نوروز رمز الانعتاق والحرية والسلام
كل عام ومع بدء حلول الربيع يطل علينا في الحادي والعشرين من شهر آذار/مارت عيد نوروز, عيد الانعتاق والحرية والمحبة والسلام, عيد الانتصار على الظلم والظلام, عيد الإنسان الكردي في كل مكان, عيد الحداد كاوة الذي انتفض وانتصر على الضحاك, على الحاكم الجائر, عيد كل الكادحين الذين ينتجون الخيرات المادية والروحية للإنسان ويعيشون من عرق جبينهم وليس على حساب الآخرين.إنها الملحمة الخالدة للشعب الكردي التي تتحدث عن الإقطاعي, عن ذلك المالك للأرض والأقنان والمال, عن ذلك الحاكم الجائر صاحب القصر الكبير والحدائق الغناء والسور العالي الذي اضطهد الناس وأذلهم كثيراً مما أجبر كاوة الحداد على الانتفاض ضده وقتله وإنقاذ الشعب من جوره الذي أصبح لا يطاق. إنها ملحمة أسطورية رائعة يعشها الشعب لأنها تجسد حقيقة الصراع بين الخير والشر وانتصار الخير على الشر في المحصلة النهائية, انتصار النور على الظلمة الذي تجسده الشعلة الملتهبة دوماً والشمس المشرقة أبدا.
إن إحياء ذكرى هذا العيد والاحتفاء به سنويا يجسد لدى الشعب الكردي في كل أقاليمه الكثير من المعاني النبيلة والقيم الإنسانية المتطورة مع تطور الحياة ومع فترات ومراحل مختلفة من نضال حركة التحرر الوطني للشعب الكردي في كردستان.
واليوم يواجه الشعب الكردي في إقليم كردستان العراق مرحلة جديدة ذات مهمات جديدة يزداد الإقرار بها والسعي لتحقيقها من جانب جماهير الشعب, وأعني بها بناء الإقليم على أسس ومبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان الفردية والجماعية وحقوق المرأة ومساواتها بالرجل والعدالة الاجتماعية وإغناء الثقافة الديمقراطية, وبعيداً عن الفساد المالي والإداري والبيروقراطية والهيمنة السياسية الثقيلة على الحكم. ومثل هذا النهج المتحرر سيسهم بدوره في بناء الدولة العراقية المدنية والديمقراطية الخالية من المحاصصة الطائفية المقيتة والفساد المالي والإداري والعمل من أجل تأمين الفصل بين السلطات واستقلال القضاء والإعلام وتعزيز التآخي بين القوميات.
إن المظاهرات الأخيرة, سواء أكانت في إقليم كردستان العراق, أم في عموم العراق, قد أكدت بما لا يقبل الشك بأن الشعب العراقي بقومياته المتعددة لا يقبل بالأوضاع التي سادت خلال السنوات المنصرمة ويرفض الاعوجاج في الحكم والفساد المالي والمحسوبية والمنسوبية والبطء في إنجاز المهمات ويطالب بتسريع عملية إعادة بناء الاقتصاد الوطني واستخدام خيراته لصالح التنمية الاقتصادية والبشرية, لصالح التصنيع وتحديث الزراعة, وباختصار فهو يطالب بالإصلاح الجذري الذي يضع البلاد كلها على الطريق السوي الذي ناضل من أجله الشعب طوال عقود وقدم الكثير جداً من التضحيات الغالية. إن ما تحقق من منجزات حتى الآن مهمة حقاً, ولكنها لم تكن في كل الأحوال بالمستوى المطلوب وأقل بكثير من الإمكانيات والطاقات التي كانت ولا تزال متوفرة في إقليم كردستان العراق.
لقد برهن الشعب الكردي على حيويته في النضال ورفضه للعنف والعنف المضاد وتطلعه إلي استخدام حقوقه, بما في ذلك حق التجمع والتظاهر بالطرق السلمية والديمقراطية, إذ بغير ذلك تتعرض وحدة الشعب الكردي إلى مخاطر جمة, إذ يسمح عندها لقوى الأعداء الذين يتربصون له, سواء في العراق أم في الدول المجاورة, إلى إلحاق الأذى بالشعب الكردي ذاته وما تحقق له من مكاسب عبر السنوات المنصرمة ويضر بتطلعاته المستقبلية.
نتطلع إلى تحقيق الأماني والطموحات العادلة والمشروعة للشعب الكردي في كل من إقليم كردستان إيران وإقليم كردستان تركيا وحقوق الكُرد في سوريا
تحية عطرة للشعب الكردي في كل مكان في عيد نوروز وتمنيات بمنجزات جديدة وحياة سعيدة وآمنة.
21/3/2011
كاظم حبيب