشفه بعد أن بات بكل تفاصيله معروفا للقاصي والداني , لكن أن يبقى البعض الاخر يتستر عليه فذلك لا يتعدى سوى أنه لأغراض و منافع شخصيه ليس إلا نعم , ديدن هؤلاء الساسه بغالبيتهم , كان واضحا , بعيدا عن هموم شعب عوّل عليهم في الكثير من مراحل حياته, سواء تكلّمنا عن صدام الطاغية و أشباهه في تاريخ عراقنا الحديث, أو حتى عن الذين إختاروا مسارات و مشاريع معارضة لهذه الأنظمه التي نصبّتها ماكنة الأجنبي كوابيس على صدور شعبنا, لم تكن مشاريعهم تلك نابعه فعلا في حقيقتها من صميم معاناة و عذابات الشعب, كانت (مشاريعهم) في أغلبها أغطيه لشرعنة مرجعياتهم التسلّطيه و المسلكيه كي تمّكنهم من إبتزاز طاقات شعبها و ثمّ إستحواذ أصواته اليوم , لذلك , لم يعد من السهل لهكذا نوايا أن تنطلي على أحد ما دام سجل المذابح موجود وهم جزء من اّلته التنفيذية, وها نحن اليوم نعيش ملابسات لقرائن يتشبث بها الساسة في جعلها منجزات أو إيفاءات لتضحيات و ماّسي شعب , وما دامت أعداد الضحايا و أسماء أبطالها ماثلة أمامنا دائما, سواء ضحايا مذابح حلبجه , أو مقابر صدام الجماعيه , التي أصبحت لحنا" يردده الساسة كلّما أستهوتهم الحاجة الى القفز قليلا للأمام , و مذبحة بيشتاشان عام 1983 التي راح ضحيتها اكثر من 200 كادر شيوعي لمجرد كونهم عرب هي شاهد اّخر على تلك المصلحة المتبادله ما بين طغيان صدام و نزوات المحتمين في ظلاله , أو مذبحة قرية صوريا الاشورية المسيحية عام 1969 أو حتى مذبحة سميل التي ذهب ضحيتها أكثر من ثلاثة ألاف عراقي اشوري , كي يصل بنا الزمن الى الجريمه المشينه التي إرتكبت في أب 1996 , حين دخلت قوات صدام الى مدينة أربيل تحت مرأى ومسمع الجميع, لتقتل و تعتقل وتطارد كل من كان يزعج و ينافس سلطة البارزاني , وذلك كان بطلب من قبل قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في حينها , أما قتل و تشريد مسيحيي البصرة اليوم و تحت يافطات الكفر و التحريم فحدّث ولا حرج, ولو قدّر للشعب أن يحاسب جلاديه و يحاكم المتاجرين بدمائه, هل سيتمكن أحدهم ان يثبت براءته؟؟أهلنا اليوم في العراق بدؤا يعيشون و يتحسسّون حقيقة هؤلاء الساسه عن كثب , كلّما إستدعتهم ذاكرتهم الى إستذكار ضحاياهم وإمكانية ربطها الذي لا يقبل الشك بحجم الأكاذيب التي كان هؤلاء (القادة المتلاعبين) يسعون الى تسويقها , تراهم بالأمس يتقاسمون أموال النفط مقابل الغذاء ولا زالوا لكن أين هي حصة الشعب منها؟ , اليوم كما كانوا بالأمس يستلمون ملايين الدولارات كمساعدات مخصصه لبناء قرانا الكلدواشورية في شمال العراق و من أجل تحسين أوضاع أهلها وتعمير ما تهدّم جراء الحروب التي كلّفهم بها الطامعون , يستلمون المعونات بأسم الشعب من مصادر و منظمات إنسانيه و كنسيّه عالميه , مفروض أن يتم صرف هذه الملايين الممنوحه بإسم تعمير قرانا المدمرّه ., ((كما هو حال قرية حلبجه الكرديه المنكوبه)) , يفترض أن يكون التعامل بهذه الأموال بموجب محاضر للجان فنيّه وقانونيه تضم ممثلّين من كافة فصائل ابناء شعبناو متفق عليهم قطريا و جماهيريا , بحيث تغدو تحت إدارة مؤسسات رسميه أو شبه رسميه و مسؤوله معترف بها من قبل أحزاب وكنائس ابناء شعبنا وليست عن طريق أفراد و أشخاص يستخدموهم كواجهة لتمرير أمر سياسي يطغى على حقيقة كونه عمل خيري أو واجب وطني امام حقوق الاخرين, لأنه ديمقراطيا لا يجوز للطرف القوي إطلاقا أن ينفرد في هكذا مهمّه كي يستغلّها فرصة ذهبيه ليحقق عبرها مكسب مادي غير مشروع او لإستزادة سلطانه و تسلطّه الأحادي على كافة شرائح المجتمع كما يحصل في مسألة بناء القرى الكلدواشورية و ما يتخللها من محاولة تسييسها من أجل كسب الناس البسطاء و مصادرة أصواتهم , ولا نعلم كيف سيكون بنيان تلك الدور و المساكن الأخرى من ناحية سلامة ومتانة بناءها فيما لو أخذنا جسر قرية نهلة الذي إنهار قبل أيام مثالا , أنا لا أقول ذلك من باب التعصب او لمجرد كيل الإتهامات زورا" , لأن الذي حصل في قرية نهلة و إنهيار الجسر الذي تم بناؤه فيها حديثا, يبعث الشكوك الكثيرة و التساؤلات حول كيفية إدارة هكذا مشاريع و طريقة التصرّف بالأموال المخصصه لها, جسر لا تتجاوز أمتار طوله عدد أصابع اليد, ينهار بهذا الشكل!! اين الخلل إذن ؟ إذن فكرة ربط الأمر هذا بما حصل يوم أمس في حلبجه هو أمر لابّد من الإشاره اليه , فأهالي حلبجة هم الأخرون و من شدة غضبهم و يأسهم مما يجري , يقودون مظاهرة إحتجاجية في ذكرى يوم شهيد حلبجه و يبادرون الى تهديم نصب شهيد حلبجة نفسه , ويتهمون إدارة أقليمهم بالتقاعس و عدم تقديم أبسط الخدمات الى المدينه الضحيه! وذلك حق مشروع إن كانت هناك فعلا ديمقراطيه, لكن يبدو أنّ الأمر لا علاقة له بالديمقراطيه المزعومه لا من قريب ولا من بعيد , بحيث تطورت الحاله الى إطلاق نار من قوات البيشمركة بإتجاه المتظاهرين و سقوط قتلى وجرحى , ونحمد الله بان السلطات تلك لا تمتلك السلاح الكيمياوي وإلا ربمّا لإلتجؤا اليه من أجل الدفاع عن أمن المدينه و الأقليم بينما نسمع من جانب اّخر و في نفس الوقت , بأن هناك من تبرّع أو سيتبرّع بمبلغ 25 مليون دولار لبناء كنيسه في مدينه أربيل! وملكنا يهب ما لا يملكه شعبه!! ما هذا التناقض؟ حلبجه القرية الضحيه التي لم ينفك سياسييّنا عن ترديد قصتها في المحافل الدوليه, تثور و تتظاهر اليوم, و اهلها يهدد بمقاومة الحكومه بسبب إنعدام الخدمات , حتى البسيطه منها, وجسر قرية نهله الجديد ينهارلأسباب لا زلنا نجهلها أو بالأحرى لا نريد إصدار الأحكام المسبقه , بينما الاخوة مهتموّن ببناء كنيسة يقال أن كلفتها خمس و عشرون مليون دولار! !! أين نحن إذن من الذي يجري؟ أسمحوا لي في النهاية كي أقول , أتمنى أن لا تكون هذه حلقات من مسلسل سياسي أبدع صدام بداية" في صياغته وعرضه كلعبة سياسية كما عرفناها حين كان يدعم ثورات العالم العربي ويوزع بكوبونات النفط لهذا وذاك بينما كان العراقيون يلولون من الجوع والحرمان , إنها بحق ممارسات يراد منها كبت أصوات شعب منكوب بكامله يطالب بحقه في العيش, تتم عملية قمعه عبر ترضية أشخاص أو رموز دينية و عشائريه. المجد لشهداء العراق حيثما سالت دماؤهم الزكيه