وانقضى عام 2009 ... وشعبنا ؟؟
نشكر الله اننا مازلنا متشبثين في عجلة التأريخ الى الان وها نحن كشعب ابصرنا انوار عام 2010 ايضا ، محاولين ان نكون شعبا محافظا على هويته وخصوصياته كسائر شعوب العالم ، ولكن هل سننجح في ذلك مستمرين في الحياة كشعب ؟ ام ستكون لنا خاتمة وموعد محزن مع القدر ؟الجميع يتبادلون التهاني في نهاية كل سنة مرددين عبارة (( شاتوخون برختا أو برختا شاتوخون )) وهم يقصدون السنة القادمة لتكون مباركة ، بينما نهمل او ننسى التفكير بما حققه كل شخص في السنة المنصرمة ، والى اين وصلت منجزات امنياته السابقة التي كانت مرسومة على باله في بداية العام السابق ، هل تحقق منها شيء ام انها تبخرت منذ اول شمس قوية ضربتها اوزالت لتبللها باول مطرة من سماءنا الغير مستقرة؟
وفي نفس السياق ، نحن ايضا كشعب كلداني سرياني اشوري الى اين وصلنا ؟ واي موقع نتبوأه الان في هذه المرحلة ؟ فنحن ايضا نتمنى لشعبنا عام 2010 سنة مباركة (شاتا برختا ) ولكن ايضا يستوجب ان لا نكتفي بذلك لانها لن تكون مباركة مالم نراجع انفسنا كشعب بصورة عامة وكأشخاص متصدين لهموم امتنا ومهتمين بشأننا الداخلي بصورة خاصة ، فقد كانت لدينا جميعا شعبا ورجالات كنيسة ورجالات سياسة وفكر، امنيات ومخططات ودعوات ، ماذا تحقق منها وكم هي التي لم تتحقق ؟ افلا يستوجب على كل هؤلاء ان يستفسروا ويسألوا انفسهم هذه الاسئلة ؟
أسئلة كثيرة من الممكن ان اطرحها الان والتي هي نابعة بكل تأكيد من حرصي وغيرتي على مصير شعبي وليس مجرد تعقيدات قد يراها البعض محاولة لاعاقة مسيرته التي لايريد لها التوقف للحظة واحدة حتى وان كانت للمراجعة ، هذا البعض هو بعض من الكل ( رجالات الكنيسة والسياسة والفكر والشعب ايضا )، فمن الواضح عند الجميع من أن مشاكلنا المتراكمة والتي لم يتم حلها ليست بسبب طرف او فئة واحدة بل يشترك الجميع في خلق مسبباتها وتراكمها وعدم حلها ، فمن خلال السنة الماضية ، كانت هنالك تحركات وتوجهات معلنة من قبل الجميع ( سياسيين واكليروس ومفكرين وعامة الشعب ) من اجل تحقيق جملة من الاهداف والطموحات ( ذاتية وعامة ) ، والان هنالك ايضا بعض آخر من هذا الكل يستفسر ويسأل ماذا حل بالطموحات والاهداف وماذا تحقق منها ؟ كلامي هذا لا اعني به تزكية طرف وتجريم طرف آخر ، بل ان كل فئة تمتلك جوانب ايجابية واخرى سلبية ، فمن بين البعض المتصدين للمشاكل والمهتمين بشأننا كانت اهتماماتهم وتوجهاتهم خاطئة او تنصب في مقاصد ذاتية فقط ، لم يستطيعوا ان بفعلوا شيئا في سبيل تحقيق الاهداف والتطلعات العامة ، وهنالك من بين البعض الآخر من يتصيد الاخطاء فقط لكي يبرر عدم اهتمامه وعدم مساهمته في التصدي لمشاكل شعبه ، وبذلك فكليهما شاركا في تراكم مشاكلنا حيث أنهما في طرفين مختلفين على الرغم من كونهما قد يكونا من نفس الفئة كأن يكونوا من رجالات الكنيسة اومن رجالات السياسة أومن المفكرين أومن بين عامة الشعب ايضا لكنهم منقسمين الى فريقين أحدهما مساهم في العملية والآخر خارجها متفرج أومراقب ، بينما هنالك في الجانب الآخر المضيء ، فئتين من نفس هذا الكل الذي يتألف منه شعبنا وتتالف منه كل شعوب العالم ، كانت بالفعل مقاصدهم صادقة في سبيل تحقيق اهداف وتطلعات الشعب فأحداهما كانت فئة عاملة وناشطة ساهمت بما استطاعت في سبيل تحقيق اهداف عامة من اجل خدمة شعبنا ومستقبل وجوده على ارضه التأريخية محافظا على هويته وخصوصياته الغالية على الجميع ، وفئة اخرى كانت مراقبة تعمل على تصحيح الاخطاء الحاصلة بموضوعية ومن دون تخوين وقناعات مسبقة أو اسقاطات وهمية ، فهاتين الفئتين حقيقة عملتا بنوايا صادقة من أجل اهداف نبيلة ، وبذلك يستوجب أخذ هذه النقطة بنظر الاعتبار في حالة الحكم .
من المعلوم والواضح هنالك تراجع في وضع شعبنا خصوصا الذين يسكنون محافظتي بغداد ونينوى بما فيها سهل نينوى وكذلك ما تبقى لنا في باقي اجزاء العراق ، حيث ان ابناء شعبنا الساكن اقليم كوردستان يعتبر في حال افضل على الرغم من كلمات التباكي والتشكي التي تملىء مقالات البعض ، بينما لم يتحقق شيء لشعبنا في نينوى وبغداد ، واذا اعتبرنا ان ابناء شعبنا في بغداد هم جزء من من نسيج عموم ابناء المحافظة ولذلك فحالهم هو نفس حال اقرانهم من البغداديين وبذلك لاتندرج مناقشة أوضاعهم عبر مفاهيم العمل القومي وانما عبر مفاهيم العمل الوطني ، لكن في محافظة نينوى وخصوصا في سهلها فالمسألة شديدة الوضوح ، فالفشل ذريع في تحقيق التطلعات والطموحات الخاصة بابناء شعبنا ، معاشيا وسياسيا ، ففي هذه المنطقة يفترض ان يكون وضعنا مميزا ويحمل طابعنا ويكون مصدرا لاشعاعنا الحضاري وملاذا جذابا لابناء شعبنا المعانين من صعوبة العيش في الاماكن الاخرى ، فسهل نينوى بالاضافة الى مناطقنا التأريخية الاخرى في اقليم كوردستان العراق ، هو وطننا الذي انتشرت منه عوائلنا وانبثت في عموم العراق منذ بدايات القرن الماضي مساهمة في بناء الدولة العراقية الحديثة، بينما الواقع المعاش يشير الى استمرار الهجرة من هذه المنطقة وبالمقابل يرافقها زيادة في التشويه الديمغرافي لوجودنا فيها ، كما ان مسألة الاحباط والسلبية واتخاذ الخيارات الخاطئة من قبل فئات الشعب البسيطة في هذه المنطقة في تزايد مستمر ايضا ، هذا من جانب ، وفي جانب آخر فالواقع السياسي عند شعبنا بصورة عامة وليس فقط في محافظة نينوى لايقل سوءا من واقعنا الشعبي المعاش ، فبعض قوانا السياسية يصر على السير بعكس الاتجاه المرجو والضامن لتحقيق اهدافنا وتطلعات شعبنا المذكورة ، فبدلا من التقارب والتوحد وايجاد المشتركات والعمل بمقتضيات المصلحة الشعبية العامة ، نجد هذا البعض يصر على الانفرادية في العمل ويعمق الشق بينه وبين القوى الاخرى مساهما بذلك في تراكم مشاكل شعبنا وعدم تحقيقه لتطلعاته في العيش الكريم على ارضه التأريخية محافظا على هويته وخصوصياته الثمينة ضامنا عدم ذوبانه ضمن الشعوب الاخرى التي نعيش معها في وطننا الكبير العراق .
وهكذا يبقى لزاما علينا جميعا بكل فئاتنا ان نهتم بمراجعة ما مضى من مواقف وتوجهات وقرارات وافعال شعبية وسياسية وحتى فكرية خلال العام الماضي ومناقشتها بموضوعية من اجل أن تكون سنة 2010 مباركة بحق محققين فيها الطموحات والتطلعات المرجوة من قبل الجميع ، شعبيا ، من خلال العمل من اجل تحقيق مكتسبات قومية ملموسة لابناء شعبنا وخصوصا في سهل نينوى ، وسياسيا ، من خلال دعم مسيرة العمل القومي الوحدوي والتي تمثل لجنة تنسيق العمل القومي المشترك نواته الحقيقية لانها التجربة الوحيدة التي اثبتت هذا الهدف بصورة واضحة جدا ، فمن دون عمل مشترك لن نخرج بخطاب سياسي مشترك على الاقل حول النقاط المشتركة والمصيرية الهامة لشعبنا .