نيسان/ اكيتو رأس السنة الكلدانية العراقية 7310 وجانب من احتفالات أهل الناصرية
يبدأ عيد رأس السنة الجديدة اكيتو في اليوم الأول من شهر نيسان ويستمر لمدة احد عشر يوماً . ويعود الاحتفال برأس السنة الرافدية في الأول من نيسان إلى السلالة البابلية الأولى , أي إلى مطلع الإلف الثاني قبل الميلاد ,إذ تم على عهد هذه السلالة العمورية التي تنحدر عن الكلدان الأوائل ترتيب حلقات الحياة بشكلها شبه النهائي في حياة سكان بلاد مابين النهرين سواء من الناحية الدينية أو الاقتصادية أو الاجتماعية ,أما قبل ذلك التاريخ فكان الاحتفال بأكيتو -Akitu- أو كما يسمى بالسومرية أكيتي -Akiti- يمثل احد مناسبتين رئيستين (اكيتو وزاكموك) , كان الوسط جنوبيون يحتفلون بهما منذ عهد الكلدان الأوائل وفي اريدو 5300 ق.م ,وكان الاحتفالين يتميزان بأهمية خاصة في كيش وأور وأوروك وفي فترة ما قبل الهجرة السومرية حتى نهاية العهد السومري الحديث 2112-2004 ق.م ,وكانت أور ممثلة بإلهها ننار – Nannar- تلعب دوراً رئيساً في هذه الاحتفالات وبخاصة في عهد سلالة أور الثالثة . وبديهي أن الرافدين الوسط جنوبيين القدماء من الكلدان الأوائل والسومريين كانوا قد اعتمدوا الاعتدال الخريفي زاكموك – Zagmuk- الذي يتم فيه جني التمور كبداية للسنة مع احتفالهم بكلا الاعتدالين الربيعي والخريفي بذات القوة والأهمية ,ولكن بداية السنة وهي الترجمة الحرفية للكلمة السومرية (زاكموك) الذي تبناه السومريون كانت طقوسه تتركز حول قدسية شجرة النخيل وممارسة شعائر الخصب والتجدد / الزواج المقدس –Hashadu- ممثلة في العهد البابلي بمردوخ Mardukh— الإله الوطني للبابليين وزوجته صربانيتم Sarpanitum- اللذين يمثلهما على الأرض الملك البابلي وكاهنة المعبد العليا –السيدة الإلهية – أينتوم –Entum-والحقيقة فأن الاسم اكيتو مشتق عن تسمية قديمة جداً هي أكيتي شي كور كو a-ki-ti- se-gur10-ku5- se- وهو عيد جز الصوف الذي كان يحتفل به منذ القديم في الفترة مابين شهري آذار ونيسان ,وكان يعني عند العامة أيضا رأس السنة الجديدة وبخاصة في العهد قبل السرجوني (شروكين الكبير ) , وحيث كان يحتفل به كما يثبت لنا ذلك نص لوح وصلنا من كرسو –Girsu- في مدينة أور الكلدان أولا , ثم بعد انتهاء الاحتفالات الرسمية يحتفل به في مدينة نيبور , ولكن عودة هيمنة العموريين المنحدرين عن الكلدان الأوائل لازمته صفة (عيد بداية السنة) أي رأس السنة وبالبابلية القديمة –Resh Shattim- فصار أكيتو الاحتفال الرسمي الوحيد الخاص برأس السنة الجديدة . وقد انفرد البابليون بممارسة طقوس الاحتفال بعيد رأس السنة البابلية (اكيتو) في الأول من شهر نيسان من كل عام ,فيما كان الاحتفال بهذه المناسبة يتم في المناطق الأخرى من وادي الرافدين وخاصة في إقليم الشمال شوبا رو/أشور في تواريخ لاحقة .
وبديهي أن الإله مردوخ كان هو محور الاحتفال بعيد اكيتو سواء في بابل التي كانت هي المدينة الأولى التي يحتفل بها بهذه المناسبة المهمة أو في المدن الأخرى ,ولكن بعد دمار بابل على يد الملك الأشوري سنحاريب 689 ق.م توقفت الاحتفالات العظيمة في بابل, فقام سنحاريب بعيد اكيتو في عاصمته نينوى جاعلاً الإله الشوباري الأصل أشور يلعب الدور الرئيس في الاحتفالات ,فانقلبت عليه أهل بيته وتمكن احد أحد أبنائه من قتله , وهنا قام اسر حدون عن نية حسنة أو بناء على رغبة والدته الكلدانية نقية /زاكوتو باللغة البابلية Naqia/Zakutu- بإعادة تعمير بابل , وإعادة طقوس مراسيم الاحتفال بكبير إلهة العراق القديم مردوخ , ويعتبر قمبيز الثاني CambysesII— ابن كورش الثاني –Cyrus- زقورة بابل الايساكيلا في عام 482 ق.م في عهد الملك الاخميني احشوريش الأول –Artaxerxes I- لكن الاحتفال بعيد اكيتو بقي مستمراً في الإقليم البابلي بحسب الوثائق التي جاءتنا من مدينة أوروك حتى منتصف القرن الثاني ق.م . والحق فأنه منذ العهد البابلي القديم كانت جميع الأنظار تتطلع في الأول من نيسان من كل عام صوب بابل –Babel-العاصمة الرسمية للبلاد ,حيث كانت تجري فيها الاحتفالات الباذخة وسط تجمعات بشرية هائلة تحج إليها من كل إنحاء البلاد الرافدية القديمة وبضمنها الاحواز والشريط البحري الممتد حتى قطرايا ومنطقة الفرات الأعلى وصولاً إلى نجران .
وكانت الاحتفالات تجري على مرحلتين وفي موقعين مختلفين هما معبد الإله الأعظم مردوخ أي ساك أيلا –E sag ila – أي المعبد المرفوع الرأس في زقورة بابل الشهيرة المعروفة باسم ايه تيمن ان كي –E-temen-an-ki- أي بيت أسس السماء والأرض ,أما الموقع الأخر فهو المعبد المعروف باسم اكيتو ((Bith Akitu الذي يقع خارج أسوار المدينة من جهة الشمال , وجدير بالذكر أنه منذ المطلع الإلف الأول قبل الميلاد عمد البابليون إلى تحاشي مناداة الإله مردوخ باسمه المجرد بسب سطوته الإلهية وهيبته في نفوس المؤمنين ,وبدلاً من ذلك راحوا يستخدمون أثناء ذكرهم له صفته الرمزية أيلو بعل أي (السيد الإله) والمشابهة لما اعتمده كتبة العهد القديم في استخدامهم لعبارة (الرب الإله) كصفة لآيلوهيم /الله العبراني
من كتاب الكلــدان .. منذ بدء الزمان ص 266- 267 لعامر حنا فتوحي
إعداد : -
سيزار ميخا هرمز – ستوكهولم
عضو الهيئة التأسيسية للاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان
وكل اكيتو و الكلدان والشعب العراقي بألف ألف خير
cesarhermez@yahoo.com
جانب من صور لاحتفالات مبسطة لأعياد اكيتو في مدينة أور الكلدان وأهل الناصرية لهذه السنة الكلدانية 7310 الموافق ميلادية 2010
تؤكد لحمة ووحدة مكونات الشعب العراقي