Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

وجه الآخر ... لمأساة صوريا !!!

تمر هذه الأيام الذكرى الأربعين لمأساة قرية صوريا الكلدانية وبعد يومين من عيد الصليب المقدس الذي يحتفل به أبناء شعبنا المسيحي لكي لا ننسى الصليب الذي حمله أبناء هذه القرية الشهيدة يوم 16\9\1969 سواء الذين أستشهدوا في ذلك اليوم ومنهم المغفور له الأب حنا قاشا, أو الذين لا يزالون يعيشون ذكرياتهم الأليمة من الناجين من المذبحة , وحسنا فعل بعض الأخوة من الكتاب الكلدان في ألمساهمة في جعل ذكرى هذه المأساة حية أمام الأجيال وأمام المسؤولين سواء في كردستان العراق أم في الدولة العراقية لأنصاف أبناء صوريا الشهيدة, الشهداء بالتعويضات المعنوية والأحياء بالتعويضات المادية والمعنوية ..



لقد تناول الأخوة الكتاب مأساة صوريا الكلدانية استنادا الى أقوال البعض من الناجين من المذبحة من أفراد القرية , أو ما ذكرته عن المأساة البيانات الصادرة من الثورة الكردية والتي أستغلتها لمصلحة القضية الكردية عالميا ومحليا , أو من بعض الكتاب الأجانب الذين أعتمدوا على وجهة النظر الكردية , وأود أن أبين بأن كتابتي حول هذه المأساة ليست دفاعا عن الحكومة العراقية , التي في كل المقاييس وجميع القوانين هي المسؤولة الرئيسية عن هذه المأساة , ولكن أكتب عنها من وجهة نظر محايدة وأبرازا لبعض الأمور التي لم يتطرق اليها من كتب عنها وللحقيقة فقط .



كان مقر اللواء الثالث والعشرون الذي كنت أشغل منصب الضابط الأداري(*) لسرية مقر اللواء, بالقرب من ناحية العاصي التابعة لقضاء زاخو في ذلك الوقت , وكان الفوج الرابع خفيف الذي كان قد شكل ليضم أبناء الطائفة اليزيدية لأعتبارات خاصة بهم يعسكر على الطريق العام زاخو – الموصل , وكانت له سرية في قرية فيشخابور يجري أدامتها أسبوعيا أثناء عودة مجازي السرية , ونزول وجبة أخرى من المجازين في قافلة تضم المجازين مع فصيل حماية وعجلات المؤونة , ففي ذلك اليوم صباح السادس عشر من شهر أيلول خرجت القافلة من الفوج الرابع بأمرة الملازم الأول قاسم علي عبدالله والملازم الأول خيري عطار باشي والملازم عبد الكريم الجحيشي ولعل الشيطان هو الذي أوعز له أن يجلس في بدن اللوري ( زيل ) وليس مع السائق في قمرته كما هو معتاد , وسارت القافلة الى أن وصلت قرية صوريا وعبرتها بمسافة قصيرة ( أقل من مائة متر ) فانفجر لغم ضد الآليات تحت الأطار الأيمن الأمامي للسيارة التي كان يجلس في بدنها الملازم كريم, ومن شدة العصف قذف الى الأعلى ووقع على جانب الطريق, في حين أن قوة التفجير الرئيسية كانت بجانب سائق العجلة الذي كان يجلس فيها عريف فصيل الضابط كريم , فأنشطر الى نصفين من سرّته فأخرج نصفه الأعلى وكان لا يزال حيا فطلب من آمره الضابط كريم أن يشعل له سيجارة , فأشعلها ولكن قبل أن يسحب منها نفسا أستشهد , تم الأتصال بآمر الفوج الرابع خفيف وكان الرائد سليم سيد محمد الفخري وطلبوا منه الأجراء , ولضعف شخصيته وقيادته , أعطاهم جوابا غامضا بقوله "أضربوهم" وأثناء التحقيق أنكر أنه كان يقصد القتل , بل ضرب أعتيادي أضافة الى جبن الضابطين الآخرين الذين كانوا في القافلة حيث كانوا أقدم من كريم الجحيشي ولكنهم لم يقدروا أن يمنعوه من القيام بجريمته .



على أثر الجريمة تم تشكيل مجلس تحقيقي بالكارثة في مقر فرقة المشاة الرابعة التي كان اللواء والفوج من ضمن قطعاتها , وقرر المجلس التحقيقي تطبيق المادة القانونية الملائمة بالأعدام رميا بالرصاص على المجرم عبد الكريم الجحيشي ورفع الى المراجع القانونية للتأييد وأيداعه الى رئاسة الجمهورية للموافقة على التنفيذ . وهنا تدخلت عشيرة المدان كريم الجحيشي لدى اعلى المراجع مذكرينهم بتضحيات عشيرتهم عندما أعطوا أكثر من ستة وثلاثين شهيدا من الفرسان الذين كانوا في قاعدة ديربون عام 1964 عندما أحتل الأكراد القاعدة وقتلوا ستة وثلاثين من الفرسان معظمهم ذبحا بالسكين بعد أن أسروهم وهي الحادثة التي يتذكرها أهالي قرية ديربون جيدا .فكان أن حفظت القضية برمتها .



أن مسؤولية الحكومة العراقية لا يستطيع أحد أن ينكرها , فهي جريمة بشعة بكل المقاييس غير أن للثورة الكردية أيضا مسؤولية تجاه ما حصل, فلو كان اللغم قد زرع في منطقة بعيدة عن القرى فالطريق بين الفوج وقرية فيشخابو يمتد لأكثر من ثلاثين كيلومتر وعدد القرى على الطريق لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة , جميعها قرى مسلمة , فلماذا تم زرع اللغم في القرية المسيحية ؟؟ أضافة الى أنه تم أستغلال هذه المأساة دعائيا في المحافل الدولية وجمعيات حقوق الأنسان العالمية من قبل الأكراد دعما لقضيتهم , في حين لم يتم تعويض صوريا الشهيدة بأي تعويضات رغم مرور أربعين عاما على المأساة منها نصف هذه المدة وقوع القرية ضمن منطقة كردستان العراق الذي يتمتع بالأستقلال شبه الكامل.



رحم الله شهداء قرية صوريا الكلدانية الذين لاقوا ربهم بعد يومين من عيد الصليب ومنح ذويهم الصبر والسلون .





ملاحظة : ذكر السيد صنا في أحدى خزعبلاته بأني ضابط مدفعية !! ولكي أشبع فضوله وفضول صديقه الذي يزوده بهذه المعلومات , بأني قضيت خدمتي في الجيش العراقي الباسل الذي أفتخر به في وظائف ومراكز حسابية وأدارية , وأن آخر منصب لي في الجيش قبل أحالتي على التقاعد لأسباب مرضية كان " مدير التدقيق في أحدى مديريات وزارة الدفاع العراقية "

Opinions