Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هل الكلدانية قومية أم أُمَّة ؟

هذا التساؤل أيها الأخوة الكِرام يَجرّنا إلى تساؤلات متعددة ، منها وهو المهم ، هل الكلدانية قومية ؟ وإن لم تكن قومية فماذا تكون ؟

هذا السؤال الذي حيّر الكثيرين من فطاحلة العلم وممن ترفعوا في مرتبات علمية عالية ، لا أدري هل حقاً أنهم محتارون أم أن التعصب الأعمى قد غلق كل منافذ الحقيقة ؟ أم هم لا يريدون فتح المنافذ الحقيقية لكي لا يطلع عليها الشعب وتتبدد أحلامهم .

لقد حوّل هذا السؤال الصراع العام إلى صراع قطبي يمثله القطبان الكبيران في الساحة المسيحية وهما الكلدان والآثوريين " إخوتنا النساطرة .

بعض المتعصبين ذهب إلى أن الكلدان مذهب وأنبرى الكثير من إخوتنا الكتّاب الكلدان لدحض هذا الأفتراء ووأده في مهده ، وقلنا في وقتها إن كانت التسمية الكلدانية تسمية مذهبية ، فماذا نسمي الكاثوليكية ؟ هل هي دين أم تسمية قومية ؟أم تسمية مذهبية ؟

لم يتمكن أحد من الرد على هذه التساؤلات فاندحرت تلك الفكرة وتراجع حاملوا رايتها وسكتوا ، أو لربما أسكتهم الدليل القاطع . عاد البعض من إخوتنا ليقول بأن الكلدان هم قوم وبهذا ينطبق عليهم مفهوم القومية ، وحاول البعض من إخوتنا النساطرة الوقوف ضد هذا الرأي ، ولكن ضعف موقفهم العلمي الحقيقي جعلهم يتراجعون أيضاً ويعلنون بأنه مَنْ قال بأن الكلدان ليسوا كلدان ، فإذا كان كذلك فلماذا تمسكتم بالتسمية الهزيلة القطارية المثلثة ؟؟

على أية حال نقول هل الكلدان قومية ؟ وإن لم يكونوا كذلك فماذا يكونون ؟

لنعود قليلاً إلى الوراء ونتكلم بما يقبله العقل ويحكم به المنطق ، وما علّمه لنا مجتمعنا الشرقي ، هناك مصطلحات متعددة لربما لا نجد لها تعريفاً واحداً متفقاً عليه ، فعلى سبيل المثال نتساءل ما هو تعريف العائلة / الأسرة / العشيرة / القبيلة / الفخذ / البطن / الشعب / الأمة ؟

حسب ما تذكره المصادر فالعائلة : هي مجموعة من الأقارب يسكنون في نفس البيت ويعيل بعضهم البعض ولهذا سميت عائلة .

والقبيلة هي مجموعة من العشائر أي أنها تنحدر من جد واحد ، أو كما يقول القاموس الحر : هي كيان أجتماعي أو أقتصادي أو سياسي لمجموعة من العوائل تجمع بينها رابطة القربى .

أما الشعب ، فعلى ما أعتقد لم يتوصل الجميع إلى تعريف موحد له يشمل كلمة شعب ، يقول البعض بأن الشعب هم مجموعة من الناس تشترك فيما بينها بعوامل متعددة أهمها الأرض . والشعب هو مجموعة قبائل ، وهو ما فوق القبيلة وما دون الأمة ،

الأمة : هي التي تتشعب إلى شعب وسميت كل منها شعباً ، أما مختار الصحاح فيقول : الشعب والجمع شعوب وهو أيضاً القبيلة العظيمة ، وقيل أكبرها الشعب ثم القبيلة ثم الفصيلة ثم العمارة بكسر العين ثم البطن ثم الفخذ ، وشعب الشئ فرّقه ، وشعبه أيضاً معه من باب القطع وهو من الأضداد .

هذه نبذة بسيطة مختصرة نقدمها للقارئ الكريم قبل الدخول في صلب الموضوع ، فنقول بما أن الأمة هي مجموعة شعوب ، وأعتمدنا في ذلك على طبقة الأنساب المتعارف والمتفق عليها وفيها لا نجد ذكر للقومية ، لكون الأخيرة هي شعور بالأنتماء للأمة .

ما هي الأمة

الأمة أعلى تسلسل في طبقة الأنساب ، وهي في تعريفها ، تحوي عدة شعوب ، وتم تعريف الأمة على أنها كينونة حضارية أو مجموعة من الناس تشترك فيما بينها بعوامل متعددة مثل اللغة والدين والتاريخ والأرض ، أو أن الأمة جماعة من البشر عاشوا ولا زالوا يعيشون حياة واحدة .

أو أن الأمة هي جماعة من الناس مهما كان عددهم كبيراً جداً يكوّنون وحدة سياسية تجمع بينهم وحدة الوطن والتراث والمشاعر . هذه نبذة بسيطة عن الأمة ، نعود للسؤال المركزي هل الكلدانية قومية أم شعب أم أمّة ؟

على ما أعتقد بأن هناك رابط قوي جداً بين المصطلحين ، لأن الأمة تتكون من عدة شعوب ، والقومية بمعناها الأعم والأشمل هي الولاء لتلك الشعوب ، إذن أرتبط هنا مفهوم القومية من خلال هذا الشعور أرتباطاً وثيقاً بمفهوم الأمة . والكلدانية هنا ينطبق عليها مفهوم الأمة أكثر مما ينطبق عليها مفهوم الشعب ، لكون الكلدانية تتكون من عدة شعوب وحسب طبقات الأنساب فإن التسمية لمجموعة شعوب هي الأمة .وأستناداً إلى ذلك ندرج في أدناه الشعوب التي تتكون منها الأمة الكلدانية وهي : ــ

أولاً – الإيزيدية هم كلدان

يقول الكاتب سليم مطر في كتابه – موسوعة اللغات العراقية : ــ

" من الناحية المعتقدية فيعتقد بأن اليزيدية من بقايا طائفة الكلدان الحرانيين ، ثم أنهم في سنجار يقدّسون دير ( مار عدي ) أحد حواري السيد المسيح ويحتفظون فيه باقدم مكتبة كلدانية مكتوبة على رق الغزال بأعتبارها مكتبتهم المقدسة " سليم مطر / موسوعة اللغات العراقية / ص 19 .

ثانياً – الصابئة هم كلدان

الصابئة يعودون في اصولهم إلى الكلدان

" المفترض أن الصابئة هم سلالة أقدم قادة مملكة سبأ في العربية الجنوبية ، فهؤلاء السبئيون الذين حل الحميريون فيما مضى محلهم والذين استقروا في نهاية مهاجرتهم في وادي الفرات من دلتاه حتى أرض حوران في سوريا، ويشار إليهم في التاريخ الآشوري والتقاليد البابلية بأسم الكلدانيين " .

لورانت شابري و آني شابري – ترجمة الدكتور ذوقان قرقوط / سياسة واقليات في الشرق الأدنى / ص 147

ثالثاً - الشيعة هم من أصول كلدانية وتجري في شرايينهم دماء كلدانية

يقول المؤرخ عامر حنا فتوحي

" ابناء الطائفة الجعفرية الذين ينحدر معظمهم عن البابليين الكلدان " الكلدان منذ بدء الزمان / ص 267

رابعاً – الهيتاويون والسوامره والتكارتة هم كلدان

ومن منّا لا يعرف مدن هيت وسامراء وتكريت التي تقع في وسط وغرب العراق على نهري دجلة والفرات لقد كانت من مدن الكلدان وأهلها من الكلدان .

يقول المطران أدي شير : ــ

" ومن مدن كلدو الشمالية المذكورة في التواريخ شومرا وسمّاها العرب سرَّ مَنْ رأى وتدعى الآن سامراء وهي عن شمالي بغداد ، تكريت على الجهة اليمنى من دجلة ودير قوني وهي فوق بغداد وهيت على الفرات غربي بغداد " أدي شير / كلدو وآثور .

خامساً – الآشوريين والسريان ، والمصادر على ذلك كثيرة ، دينية وتاريخية .

ولستُ انا أول من يقول بأن الكلدان أُمّة ، فقد سبقني قبل ذلك الأب لابور حيث يقول المطران أدي شير

" حتى أن الأب لابور أخذه العجب من أمة على الأرض جارت أمة الكلدان في تأسيس المدارس " .

وكذلك ذكرها المطران توما أودو في كتابه القراء المختارون في ص 34 الفقرة الخامسة . كذلك ذكرها الأب أنستاس ماري الكرملي حيث قال : ــ

" كان الكلدانيون في سابق العهد أُمّة عظيمة بلغت من شأو الحضارة مبلغاً بعيداً ، وكانت تسكن العراق من شماله إلى جنوبه ، وكانت لهم شهرة طبقت الخافقين "

الأب أنستاس ماري الكرملي / مجلة لغة العرب / ع 2 / 1911 ص 52 .

بعد كل هذه الشواهد أليس من حقنا أن نقول أُمّة الكلدان ونفتح قوس ونكتب اليزيدية والصابئة والشيعة والآشوريين والسريان وغيرهم كُثُر .



Opinions