Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هل سينقذ إجتماع البطريرك ساكو – مع الزائر الرسولي وكهنته – الكلدان في اوروبا من الضياع

 

توطئة

يبدو ان كنيسة المشرق الكلدانية بدأت تشق طريقها في العراق بخطى واثقة صوب حاضر ومستقبل أفضل رغم التركة الثقيلة والصعاب الجمة الناجمة من الوضع السياسي غير المستقر الذي يتغلبه العنف والإرهاب في بلد الأجداد والهجرة المستمرة التي قد تأتي على نهاية وجودنا على أرضنا.

والدليل على نهضة هذه الكنيسة المشرقية العظيمة المجيدة في العراق كانت زيارة البطريرك لويس ساكو لشمال الوطن لا سيما أبرشية العمادية وزاخو في محافظة دهوك. فبعد غياب طويل يعيد  جاثاليقنا المحبوب الدورالحيوي لهذه الكنيسة كونها كنيسة الوحدة، كنيسة مسكونية جامعة تتسامى على الفروقات المذهبية والطائفية والإثنية والقومية بين افراد الشعب الواحد ابناء وبنات كنيسة المشرق المجيدة.

وانا شخصيا تتبعت الزيارة ليس من خلال التغطية الإخبارية المملة البعيدة كل البعد عن المهنية الصحفية التي نقلها لنا المتحدث او الناطق الإعلامي بإسم البطريركة. أستقيت معلوماتي من خلال الهاتف ومواقع التواصل الإجتماعي لأبناء شعبنا بألوانهم المختلفة وتبين اننا امام ظاهرة فريدة  في تاريخ شعبنا حيث رأى الكلداني والأشوري والسرياني ان القادم بطريركهم وكذلك فعل رجال دينهم.

وكان البطريرك عند حسن ظنهم بخطابه الوحدوي الذي تجاوز كل الخلافات التي تعصف بنا مذهبية كانت او إسمية. وفي كل نشاط قام به تقريبا اراد ان يكون بجانبه اساقفة من الأطياف المختلفة لشعبنا وجعل من زيارته زيارة جامعة مسكونية لكل ابناء شعبنا وليس فقط رعيته من الكلدان.

وسَمِعته  يقول نحن شعب واحد وكنيسة واحدة ولا فرق بعد اليوم بين الكلداني والاشوري والسرياني – خطاب ما احوجنا إليه في ظرف مصيري كالذي نمر فيه. وسمعته وهو يدعو اهلنا في المنطقة إلى الحفاظ على لغتهم وتقاليدهم وثقافتهم.

ماذا عن اوروبا

في اوروبا الوضع يختلف. وبالصراحة والجراءة  التي يعرفها عني القراء اقول إن مقولة: " حارة غوار الطوشي كل من إيدول إلو" التي اطلقتها قبل اربع سنوات لا زالت قائمة دون تغير على الإطلاق. 

التغير الكبير الذي حصل كان تنصيب المطران رمزي كرمو زئرا رسوليا على الكلدان في اوروبا وعداه فإن الوضع في تقهقر وهناك خطورة كبيرة ان نضيع ككلدان ومعنا هوية كنسيتنا  المشرقية الكلدانية.

والهوية كنسية كانت او غيرها كما يعرّفها فلاسفة وعلماء اليوم (رابط 1) تتعلق بالأرض واللغة. الأرض خسرناها نحن الذين في الشتات ولم يبقى امامنا غير لغتنا التي تضم في ثناياها ليتورجيتنا وثقافتنا وادابنا وفنوننا الكنيسة وغيرها. هذه كلها في خطر الزوال إن لم نستلحقها.

تعين المطران كرمو منسقا لشؤون الكلدان في اوروبا جاء في محله.  فالمطران مشهود له حبه لمشرقية كنيستنا وليتورجيتها وأدابها وفنونها ولغتها ونحن ننتظر الكثيرمنه.

الشعب والكنيسة التي لا ماضي لهما ولا تستند عليهما لفهم  الحاضر وإستيعابه وجعله بلغته وثقافته وفنونة وسادة للإنطلاق صوب المستقبل يندثاران ويضيعان بين الأمم.

إجراءات لا بد منها

شخصيا انا على إطلاع تام على الكثير مما يجري في اوروبا بمجملها وليس السويد فقط. وأنا اضع هذه النقاط في الإعلام 1) كي يطلع عليها ابناء شعبنا من الكلدان و 2) كي يشبعونها نقاشا لا سيما وان البطريرك لويس روفائيل سيجتمع قريبا بالزائر الرسولي وكهنته في اوربا على الأرجح في مطلع أيلول.

والبطريرك له أسلوبه الخاص في الإدارة. حيث يجتمع اولا مع المسؤول  المباشر والكهنة كل على حدة ويستمع إليهم واحدا واحدا ومن ثم يجتمع بهم سوية. وهذا ما فعله في إجتماع سابق الذي ضم الزائر الرسولي السابق والكهنة. 

وبالطبع هناك قصور كبير في التمثيل لعدم تواجد تمثيل حقيقي لنا نحن الكلدان لا في الإجتماع الأول ولا في الثاني حيث سيتغيب عنه اي ممثل لعامة الشعب من المؤمنين وسيقتصر على الإكليروس وهذا خطاء في رأي.

وهذا السبب بالذات دعاني إلى كتابة هذا المقال لأننا نحن عامة الشعب المعنين. الإكليروس – مع إحترامي لدرجاتهم – لا يمثلوننا لأن عدم الرض ظاهر على العيان من خلال سيل من المقالات لم ينقطع عن ممارسات مدانة وتصرفات مرفوضة.

ماذا نتوقع

من خلال قرأتي ووجودي في اوروبا ارى ان الكثير من الكلدان يتوقعون قرارات حاسمة وليس إجتماع عابر يعود الإكليروس إلينا وليس في جعبتهم غير "يهديكم البطريرك تحياته." بما أننا لسنا في عهد جاثاليق عادي، جاثاليق وبمدة قصيرة شق طريق للكنيسة برمتها في العراق وليس كنيسة المشرق الكلدانية وحسب، من حقنا ان نتوقع قرارات حازمة لا سيما في الأمور التالية.

الليتورجيا

الوضع الحالي مأساوي. اليوم حتى الصلاة الربانية التي نفتتح بها القداس صارت مسألة خلافية لا نعرف هل نرتلها كما اتتنا من اباء الكنسية او حسب وهز ونفسية الكاهن. واحد يختصرها إلى النصف ولا يكملها واحد يلغيها ولا يبدأ القداس بها. اما القداس فكيفي في اغلبه من حيث اللغة  والترك والإضافة. فهذا له طلبات قد أعدها من تلقاء نفسه وذاك له ترجمته الخاصة وهذا له لغته الخاصة.

اما كتاب الصلوات -  صلوثا دغوا – فهذا حدث ولا حرج. هناك من لا يعترف به أساسا. هناك من يقول انه تم إلغاؤه وهناك من يقول انه تم إختصاره وهناك من يقول غير ذلك. وهناك أيضا من الكهنة والأساقفة من أعد كراسات وطبعات خاصة به دو أذن من الرئاسة او السينودس والأغرب هو ان يكون لدى كاهن واحد كراسات عديدة لليتورجيا الخاصة بنشاط او سر محدد  مثل العماذ وهناك من ذهب بعيدا وترجم  إلى العربية على راحته وبلغة ركيكة مليئة بالأخطاء لغوية وغيرها ...

كيف يجوز وبحق السماء ان يكون وضع كنيسة بعظمة كنيسة المشرق الكلدانية صاحبة أرقى واسمى ليتورجيا في المسيحة بأجمعها بهذا المستوى حيث لا كتاب للصلاة فيها ونحن نأتي إلى الصلاة ولا نعرف ماذا سنرتل وماذا سنقول؟ هذا لا يحدث حتى على مستوى الصف الأول الإبتدائي في أي مدرسة حيث هناك منهج والمعلم والتلاميذ عليهم ممارسته وتنفيذه.

الروزنامة الطقسية

هنا أشير إلى مسألتين مهمتين:

الأولى تخص الروزنامة ذاتها. في الفترة السابقة، كان بإمكان أي قس طبع روزنامته الخاصة وبيعها والحصول على اثمانها ووصل الأمر إلى درجة ان البعض وضعوا صورهم على غلافها.

هذه السنة اطلب من كل الكلدان في اوروبا رفض لا بل تمزيق أي روزنامة يتم طبعها وتوزيعها عليهم دون رخصة واضحة من البطريركية او الرؤساء. لنحزم امرنا ولو مرة واحدة.

الأفضل ان لا نقبل أي روزنامة غير الروزنامة البطريركية. ندفع ثمنها ونحن ممنونين ومهما كان كي يودع ريعه للكلدان والبطريركية في العراق وبالعملة الصعبة. وما أحوج إخوتنا في العراق لهذا المال ونقطع بذلك دابر المستفيدين ومحبي المال والظهور.

النقطة الثانية ربما أهم من النقطة الأولى. الروزنامة الطقسية من حيث الممارسة ماتت ودفنت منذ زمن بعيد في اوروبا وربما  في أماكن أخرى ايضا. وأذكر هنا هذا الشهر (اب) فقط  حيث كان فيه عيد التجلي وتذكار سيد شهداء كنيستنا المشرقية مار شمعون برصباعي وعيد العذراء مريم (شونايا) وبعده مر تذكار الشهيد قرداغ وغيره ولم  نحتفل بهم او نصلي او نقدس تذكارا لهم. 

اللجان الكنسية

نأمل قرارا حازما في هذا الشأن. إما ان تكون القرارت المتخذة فيها ديمقراطية أي بأغلبية الأصوات او إلغائها فورا. الوضع الحالي يشير في كثير من الأحيان إلى دكتاتورية شمولية، اي الكاهن هو صاحب القرار والكل في الكل. وهذا خطأ.

الشؤون المالية

أمل ان  يتم إبعاد الإكليروس كليا عن المسائل المالية شريطة منحهم رواتب مجزية تقدم لهم مستوى معاشي جيد.

دور العلمانيين

الكنيسة ليست فقط الإكليروس. إما كلنا كنيسة او ليس هناك كنيسة. إذا ما هو دور الشمامسة؟ وما هو دور المؤمنين وهل لهم حق في إبداء الأراء وكيف؟ 

ما هي هويتنا؟

هويتنا الكنسية مشرقية كلدانية تتمثل في لغتنا الساحرة وليتورجيتنا وفنونا وثقافتنا الراقية. هنا لا أخفي شخصيا أنني أتقاطع في بعض التوجهات حتى مع رئاسة الكنيسة. في اللحظة التي نفتقد فيها لغتنا وثقافتنا وادبنا الكنسي المشرقي إقرأ على هويتنا الكنسية والقومية السلام. هذا ليس رأي. هذا رأي العلماء والفلاسفة وهذا ما لا تقبل ان تستغني عنه حتى الكنيسة السويدية الكاثوليكية التي بالكاد يتجاوز اتباعها بضعة الالاف ونحن الكلدان أكثر منهم عددا ولكن اقل منهم بكثير إكتراثا بهويتنا.

بضع عشرات من السويدين الكاثوليك يتشبثون بلغتهم وثقافتهم وفنونهم ولا يتازلون عنها امام مئات من الكلدان الذين يحضرون معهم. لو حضر سويدي واحد في كنيستنا لغيّر كهنتنا ليس اللغة بل حتى الفنون والأداب والثقافة من أجله. هذا حدث عندما إقتحم التعريب معاقل كنيستنا. 

التفسير الفلسفي لهذه الظاهرة

يناقش الفلاسفة المعاصرون منهم فوكو وهبرماس وفيش وسعيد ظاهرة الإستشراق من خلال تحليل الخطاب ويؤشرون ويبرهنون كيف حاول ويحاول المستشرقون الغربيون بكافة فئاتهم مدنية وكنسية فرض ثقافتهم وألفاظهم وطرقهم على الأضعف منهم. وهناك مصطلح متداول في الأروقة الأكاديمية وهو: "الأمبريالية الثقافية" يحاول بواسطته الأقوياء فرض ثقافتهم على الضعفاء.

هذا حدث وما زال يحدث من خلال حملات التبشير الغربية التي هدفها كان ولا يزال جعلنا مسيحيين (وكأننا كفرة) ولكن حسب الفاظهم ولغتهم وثقافتهم. وحدثت مأسي كبيرة في الماضي من جراء هذه السياسية. ولكن يجب ان نعلم ان هناك تغير كبير حدث في النظرة للأخر لاسيما لدى الفاتيكان حيث التوجه اليوم هو عكس الماضي، اي العمل على ان يحافظ الشرقيون على كل ما لديهم كما يرونه هم وليس كما تريده روما او غيرها.

وهذا التوجه الجديد يسمح لنا ان نقول وأن نمارس لغتنا وليتورجيتنا وطقوسنا وأزيائنا حسب لغتنا وثقافتنا وتقاليدنا وفنوننا ويسمح لنا ان نُخرج ما تم إقحامه من ثقافات دخيلة وأجنبية، أي نحن الكلدان يجب ان نعلم اننا لسنا  لاتين. نعم نشترك معهم في تبعيتنا للكنيسة الجامعة التي يرأسها أسقف (بابا) روما. ولكن اللاتينة ثقافة وليتورجيا وطقوس وأزياء ولغة وتاريخ واعلام وقديسين وغيرهم والكلدانية أيضا لغة وثقافة وليتورجيا وطقوس ولغة وتاريخ وفنون واعلام وأزياء وقديسين وغيرهم.

 لماذا إذا لا يقبل اللاتين تغير حرف مما لديهم من أجلنا او إقحام حرف مما لدينا في ثقافتهم وليتورجيتهم ونحن نفتح الباب على مصراعية لهم. هل تعلمون ان هذا يعارض الدساتير التي وضعتها الكنيسة الجامعة (الفاتيكان) في القرن الماضي حيث ترفض إقحام الثقافة الغربية بأي طريقة كانت بالطقوس الشرقية وتدعو لا بل تفرض على الشرقيين من الكاثوليك الحفاظ والإلتزام بكل ما لديهم. وسأعود إلى هذا الموضوع الحساس والمهم في مقال قادم بعون الله.

عدد الكهنة

عدد الكهنة غير كاف. الكاهن الواحد يخدم عدة مدن والخدمة تقتصر على قداس مرة او مرتين في الشهراو اقل حيث  ان الكلدان منتشرين في بقاع وامصار ومدن وقصبات وقرى. ومن هنا علينا العودة إلى الجذور والأصالة والعودة تشرّعها لنا دساتير الفاتيكان ذاته. وهنا ادعو البطريرك لويس روفائيل إلى رسامة شمامسة متزوجين كهنة كما كان يفعل اجدادنا وكما فعل هو نفسه عندما كان رئس أساقفة كركوك وكذلك إلى رسامة شمامسة إنجيلين يمنحون الصلاحيات الممنوحة لأقرانهم من اللاتين لمساعدة الكاهن والقيام بالمراسيم والصلوات والنشطات التي تجيزها لهم دساتير الفايتكان.

وأخيرا

اضع هذه النقاط امام ابناء شعبنا من الكلدان في الشتات وامل ان يشبعوها نقدا ونقاشا بناءا  والبطريرك في طريقة لعقد هذا الإجتماع المهم ونحن لنا زائر رسولي جديد. وامل ان يشاركنا في النقاش ابناء شعبنا من المكونات الأخرى من الأشوريين والسريان وغيرهم لأننا شعب واحد وكنيسة مشرقية مقدسة رسولية جامعة واحدة.  اقول هذا وانا اعلم ان البطريرك لا تفوته قراءة أي مقال يخص كنيسته وشعبه وهو يتفاعل معه حتى وإن تقاطعنا مع افكاره وتوجهاته.

رابط 1


Roger Scruton أنظرالفيلسوف والمؤرخ البريطاني المعاصر


http://www.rogerscruton.com/articles.html


http://www.bbc.co.uk/news/magazine-23810527


http://roger-scruton.blogspot.se

 

Opinions