وأمامنا الآن (مافيا) للأدوية
03/09/2006زمان/( آخر ثلاثة وزراء للصحة كانوا يعلمون بذلك الفساد الا انهم فشلوا في الحد منه ولم يستطيعوا الوقوف بوجه تلك المافيات المنظمة .) هذا ما صرحت به عضو في لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب ونشرته وسائل الأعلام العراقية بتارخ 23 من آب الجاري وكانت النائبة بصدد الكشف عن ذلك الوباء الذي يستشري في جسد وزارة الصحة والمتمثل بـ" عصابات ومافيات وشبكات منظمة تعمل داخل الشركة العامة لأستيراد الأدوية والمستلزمات الطبية ، تتاجر بالأدوية وتهريبها " وأن هذه المافيات " لها أتصالات مع شبكات خارجية " و "أن مشكلة تهريب الدواء والمتاجرة فيه من أكبر المشاكل التي تواجهها وزارة الصحة وأن هناك أعدادا غفيرة تمارس ذلك داخل الشركة المشار اليها والتي يبلغ عدد منتسبيها أربعة آلاف موظف !"
لابد من الأشادة هنا وقبل كل شيء بشجاعة النائبة جنان العبيدي وأملنا أن تكون قد ضربت بهذا مثالا يحتذي به كل من يحب وطنه ويريد له الرفعة والسمو في هذا الزمن البائس والرديء الذي يتواري فيه الكثيرون جدا من أدعياء الوطنية والدين عن واجباتهم الشرعية والوطنية قانعين وراضين جدا بما يحصلون عليه من جرايات وعطايا هي أقرب الي السحت الحرام منها الي الرزق الحلال طالما ظلوا مستلقين علي أرائكهم المريحة في بنايات مكيفة الهواء ، اذا كانوا في الداخل ، أو مستمتعين بالطبيعة الجميلة والموحية ، اذا ماكانوا يمضون أجازاتهم في الخارج ، بينما يحترق الشعب من عنف الأرهاب وقساوة الجو وأرتفاع الأسعار الجنوني .
ولكن دعونا ، يرحمكم الله ، نترك هذا جانبا ولنقف قليلا أمام هذه الظاهرة الفاجعة التي تحولت الي وباء يستشري ، أعني بذلك ظاهرة "مافيات الدواء" التي يبدو أنها تفرض هيمنتها علي هذا القطاع الخطير من قطاع الخدمات الصحية والي درجة لايستطيع معها حتي أرفع المسؤولين علي مواجهتها وأيقافها عند حدها . فما معني هذا ؟ هل بلغت الدولة وأجهزتها ، علي مافيها من ضعف لايختلف بشأنه أثنان ، هل بلغت هذه الدولة من الهوان بحيث تستسلم أو تقف متفرجة أمام عصابات من اللصوص وحثالات المجتمع من فاقدي الشرف والضمير وهم ينهبون دواء العراقيين ويتاجرون به حتي قبل أن يصل ارض الوطن كما لو انه ملكية خاصة يتصرفون بها كما يحلو لهم ؟ هل يعقل أن أفراد هذه المافيات او المتعاونين معها مجرد أشباح لايعرفها أحد ؟ ليس الأمر كذلك طبعا . فلا وجود لأشباح هنا بل نحن أمام بشر من لحم ودم وهم، في غياب السلطة الرادعة والقبضة القوية المخيفة للشرعية ، لايتوانون عن الأرتماء علي أية أسلاب يرونها أمامهم فكيف أذا كان الذي أمامهم مالا عاما وفير لاوليّ عليه لكي يطالب به أو يحميه؟ أو أن يكون هذا الولي من الضعف درجة يستهان معها أستهانة من لاحول له ولاقوة ؟ وهو ماعليه واقع الحال ، مع الأسف الشديد .
لاشك في أن هذه المافيات قد أستطاعت خلال السنوات الثلاث الماضية من أن تحصن نفسها ومواقعها قبل أن تتحول الي مرحلة الهجوم أذا ما استشعرت بأي خطر يقترب منها . ولهذا فأن مهمة التصدي لها والضرب علي رأسها ليست بالمهمة اليسيرة بل انها لمهمة تحتاج الي قدر كبير من الشجاعة ورباطة الجأش وقبل هذا الي ايمان عميق بأن مايجري أنما هو نهب لمال كل عراقي يقوم به لص يجب القبض عليه وتقديمه الي العدالة . والأمر يحتاج الي تضحيات ولاسيما تضحيات الخطوة الأولي ، والا فأن الأيادي القذرة للمافيات ستمتد في وقت قريب لتقبض علي أعناق الناس أو علي مصادر أرزاقهم مهما تواضعت .
لابد من حملة وطنية شاملة تواجه هذه الطفيليات التي زرعت في مفاصل حياتنا . حملة وطنية تتضافر فيها جهود الحكومة وهيئة النزاهة والقضاء وقوي الأمن وأفراد الشعب قبل أن يفوت الأوان وعندئذ لايفيد الندم شيئا .
علي ضياء الدين