Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هل سركيس أغاجان ، هو ملكنا المنتظر ؟

يؤكد التاريخ ، بأنه كلما وقع شعب ما في مهنة ما أو في مأزق ، أو تعرض الى عدوان وإضطهاد من قبل شعوب وأمم أخرى ، أو ضاقت به سبل العيش والحياة الحرة ، كلما إزداد لديه الإعتقاد بوجود ( المخلص المنتظر ) والقادم لخلاصه آجلا أم عاجلا .
فالإعتقاد بوجود ( مخلص منتظر ) ، هو إعتقاد تبنته معظم الأمم والشعوب وفي مختلف المراحل والأحقاب التاريخية . فتجده مدوّن في معظم كتب الديانات القديمة منها والحديثة ، وإنه في بعض جوانبه نراه يتشابه ظهوره في كل تلك الأحقاب ، وكأنه تراث تشترك به كل الشعوب ،فتتناقله الأجيال تلقائيا من جيل الى آخر ومن حقبة الى اخرى .
لقد عظُم هذا الإعتقاد عند اليهود عندما تاهوا في صحراء سيناء لأربعون عاما ، وفقدوا كل أمل لهم بالنجاة ، فوعدوهم كهنتهم ـــ الذين قادوهم الى هذا التيه ـــ بأن مخلصا ما سيرسله الرب لإنقاذهم من مهنتهم وإرشادهم الى طريق الخلاص ، وأعطوا الكهنة بعض المواصفات الدالة على شخصية هذا المخلص ، ومن بين تلك المواصفات ، بأنه سيكون من نسل داوود الملك ، وسيجعل هذا المخلص مدينة أورشليم عاصمة له ، وإن نفوذه سيكبر ليسيطر على كل العالم ويحكمه.....
وهكذا تأصل عند اليهود هذا الإعتقاد حتى صار جوهر إيديولوجيتهم في الحياة ، وأخذوا ينتظرونه بفارغ الصبر ، وأطلقوا على مخلصهم المنتظر هذا إسم المسايا المنتظر أو ( المسيح المنتظر او الملك المنتظر ) .
إن ( مسيحهم المنتظر ) هذا , كان يتغير ويتقلب بين فترة وأخرى حسب الظروف التي كانوا يمرون بها . ولما كانوا يستعصون ويتمردون على أوامر الملوك الأشوريين في بابل ونينوى ويحدثون القلاقل والمشاكل في المنطقة ، عمد الملوك الأشوريون الى إخماد عصيانهم وتمردهم وترحيلهم من أورشليم الى عدة مدن من بلاد مابين النهرين ، وتم إسكان معظمهم في نينوى وبابل ، وهذا الأمر لم يُطبق على مدن وممالك اليهود فقط ، إنما كان يُطبق في كل مدن وممالك الإمبراطورية الآشورية دون إستثناء . وبعد ترحيل اليهود من مملكتهم ، عاشوا في موطنهم الجديد أكثر من سبعون سنة متواصلة ، الى أن تآمروا كهنتهم وأنبيائهم مع الملك كورش ملك المملكة الفارسية ، ليفتحوا أبواب بابل أمام جيوشه ، مقابل وعد منه لهم بإعادتهم الى مملكتهم في اورشليم وبناء أسوارها المهدمة وترميم هيكلها . وعندما نفذوا مؤامرتهم مع الملك كورش، ودخلت جيوش الفرس مدينة بابل ، سمح الملك كورش بعودة اليهود الى مملكتهم في فلسطين مكافأة لهم بفتح بوابات بابل لجيوش الفرس . عندها أشاع كهنتهم بأن الملك كورش هو ذلك ( الملك المنتظر ) الموعود لبني أسرائيل ، لأنه خلصهم من مهنتهم و ( عبوديتهم ) وحررهم ، وأنقذهم وأعادهم الى مملكتهم أورشليم بعد أكثر من سبعون سنة من الترحيل .
وما كادوا اليهود يستقرون في مملكتهم ، وحتى قبل أن يعودوا الى حياتهم الطيبعية ، إكتشفوا عمق أكاذيب وأضاليل ودجل كهنتهم الذين خضعوهم دائما , وإكتشفوا معها أيضا بأن الملك كورش ليس هو ذلك الملك المنتظر كما وعدوهم كهنتهم ، فلا هو بنى أورشليم وهيكلها ، ولا حررهم ايضا ، بل سلط عليهم نفس سوط الإحتلال الذي سلطه على كل شعوب مابين النهرين ، وجعل من اليهود وقودا في حروبه المستمرة مع الرومان الى أن تمكن الرومان في نهاية المطاف من إحتلال مملكة اليهود وإمعان التخريب فيها وفي كل فلسطين ليبدأ إضطهادا جديدا آخر على بني أسرائيل .. لسبب واحد فقط ، هو خيانة كهنتهم وأنبيائهم لهم مقابل حفنة من الذهب والفضة قبضوها من الملك كورش الفارسي ثمنا لخيانتهم ومؤامرتهم ...

ويبدو إن وضعنا اليوم نحن بني آشور ليس بأفضل من وضع بني اسرائيل في ذلك الوقت ، بل هو أسوأ منه بكثير ، فوضع الأشوريين لا يختلف إطلاقا عن وضع اليهود قبل أكثر من ألفين وخمسمائة سنة من الآن . فهم ( اليهود ) أقنعوهم كهنتهم وأنبيائهم وقادتهم ، بأن كورش ملك فارس الذي تآمروا معه على مملكة بابل ، هو ( الملك المنتظر والمخلص ) وهو الذي سيخلص بني إسرائيل من ( إضطهاد وقساوة ) الملوك الآشوريين ، وهو سيعيدهم الى مملكتهم في أورشليم أحرارا ، وسيحميهم من كل عدو غاصب ، وسيبني مدينتهم وهيكلها وأسوارها من جديد ، وسيعيد أمجاد الملك داوود الى سابق عهدها ، وسيجعل من مملكتهم جنة الله على الأرض ... الى غيرها من الوعود المعسولة ، بينما في الحقيقة تكون كهنتهم قد قبضت الثمن مُسبقا ومن الملك نفسه مقابل فتح أبواب بابل لجيش الملك كورش الغازي ، ولم يعطوا الكهنة شعبهم سوى الوعود ليس أكثر , ، علما إن الملك كورش هو فارسي ومستعد أن يعمل أي شيء يخدم مملكة فارس وشعبها سواء كان على حساب اليهود أم غيرهم من الشعوب .
وبعد ألفين وخمسمائة سنة من تآمر كهنة اليهود وأنبيائهم وقادتهم على شعبهم ، يعيد التاريخ نفسه مع شعبنا الآشوري (وكهنته وملكه المنتظر ) .
كهنة اليهود وأنبياءه وقادته قبضوا الثمن من ( المخلص المنتظر ) الملك كورش الفارسي الذي وعدهم بإعادتهم الى عاصمتهم ومملكتهم ( أورشليم ) .
أما الكهنة الآشوريين ( بمختلف كنائسهم ) ومعهم قادة أحزابهم وزعماء عشائرهم ، فإنهم لم يكتفوا بقبض الثمن ، من ( ملكهم المنتظر ) سركس أغاجان الكردي المسيحي ، الذي وعدهم بإعادة أمجاد عاصمتهم نينوى وبناء مملكتهم الجديدة في سهل نينوى ، إنما قدسوه وألهوه ورفعوه الى مرتبة القدسية والطهارة . وألصقوا به كل الصفات الحسنة التي يحظى بها الأنبياء والقديسين الطهارة ،فوصفوه بالعادل والصالح والمُحب والحكيم والمنتصر والأمين والأب الحنون والمتواضع ، والمؤمن والحكيم .... والمخلص .
كهنة اليهود خدعوا شعبهم في كل مراحل التاريخ وقادوه من آزمة الى أخرى ومن كارثة الى كارثة حتى أصبحت الكوارث والأزمات من صلب التراث اليهودي .
أما كهنة الآشوريين ومعهم قادة أحزابهم ومنظماتهم السياسية ، فلم يكتفوا بخداع الشعب الآشوري فحسب ، إنما خدعوا مبادئهم المسيحية أيضا ، وخانوا أبنائهم ووطنهم ، ورخصوا دماء شهدائهم الذين أغتالهم أسياد ( ملكهم المنتظر ) ، وباعوها في سوق النخاسة الكردي بأبخس الاثمان .
إنهم جعلوا من ( الملك المنتظر ) سركيس أغاجان ، أسطورة الزمان ، ورجل العصر ، وقدس الأقداس ،وأمل الأمة ... فإذا كان البعض ينظرون الى هذا ( الملك المنتظر ) بأنه هبة من الله للأمة الآشورية ، فإن البعض الآخر يذهب الى أبعد من ذلك بكثير ، فإنه يرى في شخص هذا المسيح المنتظر ( سركيس أغاجان ) بأنه سيكون ( البطريرك المنتظر ) ليس لكنيسة معينة إنما لكل كنائسنا ، لأنه وحده وبما يملكه من مال وجاه وخبث وسلطة... إستطاع أن يجمع كلمة جميع بطاريكتنا المغرمين جدا بالمال ، وإستطاع أن يوحد كلمتهم لأول مرة في التاريخ . فكل المآسي التي حلت على شعبنا كانت تفرقنا بدلا من أن توحدنا ، وكل الرسالات السماوية التي إنبثقت من تراثنا وفكرنا فشلت في توحيد كلمة زعمائنا الدينيين والدنيويين ، فحتى رسالة السيد المسيح في المحبة والتسامح والغفران والإجتماع بإسمه لم تتمكن من توحيد كلمة هؤلاء الذين يعلقون الصلبان الذهبية على صدورهم ويرتدون الجلابيب السوداء والحمراء المزركشة ويسيرون بين الجموع تماما مثل الديوك الرومية التي تنفخ ريشها كلما إبتغت شيئا . فمنذ أكثر من ألفين سنة وبطاريكتنا لم يتفقوا على شيء يجمعهم ويوحدهم ، مثلما نراهم اليوم على إختلاف عقائدهم متفقون على ( بطريرك المستقبل أو الملك المنتظر ) سركيس أغاجان بإنه هو ( مخلص وأمل الامة الآشورية ) وليس غيره .
أما الحقيقة التي يجب أن يعرفها هؤلاء البعض ومعهم كهنتهم وقادة أحزابهم ومنظماتهم ، فهي ليست كما صُورت لهم ، إنما الحقيقة التي لا نريد ان نسمعها هي إن سركس أغاجان لن يكون لا ( الملك , ولا البطريرك المنتظر ) , سواء شاؤوا كهنتنا وقادة أحزابنا وإنتفخت جيوبهم من عطاءاته أم أبو ، وسواء غنّى بإسمه المطربين والمطربات الآشوريين , أم علقوا رسمه بين نهودهم أوحملوها على رقابهم ورؤوسهم وهم يرقصون أمامه كالغواني التي كانت ترقص في قصر السلطان الأحمر عبد الحميد ، ويتمايلون وينحنون في رقصاتهم مثل تمايل وإنحناء راقصات بعض القبائل الإفريقية عندما كانت تنوي هذه القبائل تقديم أحدى عذارى قبيلتهم ذبيحة للوحش الكاسر ، الذي يبدأ بإفتراسها بينما هم مستمرون بأداء الرقص حتى إنتهاء الوحش من إلتهام الضحية ، ( مع كل الإحترام لتلك القبائل وعاداتها ) ، فإن هذا الشخص الذي يطلقون عليه مروجيه أعلى وأقدس لقب في الأمة الآشورية وهو لقب ( رابي ) ، فلا هو رابي ولا من يحزنون ، فهو ليس إلا سمسارا عاديا مثل كل السماسرة ،( مع كل الإحترام لأهل هذه المهنة ) وإن مهمته التي كلفه بها سيده ، محصورة في التعامل بين التجار في السوق ، أي التوسط بين الشاري والبائع . فهو حتى الآن يقوم بمهمة الشراء . شراء الذمم ، شراء النفوس المريضة ، شراء المطربين ، شراء رجال الدين ، شراء قادة الأحزاب ، شراء الأرض ، شراء الأمة ، شراء الشعب ... شراء الأقلام الرخيصة ، شراء الشعراء , شراء الكتاب ... أما عملية البيع والشاري فهي مضمونة سلفا ومعروفة قبل أن تُعلن رسميا ، وإن كل ماهو معلن حتى الآن هو الدعايات والترويج لبضاعته على شاشة القناة الكردية الناطقة بالأشورية ، وما ظهوره المتكرر على شاشة هذه القناة مع بائعي ومروجي بضاعته إلا إشارة الى إن وقت البيع قد إقترب . وغدا لناظره قريب .

yakdannissan@hotmail.com Opinions